ﻗﻤﺔ »ﺳﻨﺘﻮزا« وﻣﺎ ﺑﻌﺪﻫﺎ؟!
ﻓـــــﻲ ﻋـــــــﺎم ٨٩٩١ ﻗــــﻤــــﺖ ﻓـــــﻲ ﺑــﻌــﺜــﺔ ﺻــﺤــﺎﻓــﻴــﺔ ﺑــــﺰﻳــــﺎرة ﺳــﻨــﻐــﺎﻓــﻮرة ﺿﻤﻦ ﺟـﻮﻟـﺔ ﺑـﲔ اﻟـــﺪول اﻵﺳـﻴـﻮﻳـﺔ ﺑﺎﻛﺴﺘﺎن، واﻟﻬﻨﺪ، وإﻧﺪوﻧﻴﺴﻴﺎ واﻟﺼﲔ؛ ﻟﻠﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ وآﺛﺎر اﻟﺘﻔﺠﻴﺮ اﻟﻨﻮوي اﻟﺬي أﻃﻠﻘﺘﻪ ﻛﻞ ﻣﻦ إﺳـﻼم آﺑـﺎد وﻧﻴﻮدﻟﻬﻲ؛ وﻛﺬﻟﻚ اﻷزﻣﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎن ﺷﺎﺋﻌﴼ ﺻﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم. ﻛﺎﻧﺖ ﺳـﻨـﻐـﺎﻓـﻮرة ﻓــﻲ اﻟـﻄـﺮﻳـﻖ ﻣــﻦ ﻧﻴﻮدﻟﻬﻲ إﻟـــﻰ ﺟــﺎﻛــﺮﺗــﺎ، وأﻳــﺎﻣــﻬــﺎ ﻛـــﺎن ﻻ ﺑـــﺪ ﳌﻦ ﻳﺰور اﻟﺠﺰﻳﺮة أن ﻳﺰور أﻳﻀﴼ »ﺳﻨﺘﻮزا« اﻟـــﺠـــﺰﻳـــﺮة اﻟـــﺘـــﻲ ﻳـــﺒـــﺪو أﻧـــﻬـــﺎ اﻧـﻔـﺼـﻠـﺖ ﺑﻔﻌﻞ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺎ واﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻋــﻦ اﻟــﺠــﺰﻳــﺮة اﻷم ﻓــﻲ أزﻣــﻨــﺔ ﺳﺤﻴﻘﺔ. أﻳﺎﻣﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻷم ﻗﺪ ﺑﺎﺗﺖ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﺎ ﻛـﺎن ﻣﻌﺮوﻓﴼ ﻋﺎﳌﻴﴼ ﺑﺎﻟﻨﻤﻮر اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ؛ أﻣـﺎ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺒﻠﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ ﻳﺰورﻫﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﺰﻣﻦ أرﺑﻌﺔ ﻣﻼﻳﲔ ﺳﺎﺋﺢ. وذﻫﺒﻨﺎ إﻟﻴﻬﺎ ﻟﻠﺴﻴﺎﺣﺔ وﻣﻌﺮﻓﺔ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻘﺮﴽ ﻟـﻠـﻘـﻴـﺎدة اﻟـﻌـﺴـﻜـﺮﻳـﺔ اﻟـﺒـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻴـﺔ أﺛـﻨـﺎء اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، وﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻄﺎﻋﻢ واﻗﻌﺔ داﺧﻞ ﻣﻴﺎه اﳌﺤﻴﻂ اﻟﻬﻨﺪي، وﻓﻴﻬﺎ اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ ﻣــﻦ ﺳــﻤــﺎت اﻷﺻـــﺎﻟـــﺔ واﻟــﻌــﺮاﻗــﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ واﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص. وﻓﻲ ٢١ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣﺰﻳﺮان( اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬه اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻔﺼﻠﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟـــﻜـــﺒـــﺮى إﻻ ﺟـــﺴـــﺮ ﻗــﺼــﻴــﺮ ﻫــــﻲ ﻗـﺒـﻠـﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ؛ ﻷﻧـﻬـﺎ اﳌـﻜـﺎن اﻵﻣـﻦ اﻟـــﺬي ﺗــﻘــﺮر أن ﻳــﻜــﻮن ﻣــﻜــﺎن اﻟــﻠــﻘــﺎء ﺑﲔ دوﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﻣﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، وﻛﻴﻢ ﺟﻮﻧﻎ أون رﺋﻴﺲ دوﻟﺔ ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ. ﻟﻘﺎء اﻟﺴﺤﺎب أو ﻟﻘﺎء اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ، أو اﻟﻠﻘﺎء اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺒﻞ ﻋﺎم ﻣﻦ اﻟﻠﻘﺎءات اﻟﺘﻲ ﻳﺼﻨﻒ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻌﺎﻧﻖ اﻟﺠﻨﻮن.
ﻣﺎ ﺟﺮى ﻓﻲ اﻟﻠﻘﺎء ﻟﻢ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻋـﻤـﺎ ﺟــﺮت اﻟـﻜـﺘـﺎﺑـﺔ ﻋـﻨـﻪ ﻓــﻲ ﻫــﺬا اﳌـﻘـﺎم ﻃﻮال اﻟﺸﻬﻮر اﳌﺎﺿﻴﺔ ﻣﻬﻤﺎ ﺑﺪا أﺣﻴﺎﻧﴼ ﻣـﻦ اﻟـﺤـﺮوب اﻟﻜﻼﻣﻴﺔ، واﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ اﻟﻌﺎدة. ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﳌﺴﺄﻟﺔ ﻛــﻠــﻬــﺎ ﺑـــﲔ اﻟــــﻮﻻﻳــــﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة وﻛــﻮرﻳــﺎ اﻟــﺸــﻤــﺎﻟــﻴــﺔ، وإﻧــﻤــﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ ﻫــﻨــﺎك ﻛــﻮرﻳــﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ واﻟــﻴــﺎﺑــﺎن، وﻗـﺒـﻞ ﻫــﺬه وﺗﻠﻚ اﻟﺼﲔ ﺑﻨﻔﻮذﻫﺎ اﻟﺪوﻟﻲ واﻹﻗﻠﻴﻤﻲ. ﻛﻞ ﻫــﺬه اﻷﻃـــﺮاف ﺗﺤﺮﻛﺖ وﻗـﺎﻣـﺖ ﺑــﺄدوار، وﻛــــــﺎن ﻋــﻠــﻰ ﻗــــﺎﺋــــﺪي اﻟــﺒــﻠــﺪﻳــﻦ ﺗـﻌـﻈـﻴـﻢ اﳌـﻜـﺎﺳـﺐ ﺑــﻘــﺪر ﻣــﺎ ﻫــﻮ ﻣـﻤـﻜـﻦ، وﺗﻘﻠﻴﻞ اﳌـﺨـﺎﻃـﺮ ﺑـﻘـﺪر ﻣــﺎ ﻫــﻮ ﻣــﺘــﺎح؛ وﻛﻼﻫﻤﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺟﺒﻬﺔ داﺧﻠﻴﺔ ﻣــﺨــﺎﻃــﺮﻫــﺎ ﻻ ﺗــﻘــﻞ ﻋــﻤــﺎ ﻫــــﻮ ﻣــﻮﺟــﻮد ﻋــــــــﻠــــــــﻰ ﻃــــــــﺎوﻟــــــــﺔ اﳌــــﻔــــﺎوﺿــــﺎت ﻣــﻦ ﻣﺨﺎﻃﺮ. اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺗــــــــــــــﺮﻣــــــــــــــﺐ ﻛـــــــــــﺎن أﻣــﺎﻣــﻪ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ اﻟﻨﺼﻔﻲ ﻟﻠﻜﻮﻧﻐﺮس وﻫﻮ ﻻ ﻳﺮﻳﺪ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮرﻳﲔ أن ﻳــﻔــﻘــﺪوا اﻷﻏــﻠــﺒــﻴــﺔ؛ وداﺧـــــﻞ اﻟــﺤــﺰب اﻟﺠﻤﻬﻮري ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ »اﻟﻘﺎﻋﺪة« اﻟﺘﻲ اﻧﺘﺨﺒﺘﻪ ورﺟﺤﺖ ﻛﻔﺘﻪ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻓﺴﻴﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺰب أو ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺎﻓﺴﺘﻪ اﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻫﻴﻼري ﻛﻠﻴﻨﺘﻮن؛ وأﻣﺎم اﻟــــــﺮأي اﻟـــﻌـــﺎم اﻷﻣـــﻴـــﺮﻛـــﻲ ﻓــــﺈن ﻣـــﺎ ﺟــﺮى ﺗـﺪاوﻟـﻪ ﻣﻦ ﻓﻀﺎﺋﺢ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻟﻠﺮﺋﻴﺲ ﻓﻲ اﳌﺎﺿﻲ، واﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺠﺎري ﺑﺼﺪد ﻋﻼﻗﺔ روﺳﻴﺎ ﺑﻔﻮزه ﻓﻲ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻧﺘﺼﺎرات ﻛﺒﺮى داﺧﻠﻴﺔ وﺧﺎرﺟﻴﺔ. داﺧﻠﻴﴼ، دوﻧـﺎﻟـﺪ ﺗﺮﻣﺐ ﻛــﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﳌﺰدﻫﺮ وﺗﺨﻔﻴﺾ اﻟـﻀـﺮاﺋـﺐ، أﻣــﺎ ﺧـﺎرﺟـﻴـﴼ ﻓـﻜـﺎن ﻳﻌﻠﻢ أن اﻟــﺸــﺮق اﻷوﺳــــﻂ ﻟــﻴــﺲ ﻣــﻜــﺎﻧــﴼ ﻟﻠﻨﺠﺎح ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺮﻳﺐ اﻟﻌﺎﺟﻞ؛ ﻟﻜﻦ ﺷﺮق آﺳﻴﺎ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻳﻐﺮي. ﻛﻴﻢ ﺟﻮﻧﻎ أون ﻋﻠﻰ اﻟـﺠـﺎﻧـﺐ اﻵﺧــﺮ ﻛــﺎن ﻟـﺪﻳـﻪ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺗـﻌـﻮد ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺘﺎف ﻛـﻞ ﺻﺒﺎح ﻋﻠﻰ أن أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻫﻲ اﻟﺸﻴﻄﺎن اﻷﻛﺒﺮ، وأن ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺗﺎﺑﻌﺘﻪ، وأن وراﺛﺘﻪ ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ ﻫﻲ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻷﺷﻴﺎء وﺷﺮﻋﻴﺘﻬﺎ، وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﺼﺤﻮب ﺑﺄوﺿﺎع اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻃﺎﺣﻨﺔ ﻻ ﻳﺨﻔﻒ ﻣﻨﻬﺎ إﻻ أن ﻻ ﺗﻜﻮن ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺣﺎﻟﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﺑﲔ اﻟﺪول »اﻻﺷــﺘــﺮاﻛــﻴــﺔ«، وإﻧــﻤــﺎ ﺗـﻠـﺤـﻖ ﺑـﺎﻟـﺮﻛـﺐ اﻟـــﺮأﺳـــﻤـــﺎﻟـــﻲ اﻟــــــﺬي ﺑـــﺎﺗـــﺖ ﻓــﻴــﻪ اﻟــﺼــﲔ وﻓﻴﺘﻨﺎم.
