ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة اﻟﺴﻨﻴﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ وﻗﺼﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ واﻻﻧﺘﻘﺎم
ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ﻋﻠﻰ ﻃﺮد »داﻋﺶ«... اﳊﻜﻮﻣﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ أﻣﺎم ﲢﺪي ﻛﺴﺐ ﺛﻘﺔ اﻟﺴﻜﺎن اﶈﻠﻴﲔ
أﺗﻰ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺑﺒﻌﺾ اﻹﻏﺎﺛﺔ واﻟﺮاﺣﺔ إﻟﻰ إﺣﺪى اﻟﻘﺮى اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻓـﻲ اﻟــﻌــﺮاق، ﻟﻜﻦ ﺳﺮﻋﺎن ﻣــــﺎ ﺗــﺒــﻌــﻬــﻤــﺎ اﻟـــﻔـــﻘـــﺮ، واﻹﻫـــــﺎﻧـــــﺔ، واﻻﻧﺘﻘﺎم.
ﻧــــــﺰل ﺟــــﻨــــﻮد إﻟــــــﻰ ﺟـــﻤـــﻊ ﻣــﻦ اﻟـﻘـﺮوﻳـﲔ أﻣـــﺎم ﻛـﺸـﻚ ﻋـﻠـﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻄﺮﻳﻖ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ، وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺳﺤﺒﻮا ﺑﻨﺎدﻗﻬﻢ. أدى ذﻟــﻚ إﻟــﻰ ﻟـﻐـﻂ، وأدى اﻟـﻠـﻐـﻂ إﻟـﻰ ﺷﺠﺎر ﺗﻄﻮر إﻟــﻰ إﻫــﺎﻧــﺎت. اﻗﺘﺎد اﻟﺠﻨﻮد ﺷﺎﺑﲔ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﻠﻒ وﻏﻄﺮﺳﺔ إﻟﻰ ﺳﻴﺎرﺗﻬﻢ وﻛﺎﻧﻮا ﻳﺼﻔﻌﻮﻧﻬﻤﺎ أﻣﺎم أﻫﻠﻬﻤﺎ اﻟـــﺬﻳـــﻦ ﺷــــﺎﻫــــﺪوا ﻣـــﺎ ﻳــﺤــﺼــﻞ ﻓﻲ ﺻﻤﺖ ﻋﺎﺟﺰ.
ﻳـــﻘـــﻮل ﺧـــﺎﻟـــﺪ ﺻـــﺎﻟـــﺢ، ﻋــﺎﻣــﻞ اﻹﻏﺎﺛﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻘﻒ وﺳﻂ اﻟﺤﺸﺪ ﻳﺸﺎﻫﺪ اﻟﺠﻨﻮد ﻗﺒﻞ ﺑـﻀـﻌـﺔ أﺳــﺎﺑــﻴــﻊ: »إﻧــﻬــﻢ ﻳﻤﺜﻠﻮن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ. وﻟﻜﻦ اﳌﺸﻜﻠﺔ أﻧـﻬـﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﻣﻮاﻟﲔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ داﻋﺶ اﻹرﻫﺎﺑﻲ«.
واﳌـــﺸـــﻬـــﺪ ﻣــــﻦ ﻗـــﺮﻳـــﺔ اﳌــﻨــﻴــﺮة اﻟــﺘــﺎﺑــﻌــﺔ ﻟــﻨــﺎﺣــﻴــﺔ ﺣــﻤــﺎم اﻟـﻌـﻠـﻴـﻞ ﺟــــﻨــــﻮب اﳌـــــﻮﺻـــــﻞ ﻋـــﻠـــﻰ ﺿـــﻔـــﺎف ﻧـﻬـﺮ دﺟـﻠـﺔ ﺑـﺸـﻤـﺎل اﻟــﻌــﺮاق. وﻫـﻮ ﻳــﻌــﻜــﺲ ﳌــﺤــﺔ ﻣـــﻦ ﻧـــﻀـــﺎل إﺣـــﺪى اﻟــــﻘــــﺮى اﻟــﻌــﺮﺑــﻴــﺔ اﻟــﺴــﻨــﻴــﺔ ﺧــﻼل اﻟــﻌــﺎم اﻟــﺘــﺎﻟــﻲ ﻋــﻠــﻰ ﻃـــﺮد اﻟــﻘــﻮات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻄﺮﻓﲔ وﻗﻮاﺗﻬﻢ ﺑﻌﻴﺪﴽ. اﳌﻜﺎن ﺗﺤﺎﺻﺮه اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت اﳌــــﺮﺳــــﻠــــﺔ واﻟـــــﺸـــــﻜـــــﻮك اﳌـــﺒـــﻬـــﻤـــﺔ، واﺿـﻄـﺮاﺑـﺎت اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻓﻲ أﺛــﻨــﺎء ﻣـــﺤـــﺎوﻻت إﻋـــــﺎدة اﻟـﺘـﻜـﻴـﻒ ﻣـﻊ اﻷوﺿـــﺎع اﻟـﺠـﺪﻳـﺪة ﻣـﻦ اﳌـﻮت واﻟﺪﻣﺎر واﻟﺨﺴﺎﺋﺮ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻓﻲ أﻏﻠﺐ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد.
وﻳــﻜــﻤــﻦ اﻻﺧـــﺘـــﺒـــﺎر اﻟــﺤــﺎﺳــﻢ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮدﻫﺎ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻛﺴﺐ ﺛﻘﺔ اﻷﻗﻠﻴﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻘﺮى ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻘﺮﻳﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻘﺮ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﺷـﺪﻳـﺪة اﻻﺿــﻄــﺮاب ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻮط اﻟﺼﺪع اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓــــﻲ اﻟـــــﻌـــــﺮاق. واﻷﻣـــــــﺔ اﻟــﻌــﺮاﻗــﻴــﺔ، ﺑﺪورﻫﺎ، ﻇﻠﺖ ﺗﺴﺘﺠﺪي اﻹﺟﺎﺑﺎت ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة اﳌﻮﺻﻠﻴﺔ، وﳌﺎذا ﻗـــــﺪم أﺑـــﻨـــﺎؤﻫـــﺎ وﺷــﺒــﺎﺑــﻬــﺎ اﻟــﺪﻋــﻢ واﻟـــﺘـــﺄﻳـــﻴـــﺪ ﻟــﻠــﺘــﻨــﻈــﻴــﻢ اﻹرﻫــــﺎﺑــــﻲ اﳌﺴﻠﺢ اﻟﺬي ﻛﺮس ﺟﻬﻮده ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻹﻃﺎﺣﺔ اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ ﺑﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﻼد.
ﻟﻘﺪ ﻣـﺮ ١١ ﺷـﻬـﺮﴽ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻣﻨﺬ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة، ﻏﻴﺮ أن اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻻ ﺗﺰال ﻓﻲ اﻧﺘﻈﺎر ﻋﻮدﺗﻬﺎ ﻣﺠﺪدﴽ إﻟﻰ أﺣﻀﺎن اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ.
