دﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﻤﻮدي
ﺑﻠﻎ اﻟـﺸـﺎﻋـﺮ اﻟـﻈـﺮﻳـﻒ ﺣـﺎﻓـﻆ ﺟﻤﻴﻞ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ واﻟــﺴــﺒــﻌــﲔ ﻋــــﺎم ٣٨٩١، وﻗـــــﺮر اﻟـــﺸـــﻌـــﺮاء واﻷدﺑــــــﺎء اﻻﺣـﺘـﻔـﺎل ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓــﻲ ﻧـــﺎدي اﳌـﻨـﺼـﻮر. وﻟﻜﻨﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺎدﺗﻬﻢ ﻗﺎﻟﻮا وﻟـﻢ ﻳﻔﻌﻠﻮا. ﺑــﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟـﻚ أﻗﺎم اﻟــﺸــﺎﻋــﺮ ﻫـــﺬا اﻻﺣــﺘــﻔــﺎل ﻓـــﻲ ﺑــﻴــﺘــﻪ، ﻓــﻜــﺎﻧــﺖ ﺟﻠﺴﺔ إﺧﻮاﻧﻴﺔ ﺣﻀﺮﻫﺎ ﺻﺪﻳﻘﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ واﻟﻘﺎﺿﻲ ﺧﺎﻟﺪ اﻟــﺸــﻮاف. أﻟـﻘـﻰ ﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻗﺼﻴﺪة إﺧـﻮاﻧـﻴـﺔ أﺷـﺎد ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ. وﻛﺎن ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻋﻼﻗﺔ وﺛﻴﻘﺔ... ﻗﺎل: ﺧـــﻤـــﺲ وﺳـــﺒـــﻌـــﻮن، ﻻ أﻳـــــﻦ وﻻ ﺳــــــﺄم
ُُ ﻳــﻀــﻨــﻲ وﺗـــﺼـــﺪح ﻓـــﻲ ﻗـــﻴـــﺜـــﺎره اﻟــﻨــﻐــﻢ
ﱠُ ﻣـــــــــــﻐـــــــــــﺮدات إذا ﻣـــــــــﺎ ﻫـــــــــــــــــﺰه ﻃـــــــــﺮب
وﺷـــــــﺎﻛـــــــﻴـــــــﺎت إذا ﻣــــــــﺎ ﻣــــــــﺴــــــــﻪ أﻟـــــــــــﻢ ﻻذت ﺑـــــــــــﺄوﺗـــــــــــﺎره ﻣــــــﻤــــــﻦ ﺗـــﺤـــﻴـــﻔـــﻬـــﺎ
ﻓـــﻠـــﻢ ﺗـــﺨـــﻨـــﻬـــﺎ وﻇـــــــﻞ اﻟـــﻌـــﻬـــﺪ واﻟــــﻘــــﺴــــﻢ وﻋــــــﺎش ﻻ ﺻــﺤــﺔ ﺗــﻨــﺴــﻴــﻪ ﺻــﺤــﺒــﺘــﻬــﺎ
وﻻ ﺟـــــﻔـــــﺎء إذا ﻣــــــﺎ اﻧـــــﺘـــــﺎﺑـــــﻪ ﺳـــــﻘـــــﻢ ﻗـﺎل ذﻟـﻚ ﺧﺎﻟﺪ اﻟـﺸـﻮاف وﻟـﻢ ﻳﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ، ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ ﺳﺮﻳﻌﴼ ﳌﻬﺎﺟﻤﺔ رواد ﺷﻌﺮ اﻟﺤﺪاﺛﺔ. ﻛﺎن ﻛﻼ اﻟﺸﺎﻋﺮﻳﻦ ﻗﺪ ﻋﺎش وأﻧﺘﺞ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت