اﻷﻗﻤﺸﺔ اﳍﻨﺪﻳﺔ... ﺗﺎرﻳﺦ ﻋﺮﻳﻖ وﺣﺎﺿﺮ ﻣﺒﻬﺮ
ﻣﻦ ﻗﺮى اﳍﻨﺪ اﻟﻨﺎﺋﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﺼﺎت ﻋﺮوض اﻷزﻳﺎء
ﺑﺤﻠﻮل اﻟـﻘـﺮن اﻟــــ٥١، ﻛــﺎن ﺗﺠﺎر اﳌﻨﺴﻮﺟﺎت اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﻗﺪ ﻧﺠﺤﻮا ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﺷﺒﻜﺔ ﻣﻌﻘﺪة ﻣﻦ اﻟﺼﲔ ﺣﺘﻰ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ اﻷوروﺑﻴﻮن إﻟـــــﻰ اﻟـــﺸـــﻮاﻃـــﺊ اﻟـــﻬـــﻨـــﺪﻳـــﺔ، ﺷــﻌــﺮوا ﺑﺎﻧﺠﺬاب ﻧﺤﻮ اﻷﻗﻤﺸﺔ واﳌﻨﺴﻮﺟﺎت اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ اﳌﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﻣـﻮاد رﻓﻴﻌﺔ اﳌﺴﺘﻮى، وﺻﺒﻐﺎت ﻣﻤﻴﺰة، وﻧﻤﺎذج زﺧﺮﻓﻴﺔ ﻧﺒﺎﺗﻴﺔ وأﺷﻜﺎل ﻫﻨﺪﺳﻴﺔ.
ورﻏـــﻢ أن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺘﺼﻤﻴﻤﺎت اﻟﺰﺧﺮﻓﻴﺔ رﻛﺰت ﻋﻠﻰ ﺻﻮر ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻣـﺮﺗـﺒـﻄـﺔ ﺑــﺎﻟــﺤــﻴــﺎة ﻓــﻲ اﻟــﻬــﻨــﺪ، ﻣﺜﻞ اﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت، ﺧﺎﺻﺔ اﻷﻓﻴﺎل، وﺻﻔﻮف ﻣﻦ اﻟﺮاﻗﺼﲔ اﳌﺘﺤﻤﺴﲔ، اﺳﺘﺠﺎب ﺻﻨﺎع اﳌﻨﺴﻮﺟﺎت ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ ﺣﺎﺟﺔ وأذواق اﻷﺟـــــﺎﻧـــــﺐ، وﻧـــﺠـــﺤـــﻮا ﻓـﻲ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺗﺼﻤﻴﻤﺎﺗﻬﻢ ﻟﺘﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ أذواق ﺷﻌﻮب أﺧﺮى.
إﺿــــــــﺎﻓــــــــﺔ إﻟـــــــــــﻰ ذﻟــــــــــــــﻚ، أﺛــــــــﺮت ﺗﺼﻤﻴﻤﺎت اﳌﻨﺴﻮﺟﺎت اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﻋﻠﻰ أذواق اﳌﺼﻤﻤﲔ ﺑﺸﺘﻰ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﻤﺜﻼ وﺟــﺪت اﻟــﺮﺳــﻮﻣــﺎت اﻟﻨﺒﺎﺗﻴﺔ اﻟﺒﺮاﻗﺔ واﻟﺘﺼﻤﻴﻤﺎت اﻟﺜﺮﻳﺔ اﻟﻜﺜﻴﻔﺔ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻟﻰ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، ﻓﻲ اﻟﺤﻘﺒﺘﲔ اﻟــﻔــﻴــﻜــﺘــﻮرﻳــﺔ واﻹدواردﻳـــــــــــــــﺔ، اﻟــﺘــﻲ ﺗﻨﺘﻤﻲ ﺟــﺬورﻫــﺎ ﺑــﺼــﻮرة ﻣﺒﺎﺷﺮة إﻟﻰ اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻘﻄﻨﻲ اﻟﻬﻨﺪي، اﻟﺬي ﻧﻘﻠﻪ اﻟﺘﺠﺎر إﻟﻰ أوروﺑﺎ ﻗﺒﻞ ﺑﻀﻌﺔ ﻣﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﺴﻨﲔ.
