اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ... اﻟﺘﺤﺪي اﻟﻜﺒﻴﺮ

ﻳـــﻤـــﺜـــﻞ اﻟــــﻨــــﻬــــﻮض ﺑــــﺎﻟــــﻮاﻗــــﻊ اﻻﻗـــﺘـــﺼـــﺎدي اﳌــﺘــﺪﻫــﻮر ﻓـــﻲ ﻗـﻄـﺎع ﻏﺰة، أﺑﺮز اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻮاﺟﻪ ﻋــﻤــﻞ ﺣــﻜــﻮﻣــﺔ اﻟـــﺘـــﻮاﻓـــﻖ اﻟــﻮﻃــﻨــﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺘﻬﺎ اﻟﺠﺪﻳﺪة، ﺑـﻌـﺪ وﺻـﻮﻟـﻬـﺎ ﻟﻠﻘﻄﺎع وﺗﺴﻠﻤﻬﺎ ﻣﻬﺎﻣﻬﺎ.

وﻣـــﺮ اﻻﻗــﺘــﺼــﺎد اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﻗﻄﺎع ﻏﺰة ﺑﻤﺮاﺣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، إذ ﺷﻬﺪ ﻣﻨﺬ اﺗﻔﺎق أوﺳﻠﻮ ﻋﺎم ٣٩٩١ ﺣﺘﻰ ﻋــﺎم ١٠٠٢، ﻧﻬﻮﺿﴼ وﺗﻘﺪﻣﴼ ﻣﻠﺤﻮﻇﲔ، وﻟﻜﻨﻪ ﺷﻬﺪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﺬﺑﺬﺑﴼ ﻛﺒﻴﺮﴽ وﺗـﺮاﺟـﻌـﴼ ﺗـﺰاﻳـﺪ ﻣﻦ ﻋﺎم إﻟﻰ آﺧﺮ، ﻣﻨﺬ ﺳﻴﻄﺮة ﺣﻤﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻄﺎع ﻋﺎم ٧٠٠٢، ﻣﺎ أدى إﻟﻰ رﻓﻊ ﻧﺴﺐ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ وزﻳﺎدة اﻟﻔﻘﺮ.

ﻓـــــﻘـــــﺪ اﻧـــــﺘـــــﻌـــــﺶ اﻻﻗـــــﺘـــــﺼـــــﺎد اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺑﻌﺪ ﺳﻴﻄﺮة ﺣﻤﺎس ﻋﺴﻜﺮﻳﴼ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻘـﻄـﺎع ﻓــﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( ٧٠٠٢، ﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٤ أﻋﻮام، ﻫﻲ ﻓﺘﺮة ﻋﻤﻞ اﻷﻧـﻔـﺎق، ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻳﺠﺮي ﺗﻬﺮﻳﺐ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ اﻟﻘﻄﺎع ﻣﻦ ﻣﺼﺮ ﻋﺒﺮ اﻷﻧﻔﺎق اﻟﺘﻲ اﻧـﺘـﺸـﺮت ﺑـﻜـﺜـﺎﻓـﺔ، ووﺻـــﻞ ﻋـﺪدﻫـﺎ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٠٠٠٢ ﻧﻔﻖ، وﻋﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ آﻻف اﻟــﺸــﺒــﺎن، وﻣــﻨــﻬــﻢ ﺧـﺮﻳـﺠـﻮن ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ﻋﻤﻞ ووﺟـﺪوه ﻓﻲ اﻷﻧﻔﺎق، اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺼﺪر اﻟـــــﺪﺧـــــﻞ اﻷﻫــــــــﻢ ﻟـــﺤـــﺮﻛـــﺔ ﺣـــﻤـــﺎس، ووﺻﻔﺖ ﺑﺄﻧﻬﺎ »اﻟﺒﻘﺮة اﻟﺤﻠﻮب«. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﺠﺎرة ﻓﻲ أوﺟﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة، ﺣﻴﺚ ﺷﻬﺪت ﻧﺴﺐ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻧﺨﻔﺎﺿﴼ وﺻﻞ إﻟﻰ ٧٫٨٢ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ، وﻟــﻜــﻦ ﻣـــﻊ ﺗــﻐــﻴــﺮ اﻷوﺿــــــﺎع وﻋـــﺰل اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﺳﺒﻖ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺮﺳﻲ ﻣﻦ ﻣﻨﺼﺒﻪ، ﺑــﺪأت اﻷﻣــﻮر ﺗﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ، وﺗﺄﺛﺮت ﻏﺰة ﻣﻊ ﺑﺪء ﻣﺼﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻐﻠﻖ اﻷﻧﻔﺎق.