ﺑــﺰﻏــﺖ ﺑــﺎرﻗــﺔ اﻷﻣـــﻞ اﳌـﻨـﺸـﻮد وﻟــــﺤــــﻈــــﺎت اﻟـــــﻮﺣـــــﺪة اﻟــــﺘــــﻲ ﻃـــﺎل اﻧــﺘــﻈــﺎرﻫــﺎ إﺛـــﺮ ﻫــﺰﻳــﻤــﺔ اﻟـﺘـﻨـﻈـﻴـﻢ اﻹرﻫــــــﺎﺑــــــﻲ وﻓــــــــﺮار ﻣــﻘــﺎﺗــﻠــﻴــﻪ ﻣـﻦ ﻣﻌﺎﻗﻠﻬﻢ اﻟـﻌـﺮاﻗـﻴـﺔ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻣــﺪﻳــﻨــﺔ اﳌـــﻮﺻـــﻞ اﻟــﻘــﺮﻳــﺒــﺔ. وﻋـﻠـﻰ أدﻧـــــﻰ ﺗــﻘــﺪﻳــﺮ ﻣــﻤــﻜــﻦ، ﻛــــﺎن ﻫـﻨـﺎك ﺣــﺲ ﺑـﺎﻟـﺘـﻀـﺤـﻴـﺔ اﳌــﺸــﺘــﺮﻛــﺔ إﺛــﺮ ﺳـﻘـﻮط اﻵﻻف ﻣـﻦ ﻗــﻮات اﻟﺠﻴﺶ واﻟــﺸــﺮﻃــﺔ ﺧــــﻼل ﻫــﺠــﻮم اﻟــﻘــﻮات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﺬي أﺳﻔﺮ ﻋﻦ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﻣــــﻼﻳــــﲔ اﳌــــﻮاﻃــــﻨــــﲔ اﻟـــﻌـــﺮاﻗـــﻴـــﲔ، ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻋﻦ ﻋﺮﻗﻬﻢ أو ﻃﺎﺋﻔﺘﻬﻢ، ﻣﻤﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻣﺤﺎﺻﺮﻳﻦ وﻣـــــﻌـــــﺬﺑـــــﲔ ﺗــــﺤــــﺖ ﻧــــﻴــــﺮ اﻟـــﺤـــﻜـــﻢ اﻷﺻــــــﻮﻟــــــﻲ اﳌــــﺘــــﻄــــﺮف ﻟــﻠــﺘــﻨــﻈــﻴــﻢ اﻹرﻫﺎﺑﻲ.
ﻓﻲ أﺑﺮﻳﻞ )ﻧﻴﺴﺎن( اﳌﺎﺿﻲ، ﺧــﻠــﺺ اﺳــﺘــﻄــﻼع ﻟـــﻠـــﺮأي أﺟــﺮﺗــﻪ »اﳌــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ اﳌﺴﺘﻘﻠﺔ ﻟـﻸﺑـﺤـﺎث« إﻟــــﻰ أن اﻵﻣــــــﺎل ﻛـــﺎﻧـــﺖ ﻗـــﻮﻳـــﺔ ﺑـﲔ ﺟﻤﻮع اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﺑﺸﺄن ﺗﻮﺟﻬﺎت اﻟﺒﻼد ﳌــﺎ ﺑــﻌــﺪ ﺣـــﺮب اﻟــﺘــﺤــﺮﻳــﺮ، وﻛــﺎﻧــﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﺜﻴﺮة ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟــﻰ ﻛــﻢ اﻟــﺸــﻜــﺎوى ﻣــﻦ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ اﻟـــﻜـــﺒـــﻴـــﺮ ﻣـــــﻦ ﺟــــﺎﻧــــﺐ اﻟـــﺤـــﻜـــﻮﻣـــﺔ اﳌـــﺮﻛـــﺰﻳـــﺔ ﺗــﺠــﺎﻫــﻬــﻢ. وﻟـــﻜـــﻦ ﻋـﺒـﺮ اﻟـــﻌـــﺪﻳـــﺪ ﻣـــﻦ اﻟـــــﺰﻳـــــﺎرات اﳌــﺘــﻜــﺮرة ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﻌﺎم اﳌﺎﺿﻲ إﻟﻰ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة، اﻟﺘﻲ ﺗﻀﻢ ﻧﺤﻮ ٠٤٤ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺳﻨﻴﺔ ﻣﻨﺘﺸﺮة ﻋﻠﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻼل اﻟﺼﺤﺮاوﻳﺔ اﻟﺒﺎﻫﺘﺔ، ﻛﺎﻧﺖ اﻟــﻌــﺒــﺎرات اﻟـﻌـﺎﻛـﺴـﺔ ﻟـﻠـﺘـﻔـﺎؤل إﻣـﺎ ﺑﺎﻫﺘﺔ وإﻣﺎ ﻋﺎﺑﺮة، وﻳﺒﺪو أن اﻷﻣﻞ ﻗﺪ ﺗﺒﺨﺮ أو ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻟﻠﺘﻼﺷﻲ ﺑﻤﺮور اﻷﻳﺎم.
ﻛــــﺎن إرث اﻟــــﺼــــﺮاع اﻟــﻄــﻮﻳــﻞ واﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﺤﻔﻮرﴽ ﻋﻠﻰ ﺗﻀﺎرﻳﺲ اﻟــﻘــﺮﻳــﺔ اﻟــﺼــﻐــﻴــﺮة. ﻟــﻘــﺪ اﻧــﻬــﺎرت اﳌﻨﺎزل ﻋﻠﻰ أﻳﺪي ﻗﻮات »داﻋﺶ« اﻟـــﻬـــﺎرﺑـــﺔ أو اﻟــــﻘــــﻮات اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﻴــﺔ اﳌﺮﺳﻠﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ واﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ. وﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎن ﻣﺼﻴﺮه اﻟﻨﻬﺐ واﻟﺤﺮق ﻋﻠﻰ أﻳﺪي اﻟﻐﻮﻏﺎء واﻟﺪﻫﻤﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﺮﻛﻬﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻻﻧﺘﻘﺎم.
ﻻ ﺗـــﺰال ﺟـﺜـﺚ اﻟـﻘـﺘـﻠـﻰ ﺗﻄﻔﻮ ﻋــﻠــﻰ ﺿــﻔــﺎف اﻟــﻨــﻬــﺮ اﻟــﻜــﺒــﻴــﺮ، وﻻ ﺗﺰال ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﻜﺮ واﻟﻔﺮ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﺗــﻌــﻜــﺲ إﻣــــــﺎرات اﻟـــﺤـــﺮب اﻟـﺨـﻔـﻴـﺔ واﻟﻘﺬرة ﻣﺎ ﺑﲔ اﻟﻘﻮات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ وأﻋـﺪاﺋـﻬـﺎ ﻣـﻦ ﻓـﻠـﻮل »داﻋـــﺶ« ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أﺣﻴﺎء اﳌﻮﺻﻞ واﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﺤﻴﻄﺔ ﺑـﻬـﺎ. وﻻ ﻳـﻤـﺮ ﻳــﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻋﺎة إﻻ وﻳﻌﺜﺮون ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺚ ﻣــﺰﻗــﻬــﺎ اﻟــــﺮﺻــــﺎص ﻓـــﻲ ﺣـﻘـﻮﻟـﻬـﻢ وﻣﺮاﻋﻴﻬﻢ.
وﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء أﻋﻤﺎل اﻟﻘﺘﺎل ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ، ﺗﺬﻛﺮ ﺳﻌﺪي ﺧﻠﻒ –وﻫﻮ ﻳﺸﺎﻫﺪ اﻟﺠﻨﻮد ﻳﺒﺘﻌﺪون ﺑﺎﺑﻨﻪ ﻧﻤﻴﺮ اﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣـﻦ اﻟﻌﻤﺮ ١٢ ﻋﺎﻣﴼ– إﺣــﺴــﺎﺳــﴼ ﻗـﺪﻳـﻤـﴼ وﺑــﺎﻫــﺘــﴼ ﺑـﺎﻷﻣـﻞ واﻹﻣﻜﺎﻧﻴﺔ، ﻗﺒﻞ وﺻﻮل اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ إﻟــــﻰ ﻗـــﺮﻳـــﺘـــﻪ. ﺣــﻴــﺚ ﻛــــﺎن اﻟـــﺮﺟـــﺎل ﻳـــﺠـــﺪون اﻟـــﻮﻇـــﺎﺋـــﻒ ﻛــﻀــﺒــﺎط أو ﺟﻨﻮد ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻃﺔ، أو ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﳌﻨﺎﺻﺐ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﳌﺄﻣﻮﻟﺔ. وﻳــﻘــﻮل: »ﻛــﺎن اﻟـﺸـﺒـﺎب ﻳﺘﻤﻜﻨﻮن ﻣـــﻦ اﻟـــــــﺰواج، وﺷـــــﺮاء اﻟــﺴــﻴــﺎرات، وﻳـﺒـﻨـﻮن اﳌــﻨــﺎزل«، ﻣـﺸـﻴـﺮﴽ ﺑﻴﺪﻳﻪ إﻟﻰ ﺳﻤﺎت اﻹﻧﺠﺎزات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﻬﻮدة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺒﻘﺎع.
ﻛــﺎﻓــﺤــﺖ اﻟـــﻘـــﻮات اﻟـﺤـﻜـﻮﻣـﻴـﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻻﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﳌــﻮﺻــﻞ، ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻛـﺒـﺮى اﳌـﺪن اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ، ﻣﻨﺬ ﺷﻬﻮر. واﻵن، ﻏﺎب اﻟــﻮﺟــﻮد اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ ﺗﻤﺎﻣﴼ إﻻ ﻣﻦ ﺑـﻌـﺾ اﻟـﻀـﺒـﺎط واﻟـﺠـﻨـﻮد اﻟـﺬﻳـﻦ ﻳـــﺘـــﺨـــﺬون ﻣـــﻮاﻗـــﻌـــﻬـــﻢ ﻟــﻠــﺤــﺮاﺳــﺔ واﻟﺘﻔﺘﻴﺶ ﻋـﻠـﻰ ﻣــﺸــﺎرف اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة. وﻳﻘﻮل ﺳﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ إن ﺣﻔﻨﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺿﺒﺎط اﻟﺸﺮﻃﺔ ﻗـــﺪ ﻋـــــﺎدوا إﻟـــﻰ ﻣــﻮاﻗــﻌــﻬــﻢ ﻫــﻨــﺎك. واﻣﺘﻬﻦ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﻌﺎﻃﻠﻮن ﺗﻬﺮﻳﺐ اﻟﺴﺠﺎﺋﺮ أو إرﺳﺎل أﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﻟﺒﻴﻊ زﺟــﺎﺟــﺎت اﳌـﻴـﺎه اﻟــﺒــﺎردة ﻟﺴﺎﺋﻘﻲ اﻟﺸﺎﺣﻨﺎت واﻟﺤﺎﻓﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺔ. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺎﺣﻨﺎت ﺗﻤﺮ ﻋﺒﺮ اﻟﻘﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل إﺣﺪى اﻟﻄﺮق اﻟﺘﺮاﺑﻴﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻋــﻠــﻰ أﻳــــﺪي اﻟــﺠــﻴــﺶ ﻣــﺆﺧـــﺮﴽ إﻟــﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺮور رﺋﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ، ﻣـــﺎ ﻳــﻌــﺪ ﻃــﻔــﺮة ﺻــﻐــﻴــﺮة وﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﻣﺆﺛﺮة ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﺗﺤﺖ ﺳﺤﺎﺑﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﺨﺎم واﻟﻐﺒﺎر واﻷﺗﺮﺑﺔ.
وﻗــــــﺎل ﺳـــﻌـــﺪي ﺧـــﻠـــﻒ، اﻟــــﺬي أﻃــﻠــﻖ اﻟــﺠــﻴــﺶ ﺳــــﺮاح وﻟــــﺪه ﺑﻌﺪ ﺳــــﺎﻋــــﺎت ﻗــﻠــﻴــﻠــﺔ ﻣــــﻦ اﻻﺣـــﺘـــﺠـــﺎز، واﻟــﻐــﻀــﺐ ﻳـﻤـﻸ ﺻــــﺪره: »إﻧــﻨــﺎ ﻻ ﻧﺮى ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ ﻣﺸﺮﻗﴼ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق«.
وﻓـــــــﻮر اﺟـــﺘـــﻴـــﺎح اﳌــﺘــﻄــﺮﻓــﲔ اﳌﺴﻠﺤﲔ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﻲ ﺧﺮﻳﻒ اﻟﻌﺎم اﳌﺎﺿﻲ، اﻫﺘﺰت اﻷﺟـــــــــــــﻮاء ﺑـــﻌـــﻤـــﻠـــﻴـــﺎت اﻻﻧــــﺘــــﻘــــﺎم واﻻﻧﺘﻘﺎم اﳌﻀﺎد. ﻓﻠﻘﺪ ﺗﻌﺮﺿﺖ ٥ ﻣﻨﺎزل ﺗﻌﻮد ﻷﻓﺮاد ﻋﺎﺋﻠﺔ واﺣﺪة وﻛـــﺒـــﻴـــﺮة ﻣـــﻦ اﻟـــﻌـــﺎﺋـــﻼت اﳌـﺘـﻬـﻤـﺔ ﺑﺘﻮﻓﻴﺮ اﻟـﺪﻋـﻢ واﻟﺘﺄﻳﻴﺪ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ داﻋﺶ اﻹرﻫﺎﺑﻲ، ﻟﻠﻨﻬﺐ واﻟﺤﺮق. وﻓـــﻲ ﻧـﻮﻓـﻤـﺒـﺮ )ﺗــﺸــﺮﻳــﻦ اﻟــﺜــﺎﻧــﻲ(، ﻣـــــﺮت ﻣــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ ﻣــــﻦ أﻓــــــــﺮاد ﺗـﻠـﻚ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺑﲔ ﻏﺮف أﺣﺪ ﻫﺬه اﳌﻨﺎزل اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﻢ، واﻟﺘﻲ أﻓﺮﻏﺖ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻣـــﻦ ﻛـــﻞ ﻣــﺤــﺘــﻮﻳــﺎﺗــﻬــﺎ ﺑـﺎﺳـﺘـﺜـﻨـﺎء دراﺟــــــــﺔ ﻃـــﻔـــﻞ ﺻـــﻐـــﻴـــﺮ، وﻏــﺴــﺎﻟــﺔ ﻣﻼﺑﺲ ﻣﺤﺘﺮﻗﺔ، وﺣﺎﻣﻞ ﺧﺸﺒﻲ ﻟﻠﻤﻌﺎﻃﻒ. وﻗــﺎل أﺻـﺤـﺎب اﳌﻨﺰل إن اﻻﺗــﻬــﺎﻣــﺎت ﻋــﻠــﻰ ﻏــﻴــﺮ ﺣــﻖ أو أﺳﺎس، وأﻟﻘﻮا ﺑﺎﻟﻠﻮم ﻓﻲ اﺣﺘﺮاق اﳌــﻨــﺰل ﻋــﻠــﻰ ﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎ ﻋـﺸـﺎﺋـﺮﻳـﺔ ﺳﻨﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻜﻠﻔﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ﺑﺘﺄﻣﲔ اﻟﻘﺮﻳﺔ.
وﻣـــــﻊ ﺗـــــــﻼوة ﺳـــﻜـــﺎن اﻟــﻘــﺮﻳــﺔ ﻗـــﺼـــﺼـــﻬـــﻢ ﻣـــــــﻊ ﻧـــــﻬـــــﺎﻳـــــﺔ اﻟـــــﻌـــــﺎم اﳌــﺎﺿــﻲ، ﻛـــﺎن ﻫــﻨــﺎك ﺛــﻼﺛــﺔ أﻓـــﺮاد ﻣــﻦ اﳌﻴﻠﻴﺸﻴﺎ ﻳـﺮاﻗـﺒـﻮن اﻟﻄﺮﻳﻖ. وﺑـــﺪﻻ ﻣــﻦ ﻧﻔﻲ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺣﺮﻳﻖ اﳌﻨﺎزل ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻬﻢ، أﺻــﺮوا ﻋﻠﻰ أن ﺣﺮق اﳌﻨﺎزل ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻘﺎﺑﴼ ﻛﺎﻓﻴﴼ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﻢ.
ﻳـﻘـﻮل ﺷـﺎﻛـﺮ ﻋﻄﺎ اﻟـﻠـﻪ ﻫـﻼل، وﻫـــــــﻮ ﺿــــﺎﺑــــﻂ ﺷــــﺮﻃــــﺔ ﻣــﺘــﻘــﺎﻋــﺪ وﻣــﻦ رﺟــﺎل اﳌﻴﻠﻴﺸﻴﺎت اﻟﺴﻨﻴﺔ، وﻳﺮﺗﺪي ﻧﻈﺎرة داﻛﻨﺔ اﻟﻠﻮن ﺗﺨﻔﻲ ﻧﺪﺑﺔ ﺧﺸﻨﺔ ﺗﻤﻴﺰ وﺟـﻬـﻪ: »إﻧﻬﻢ ﻻ ﻳـــﺰاﻟـــﻮن ﻳــﺘــﻨــﻔــﺴــﻮن اﻟــــﻬــــﻮاء!«. وﻛــﺎﻧــﺖ ﺟﺮﻳﻤﺘﻬﻢ أﻧــﻬــﻢ ﺷــﺎرﻛــﻮا ﻓـــﻲ اﻻﺣـــﺘـــﺠـــﺎﺟـــﺎت اﻟـــﻌـــﺎﻣـــﺔ ﺿـﺪ اﻧﺘﻬﺎﻛﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻗﺒﻞ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات واﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻘﺎم ﻓﻲ اﳌﻨﺎﻃﻖ ذات اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ أرﺟــﺎء اﻟـﻌـﺮاق. وﺗﺴﻠﻠﺖ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﻨﻈﻴﻢ داﻋــﺶ اﻹرﻫـﺎﺑـﻲ إﻟـــﻰ ﺗــﻠــﻚ اﳌــﻈــﺎﻫــﺮات، واﺳـﺘـﻐـﻠـﺖ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﺴﺨﻂ واﻟﻐﻀﺐ اﻟﻌﺎرﻣﺔ آﻧــــــــﺬاك، وﺑــــــــﺪءوا ﻓــــﻲ ﻣــﺴــﻴــﺮﺗــﻬــﻢ اﻟﺪﻣﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد.
وﻗـــــﺪ ﺗـــﻌـــﺎﻃـــﻒ ﻛـــﺜـــﻴـــﺮون ﻣـﻦ ﺳــﻜــﺎن ﻗــﺮﻳــﺔ اﳌــﻨــﻴــﺮة ﻣـــﻊ دﻋـــﻮات وأﻫـــــــــﺪاف اﻻﺣــــﺘــــﺠــــﺎﺟــــﺎت، ﺣـﺘـﻰ وإن ﻟﻢ ﻳﺸﺎرﻛﻮا ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ. ﺑـﻴـﺪ أن ﻫـــﺬا اﻟــﻔــﺎرق اﻟــﺪﻗــﻴــﻖ ﻛـﺎن ﻣﺼﻴﺮه اﻟﺘﻼﺷﻲ اﻟﺘﺎم ﻓﻲ ﺧﻀﻢ ﻣﻨﺎخ اﻻﻧﺘﻘﺎم اﳌـﺮﻳـﻊ اﻟــﺬي أﻋﻘﺐ ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻗﻮات »داﻋﺶ« ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق. وﻗــﺎل اﻟـﻀـﺎﺑـﻂ ﻫــﻼل: »ﻛــﺎﻧــﻮا ﻫﻢ ﻣﻦ ﺟﻠﺒﻮا )داﻋــﺶ( إﻟـﻰ ﺑﻼدﻧﺎ«، ﻣــﺴــﺘــﺨــﺪﻣــﺎ اﳌــﺨــﺘــﺼــﺮ اﻟــﻌــﺮﺑــﻲ ﳌﺴﻤﻰ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻹرﻫﺎﺑﻲ.
وﺗﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﺤﻴﻄﺔ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ اﳌﻮﺻﻞ اﻟﻘﺼﺺ اﳌﺸﺎﺑﻬﺔ ﻣﻦ ﺣﺮق اﳌﻨﺎزل واﻻﻧﺘﻘﺎم اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺧــــﻼل اﻷﻳــــــﺎم اﻷوﻟــــــﻰ ﻣـــﻦ ﻫــﺠــﻮم اﻟـﻘـﻮات اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﺔ. وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺼﺪر اﻟﻐﻀﺐ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﺧﺎﻓﻴﴼ ﻋﻠﻰ أﺣﺪ. ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺮﻳﻒ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺗــﺘــﻨــﺎﺛـــﺮ ﺑــــﻪ اﳌـــﻘـــﺎﺑـــﺮ اﻟــﺠــﻤــﺎﻋــﻴــﺔ ﻟﻀﺒﺎط وﺟﻨﻮد اﻟﺸﺮﻃﺔ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ أﻓﺮاد اﻷﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻘﻮا ﺣﺘﻔﻬﻢ ﻋﻠﻰ أﻳـﺪي اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ »داﻋـــﺶ«، وﻛـﺎﻧـﺖ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻣﻮﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﺤﺒﺎل ﺧﻠﻒ ﻇﻬﻮرﻫﻢ ﻓﻲ أﻏﻠﺐ اﻷﺣﻴﺎن.
وأرﺧﺖ ﺗﻠﻚ اﳌﻘﺎﺑﺮ ﻋﻠﻰ رﺑﻮع اﳌـﻨـﻄـﻘـﺔ ﺑــﻈــﻼل ﺑـــﺆس ﻻ ﺗﻤﺤﻮه اﻷﻳــﺎم، ﻛﻤﺎ أﺿﺮﻣﺖ ﻓﻲ اﻟﺼﺪور ﻧﻴﺮان ﻏﻞ ﻋﻤﻴﻖ واﻧﺘﻘﺎم ﻻ ﻳﻨﺎم.
ﻳــﻘــﻮل اﻟــﻀــﺎﺑــﻂ ﻫــــﻼل، اﻟــﺬي ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟـــﻰ إﺣــــﺪى اﳌـﻴـﻠـﻴـﺸـﻴـﺎت اﳌﺤﻠﻴﺔ اﻟﺠﺎﻣﺤﺔ واﻟﻌﻨﻴﺪة واﻟﺘﻲ ﻛــﺎﻧــﺖ ﻣـﻜـﻠـﻔـﺔ ﺑـﻤـﺴـﺆوﻟـﻴـﺔ ﺗـﺄﻣـﲔ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﺤﺮرة ﺣﺪﻳﺜﴼ ﻣﻦ ﻗﺒﻀﺔ ﻣــﺴــﻠــﺤــﻲ »داﻋـــــــــﺶ« اﳌــﺘــﻄــﺮﻓــﲔ: »ﻟـﻦ ﻧﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻨﺴﻴﺎن أﺑــﺪﴽ«. وﺗﺤﻤﻞ ﻫـﺬه اﳌﻴﻠﻴﺸﻴﺎت ﻣﺴﻤﻰ »ﻓـــﺮﺳـــﺎن ﺟـــﺒـــﻮر« ﻧــﺴــﺒــﺔ ﻹﺣـــﺪى ﻛﺒﺮى اﻟﻌﺸﺎﺋﺮ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ.
وﻓـﻲ ﻏﻀﻮن ﺷﻬﻮر، اﺧﺘﻔﻰ اﻟــﺮﺟــﺎل اﳌـﺘـﻬـﻤـﻮن ﺑـﺎﳌـﺸـﺎرﻛـﺔ ﻓﻲ اﻻﺣـــﺘـــﺠـــﺎﺟـــﺎت ﺗــﻤــﺎﻣــﴼ ﻣـــﻦ ﻗــﺮﻳــﺔ اﳌـــﻨـــﻴـــﺮة. وﻗـــــﺎل ﻳـــﺎﺳـــﺮ إﺑـــﺮاﻫـــﻴـــﻢ، ﻣــﺪﻳــﺮ إﺣـــﺪى اﳌــــﺪارس ﻫــﻨــﺎك، ﻣﻦ ﻋـﻠـﻰ ﺑـــﺎب ﻣـﻨـﺰﻟـﻪ ﻓــﻲ اﻟــﻘــﺮﻳــﺔ ﻗﺒﻞ ﺑﻀﻌﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ، إﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺮف أﺣﺪ أي ﺷــﻲء ﻋﻨﻬﻢ إﻃــﻼﻗــﴼ. وأﺿــﺎف أن ﻋﺎﺋﻼت أوﻟﺌﻚ اﻟﺮﺟﺎل ﻇﻠﻮا ﻓﻲ أﻣﺎﻛﻨﻬﻢ وراء اﻟﻘﺮﻳﺔ. وﻛﺬﻟﻚ رﺟﺎل اﳌﻴﻠﻴﺸﻴﺎت اﻟﺬﻳﻦ ﻧﻬﺒﻮا وأﺣﺮﻗﻮا ﻣﻨﺎزﻟﻬﻢ.
وﺗــﺘــﺮﻛــﺰ اﻷﺣـــﺎدﻳـــﺚ اﳌﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑـﺎﻟـﻌـﺮاق ﻓــﻲ ﻫــﺬه اﻷﻳـــﺎم ﺣــﻮل أن اﻟﺴﻜﺎن اﻟﻌﺮب اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺴﺎﺧﻄﲔ ﻗــــﺪ ﻳـــﻨـــﺪﻓـــﻌـــﻮن ﻳــــﻮﻣــــﴼ، ﻣــــﻦ واﻗــــﻊ اﻹﺣـــﺒـــﺎط واﻟـــﻴـــﺄس اﻟــﺸــﺪﻳــﺪ، إﻟــﻰ ﻣــــﻌــــﺎودة اﻟــﺘــﺮﺣــﻴــﺐ ﻣـــــﺮة أﺧــــﺮى ﺑﺎﳌﺘﻄﺮﻓﲔ. ﻏﻴﺮ أن ﻫﺬه اﳌﺨﺎوف ﻻ ﺗﺸﻜﻞ ﺧــﻄــﺮﴽ ﻣــﻦ اﻷﺧــﻄــﺎر ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة، إذ ﻳﺘﺤﺪث ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻋﻦ ﻋﻬﺪ ﺗﻨﻈﻴﻢ داﻋﺶ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺮﻋﺐ واﻟﻨﺪم.