وﺧـــــﻼل ذروة ﺣــﺮﻛــﺔ اﻟــﺘــﺠــﺎرة اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟـــ٧١، ﻛﺎن ﻳﺠﺮي ﺑﻴﻊ اﻷﻗـﻤـﺸـﺔ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ ﻓـﻲ اﻷﺳــﻮاق ﺑــﻤــﻨــﺎﻃــﻖ ﺷــﺘــﻰ ﻣـــﻦ اﻟـــﻌـــﺎﻟـــﻢ، ﻣـﻨـﻬـﺎ اﻟﻴﺎﺑﺎن وأﻓﺮﻳﻘﻴﺎ واﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳــﻂ وأوروﺑــﺎ. وﺑﺪا ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻬﻨﺪ اﳌﺮﻛﺰي اﳌـﻄـﻞ ﻋـﻠـﻰ اﳌـﺤـﻴـﻂ اﻟـﻬـﻨـﺪي ﻣﺜﺎﻟﻴﴼ ﻟﺨﺪﻣﺔ ﺗﺠﺎرة اﻷﻗﻤﺸﺔ واﳌﻨﺴﻮﺟﺎت ﻟﻠﺸﺮق واﻟﻐﺮب ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء.
ﻣـــــﻦ أﺷــــﻬــــﺮ ﻣـــــﻮﺟـــــﺎت اﳌـــﻮﺿـــﺔ اﻟـﺤـﺎﻟـﻴـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻌــﻮد ﺟــﺬورﻫــﺎ إﻟـﻰ اﻟﻬﻨﺪ ﻧﺬﻛﺮ:
ﻳﺸﺘﻬﺮ اﺳﻢ »ﺑﻴﺰﻟﻲ« ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻻﺳـــــــﻢ اﳌـــﺴـــﺘـــﺨـــﺪم ﻟـــــﻺﺷـــــﺎرة إﻟـــﻰ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ اﻟــﺬي ﻳﺘﺨﺬ ﺷﻜﻞ ﻗﻄﺮة اﳌـﺎء، واﻟـﺬي ﺟﺮى اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻛﺎﺳﺢ ﻓﻲ ﺷﺘﻰ اﳌﺠﺎﻻت، ﺑﺪءﴽ ﻣــﻦ »ﻫـــﻮت ﻛــﻮﺗــﻮر« إﻟــﻰ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﳌﻨﺰﻟﻴﺔ واﻟﻬﺪاﻳﺎ.
ﻛـــــــــﺎن »ﺑــــــﻴــــــﺰﻟــــــﻲ« ﻗـــــــﺪ ﺗـــﺤـــﻮل ﻟﺼﻴﺤﺔ ﻓـﻲ ﻋـﺎﻟـﻢ اﳌــﻮﺿــﺔ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧــﺠــﺎح ﻣﺼﻤﻤﻮن ﻛـﺸـﻤـﻴـﺮﻳـﻮن ﻓﻲ ﺗــﺤــﻮﻳــﻞ ﻫـــﺬا اﻟـــﺮﺳـــﻢ اﳌــﻨــﺘــﻤــﻲ إﻟــﻰ ﻓــﺎرس اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ إﻟــﻰ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻳﺰﻳﻦ اﻟﺸﺎل اﻟﺮﻗﻴﻖ اﳌﺼﻨﻮع ﻣﻦ ﺻﻮف ﻛﺸﻤﻴﺮي، ﻳﻌﺮف ﺑﺎﺳﻢ »ﺑﺎﺷﻤﻴﻨﺎ«. ﺑﺤﻠﻮل أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟـ٨١، ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟـﺸـﺎل ﻗـﺪ ﻻﻗــﻰ رواﺟــﴼ ﻓـﻲ ﺻﻔﻮف ﺳﻴﺪات أوروﺑﺎ وﺗﺤﻮل إﻟﻰ ﺻﻴﺤﺔ ﺑﻤﺠﺎل اﳌﻮﺿﺔ؛ ﻟﻜﻦ ﺗﺮﻛﺰت اﳌﺸﻜﻠﺔ ﻓــﻲ ﻧـﻘـﺺ اﳌــﻌــﺮوض ﻣـﻨـﻪ وﺳـﻌـﺮه اﻟـــﺒـــﺎﻫـــﻆ. وﻋـــﻠـــﻴـــﻪ، ﻋـــﻤـــﺪ ﺻــﺎﻧــﻌــﻮ اﳌﻨﺴﻮﺟﺎت واﻷﻗﻤﺸﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﻮن إﻟــﻰ ﻣﺤﺎﻛﺎﺗﻪ وﺑﻴﻌﻪ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻋﺸﺮ
ﻳـﻌـﺘـﺒـﺮ ﻫـــﺬا اﻟـﻨـﺴـﻴـﺞ اﻟﻘﻄﻨﻲ اﳌـــــﺨـــــﻄـــــﻂ ﻣــــــــﻦ اﻟــــﻜــــﻼﺳــــﻴــــﻜــــﻴــــﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﻋـﺪد ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟــﻪ ﻣــﻦ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺎت أزﻳـــﺎء اﻟﺼﻴﻒ، ﻣﻨﻬﺎ »ﻫﺎﺳﺒﻞ« و»ﺑﺮوﻛﺲ ﺑﺮاذرز« و»ﺟــﻮرﺟــﻴــﻮ أرﻣــﺎﻧــﻲ«، ﻣــﻊ ﺣﺮص ﻛــﻞ دار أزﻳـــﺎء ﻋﻠﻰ إﺿــﻔــﺎء ﳌﺴﺘﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺴﻴﺞ. وﻣــﻊ ﻫـﺬا، ﻣـــﻦ اﻟـــﻮاﺿـــﺢ أن اﻟـﻘـﻠـﻴـﻠـﲔ ﻟـﻠـﻐـﺎﻳـﺔ ﻳــﻌــﺮﻓــﻮن أن أﺻـــــﻮل ﻫــــﺬا اﻟـﻨـﺴـﻴـﺞ ﺗﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ اﻟﻬﻨﺪ. وﻗﺪ دﺧﻠﺖ ﻛﻠﻤﺔ »ﺳﻴﺮﺳﺎﻛﺮ« ذاﺗﻬﺎ إﻟﻰ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ، وﺗﺘﻤﺜﻞ ﺟﺬورﻫﺎ ﻓﻲ ﻟﻔﻈﻲ »ﺷﻴﺮ« و»ﺷﺎﻛﺎر«، وﻳﻌﻨﻴﺎن ﺣﺮﻓﻴﴼ »اﻟﺤﻠﻴﺐ واﻟﺴﻜﺮ«، رﺑﻤﺎ ﻓﻲ إﺷﺎرة إﻟﻰ ﺗﺸﺎﺑﻪ اﻟﺨﻄﻮط اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ واﻟﺨﺸﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﻴﺞ، ﻣﻊ ﻧﻌﻮﻣﺔ اﻟﺤﻠﻴﺐ وﺧﺸﻮﻧﺔ اﻟﺴﻜﺮ.
اﻟﻼﻓﺖ أن »ﺳﻴﺮﺳﺎﻛﺮ« ﻳﺠﺮي ﻏــــﺰﻟــــﻪ ﻋـــﻠـــﻰ ﻧـــﺤـــﻮ ﻳـــﺠـــﻌـــﻞ ﺑــﻌــﺾ اﻟــــﺨــــﻴــــﻮط ﻳـــﻠـــﺘـــﻒ ﻋـــﻠـــﻰ اﻟـــﺒـــﻌـــﺾ، ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻳـﻤـﻨـﺢ اﻟـﻨـﺴـﻴـﺞ ﻣﻈﻬﺮﴽ ﻣﺠﻌﺪﴽ ﺑﺒﻌﺾ اﳌﻨﺎﻃﻖ. ﻳﺬﻛﺮ أﻧﻪ ﺧــﻼل ﻓـﺘـﺮة اﻟـﺘـﻮﺳـﻊ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ، ﻛــﺎن »ﺳﻴﺮﺳﺎﻛﺮ« ﻣﻦ اﻷﻗﻤﺸﺔ اﳌﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ اﳌﺴﺘﻌﻤﺮات اﻟــﺒــﺮﻳــﻄــﺎﻧــﻴــﺔ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــﺘــﻤــﻴــﺰ ﺑـــﺪفء ﻣﻨﺎﺧﻬﺎ، ﻣﺜﻞ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ.