اﻟﺘﻲ ازدﻫﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﻌﺮ اﻟﺤﺪاﺛﺔ، وﳌﻌﺖ ﻧﺠﻮم اﳌﺠﺪدﻳﻦ واﳌﺘﻤﺮدﻳﻦ، ﺑﻴﺪ أن ﺗﻠﻚ اﳌﻮﺟﺔ ﻟﻢ ﺗﻤﺲ أﻳﴼ ﻣﻨﻬﻤﺎ. ﺑﻘﻴﺎ ﻣﺨﻠﺼﲔ ﻟﻘﻮاﻟﺐ اﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﻤﻮدي اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ وأﻧـﻤـﺎﻃـﻪ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﺑـﺪ أن ﻻﺣــﻆ اﻟــﻘــﺎرئ ﻓـﻲ اﻷﺑـﻴـﺎت اﻟـــﻮاردة أﻋــﻼه. اﺳﺘﻐﻞ اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟـﻺﺷـﺎدة ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻟﻌﻤﻮدي واﻟﺘﻨﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺤﺪاﺛﻴﲔ: ﻳــﺎ ﺣــﺎﻓــﻆ اﻟـﺸـﻌـﺮ ﻣـﻤـﻦ راح ﻳـﻌـﺒـﺚ ﻓﻲ
دﻳـــــﺒـــــﺎﺟـــــﺘـــــﻴـــــﻪ وﻣـــــﻤـــــﻦ راح ﻳــﻬــﺘــﻀــﻢ أﻧــــــــــــﺖ اﻷﻣـــــــــــــــﲔ ﻋـــــﻠـــــﻴـــــﻪ واﻟــــــــــﻮﻓــــــــــﻲ ﺑـــﻪ
إذا ﺗـــــﻨـــــﻜـــــﺮ ﻃـــــــــﺒـــــــــﻊ ﻣــــــﻌــــــﺠــــــﻢ وﻓـــــــــﻢ وأﻧـــــــــــــــﺖ ﺗـــــــــــــــﺪرأ ﻋــــــﻨــــــﻪ ﻛــــــــــــﻞ ﻃــــــــﺎرﺋــــــــﺔ
إذا أﺑـــــــــﻴـــــــــﺢ وﻟــــــــــﻢ ﺗــــﺤــــﻔــــﻆ ﻟـــــــﻪ ﺣـــــﺮم ﻳــــﺎ ﻣــــﻦ أﻗـــﻤـــﺖ ﻋـــﻤـــﻮد اﻟــﺸــﻌــﺮ ﺳـــﺎرﻳـــﺔ
ﻣــــــﻦ اﻟـــــﻔـــــﺮاﺋـــــﺪ ﻻ ﻳــــــﻄــــــﻮى ﻟــــﻬــــﺎ ﻋـــــﻠـــــﻢ دع اﻟــــﺼــــﻐــــﺎر وﻓـــــــﻲ أﻳــــﺪﻳــــﻬــــﻢ ﻗــﺼــﺐ
ﻳــــــــﻄــــــــﺎوﻟــــــــﻮن وﻓـــــــــــﻲ آﻧــــــﺎﻓــــــﻬــــــﻢ ورم وﺧــــﺬ ﻣـــﻦ اﻟــﻘــﺎﻓــﻴــﺎت اﻟـــﻐـــﺮ ﻣـــﺎ ﻣــﻨــﺤــﺖ
ﻣــــﻦ اﻟـــﺨـــﻠـــﻮد وﻋــﻘــﺒــﻰ اﻟـــﺸـــﺎﻧـــﺊ اﻟـــﻌـــﺪم ﻛــﺎن ﺣﺎﻓﻆ ﺟﻤﻴﻞ ﻣـﻦ اﻟـﺸـﻌـﺮاء اﳌـﻘـﻠـﲔ. وﻗﻠﻤﺎ ﻳـﺤـﻔـﻆ اﻟــﻨــﺎس ﺷـﻴـﺌـﴼ ﻣــﻦ ﺷــﻌــﺮه، ﺑــﻴــﺪ أن ﻗﺼﻴﺪة واﺣــــــﺪة ﺧــﻠــﺪت ﻓـــﻲ أذﻫــــــﺎن اﻟــﺠــﻤــﻬــﻮر، وﻣــــﺎ زاﻟــــﻮا ﻳﺮددوﻧﻬﺎ وﻳﺘﻐﻨﻮن