وﻛــــــﺎن ﺑــﻌــﻀــﻬــﻢ ﻣــــﻦ ﺿــﺒــﺎط اﻟـﺸـﺮﻃـﺔ ﻓــﻲ ﻣـﺪﻳـﻨـﺔ اﳌــﻮﺻــﻞ ﻗﺒﻞ اﻻﺟـــــﺘـــــﻴـــــﺎح، وﻛــــــﺎﻧــــــﻮا ﻳـــﺘـــﺨـــﺬون ﻣﻮاﻗﻌﻬﻢ ﻫﻨﺎك ﻓﻲ ذﻟـﻚ اﻟﺼﺒﺎح اﳌﺸﺆوم ﻣﻦ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( ﻋﺎم ٤١٠٢. ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳـﺘـﻮﻟـﻰ »داﻋــﺶ« ﺑـــــﻜـــــﻞ ﺳـــــﻬـــــﻮﻟـــــﺔ ﻋـــــﻠـــــﻰ اﳌـــــﺪﻳـــــﻨـــــﺔ، ﺑﻌﺪﻣﺎ اﻧﺴﺤﺐ اﻟـﺮﺟـﺎل اﳌﻜﻠﻔﻮن ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﺎ وﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓـﺮادى وﺟﻤﺎﻋﺎت. وﻗـﺎل إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺟﺎﺳﻢ ﻣﺤﻤﺪ، وﻫـﻮ ﻣﻦ ﺿﺒﺎط اﻟﺸﺮﻃﺔ اﻟــﺴــﺎﺑــﻘــﲔ: »ﻟــﻘــﺪ ﻓــﺮرﻧــﺎ ﺟﻤﻴﻌﴼ، واﺿﻄﺮرت إﻟﻰ اﻟﻬﺮوب ﺑﺎﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﻋﺒﺮ اﻟﻨﻬﺮ، ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺣﻠﻚ أﻳﺎم ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﴼ«.
واﺧــــــــﺘــــــــﻄــــــــﻒ اﳌــــــﺘــــــﻄــــــﺮﻓــــــﻮن اﳌﺴﻠﺤﻮن ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ٤٢ رﺟﻼ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ واﻟﺪ إﺑــﺮاﻫــﻴــﻢ، ﻣــﺪﻳــﺮ اﳌــﺪرﺳــﺔ، واﻟــﺬي ﻟﻢ ﻳﺴﻤﻊ أﺣـﺪ أي ﺷـﻲء ﻋﻨﻪ ﻣﻨﺬ ﺛـــﻼث ﺳــﻨــﻮات ﻛــﺎﻣــﻠــﺔ. وﺑــــﺪﻻ ﻣﻦ اﳌﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟــﻮﺟــﻮد اﳌﺴﺘﻤﺮ ﻫــــﻨــــﺎك، ﻛـــــﺎن ﻋـــﻨـــﺎﺻـــﺮ »داﻋـــــــﺶ« ﻳﺘﻮﺟﻬﻮن إﻟﻰ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة ﻣﺮات ﻋـﺪة ﻓﻲ اﻷﺳـﺒـﻮع. وﻗــﺎل إﺑﺮاﻫﻴﻢ إن اﻵﺑــﺎء ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻤﻨﻌﻮن أوﻻدﻫـﻢ ﻣــــﻦ ﺣـــﻀـــﻮر اﻟـــــــــﺪروس اﻟــﺪﻳــﻨــﻴــﺔ ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻢ ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻬﻢ ﻣــﻦ اﻋﺘﻨﺎق ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ وأﻓﻜﺎرﻫﻢ. وﻛﺎن ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻣﺒﻨﻰ اﳌﺪرﺳﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳــــﻮم ﻳــﻨــﺘــﻈــﺮ وﺻـــــﻮل اﳌــﺘــﻄــﺮﻓــﲔ اﳌﺴﻠﺤﲔ، ﺛﻢ ﻳﻜﺬب ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺸﺄن ﻋﺪم وﺟﻮد ﻃﻼب ﻓﻲ اﳌﺪرﺳﺔ. ﻏﻴﺮ أن ﺟﻬﻮد ﺳﻜﺎن اﻟﻘﺮﻳﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓـــﻲ ﻣــﻘــﺎوﻣــﺔ اﳌــﺘــﻄــﺮﻓــﲔ ﻟـــﻢ ﺗــﻠــﻖ اﺳﺘﺤﺴﺎﻧﴼ ﻣﻦ أﺣﺪ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق.
وﻛــــﺎﻧــــﺖ اﻟـــﻘـــﺮﻳـــﺔ ﻣــﺤــﻈــﻮﻇــﺔ إن وﺻــﻠــﻬــﺎ اﻟـــﺘـــﻴـــﺎر اﻟــﻜــﻬــﺮﺑــﺎﺋــﻲ ﻟﺴﻮﻳﻌﺎت ﻋــﺪة ﻓـﻲ ﻛـﻞ ﻳــﻮم، وﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﳌـﺴـﺆوﻟـﻮن ﻳـﻮزﻋـﻮن ﻗﺴﺎﺋﻢ اﳌﻮاد اﻟﻐﺬاﺋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻜﺎن اﻟﻘﺮﻳﺔ، وﻛــﺎﻧــﺖ إﻣـــــﺪادات اﳌــﻴــﺎه ﺷﺤﻴﺤﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻛﺬﻟﻚ، وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺎﺣﻨﺎت اﻟــــﺘــــﻲ ﺗـــﻤـــﺮ ﻋـــﻠـــﻰ ﻃــــــﻮل اﻟــﻄــﺮﻳــﻖ اﻟﺘﺮاﺑﻲ اﻟﻀﻴﻖ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻲ أﺳﻔﻠﻬﺎ أﻧﺎﺑﻴﺐ اﳌﻴﺎه اﳌﻤﺰﻗﺔ ﺑﻮﺿﻮح.
وﻋـﻠـﻰ ﻧﺤﻮ ﻣـﻌـﺎﻛـﺲ، اﻋﺘﻘﺪ اﻟــﻘــﺮوﻳــﻮن ﻣــﻦ ﺳــﻜــﺎن اﳌــﻨــﻴــﺮة أن اﻟــﻔــﺴــﺎد اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﻲ اﳌــﺘــﻮﻃــﻦ ﻓﻲ اﻟـﻌـﺮاق ﺣــﺎل دون رﺻــﻒ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟــﺮﺋــﻴــﺴــﻲ ﻓـــﻲ اﻟـــﻘـــﺮﻳـــﺔ. واﻵن ﻻ ﻳﻌﺮف أﺣﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺗﻘﻊ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ إﺻﻼح ﻣﺎ ﻓﺴﺪ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر.
وﻣﻦ دون أي ﺷﻲء ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ، ﻳـﻤـﻜـﻦ اﻟــﻌــﺜــﻮر ﻋــﻠــﻰ أﻏــﻠــﺐ رﺟــﺎل اﻟـﻘـﺮﻳـﺔ ﺑـﺎﻟـﻘـﺮب ﻣـﻦ أﺣــﺪ اﻷﻛـﺸـﺎك ﻋــــﻠــــﻰ ﻃــــــــﻮل اﻟـــــﻄـــــﺮﻳــــﻖ اﳌـــــﺰدﺣـــــﻢ ﻳﺸﺎﻫﺪون ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺮور اﻟﺤﺎﻓﻼت واﻟــﺸــﺎﺣــﻨــﺎت، واﻷﻃـــﻔـــﺎل اﻟـﺤـﻔـﺎة ﻳـــﺒـــﻴـــﻌـــﻮن اﻟـــــﻮﺟـــــﺒـــــﺎت اﻟــﺨــﻔــﻴــﻔــﺔ وزﺟـــــــــﺎﺟـــــــــﺎت اﳌـــــــﻴـــــــﺎه ﻟـــﺴـــﺎﺋـــﻘـــﻲ اﻟــﺸــﺎﺣــﻨــﺎت ﻟـﻜـﺴـﺐ ﻗـــﻮت أﺳـﺮﻫـﻢ ﺑــﺪﻻ ﻣﻦ آﺑﺎﺋﻬﻢ اﻟﻌﺎﻃﻠﲔ ﻋﻦ أي ﻋﻤﻞ.