وﻋــﻨــﺪﻣــﺎ اﻧــﺘــﻘــﻞ »ﺳــﻴــﺮﺳــﺎﻛــﺮ« إﻟﻰ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻟﻠﻤﺮة اﻷوﻟﻰ، ﺟﺮى اﺳﺘﺨﺪاﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ وﻣـــﺘـــﻨـــﻮع؛ ﻟــﻜــﻦ أول اﺳـــﺘـــﺨـــﺪام ﻟﻪ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق ﻫﻨﺎك ﻛﺎن اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑـــﻪ ﺑـــﺪﻳـــﻼ ﻋـــﻦ ﻧــﺴــﻴــﺞ »اﻟــﻔــﻼﻧــﻴــﻞ« اﻟــﺜــﻘــﻴــﻞ اﻟـــــﺬي ﻳـــﺪﺧـــﻞ ﻓـــﻲ ﺻـﻨـﺎﻋـﺔ اﻟﺴﺘﺮات اﻟﺮﺟﺎﻟﻴﺔ، ذﻟﻚ أن اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﻬﻨﺪي ﺑــﺪا أﻛـﺜـﺮ ﻣﻮاﺋﻤﺔ ﻟﻠﻄﻘﺲ اﻟــﺤــﺎر ﺑـﺠـﻨـﻮب اﻟــﺒــﻼد. وﻣــﻦ ﻫﻨﺎ، وﻟـﺪت اﻟﺴﺘﺮة اﻟﺼﻴﻔﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة اﳌﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ ﺧﻄﻮط ﺑﻴﻀﺎء وزرﻗﺎء.
اﻟــــــــــﻴــــــــــﻮم، ﻳـــــﻘـــــﺘـــــﺼـــــﺮ إﻧــــــﺘــــــﺎج »ﺳــــﻴــــﺮﺳــــﺎﻛــــﺮ« داﺧـــــــــﻞ اﻟـــــﻮﻻﻳـــــﺎت اﳌـــﺘـــﺤـــﺪة ﻋـــﻠـــﻰ ﻋـــــﺪد ﻣــــﺤــــﺪود ﻣـﻦ ﺟـــﻬـــﺎت ﺗــﺼــﻨــﻴــﻊ اﻟـــﻨـــﺴـــﻴـــﺞ، ﻧــﻈــﺮﴽ ﻟﻘﻠﺔ أرﺑﺎﺣﻪ وارﺗﻔﺎع ﺗﻜﻠﻔﺘﻪ وﺑﻂء ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﺼﻨﻴﻌﻪ.
ﺗـﺤـﻮل »ﻣـــﺎدراس ﺑﻠﻴﺪ« إﻟﻰ رﻣــــﺰ ﻟــﻠــﺮﻓــﺎﻫــﻴــﺔ اﻷﻣـــﻴـــﺮﻛـــﻴـــﺔ. ﻓﻲ اﳌــﻘــﺎﺑــﻞ ﻧــﺠــﺪ أﻧــــﻪ داﺧـــــﻞ اﻟــﻬــﻨــﺪ، ﻳــﺠــﺮي اﻟـﻨـﻈـﺮ إﻟـــﻰ ﻫـــﺬا اﻟﻨﺴﻴﺞ ﺑـــﺎﻋـــﺘـــﺒـــﺎره ﻳــﺨــﺺ أﺑـــﻨـــﺎء ﻃـﺒـﻘـﺔ اﳌﺰارﻋﲔ أﻛﺜﺮ، ﻣﺎ ﻳﺨﻠﻖ ﻣﻔﺎرﻗﺔ ﻣـــﺬﻫـــﻠـــﺔ أن ﺗـــﺠـــﺪ أن اﻟــﻌــﻨــﺼــﺮ اﳌــﺸــﺘــﺮك ﺑــﲔ اﻟــﻔــﻼح اﻟـﻔـﻘـﻴـﺮ ﻓﻲ ﻛﻮﻟﻜﺎﺗﺎ ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ واﳌﺼﺮﻓﻲ اﻟﺜﺮي ﻓـــﻲ »وول ﺳــﺘــﺮﻳــﺖ« ﺑــﺎﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌـــﺘـــﺤـــﺪة ﻳــﻜــﻤــﻦ ﻓــــﻲ »ﻣــــــــﺎدراس ﺑــــﻠــــﻴــــﺪ«. ﻳــﺘــﻤــﻴــﺰ ﻫــــــﺬا اﻟـــﻘـــﻤـــﺎش ﺑــﻜــﻮﻧــﻪ ﻧــﺴــﻴــﺠــﴼ ﻗــﻄــﻨــﻴــﴼ ﺧـﻔـﻴـﻔـﴼ ﻳﺤﻤﻞ ﻧﻘﻮﺷﴼ ﻣﺮﺑﻌﺔ، وﻳﺴﺘﺨﺪم ﺑــــــﺼــــــﻮرة أﺳــــﺎﺳــــﻴــــﺔ ﻓــــــﻲ ﺻــﻨــﻊ اﳌﻼﺑﺲ اﻟﺼﻴﻔﻴﺔ، ﻣﺜﻞ اﻟﺴﺮاوﻳﻞ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ واﻟﻔﺴﺎﺗﲔ واﻟﺴﺘﺮات.