ﺳـــﺎرت »ﻗــﻤــﺔ ﺳــﻨــﺘــﻮزا« ﻓــﻲ اﳌـﺴـﺎر اﻟـــــــﺬي ﺗــﺴــﻴــﺮ ﻓـــﻴـــﻪ اﻟـــﻘـــﻤـــﻢ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗـﻐـﻴـﺮ اﻟـــﺘـــﺎرﻳـــﺦ، وﻣــﻔــﺘــﺎﺣــﻬــﺎ ﻛـــــﺎن ﻣـــﺎ ﻳـﻤـﻜـﻦ ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ »ﻟﺤﻈﺔ ﺳﺎداﺗﻴﺔ« )ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ اﳌـــﺼـــﺮي أﻧـــــﻮر اﻟــــﺴــــﺎدات ﻓﻲ ﺗــﻌــﺎﻣــﻠــﻪ ﻣـــﻊ إﺳـــﺮاﺋـــﻴـــﻞ( ﻳــﻌــﺘــﺮف ﻓﻴﻬﺎ اﻟـــﻄـــﺮﻓـــﺎن ﺑــﺸــﺮﻋــﻴــﺔ اﻵﺧـــــﺮ وﻣـﺼـﺎﻟـﺤـﻪ اﳌﺸﺮوﻋﺔ. ﻛﺎن ﻋﻠﻰ أﻣﻴﺮﻛﺎ أن ﺗﻌﺘﺮف ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻮﺟﻮد اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻜﻮرﻳﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻷﻧـﻬـﺎ ﻣــﻮﺟــﻮدة وﻣـﻌـﺘـﺮف ﺑﻬﺎ ﻣـﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ، وإﻧﻤﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺟﺰء ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻷﻣــﻦ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ واﻟـﺪوﻟـﻲ، وأن ﻧﻈﺎم ﻛﻴﻢ ﺟﻮﻧﻎ أون ﻓﻲ ﺑﻴﻮﻧﻎ ﻳﺎﻧﻎ ﻟﻴﺲ ﻗﻀﻴﺔ أﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، وإﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻜﻮري ﻓﻲ ﺷﻤﺎل ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟــﻜــﻮرﻳــﺔ. وﻛـــﺎن ﻋـﻠـﻰ ﻛــﻮرﻳــﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ أن ﺗﻌﺘﺮف ﺑــﺄن اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌـﺘـﺤـﺪة ﻗﻮة ﻋﻈﻤﻰ، وﺑﻬﺬه اﻟﺼﻔﺔ ﻓﺈن ﻟﻬﺎ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﺮق آﺳﻴﺎ، ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ أﻣﻦ ﻛﻮرﻳﺎ اﻟــﺠــﻨــﻮﺑــﻴــﺔ واﻟـــﻴـــﺎﺑـــﺎن، وﻫــــﺬه ﺗـﺴـﺘـﻠـﺰم وﺟﻮدﴽ ﻋﺴﻜﺮﻳﴼ ﻓﻲ اﳌﺪى اﳌﻨﻈﻮر. وﺑﻌﺪ ﻗﺒﻮل ﻛﻼ اﻟﻄﺮﻓﲔ ﺑﺎﻵﺧﺮ، ﻓﺈن اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟــﻜــﺒــﻴــﺮة ﻣــــﻦ اﻷﻣـــــــﻮر اﳌــﻌــﻠــﻘــﺔ ﻣــﻮﺿــﻊ اﻟﺘﻔﺎوض ﺗﺤﺘﺎج أوﻻ إﻟﻰ ﻗﺒﻮل اﳌﺒﺎدئ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻟﻬﺎ، ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺗﻜﻮن ﻛـــﻞ اﻟــﺘــﻔــﺎﺻــﻴــﻞ ﻣــﻮﺿــﻮﻋــﴼ ﻟــﻠــﺘــﻔــﺎوض. وﻛﻤﺎ ﺣـﺪث ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ »ﻛﺎﻣﺐ دﻳﻔﻴﺪ« اﻟــﺬي وﺿــﻊ إﻃــﺎر اﳌـﻔـﺎوﺿـﺎت اﳌﺼﺮﻳﺔ اﻹﺳــﺮاﺋــﻴــﻠــﻴــﺔ ﻋــــﺎم ٨٧٩١، ﻓــــﺈن اﻟــﺒــﻴــﺎن اﳌﺸﺘﺮك ﺑﲔ اﻟﺮﺋﻴﺴﲔ ﻫﻮ اﻟـﺬي وﺿﻊ اﻹﻃــــﺎر