ﻳــــﻘــــﻮل ﻋــــﻤــــﺎر ﻣـــﺤـــﻤـــﺪ، وﻫـــﻮ ﺟـــﻨـــﺪي ﺳـــﺎﺑـــﻖ ﻳــﻌــﻤــﻞ اﻵن ﻋـﻠـﻰ ﻛﺴﺐ رزﻗــﻪ ﻣـﻦ ﺗﻬﺮﻳﺐ اﻟﺴﺠﺎﺋﺮ إﻟﻰ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﻜﺮدﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل: »إﻧـــﻨـــﺎ ﻧــﺄﻣــﻞ ﻓـــﻲ اﻟــﺤــﺼــﻮل ﻋﻠﻰ أﺷﻴﺎء ﺟﻴﺪة ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. وﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻨﺎ ﺳﻮى اﻟﺼﺒﺮ واﻻﻧﺘﻈﺎر«.
وﻻ ﻳـﺰال ﻣﺼﻴﺮ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة ﻣــﻌــﻠــﻘــﴼ ﺑـــــﲔ اﻟــــﺴــــﻤــــﺎء واﻷرض، ﺑــﻄــﺮﻳــﻘــﺔ ﻣــــﺎ، ﻋــﻠــﻰ ﻣـــﻘـــﺪرة ﺣـــﺎزم ﺧــﻠــﻴــﻞ، وﻫــــﻮ ﻣـــﻦ ﻗـــﺪاﻣـــﻰ ﺳــﻜــﺎن اﻟﻘﺮﻳﺔ، ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﻤﺮار واﻟﺒﻘﺎء.
وﻛــــــﺎن ﺷــﻘــﻴــﻖ ﺣــــــﺎزم اﻷﻛــﺒــﺮ ﻣــــﻦ ﻛــــﺒــــﺎر ﻗـــــــﺎدة ﺗــﻨــﻈــﻴــﻢ داﻋــــﺶ اﻹرﻫـﺎﺑـﻲ، وﻫﻮ ﻣﻔﻘﻮد ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻳﻌﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﻓﺎرق اﻟﺤﻴﺎة. وﻛــــﺎن ﺷـﻘـﻴـﻘـﺎن آﺧـــــﺮان، ﻣﺘﻬﻤﺎن ﺑﺎﻻﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﳌﺘﻄﺮف، ﻳﻘﺒﻌﺎن ﻓﻲ اﻟﺴﺠﻦ. وﻟﻘﺪ ﻓﺮ واﻟﺪا ﺣـــــﺎزم اﳌــﺴــﻨــﺎن ﻣـــﻦ اﻟــﻘــﺮﻳــﺔ ﺑـﻌـﺪ اﺣـــﺘـــﺮاق ﻣـﻨـﺰﻟـﻬـﻤـﺎ ﺗــﻤــﺎﻣــﴼ ﺳـــﺪادﴽ ﻵﺛﺎم وأﺧﻄﺎء أﺑﻨﺎﺋﻬﻤﺎ اﻟﺜﻼﺛﺔ.
ﻳـــــﻘـــــﻮل ﺣــــــــــﺎزم ﺧـــﻠـــﻴـــﻞ وﻫــــﻮ ﻳــﺠــﻠــﺲ ﻓـــﻲ ﻣــﻨــﺰﻟــﻪ ﻣـــﻊ أﻃــﻔــﺎﻟــﻪ: »أﻗــﺴــﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ أﻧــﻪ ﻟــﻢ ﻳﺘﺒﻖ ﻏﻴﺮي ﻫـﻨـﺎ«، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻜﺲ ﺣﺠﻢ اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻟـﻬـﺎﺋـﻠـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺣـﻠـﺖ ﺑــﻪ وﺑـﺄﺳـﺮﺗـﻪ وﺑﻘﺮﻳﺘﻪ.
وﻓﻲ ﺧﻀﻢ ذﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﺷﻘﻴﻘﻪ اﻷﻛــﺒــﺮ ﺷــﺎﻛــﺮ، اﻟـــﺬي درس اﻷدب اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ وﻋﻤﻞ ﻣـﺪﻳـﺮﴽ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ اﳌﺤﻠﻴﺔ وإﻣــﺎﻣــﴼ ﻟﻠﻤﺴﺠﺪ ﻫـﻨـﺎك. وﻟــــﻘــــﺪ ﺗـــــﻢ ﺗـــﺠـــﻨـــﻴـــﺪه ﻣـــــﻦ ﺟـــﺎﻧـــﺐ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ وﻓﻖ ﻣﺎ اﻋﺘﺒﺮوه ﺳﺒﺒﴼ ذﻫﺒﻴﴼ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﻢ؛ ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن ﺳﺠﻴﻨﴼ ﳌﺪة ﻋﺎﻣﲔ وﻧﺼﻒ اﻟﻌﺎم ﺗﻌﺮض ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻠﺘﻌﺬﻳﺐ اﻟﺸﺪﻳﺪ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎل ﺷﻘﻴﻘﻪ. وﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻮﻟﻰ »داﻋــــــــــﺶ« ﻋـــﻠـــﻰ اﳌـــــﻮﺻـــــﻞ، ﺧـــﺪم ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺼﺐ وزﻳﺮ اﻹﺳﻜﺎن واﻟﻌﻘﺎرات.