وﺗـــﺒـــﻌـــﴼ ﳌــــﺎ ذﻛــــــﺮه ﻣـــﺆرﺧـــﻮن ﻣـــﻌـــﻨـــﻴـــﻮن ﺑـــﺼـــﻨـــﺎﻋـــﺔ اﻟـــﻨـــﺴـــﻴـــﺞ، ﻇــﻬــﺮ أول ﻣــﺼــﻨــﻊ ﻟـــﻐـــﺰل ﻧـﺴـﻴـﺞ »ﻣـــــــــــــﺎدراس ﺑـــﻠـــﻴـــﺪ« ﻣـــــﻦ أﻃـــــــﺮاف ﻗﺸﺮة أﺷﺠﺎر ﻋﺘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﻣﺎدراس ﺑﺎﻟﻬﻨﺪ )ﺗﺸﻴﻨﺎي ﺣﺎﻟﻴﴼ(. وﻋﺮف »ﻣﺎدراس ﺑﻠﻴﺪ« ﻃﺮﻳﻘﻪ إﻟﻰ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳـــﻂ وأﻓـﺮﻳـﻘـﻴـﺎ ﺑﺤﻠﻮل اﻟﻘﺮن اﻟـ٣١ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ، واﺳﺘﺨﺪم ﻓﻲ ﺻﻨﻊ أﻏـﻄـﻴـﺔ اﻟــــﺮأس. ﻣــﻊ دﺧـــﻮل اﻟـﻘـﺮن اﻟـــــــ٤١، ﺷــﻬــﺪ ﻣــﺰﻳــﺪﴽ ﻣــﻦ اﻟــﺘــﻄــﻮر، وازدان ﺑــﺘــﺼــﻤــﻴــﻤــﺎت ﻧــﺒــﺎﺗــﻴــﺔ. وﺑـــﻤـــﺮور اﻟـــﻮﻗـــﺖ، أﺻــﺒــﺢ اﳌﻠﺒﺲ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪي ﻷﺑﻨﺎء ﻣﺎدراس. واﻧﺘﺸﺮ ﻫﺬا اﻟﻨﺴﻴﺞ اﻟﺬي ﺗﻀﺮب ﺟﺬوره ﻓـــﻲ ﺟــﻨــﻮب اﻟــﻬــﻨــﺪ، داﺧـــــﻞ أﻋـــﺮق ﻣﺪارس ﻧﻴﻮ إﻧﻐﻼﻧﺪ.
ﻓــﻲ ﻋـــﺎم ٨١٧١، أرﺳـــﻞ ﺣﺎﻛﻢ ﻣــــﺎدراس اﻟــﺘــﺎﺑــﻊ ﻟـــ»ﺷــﺮﻛــﺔ اﻟﻬﻨﺪ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ«، إﻟﻴﻬﻮ ﻳﻴﻞ، ﺷﺤﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻊ، ﺑﻴﻨﻬﺎ أﻗﻤﺸﺔ، إﻟﻰ ﻣﺪرﺳﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﻘﻂ رأﺳﻪ ﺑﻜﻮﻧﻴﺘﻴﻜﺖ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻬﺪﻳﺔ. ﻻﺣﻘﴼ، أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻫـﺬا اﳌﺪرﺳﺔ اﺳـﻢ »ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻳﻴﻞ«، اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺢ »ﻣﺎدراس ﺑﻠﻴﺪ« ﺟﺰء ا ﻣﻨﻬﺎ، وﻛﺬﻟﻚ ﺑـ »ﻫﺎرﻓﺎرد« وﺑﻌﺾ أﻋــــــــﺮق اﳌــــﺆﺳــــﺴــــﺎت اﻟــﺘــﻌــﻠــﻴــﻤــﻴــﺔ اﻷﻣـــﻴـــﺮﻛـــﻴـــﺔ، ﻟــﻴــﺘــﺤــﻮل إﻟـــــﻰ رﻣـــﺰ ﻟﻠﺮﻓﺎﻫﻴﺔ واﻟﺘﻤﻴﺰ ﺑﺪاﺧﻞ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة.