ﺑﻬﺎ. ﻛﺎن اﻟﺸﺎﻋﺮ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺗﻠﻤﻴﺬﴽ ﻓــﻲ ﻟــﺒــﻨــﺎن، ووﻗـــﻊ ﻓــﻲ ﻫـــﻮى اﻵﻧــﺴــﺔ ﻛﻠﻤﺎﻧﺘﲔ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. ﻣﺮت أﻣﺎﻣﻪ ﻓﻨﺎداﻫﺎ: »ﻳﺎ ﺗﲔ«. اﻟﺘﻔﺘﺖ إﻟﻴﻪ ﺑﺎﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﻋﺬﺑﺔ، ﻓﻘﺎل: »ﻳﺎ ﺗﻮت«. أﻗﺒﻠﺖ ﻧﺤﻮه ﺑﺼﺪرﻫﺎ، ﻓﻘﺎل: »ﻳـﺎ رﻣــﺎن«، ﺛﻢ ﳌﺢ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ اﻟﻌﺴﻠﻴﺘﲔ، ﻓـﻘـﺎل: »ﻳــﺎ ﻋـﻨـﺐ«! ﻋــﺎد ﻟﻐﺮﻓﺘﻪ وﺳﻄﺮ اﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﺘﻲ ﺳﺎر ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ ﻣﺴﺎر اﻟﻨﺎر ﻓﻲ اﻟﻬﺸﻴﻢ. ﻳــــﺎ ﺗــــــﲔ ﻳــــﺎ ﺗـــــــﻮت ﻳــــﺎ رﻣـــــــــﺎن ﻳــــﺎ ﻋــﻨــﺐ ﻳــــــــﺎ در ﻳــــــــﺎ ﻣـــــــــــــﺎس ﻳــــــــﺎ ﻳـــــــــﺎﻗـــــــــﻮت ﻳــــــــﺎ ذﻫــــــــﺐ ﺗﺬﻛﺮﻫﺎ اﻟﺸﻮاف ﻓﻮﻗﻒ ﻋﻠﻴﻬﺎ: ﻗــﺎﻟــﻮا ﺗــﻜــﺮم ﺷــﻴــﺦ اﻟــﺸــﻌــﺮ، ﻗــﻠــﺖ: أﺟـــﻞ
ﻓـــﻌـــﻨـــﺪ ﻣـــــﻦ ﻗــــــــــﺪروا ﻻ ﺗـــﺨـــﻔـــﺮ اﻟـــﺬﻣـــﻢ ﻧــــﻌــــﺘــــﻤــــﻮه ﺑــــﺸــــﻴــــﺦ اﻟـــــﺸـــــﻌـــــﺮ ﺗــــﻜــــﺮﻣــــﺔ
ﻓــــــــﺮوح اﻟـــﺒـــﻜـــﺮ ﻟـــــﻢ ﻳــــﻌــــﺮض ﻟـــﻬـــﺎ ﻫـــﺮم وﻛـــــــــــﻞ ﻗــــــﺎﻓــــــﻴــــــﺔ ﻋـــــــــــــــــــﺬراء أرﺳــــــﻠــــــﻬــــــﺎ
ﺗــﻄــﻮي اﻟــﺤــﺪﻳــﺪﻳــﻦ ﻻ ﺗــﺤــﻔــﻰ ﻟــﻬــﺎ ﻗــﺪم اﻟــــــﺘــــــﲔ واﻟـــــــﺘـــــــﻮت واﻟــــــــﺮﻣــــــــﺎن ﺷـــــﺎﻫـــــﺪة
ﺧـــﻤـــﺴـــﲔ ﻋــــﺎﻣــــﴼ ﻧـــﻐـــﻨـــﻴـــﻬـــﺎ وﻻ ﺳـــــــﺄم وﻣـــــﺜـــــﻠـــــﻬـــــﺎ أﺧـــــــــــــــــــــﻮات، ﻛـــــــــﻞ واﺣـــــــــــــــﺪة
ﻟـــﻬـــﺎ ﻣــــﻦ اﻟـــﺴـــﺤـــﺮ ﻣــــﺎ ﻻ ﻳــﺒــﻄــﻞ اﻟـــﻘـــﺪم ﻛـــــﻢ ﻣــــﻮﺣــــﻴــــﺎت ﺑـــﻠـــﺒـــﻨـــﺎن ﻫـــــﺮﻣـــــﻦ وﻟــــــﻢ
ﺗــــــﻬــــــﺮب ﺑـــــﻬـــــﻦ ﻣــــﻌــــﺎﻧــــﻴــــﻪ وﻻ اﻟــــﻜــــﻠــــﻢ