ﻣـــﺮ اﻟــﻘــﻄــﺎع ﺑــﺄﺷــﻬــﺮ ﻋﺼﻴﺒﺔ ﺑـــﻌـــﺪ ﺗـــﻠـــﻚ اﻟــــﻔــــﺘــــﺮة، وﻛــــﺎﻧــــﺖ ﻏـــﺰة ﺗـــﻔـــﺘـــﻘـــﺮ إﻟـــــــﻰ اﻟـــﻜـــﺜـــﻴـــﺮ ﻣـــــﻦ اﳌـــــــﻮاد واﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﺘﻮى اﳌــﺘــﻌــﻠــﻖ ﺑــﺎﻟــﺼــﺤــﺔ وﻏـــﻴـــﺮﻫـــﺎ، ﻓﻲ ﻇــﻞ ﺗـﺸـﺪﻳـﺪ إﺳــﺮاﺋــﻴــﻞ ﺣـﺼـﺎرﻫـﺎ، وﻣــــﻊ ﺗـــﺪﻫـــﻮر اﻷوﺿــــــﺎع ﻓـــﻲ ﻏـــﺰة، وﻗﻌﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺧﻄﻒ وﻗﺘﻞ ﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﺴﺘﻮﻃﻨﲔ ﻓـﻲ اﻟﺨﻠﻴﻞ ﻓـﻲ ﺷﻬﺮ ﻳﻮﻟﻴﻮ )ﺗـﻤـﻮز( ﻋــﺎم ٤١٠٢، ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﺪﻟﻊ اﻟﺤﺮب اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ واﻟﻜﺒﺮى ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻄﺎع ﺧﻼل ٧ أﻋﻮام ﻣــﻦ ﺣــﻜــﻢ ﺣــﻤــﺎس، واﺳــﺘــﻤــﺮت ١٥ ﻳﻮﻣﴼ ﻗﺘﻞ وأﺻﻴﺐ ﻓﻴﻬﺎ اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﲔ ودﻣﺮت آﻻف اﳌﻨﺎزل واﳌﺼﺎﻧﻊ وﻏﻴﺮﻫﺎ.

ﻗـــــــــــــــــﺪرت ﺧـــــﺴـــــﺎﺋـــــﺮ اﻟــــﻘــــﻄــــﺎع اﻻﻗــﺘــﺼــﺎدي ﺑــﻌــﺪ اﻟـــﺤـــﺮب، ﺑـﺄﻛـﺜـﺮ ﻣـــــﻦ ٤٨٢ ﻣـــﻠـــﻴـــﻮن دوﻻر، ﺣــﻴــﺚ دﻣـــﺮ اﻻﺣـــﺘـــﻼل ﻣــﺎ ﻳــﻘــﺮب ﻣــﻦ ٠٥٤ ﻣﺼﻨﻌﴼ، و٠٠٠١ ورﺷــﺔ ﺻﻨﺎﻋﻴﺔ، ﻛﻤﺎ ﺗﻢ ﺗﺪﻣﻴﺮ أﻛﺒﺮ ﻣﺼﺎﻧﻊ اﻟﻘﻄﺎع اﻟـــﺘـــﻲ ﻛـــﺎﻧـــﺖ ﺗـــﻮﻓـــﺮ ٠٧ ﻓــــﻲ اﳌــﺎﺋــﺔ ﻣــﻦ اﺣــﺘــﻴــﺎﺟــﺎت اﻟــﺴــﻮق اﳌـﺤـﻠـﻴـﺔ، وﺗﺴﺒﺐ اﺳﺘﻬﺪاﻓﻬﺎ ﻓــﻲ اﻧﻀﻤﺎم أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٠١ آﻻف ﻋﺎﻣﻞ إﻟﻰ ﺻﻔﻮف اﻟﻌﺎﻃﻠﲔ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ.

ﺗــــــــﻮاﺻــــــــﻞ ﻣــــﻨــــﺬ ﻋـــــــــﺎم ٤١٠٢ ﺗـــﺪﻫـــﻮر اﻻﻗـــﺘـــﺼـــﺎد اﻟـﻔـﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻲ ﻓـــــﻲ ﻏــــــــﺰة، وﺳـــﺠـــﻠـــﺖ زﻳــــــــــﺎدة ﻓــﻲ ﻣــﻌــﺪﻻت اﻟــﺒــﻄــﺎﻟــﺔ، ﺣــﺘــﻰ وﺻــﻠــﺖ، وﻓﻘﴼ ﻹﺣﺼﺎﺋﻴﺎت ﺗﻢ رﺻﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ ٧١٠٢ إﻟﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥٥ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ وﺻﻞ ﻋﺪد اﻟﻌﺎﻃﻠﲔ ﻋــﻦ اﻟﻌﻤﻞ إﻟــﻰ أﻛـﺜـﺮ ﻣــﻦ ٠٣٢ أﻟﻒ ﺷﺨﺺ، وﺑﺬﻟﻚ أﺻﺒﺢ ﻫﻨﺎك، ﺣﺘﻰ اﻵن، أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٠٥ أﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﻣﻦ دون دﺧﻞ ﻳﻮﻣﻲ.

وﻟﻮﺣﻆ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ ﻋﺎم ٤١٠٢ ﺣـــﺘـــﻰ أواﺳـــــــــﻂ ٧١٠٢، أن ﻫــﻨــﺎك اﻧﺨﻔﺎﺿﴼ ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﺸﺎﺣﻨﺎت اﻟﺘﻲ ﺗــﺴــﻤــﺢ إﺳـــﺮاﺋـــﻴـــﻞ ﺑــﺈدﺧــﺎﻟــﻬــﺎ إﻟــﻰ اﻟــﻘــﻄــﺎع، وزاد اﻻﻧــﺨــﻔــﺎض ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺎم اﻟﺠﺎري، إﻟﻰ أن وﺻﻞ إﻟﻰ ٥٧ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﻨﺼﻒ اﻷول ﻣﻦ ﻋﺎم ٦١٠٢.

ﺑـــﺸـــﻜـــﻞ ﻋــــــﺎم ﺑـــﻠـــﻐـــﺖ ﺧــﺴــﺎﺋــﺮ اﻻﻗـــﺘـــﺼـــﺎد اﻟــﻔــﻠــﺴــﻄــﻴــﻨــﻲ، ﺑـﺴـﺒـﺐ اﻻﻧﻘﺴﺎم واﻟﺤﺼﺎر واﻟﺤﺮوب، أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥١ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻓﻲ ٠١ ﺳﻨﻮات.