ﺟــــﺪﻳــــﺮ ﺑــــﺎﻟــــﺬﻛــــﺮ أن ﻧــﺴــﻴــﺞ »ﻣــــﺎدراس ﺑﻠﻴﺪ« اﻟﻬﻨﺪي اﻷﺻـــــﻠـــــﻲ، ﻳــﺼــﻨــﻊ ﻳـــﺪوﻳـــﴼ ﻣـــــﻦ ﺧــــﻴــــﻮط ﻏــــــﺰل ﻣــﺼــﺒــﻮﻏــﺔ ﺑــﺄﻟــﻮان ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻣﺴﺘﺨﺮﺟﺔ ﻣﻦ ﺧﻀﺮاوات.
ﻳــﺴــﺘــﺨــﺪم ﻟـــﻔـــﻆ »ﺷــﻴــﻨــﺘــﺰ« اﻟﻴﻮم ﻓﻲ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أي ﻧﺴﻴﺞ ﻳــﺤــﻤــﻞ ﺗــﺼــﻤــﻴــﻤــﺎت ﻧــﺒــﺎﺗــﻴــﺔ، ﺑـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ ﻫـــﺬا اﻟــﻠــﻔــﻆ ﻓﻲ اﻷﺻـــــــﻞ إﻟــــــﻰ اﻟـــﻜـــﻠـــﻤـــﺔ اﻟــﻬــﻨــﺪﻳــﺔ »ﺗﺸﻴﻨﺖ« أو »ﺗﺸﻴﺘﺎ«، أي ﻣﻨﻘﻂ أو ﻣــــﺮﻗــــﻂ. وﻗـــــﺪ ﺟـــــﺮى إﻧــﺘــﺎﺟــﻪ داﺧــــﻞ اﻟــﻬــﻨــﺪ ﺧـﺼـﻴـﺼـﴼ ﻟـﻠـﺴـﻮق اﻷوروﺑﻴﺔ، ﻋﺒﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻋﺮﻓﺖ ﺑـــﺎﺳـــﻢ اﻟــﺼــﺒــﺎﻏــﺔ ﺛــﺎﺑــﺘــﺔ اﻟـــﻠـــﻮن. أﻣــﺎ اﻟــﺮﺳــﻮﻣــﺎت، ﻓـﺠـﺮى ﺻﻨﻌﻬﺎ ﻳﺪوﻳﴼ ﺑﺎﻻﻋﺘﻤﺎد ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻢ ﺑﺴﻴﻂ ﻣﺼﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺒﺎﻣﺒﻮ.
ﻋﺎم ٠٠٦١ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ، ﺣﻤﻞ ﺗﺠﺎر ﺑﺮﺗﻐﺎﻟﻴﻮن وﻫﻮﻟﻨﺪﻳﻮن ﻋﻴﻨﺎت ﻣﻦ اﻟـ»ﺷﻴﻨﺘﺰ« اﻟﻬﻨﺪي إﻟﻰ أوروﺑﺎ ﻓﻲ ﺷﺤﻨﺎت ﺻﻐﻴﺮة؛ ﻟﻜﻦ اﻟﻘﺮن ذاﺗﻪ ﺷــﻬــﺪ ﺑــــﺪء إرﺳـــــﺎل ﺗــﺠــﺎر إﻧـﺠـﻠـﻴـﺰ وﻓﺮﻧﺴﻴﲔ ﻟﻜﻤﻴﺎت ﺿﺨﻤﺔ ﻣـــﻨـــﻪ إﻟـــــﻰ أوروﺑــــــــﺎ. ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم ٠٨٦١ ﻛـــﺎﻧـــﺖ إﻧــﺠــﻠــﺘــﺮا ﺗــــﺴــــﺘــــﻮرد أﻛـــﺜـــﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﻗﻄﻌﺔ ﻧﺴﻴﺞ ﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﻣــــﻦ اﻟـــ »ﺷــﻴــﻨــﺘــﺰ« ﺳــــﻨــــﻮﻳــــﴼ، وﻋـــﺮﻓـــﺖ ﻛــــــﻤــــــﻴــــــﺎت ﻣــــﺸــــﺎﺑــــﻬــــﺔ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ إﻟــﻰ ﻛـﻞ ﻣﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ وﻫﻮﻟﻨﺪا. ﻣــﻨــﺬ ﻣـﻄـﻠـﻊ اﻟــﻘــﺮن اﻟـ٧١ ﺣﺘﻰ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟـ٩١، اﻧﺘﺸﺮ اﺳﺘﺨﺪام »ﺷﻴﻨﺘﺰ« ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺼــﻌــﻴــﺪ اﻷوروﺑــــــﻲ، ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻓﻲ ﺻﻨﻊ أﻏﻄﻴﺔ اﻷﺳـﺮة واﻟﺴﺘﺎﺋﺮ، ﺛﻢ ﻻﺣﻘﴼ ﻓــــــــــــــــﻲ أﺣــــــــــــــــﺪث ﺗــــــﻮﺣــــــﻲ اﻛـــــﺘـــــﺸـــــﺎﻓـــــﺎت أﺛـــــﺮﻳـــــﺔ ﻓــــﻲ اﻟـــﻔـــﺘـــﺮة اﻷﺧـــــﻴـــــﺮة ﻓــــﻲ ﻫــــﺎراﺑــــﺎ وﺗﺸﺎﻧﻬﻮدارو، ﺑﺄن ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺧﻴﻮط اﻟﺤﺮﻳﺮ ﻣـﻦ أﻧــﻮاع ﻣﺤﻠﻴﺔ ﻣـﻦ دودة اﻟﺤﺮﻳﺮ، ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﻮدة ﻓﻲ ﺟﻨﻮب آﺳﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺣﻀﺎرة وادي اﻟﺴﻨﺪ، اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺨﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﺑﲔ ٠٥٤٢ ﻗﺒﻞ اﳌـﻴـﻼد و٠٠٠٢ ﺑﻌﺪ اﳌــﻴــﻼد، ﻣﺎ ﻳﻌﻮد ﻟﺤﻘﺒﺔ أﻗﺪم ﻋﻦ ﻇﻬﻮر ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺤﺮﻳﺮ ﻓﻲ اﻟﺼﲔ. ﺟــــﺪﻳــــﺮ ﺑــــﺎﻟــــﺬﻛــــﺮ أن ﻧــﺴــﻴــﺞ »ﻛﻬﻴﻨﺨﻮاب« اﻷﺳﻄﻮري اﳌﺮﺗﺒﻂ ﻓـــــﻲ اﻟـــــﻮﻗـــــﺖ اﻟــــﺤــــﺎﻟــــﻲ ﺑــﻤــﺪﻳــﻨــﺔ ﻓﺎراﻧﺴﺎي اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ، اﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ أﺳﻠﻮب ﻏﺰل اﻟﺤﺮﻳﺮ ﻣﻊ ﺧﻴﻮط ﻣﻦ اﻟﺬﻫﺐ أو اﻟﻔﻀﺔ. وﻛــــــﺎن ﻟــــﻪ ﻋــــﻤــــﻼؤه ﻣــــﻦ ﻛــﺒــﺎر اﻷﺛـﺮﻳـﺎء وﺟــﺮى ﺗﺼﺪﻳﺮه إﻟـﻰ ﺑﺎﺑﻞ ﺑــﺎﻟــﻌــﺮاق ﻗــﺪﻳــﻤــﴼ ﻓـــﻲ ﺣــﻘــﺐ ﻣـــﺎ ﻗﺒﻞ اﳌﻴﻼد. وﻗﺪ أﺳﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﻨﺴﻴﺞ ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﺻﻮرة اﻟﻬﻨﺪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ أرض اﻟﺜﺮاء واﻟﻮﻓﺮة. اﳌــﻼﺣــﻆ أن ﻣـﺮاﻛـﺰ ﻏﺰل اﻟﺪﻳﺒﺎج ﻇﻬﺮت وﺗـــــــﻄـــــــﻮرت داﺧــــــﻞ وﺣـــــــــــــﻮل ﻋـــــﻮاﺻـــــﻢ اﳌــــﻤــــﺎﻟــــﻚ اﻟـــﻜـــﺒـــﺮى واﳌــــــــــﺪن اﳌـــﻘـــﺪﺳـــﺔ؛ ﻧــﻈــﺮﴽ ﻟـﻠـﻄـﻠـﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣـــــــﻦ ﺟــــــﺎﻧــــــﺐ اﻷﺳـــــــﺮ اﳌﺎﻟﻜﺔ وﻛﻬﻨﺔ اﳌﻌﺎﺑﺪ.