وﻓــــــﻲ ﻗــــﺮﻳــــﺔ اﳌــــﻨــــﻴــــﺮة، ﺗــﻨــﺪر اﻟـﻨـﺎس ﻓـﻲ أﺳــﻰ أن اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ ﻟﻢ ﻳــﺪﻣــﺮوا أي ﻣـﻨـﺰل ﻣــﻦ اﳌــﻨــﺎزل ﻣﻦ دون ﻣﻮاﻓﻘﺔ ﺷﺎﻛﺮ ﺷﺨﺼﻴﴼ. ﻏﻴﺮ أن اﻟﺴﺠﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺗﻄﺮﻓﻪ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل ﺧﻠﻴﻞ. ﻓﻘﺪ ﻛـﺎن ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻴﺢ أﻳﻀﴼ أن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﺨﻂ واﻻﺳﺘﻴﺎء اﻧﺘﺸﺮت ﻋﺒﺮ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻨﻴﺔ اﻷﺧـــﺮى ﻓــﻲ اﻟـﻔـﺘـﺮة اﻟﺘﻲ ﺳـﺒـﻘـﺖ ﺳــﻴــﻄــﺮة اﳌــﺘــﻄــﺮﻓــﲔ ﻋﻠﻰ اﳌــﻨــﻄــﻘــﺔ، إذ ﻳـــﻘـــﻮل ﺣـــــﺎزم ﺧـﻠـﻴـﻞ ﻋــــﻦ ذﻟـــــــﻚ: »ﺗـــﺴـــﺒـــﺒـــﺖ اﻷﺟــــﻨــــﺪات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﺘﻀﺎرﺑﺔ ﻓـﻲ اﻧـﺪﻻع اﻟﺘﻮﺗﺮات اﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ«، ﻣﺸﻴﺮﴽ إﻟﻰ ﺳـﻴـﺎﺳـﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﳌـﺮﻛـﺰﻳـﺔ ﻓﻲ ذﻟــﻚ اﻟــﻮﻗــﺖ. وأﺿــــﺎف ﻳــﻘــﻮل: »ﻟـﻢ ﺗــﻜــﻦ ﻫـــﻨـــﺎك ﻋـــﻼﻗـــﺔ واﺿـــﺤـــﺔ ﺑـﲔ ﻗﻮات اﻷﻣﻦ واﳌﻮاﻃﻨﲔ. ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ﻓــــﺮاغ ﻛــﺒــﻴــﺮ. وﻫــــﺬا اﻟــﻮﺿــﻊ ﻳـﺴـﺮ اﻷﻣــﻮر ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ داﻋـﺶ ﻓﻲ ﺑﺪاﻳﺘﻪ«.
وﻣــﻊ ﺑـﻘـﺎء ذﻟــﻚ اﻹرث اﻟﻌﻘﻴﻢ ﻓــﻲ ﻣـﺨـﻴـﻠـﺔ اﻟــﻨــﺎس، أردف ﺣــﺎزم ﺧﻠﻴﻞ ﻳﻘﻮل: »ﻛﻨﺖ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﺎ أﺧﺸﻰ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ«.
وﻓــــــــﻲ اﻟــــــﻌــــــﺎم اﻟـــــــــــﺬي أﻋـــﻘـــﺐ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻣﻦ »داﻋﺶ«، ﺣﻞ ﺗﻔﺎؤل ﺷﺪﻳﺪ اﻟﺤﺬر ﻣﺤﻞ ﻣﺨﺎوﻓﻪ وﻗﻠﻘﻪ. وﻣـــﻦ واﻗــــﻊ ﺧــﺒــﺮﺗــﻪ، ﻛــﺎﻧــﺖ ﻗــﻮات اﻷﻣﻦ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﺎس ﺑﺼﻮرة ﺟــﻴــﺪة. وﺗـــﻢ ﺗـﻔـﻜـﻴـﻚ اﳌﻴﻠﻴﺸﻴﺎت اﳌﺤﻠﻴﺔ اﳌﺨﻴﻔﺔ. ورﻓــﺾ ﺟﻴﺮاﻧﻪ ﺗــﻮﺟــﻴــﻪ اﻟـــﻠـــﻮم إﻟــــﻰ ﺣـــــﺎزم ﺧﻠﻴﻞ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺧﻄﺎﻳﺎ ﺷﻘﻴﻘﻪ. وﻷي ﺳﺒﺐ ﻣـــﻦ اﻷﺳــــﺒــــﺎب، ﻛــــﺎن اﳌـــﻜـــﺎن اﻟـــﺬي ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﻣــﻦ اﻟـﻘـﺮﻳـﺔ ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻋــﻨــﻪ اﻟـــﺘـــﻴـــﺎر اﻟـــﻜـــﻬـــﺮﺑـــﺎﺋـــﻲ. وﻟــﻘــﺪ اﺣﺘﻔﻆ ﺑﻮﻇﻴﻔﺘﻪ ﻓﻲ أﺣﺪ ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻹﺳﻤﻨﺖ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ. وﻟﻘﺪ ﻗﺮر ﺧﻠﻴﻞ ﺗﺮﻣﻴﻢ وﺗﺠﺪﻳﺪ ﻣﻨﺰﻟﻪ. وﻛــﺎن ﻗﺪ ﺗﻠﻘﻰ رﺳﺎﺋﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪ ﺑﺸﺄن ﺷﻘﻴﻘﻪ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻣﻨﺬ ﻧﺤﻮ ٦ أﺷﻬﺮ. وﻋﻘﺪ ﺧﻠﻴﻞ اﻟﻌﺰم ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ اﳌﻨﻴﺮة، ﻣﻌﺘﻤﺪﴽ ﻋﻠﻰ إﻋﺎﻧﺎت ﺻــــﻐــــﻴــــﺮة. وأردف ﻳـــــﻘـــــﻮل: »ﻟــــﻢ ﻳﺴﺄﻟﻨﻲ أﺣﺪ ﺑﺸﺄن أي ﺷﻲء، وﻟﻢ ﻳﺘﻌﺮض ﻣﻨﺰﻟﻲ ﻟﻠﺤﺮق«.
وﺗﻨﺘﺸﺮ اﻟﻘﺮى اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل ﻧﻬﺮ دﺟﻠﺔ. ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺴﺨﻂ واﻻﺳـــــﺘـــــﻴـــــﺎء اﻧــــﺘــــﺸــــﺮت ﻋـــﺒـــﺮ ﻗــﺮﻳــﺔ اﳌﻨﻴﺮة وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﻨﻴﺔ اﻷﺧـــــــﺮى ﻓــــﻲ اﻟـــﻔـــﺘـــﺮة اﻟـــﺘـــﻲ ﺳـﺒـﻘـﺖ ﺳﻴﻄﺮة اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ ﻋﻠﻰ اﳌﻨﻄﻘﺔ ﻋﺎم ٤١٠٢، وﻫـــﻮ اﻻﺳــﺘــﻴــﺎء اﻟــــﺬي ﻳﻠﻘﻲ اﻟﺴﻜﺎن اﳌﺤﻠﻴﻮن ﺑﺎﻟﻠﻮم ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ اﻟـــﺴـــﻴـــﺎﺳـــﺎت اﻟــﻄــﺎﺋــﻔــﻴــﺔ ﻟـﻠـﺤـﻜـﻮﻣـﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ آﻧﺬاك. وﻟﻘﺪ أﺳﻔﺮت ﻫﺰﻳﻤﺔ ﻣﺘﻄﺮﻓﻲ »داﻋـــﺶ« اﻟـﻴـﻮم ﻋـﻦ ﻋـﺮاق ﻣﻨﻘﺴﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ وﻟﻜﻦ ﻣﻊ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻵﻣﺎل ﺑﻠﺤﻈﺔ ﻣﻨﺸﻮدة ﻣﻦ اﻟﻮﺣﺪة. ﺧﺪﻣﺔ }واﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ{ ﺧﺎص ﺑـ }اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ{