دراﻣﺎ وﻓﻜﺮ وﺳﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﻗﺎﻟﺐ أدﺑﻲ
ﻓﻲ ﻳﻮم ﻫﺎدئ ﺑﺪأت ﺳﻠﺴﻠﺔ ﺣﻠﻘﺎت اﳌــﺴــﻠــﺴــﻞ اﻹﺳـــﺒـــﺎﻧـــﻲ »ﻗـــﻠـــﻌـــﺔ ﺑـــﺠـــﻮار اﻟـــﺒـــﺤـــﺮ« ﻓــﻘــﻀــﻴــﺖ ﻟــﻴــﻠــﺘــﻲ أﻣــــﺎﻣــــﻪ ﺑـﻼ ﺗﻮﻗﻒ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻔﻜﺮ وﺗﺪﻗﻴﻖ ﺗﺎرﻳﺨﻲ ﻳﺘﺨﻠﻠﻬﺎ ﻧﻮﺑﺎت ﻣﻦ اﻟﺘﺮاﺟﻴﺪﻳﺎ، ﻓﻬﻲ رواﻳـﺔ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ اﻹﺳﺒﺎﻧﻲ »ﻳﺪﻳﻔﻮﻧﺴﻮ ﻓﺎﻟﻜﻮﻧﺲ«، وﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﺳﻌﻴﺖ ﻟﻘﺮاء ة اﻟـﺮواﻳـﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ واﻟﺘﻲ اﺧﺘﻠﻔﺖ ﺑﻌﺾ اﻟــﺸــﻲء ﻋــﻦ دراﻣــــﺎ اﻟـﺤـﻠـﻘـﺎت وﻫـــﻮ أﻣـﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ، وﻟﻜﻦ ﻣﱳ اﻟﺮواﻳﺔ ﻳﻈﻞ ﻣﺠﺴﺪﴽ ﺑﺪﻗﺔ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻬﻲ ﺗﺪور ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺮاﺑﻊ ﻋـﺸـﺮ ﻓــﻲ ﻣـﺪﻳـﻨـﺔ »ﺑــﺮﺷــﻠــﻮﻧــﺔ« وﺗﺸﺒﻪ إﻟــﻰ ﺣـﺪ ﻛﺒﻴﺮ راﺋـﻌـﺔ اﻷدﻳــﺐ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ »أﻟﻜﺴﻨﺪر دوﻣــﺎ« اﳌﻌﺮوﻓﺔ »ﺑﺎﻟﻜﻮﻧﺖ دي ﻣــﻮﻧــﺘــﻲ ﻛــﺮﻳــﺴــﺘــﻮ« وﻟـــﻜـــﻦ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺜﺮ ﻋﻤﻘﴼ وﻓﻜﺮﴽ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺠﺴﺪ أﺣـﻮال اﳌــﺪﻳــﻨــﺔ آﻧـــــﺬاك ﻣـــﻦ ﺧــــﻼل ﻫــــﺮوب أﺣــﺪ اﻷﻗﻨﺎن ﻣﻦ اﻹﻗﻄﺎﻋﻲ ﺑﻌﺪ ﺗﻌﺪي اﻷﺧﻴﺮ ﻋﻠﻰ زوﺟـﺘـﻪ ﻓـﻲ ﻳــﻮم زﻓﺎﻓﻬﺎ اﺳﺘﻨﺎدﴽ ﻟﻠﻘﺎﻋﺪة اﻟﺘﻲ ﻗﻴﻞ إن أﺣﺪ ﻣﻠﻮك إﻧﺠﻠﺘﺮا أرﺳﺎﻫﺎ واﻧﺘﺸﺮت ﻓﻲ أوروﺑﺎ واﳌﻌﺮوﻓﺔ »ﺑﺎﻟﻠﻴﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ،«Prima Nocta وﺗﺤﻜﻲ اﻟﺮاوﻳﺔ ﻫﺮوﺑﻪ ﺑﺎﺑﻨﻪ اﻟﺮﺿﻴﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻟـﻰ »ﺑﺮﺷﻠﻮﻧﺔ« وﺗﻄﻮر ﺣﻴﺎﺗﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﻇــﺮوف إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺗﺤﺖ وﻃــــــﺄة اﻟـــﻔـــﻘـــﺮ واﻟــــﻄــــﺎﻋــــﻮن واﻟــــﺤــــﺮوب واﻟـــﻄـــﺒـــﻘـــﻴـــﺔ اﻻﺟـــﺘـــﻤـــﺎﻋـــﻴـــﺔ اﳌــﺘــﻄــﺮﻓــﺔ واﻟــﺠــﻬــﻞ، ﻓــﻀــﻼ ﻋــﻦ ﺗـﺴـﻠـﻂ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟــﻜــﺎﺛــﻮﻟــﻴــﻜــﻴــﺔ ودورﻫــــــــﺎ اﻟــﺴــﻠــﺒــﻲ ﻓـﻲ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﺔ وﻏـﻴـﺮﻫـﺎ ﻣــﻦ اﻷﻣـــﻮر اﻟﻬﺎﻣﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺷــﺮﺣــﺖ اﳌـﺠـﺘـﻤـﻊ اﻷوروﺑـــــﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ.
وﺗﻘﺪﻳﺮي أن اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺮرت ﺑﻬﺎ ﺳــﻮاء ﻣـﻦ ﺧــﻼل ﻗــﺮاءة اﻟــﺮواﻳــﺔ أو ﻣﺸﺎﻫﺪة اﻟﺤﻠﻘﺎت ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺠﺴﻴﺪﻫﺎ ﻓﻲ اﳌﺸﺎﻫﺪ اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:
اﳌــﺸــﻬــﺪ اﻷول ﻳـــﺼـــﻮر ﻧـــﻮﻋـــﴼ ﻣـﻦ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻤﻔﻬﻮم اﻟـﺮق، وﻫﻮ ﻧﻈﺎم ﺳﻴﺎﺳﻲ- اﺟﺘﻤﺎﻋﻲاﻗﺘﺼﺎدي ﻇﻬﺮ ﻓﻲ أوروﺑﺎ أول ﻣﺎ ﻇﻬﺮ ﺑﻌﺪ ﻫﺰﻳﻤﺔ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ »ﺑﻼط اﻟﺸﻬﺪاء« ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﳌﻠﻚ »ﺷﺎرل ﻣﺎرﺗﻞ« واﻟـــﺬي ﺑﻤﻘﺘﻀﺎه ﻗــﺎم ﺑـﺘـﻮزﻳـﻊ ﻣﻠﻜﻴﺔ اﻷراﺿﻲ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺎدﺗﻪ ﻣﻜﺎﻓﺄة ﻟـﻬـﻢ، ﺛــﻢ ﺗـﻄـﻮر ﻫــﺬا اﳌـﻔـﻬـﻮم ﺗﺪرﻳﺠﻴﴼ ﻓــﻲ ﺳـﻴـﺎﻗـﻪ اﻟــﺘــﺎرﻳــﺨــﻲ إﻟـــﻰ أن أﺻـﺒـﺢ اﻹﻗﻄﺎﻋﻲ ﻫﻮ اﳌﺎﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻸرض وﻟﻜﻦ ﳌﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ اﳌﺰارﻋﲔ واﻟﻌﺎﻣﻠﲔ واﻟﺨﺪم، ﺣﺘﻰ ﺳﻤﺢ ﻟﻪ ﺑﺎﺳﺘﺒﺎﺣﺘﻬﻢ ﺑﺄي وﺳﻴﻠﺔ ﻳﺮاﻫﺎ ﺑﻼ ﻗﺎﻧﻮن أو رﻗﻴﺐ، وﻫــﻮ ﻧﻈﺎم ﻻ ﻳﺘﻔﻖ ﺷﻜﻼ وﻣﻮﺿﻮﻋﴼ ﻣــﻊ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ وﺳـﻤـﺎﺣـﺘـﻬـﺎ، وﻣــﻊ ذﻟـﻚ ﻓﺎﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻷﺳﺒﺎب ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻤﻮاء ﻣﺎﺗﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻪ، ﻓﺎﻧﺘﻬﻰ اﻷﻣﺮ ﺑـﺎﻧـﺘـﻬـﺎك اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ واﻟـﺴـﺎﺳـﺔ اﳌـﻮاﻃـﻦ ﻋﻠﻰ ﺣﺪ ﺳﻮاء.