اﻟــﻌــﺎم ﻟﻠﺼﻔﻘﺔ اﻟـﻜـﺒـﺮى ﻓﻴﻜﻮن ﺗــﻨــﺎزل ﻛــﻮرﻳــﺎ اﻟـﺸـﻤـﺎﻟـﻴـﺔ ﻋــﻦ ﺳﻼﺣﻬﺎ اﻟـــﻨـــﻮوي ﺑـﺤـﻴـﺚ ﺗـﺘـﺨـﻠـﺺ ﻣﻨﻪ وﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ إﻧﺘﺎﺟﻪ؛ ﻣﻘﺎﺑﻞ أن ﺗﻜﻒ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻋﻦ إﺟﺮاء ﻣﻨﺎورات ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻣﻊ ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ. اﻷوﻟﻰ ﺻﻴﻐﺖ ﺑﻤﻌﻨﻰ أن ﺗﻜﻮن ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻜﻮرﻳﺔ ﺧﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻼح اﻟﻨﻮوي، أي أن ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺣﻘﻬﺎ إﻧــﺘــﺎج اﻟــﺴــﻼح اﻟـــﻨـــﻮوي رﻏـــﻢ ﻗــﺪراﺗــﻬــﺎ اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ، وﻻ ﻳﻜﻮن ﻣﻦ ﺣﻖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة وﺿﻊ أﺳﻠﺤﺔ ﻧﻮوﻳﺔ ﺗﻜﺘﻴﻜﻴﺔ أو اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة. ﻻ ﻣﻨﻊ اﻟﺒﻴﺎن أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻣﻦ وﺟـﻮد ﻗـﻮات ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ، وﻻ ﻣﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ وﺟﻮد ﻋﺴﻜﺮي ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺎر اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ. واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺻـﻴـﻐـﺖ ﺑـﺤـﻴـﺚ ﺗـﻤـﻨـﻊ ﻛــﻠــﻴــﺔ اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت اﳌـــﺘـــﺤـــﺪة ﻣــــﻦ إﻣــﻜــﺎﻧــﻴــﺔ اﻟـــﻬـــﺠـــﻮم ﻋـﻠـﻰ ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، وﺑﺤﻴﺚ ﺑـﺎت اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻛﻮرﻳﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺻﺪﻳﻘﴼ وﻟـﻴـﺲ ﻋـــﺪوﴽ، ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟـﻨـﻈـﺎم ﻟـﻴـﺲ ﻣﻦ أﻫﺪاف ﻫﺬا اﻻﺗﻔﺎق.
وﻣــــــــﺎ دام أن ﺟـــــﻮﻫـــــﺮ اﻟـــﺼـــﻔـــﻘـــﺔ وإﻃــﺎرﻫــﺎ ﺟــﺮى اﻻﺗــﻔــﺎق ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻓــﺈن ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ ﻛﺜﻴﺮة ﺳﻮف ﻳﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟـﻄـﺮﻓـﺎن ﻓــﻲ اﳌـﺮﺣـﻠـﺔ اﳌـﻘـﺒـﻠـﺔ. ﻓﻌﻤﻠﻴﺔ ﻧﺰع اﻟﺴﻼح اﻟﻨﻮوي اﻟﻜﻮري اﻟﺸﻤﺎﻟﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻓﻲ ﺗﺠﺎرب ﺷﺮق أوﺳﻄﻴﺔ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺟﻮد، وﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺨﻔﻲ أﻳﻀﴼ، وأن ﻳﻜﻮن ﻛﻞ ذﻟﻚ ﺧﺎﺿﻌﴼ ﻟﻠﺘﻔﺘﻴﺶ واﻟﺘﻘﺼﻲ واﻟﺒﺮﻫﻨﺔ. وﺷﻤﻮل ذﻟﻚ ﻟﻜﻞ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻜﻮرﻳﺔ ﻳﻌﻨﻲ ﻣـﻌـﺎﻫـﺪة ﺳــﻼم ﺷﺎﻣﻠﺔ أﻳـﻀـﴼ ﻻ ﺗﻨﻬﻲ اﻟـﺤـﺮب اﻟـﻜـﻮرﻳـﺔ )٠٥٩١ ـ ٣٥٩١( ﻓﻘﻂ، وإﻧﻤﺎ ﺗﻔﺘﺢ اﻷﺑﻮاب ﻟﺘﻌﺎون أﻛﺒﺮ ﺑـﲔ اﻟﻜﻮرﻳﺘﲔ ﻳﻘﺒﻞ ﺑـﻮﺟـﻮد ﻧﻈﺎﻣﲔ ﺳﻴﺎﺳﻴﲔ، ﻟﻜﻦ رﺑﻤﺎ ﻧﻈﺎم اﻗﺘﺼﺎدي واﺣـــــــﺪ. ﻓــﻴــﻤــﺎ ﻳـــﺒـــﺪو ﺣــﺘــﻰ اﻵن، ﻓــﺈن اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻷﳌـﺎﻧـﻴـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺿﻤﺖ أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ إﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻦ ﺗﺘﻜﺮر ﻓﻲ اﳌــﺪى اﳌـﻨـﻈـﻮر؛ ﻟﻜﻦ ﻛـﻮرﻳـﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺗﻌﻠﻢ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺴﺘﻤﺮ اﻟﻐﻨﻰ ﻓﻲ اﻟــﺠــﻨــﻮب واﻟــﻔــﻘــﺮ ﻓــﻲ اﻟــﺸــﻤــﺎل إذا ﻛـﺎن ﻣﻄﻠﻮﺑﴼ وﻗﻒ اﻟﻨﺰاع واﻟﺼﺮاع واﳌﻨﺎﻃﻖ اﳌﺤﺎﻳﺪة اﳌﺴﻠﺤﺔ ﺣﺘﻰ اﻷﺳﻨﺎن. ﻏﻴﺎب اﻟــﺘــﻔــﺎﺻــﻴــﻞ ﻋـــﻦ اﻟــﺒــﻴــﺎن اﳌــﺸــﺘــﺮك ﻛــﺎن ﻣﻘﺼﻮدﴽ، ﻓﻠﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﳌﺮﺣﻠﺔ وإﻧﻤﺎ ﺗﺴﻮﻳﺔ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻜﺒﺮى أوﻻ، ﺛﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ اﻻﺗﺠﺎه ﺛﺎﻧﻴﴼ، وﻓﺘﺢ اﻟﺒﺎب ﻻﺗﺼﺎﻻت وزﻳﺎرات ﻗﺎدﻣﺔ ﻓـــﻲ واﺷــﻨــﻄــﻦ وﺑــﻴــﻮﻧــﻎ ﻳـــﺎﻧـــﻎ. واﻷﻣـــﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻨﺤﻮ أﻋﻄﻰ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗــﺘــﺼــﺎدﻳــﺔ ﻟــﻜــﻮرﻳــﺎ اﻟــﺸــﻤــﺎﻟــﻴــﺔ، ﻛﻤﺎ أﻋﻄﻰ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﺘﺄﻣﲔ اﻟـﺮﺧـﺎء واﻟﺘﻘﺪم اﻻﻗـــﺘـــﺼـــﺎدي ﻓـــﻲ ﻛـــﻮرﻳـــﺎ اﻟــﺠــﻨــﻮﺑــﻴــﺔ، وﺣﺼﻠﺖ اﻟﻴﺎﺑﺎن ﻋﻠﻰ ﺑﺎرﻗﺔ اﻷﻣﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﻊ اﻟﺤﺮب اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ أو اﻟﻨﻮوﻳﺔ، أﻣﺎ اﻟــﺼــﲔ ﻓــﻠــﻢ ﺗــﺮﺳــﻞ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ ﻛــﻴــﻢ إﻟــﻰ ﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة ﻋﻠﻰ ﻃـﺎﺋـﺮة ﺻﻴﻨﻴﺔ ﻓﻘﻂ، وإﻧــﻤــﺎ ﺣــﻤــﻞ ﻣــﻌــﻪ اﳌــﺼــﺎﻟــﺢ اﻟﺼﻴﻨﻴﺔ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ أﻳﻀﴼ.
ﻟﻘﺎء ﺗﺮﻣﺐ ـ ﻛﻴﻢ ﻟﻘﺎء اﻟﺴﺤﺎب أو ﻟﻘﺎء اﳌﺴﺘﺤﻴﻞ أو اﻟﻠﻘﺎء اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻠﻘﺎءات اﻟﱵ ﻳﺼﻨﻒ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻌﺎﻧﻖ اﳉﻨﻮن