اﳌـــﺸـــﻬـــﺪ اﻟـــﺜـــﺎﻧـــﻲ وارﺗــــﺒــــﺎﻃــــﴼ ﺑـﻤـﺎ ﺗﻘﺪم، ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻦ اﻟــﺒــﺴــﻴــﻂ ﻏــﻴــﺮ اﳌــﺘــﻌــﻠــﻢ واﻟـــــــﺬي ﻳـﻤـﺜـﻞ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ اﳌﻄﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻮاﻃﻨﻲ اﳌﺪﻳﻨﺔ، ﻓــﻬــﻢ ﻻ ﻳـــﺮﺟـــﻌـــﻮن ﺗــﺴــﻠــﺴــﻞ اﳌــﺼــﺎﺋــﺐ اﳌﺘﺘﺎﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻬﺪوﻧﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻈﺮف اﻟــــﺘــــﺎرﻳــــﺨــــﻲ واﳌـــــﻜـــــﺎﻧـــــﻲ واﺳـــﺘـــﺒـــﺎﺣـــﺔ اﻟﺴﻠﻄﺘﲔ اﻟﺰﻣﻨﻴﺔ واﻟﻜﻨﺴﻴﺔ ﻟﻬﻢ، ﺑﻞ إﻧـﻬـﻢ ﻳـﺮﺟـﻌـﻮن ﻣـﺎ ﻳـﺤـﺪث ﻟﻬﻢ إﻟــﻰ ﻣﺎ ﻳﻌﺘﻘﺪون ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻀﻌﻒ إﻳﻤﺎﻧﻬﻢ وأن اﻟﺮب ﻳﻌﺎﻗﺒﻬﻢ ﻟﺨﻄﺎﻳﺎ ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن واﻗﻌﻴﺔ أﺻﻼ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﻜﺘﻴﺐ ﻗــــﺮأﺗــــﻪ ﺗــﺠــﻤــﻴــﻌــﻲ ﻟـــﻔـــﻘـــﺮات ﻣــــﻦ ﻛــﺘــﺎب اﳌــﺆرخ اﻟﻌﻈﻴﻢ »اﳌﻘﺮﻳﺰي« ﻳﺴﺘﻌﺮض ﻓﻴﻬﺎ اﳌـﺼـﺎﺋـﺐ اﻟـﺘـﻲ ﻣــﺮت ﻋـﻠـﻰ ﻣﺼﺮ ﻋــﻠــﻰ ﻣـــــﺪار ﻗـــــﺮون ﻣــﻤــﺘــﺪة ﻣـــﻦ ﺟــﻔــﺎف وﻓﻴﻀﺎﻧﺎت وﻣﺠﺎﻋﺎت وأوﺑـﺌـﺔ واﻟﺘﻲ ﻳﺮﺟﻌﻬﺎ أﻳﻀﴼ ﻟﻀﻌﻒ اﻹﻳﻤﺎن، وﻫﻮ ﻣﺎ اﺳﺘﻮﻗﻔﻨﻲ ﻛﺜﻴﺮﴽ، ﻓﻬﺬه اﻟﻌﻠﻴﺔ ﺗﺤﺘﺎج ﻹﻋﺎدة ﻧﻈﺮ ﻓﻮرﻳﺔ ﻷن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﺸﺮح ﻋﻠﻤﻲ ﻟﻠﻈﻮاﻫﺮ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺛﻬﺎ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن أﺳﻮأ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث ﻫﻮ إﻟﻘﺎء اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ واﻟﻠﻮم ﻋﻠﻰ اﳌﻮاﻃﻦ اﻟﺠﺎﻫﻞ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﻟﺘﺒﺮﻳﺮ ﻫﺬه اﻟﻈﻮاﻫﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ وﺗﺼﻮﻳﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أﻧﻬﺎ ﻏﻀﺐ ﻣﻦ اﻟﺮب.
اﳌﺸﻬﺪ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﻟﺼﺮاع ﺑﲔ اﻟﺴﻠﻄﺘﲔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، اﻷوﻟﻰ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﳌﻠﻚ واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓــﻲ »ﻣــﺤــﺎﻛــﻢ اﻟـﺘـﻔـﺘـﻴـﺶ« وﻫـﻲ اﻷداة اﻟﺘﻲ ﺻﺎﻏﺘﻬﺎ ﻟﻀﻤﺎن ﻧﻘﺎء اﳌﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻬﺮﻃﻘﺔ
واﻟـــــﻜـــــﻔـــــﺮ، واﻟـــــﺘـــــﻲ وﺟـــــــﺐ ﻋــﻠــﻴــﻬــﺎ اﺳـﺘـﺨـﺪام ﻛــﻞ اﻟـﻮﺳـﺎﺋـﻞ وﻋـﻠـﻰ رأﺳـﻬـﺎ اﻟﺤﺮق ﺣﻴﴼ ﻟﻀﻤﺎن اﻟﻌﺒﺮة واﻟﻘﺼﺎص، واﻟـــﻐـــﺮﻳـــﺐ أن ﺑــﻌــﺾ اﳌــﺸــﺎﻫــﺪ ﺧﻠﻘﺖ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻌﺎﻃﻒ ﺷﻌﺒﻲ ﻣﻊ ﻫﺬه اﳌﺤﺎﻛﻢ ﺧﻮﻓﴼ ﻣﻦ اﻟــﺮب، وإن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻗﺪ ﻋﻜﺴﺖ ﺛﻮرة ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺿﺪﻫﺎ ﻹﻧﻘﺎذ ﺑﻄﻞ اﻟـــﺮواﻳـــﺔ، وﻗــﺪ أﻛـــﺪت اﻟــﺮواﻳــﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﺮاﺳﺨﺔ ﺑﺄن ﺗﻌﺬﻳﺐ وﺣﺮق اﻟﺠﺴﺪ أو اﻟﻜﺘﺎب ﻻ ﻳﺤﺮق ﻣﻌﻪ اﻟﻔﻜﺮ، وﻳﻼﺣﻆ أن اﻟﺴﻠﻄﺔ اﳌﺪﻧﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف ﻹﻧﺼﺎف اﻟﻌﺪل، ﺑﻞ ﻷن اﻟﺒﻄﻞ ﻓــﻲ ﺣـﺎﻟـﺔ ﺣـﺮﻗـﻪ وﺛــﺒــﻮت اﻟﺘﻬﻤﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈن أﻣﻮاﻟﻪ ﺳﺘﺆول ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﺳﻴﺠﻌﻞ اﳌﻠﻚ ﻣﺪﻳﻨﴼ ﻟﻬﺎ!
اﳌــــﺸــــﻬــــﺪ اﻟــــــﺮاﺑــــــﻊ وﻫـــــــﻮ اﳌـــﺮﺗـــﺒـــﻂ ﺑــﺎﻟــﺘــﻌــﺎﻣــﻞ ﻣــــﻊ ﻏـــﻴـــﺮ اﻟـــﻜـــﺎﺛـــﻮﻟـــﻴـــﻚ ﻓـﻲ ﻣـﺠـﺘـﻤـﻊ ﺑــﺮﺷــﻠــﻮﻧــﺔ، ﻓــﺘــﺎرﻳــﺦ اﻟـــﺮواﻳـــﺔ ﻳﺴﺒﻖ أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ﻗــﺮن ﺻــﺪور »ﻣـﺮﺳـﻮم اﻟﻬﻤﺒﺮا« ﻋﺎم ٢٩٤١ اﻟﺬي ﺑﻤﻘﺘﻀﺎه ﺗﻢ ﻃــﺮد اﳌﺴﻠﻤﲔ واﻟــﻴــﻬــﻮد ﻣــﻦ إﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﺑــﻌــﺪ ﺗــﻮﺣــﻴــﺪﻫــﺎ ﺑــﻤــﺎﺋــﺔ ﻋـــﺎﻣـــﺔ، وﻟـﻜـﻨـﻪ ﻋﻜﺲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺠﻬﻞ ﻟﺪى اﳌﻮاﻃﻦ اﻟﺒﺴﻴﻂ ﺑــــﺈرﺟــــﺎع اﳌــﺼــﺎﺋــﺐ إﻟــــﻰ ﻏــﻀــﺐ اﻟـــﺮب ﻟﻴﺘﺤﻤﻠﻪ ﻏﻴﺮ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻚ وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﻢ اﳌـﺴـﻠـﻤـﻮن واﻟــﻴــﻬــﻮد، ﻓـﻜـﺎﻧـﺖ اﻟــﺜــﻮرات ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻣﻤﺘﺪة، وﻟﻜﻨﻪ أﻏﻔﻞ ﺳﻮء ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ اﳌﺴﻠﻤﲔ واﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺤﺎل ﻣـﻮاﻃـﻨـﲔ ﻓــﻲ اﻟـــﺪرك اﻟـﺴـﺎﺑـﻖ ﻟﻠﻴﻬﻮد، وﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﻨﻄﻘﻲ ﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻟﺮﺑﻂ ﺑﲔ ﺻـﻠـﺐ اﻟـﺴـﻴـﺪ اﳌـﺴـﻴـﺢ واﻟــﻴــﻬــﻮد، وﻫـﻮ اﳌﻌﺘﻘﺪ اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻔﺾ إﻻ ﻓﻲ ﺳﺘﻴﻨﺎت اﻟـﻘـﺮن اﳌـﺎﺿـﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑــﺮأ ﻣـﺮﺳـﻮم ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺑﺎ اﻟﻴﻬﻮد ﻣﻦ دم اﻟﺴﻴﺪ اﳌﺴﻴﺢ.
ﻟﻘﺪ ﻋﺒﺮت ﺑﻲ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﻮاﺑﺎت ﻫﺎﻣﺔ ﻓـــﻲ ﺗـــﺎرﻳـــﺦ اﻟــﺘــﻘــﺪم اﻟــﺒــﺸــﺮي وأﻋــــﺎدت ﺗـﺠـﺴـﻴـﺪ ﻣـﻔـﺎﻫـﻴـﻢ ﻛــﺜــﻴــﺮة أﻗــــﺮأ وأﻛــﺘــﺐ ﻋﻨﻬﺎ، وﺑﻌﺪ ﺣﺮوب ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ داﺧﻠﻴﺔ ﻣﻊ ﻣﺸﺎﻫﺪ اﳌﺮض واﻟﻔﻘﺮ واﻟﺠﻮع واﻟﻌﺮي واﻟﺤﺮوب وﺗﺴﻠﻂ اﻟﻘﺎﺋﻤﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﳌﻮاﻃﻦ اﻟﺒﺴﻴﻂ، ﻓﻘﺪ وﺟــﺪت ﻧﻔﺴﻲ أﻗﺘﻨﻊ ﺷﻴﺌﺎ ﺑـﺸـﻲء أن أﺧـﻄـﺮ ﻣـﺼـﺎﺋـﺐ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻲ اﻟﻜﻮارث اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ أو اﻟﻔﻘﺮ أو اﳌﺮض، ﺑــﻞ إن أﺧــﻄــﺮ ﻋــﺪو ﻟـﻺﻧـﺴـﺎﻧـﻴـﺔ ﺳﻴﻈﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻧﻔﺴﻪ.