ﻧﻈﺮة ﻓﺎﺣﺼﺔ ﻋﻠﻰ أﻣﻴﺮﻛﺎ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ﻓﻲ اﻓﺘﺘﺎح ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻘﺎﻫﺮة اﻟـ ٠٤
ﻓﻴﻠﻢ }ﻛﺘﺎب أﺧﻀﺮ{ ﻳﺘﺘﺒﻊ رﺣﻠﺔ ﻋﺎزف أﺳﻮد وﺳﺎﺋﻘﻪ اﻷﺑﻴﺾ ﰲ ﻣﻬﺮﺟﺎن »اﻟﻘﺎﻫﺮة اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ اﻟﺪوﻟﻲ« )٢(
ﻓﻴﻠﻢ اﻓﺘﺘﺎح ﻣﻬﺮﺟﺎن اﻟﻘﺎﻫﺮة ﻓـــﻲ دورﺗـــــﻪ اﻷرﺑــــﻌــــﲔ، ﻫـــﻮ »ﻛــﺘــﺎب أﺧــــــﻀــــــﺮ«. ﻻ ﻟـــﻴـــﺲ اﻗـــﺘـــﺒـــﺎﺳـــﴼ أو إﺑــﺤــﺎرﴽ ﻓـﻲ ﻛـﺘـﺎب ﻗــﺎم زﻋـﻴـﻢ ﻋﺮﺑﻲ راﺣﻞ ﺑﻮﺿﻌﻪ، ﺑﻞ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺷﺎرك ﺑﻮﺿﻌﻬﺎ اﳌﺨﺮج ﺑﻴﺘﺮ ﻓﺎرﻟﻲ ﺣـﻮل ﻋــﺎزف ﺑﻴﺎﻧﻮ أﻓــﺮو - أﻣﻴﺮﻛﻲ ﻓـﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت ﻣـﻦ اﻟـﻘـﺮن اﳌﺎﺿﻲ وﺳـــﺎﺋـــﻘـــﻪ اﻷﺑــــﻴــــﺾ اﻟـــــــﺬي ﻳــﺠــﻮب ﺑــــﻪ اﻟــــﺠــــﻨــــﻮب اﻷﻣــــﻴــــﺮﻛــــﻲ اﳌــــﻠــــﻲء، ﺑـﻤـﺎ ﻳـﻜـﻔـﻲ، ﻣــﻦ ﻣـﺸـﺎﻋـﺮ اﻟﻀﻐﻴﻨﺔ واﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ.
اﳌــﻘــﺼــﻮد ﺑــﺎﻟــﻜــﺘــﺎب اﻷﺧــﻀــﺮ ﻓـﻲ »ﻛـﺘـﺎب أﺧـﻀـﺮ« ﻫـﻮ ﻛﺘﺎب ﻛﺎن ﻗﻴﺪ اﻟﺘﺪاول ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻋﻨﻮاﻧﻪ «The Negro Motorist Green Book» )ﻛـــﺘـــﺎب ﻏـــﺮﻳـــﻦ ﻟــﺴــﺎﺋــﻘــﻲ اﳌــﺮﻛــﺒــﺎت اﻟﺰﻧﻮج( ﳌﺆﻟﻔﻪ ﻓﻴﻜﺘﻮر ﻏﺮﻳﻦ، ﻛﺎن ﻳــﺤــﺘــﻮي ﻋــﻠــﻰ اﳌــﻄــﺎﻋــﻢ واﻟــﻔــﻨــﺎدق واﻟــــﺤــــﺎﻧــــﺎت اﻟـــﺘـــﻲ ﻳــﺴــﺘــﻄــﻴــﻊ ﺑـﻬـﺎ اﳌــﺴــﺎﻓــﺮون اﻟــﺴــﻮد أﻣــﻬــﺎ ﻣــﻦ دون ﻣﺸﻜﻼت ﻓـﻲ ذﻟــﻚ اﻟﺠﻨﻮب ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ )ﻋﻮض أن ﺗﺴﺘﺜﻨﻲ( ﻫﺆﻻء اﳌﺴﺎﻓﺮﻳﻦ.
ﺛﺮي وﻣﺜﻘﻒ وﻟﻮﻧﻪ أﺳﻮد
وﻫﻨﺎك ﻋﺎدة ﺷﺒﻪ راﺳﺨﺔ ﻓﻲ اﻷﻓـــــﻼم اﻟــﺘــﻲ ﺗــﺤــﺘــﻮي ﻋــﻠــﻰ اﺛـﻨـﲔ ﻣـﺘـﻨـﺎﻗـﻀـﲔ ﺟـﻨـﺴـﴼ أو ﻋــﻨــﺼــﺮﴽ أو ﻃﺒﻘﺔ اﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ أو ﺛـﻘـﺎﻓـﻴـﺔ. ﻫـﺬه اﻟـــــﻌـــــﺎدة ﺗــــﻘــــﻮم ﻋـــﻠـــﻰ ﻧــــﺺ ﻳــﺨــﺪم اﻟــﻄــﺮﻓــﲔ ﻋـﻠـﻰ ﻧـﺤـﻮ ﻣـــﺎ. ﻓــﻠــﺪى ﻛﻞ ﻃــــــﺮف ﻣـــــﺎ ﻳـــﻤـــﻜـــﻦ ﻟـــﻠـــﻄـــﺮف اﻵﺧـــــﺮ اﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻨﻪ. ﺑﺬﻟﻚ ﻧﺮى ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟــﺴــﻴــﻨــﺎرﻳــﻮﻫــﺎت ﺧــﻄــﴼ ﺗــﻘــﻠــﻴــﺪﻳــﴼ، ﻓــﺎﻟــﻮﻟــﺪ اﻟـﺼـﻐـﻴـﺮ ﻗــﺪ ﻳـﻌـﻠـﻢ اﻟـﺮﺟــﻞ اﻟـﻨـﺎﺿـﺞ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ وﻳﺘﻌﻠﻢ ﻣــﻨــﻪ أﻳـــﻀـــﴼ. اﻟـــﻔـــﺘـــﺎة واﻟــــﺸــــﺎب ﻣـﻦ ﻃﺒﻘﺘﲔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﲔ ﺗﺘﺒﺎدﻻن ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺤﻴﺎة، واﻟﻔﻘﻴﺮ واﻟﺜﺮي ﻳﺘﺒﺎدﻻن ﻣـﻮاﻗـﻌـﻬـﻤـﺎ ﻓــﻲ ﺻـﻠـﺢ داﺋــــﻢ. ﻛـﺬﻟـﻚ ﺗــﺘــﺤــﻮل اﻟــــﻌــــﺪاوة ﺑـــﲔ ﺷـﺨـﺼـﲔ؛ أﺣـــﺪﻫـــﻤـــﺎ أﺳــــــﻮد واﻵﺧـــــــﺮ أﺑــﻴــﺾ، إﻟﻰ ﺻﺪاﻗﺔ ﻷن ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ اﻵﺧﺮ.
ﻓــﻴــﻠــﻢ ﺑــﻴــﺘــﺮ ﻓـــﺎرﻟــــﻲ )اﺷــﺘــﻐــﻞ ﻣــــــﻊ أﺧـــــﻴـــــﻪ ﺑـــــﻮﺑـــــﻲ ﻓــــــﻲ ﻋــــــــﺪد ﻣــﻦ اﻟـــﻜـــﻮﻣـــﻴـــﺪﻳـــﺎت ﻣــــﻦ ﻗـــﺒـــﻞ أﺷــﻬــﺮﻫــﺎ («Dumb and Dumber» ﻻ ﻳﺨﺮج ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻴﻤﺔ. ﻓﺎﻟﺸﺨﺼﺎن اﳌﻌﻨﻴﺎن ﻫﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺎﻗﺾ واﺿﺢ:
اﻟﻌﺎزف اﳌﻌﺮوف اﺳﻤﻪ د. دون ﺷﻴﺮﻟﻲ )ﻳـﻘـﻮم ﺑـﻪ ﻣـﺎﻫـﺮﺷـﺎﻻ أﻟـﻲ( ﻳﻄﻠﺐ ﺳﺎﺋﻘﴼ ﻟﺴﻴﺎرﺗﻪ اﻟﻔﺎﺧﺮة اﻟﺘﻲ ﺳـﺘـﺠـﻮب اﳌـــﺪن اﻟـﺠـﻨـﻮﺑـﻴـﺔ ﻹﻗـﺎﻣـﺔ ﺑــﻌــﺾ اﻟــﺤــﻔــﻼت اﳌــﻮﺳــﻴــﻘــﻴــﺔ. إﻧــﻪ ﺛﺮي وﻣﺜﻘﻒ وﻟﻮﻧﻪ أﺳﻮد. اﻟﺴﺎﺋﻖ اﳌــﺘــﻘــﺪم ﻟـﻠـﻤـﻬـﻤـﺔ اﺳــﻤــﻪ ﺗــﻮﻧــﻲ ﻟــﺐ )ﻓــﻴــﻐــﻮ ﻣــﻮرﺗــﻨــﺴــﻦ( وﻫـــﻮ إﻳـﻄـﺎﻟـﻲ اﻷﺻﻞ، ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺔ ﻓﻘﻴﺮة وﺑﻼ ﺛﻘﺎﻓﺔ وﻟﻮﻧﻪ أﺑﻴﺾ.
ﻛـــــﻞ ﻣـــــﺎ ﻧــــــــﺮاه ﻋـــﻠـــﻰ اﻟـــﺸـــﺎﺷـــﺔ ﻣﺴﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ وﻣﺜﻞ اﻟﻄﺮق اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﻟﻲ اﻟﺴﻴﺎرة اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻻ ﺑـﺪ أن ﺗﺼﻞ إﻟــﻰ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ إذاﺑﺔ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺮوﻗﺎت ﺑﲔ اﻻﺛﻨﲔ وإﻳـــــﺠـــــﺎد ﺻـــﻠـــﺢ ﻣـــﺜـــﺎﻟـــﻲ ﻳــﺘــﺠــﺎوز اﻟــﻄــﺒــﻘــﺔ اﻻﻗـــﺘـــﺼـــﺎدﻳـــﺔ واﳌــﺴــﺘــﻮى اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ وﻟﻮن اﻟﺒﺸﺮة.
إﻧـــــﻬـــــﺎ ﻏـــــﺎﻳـــــﺎت ﻻ ﻳـــﻤـــﻜـــﻦ إﻻ اﻟـــﻘـــﺒـــﻮل ﺑـــﻬـــﺎ ﻛـــﻮﻧـــﻬـــﺎ، ﻣــــﻊ ﺑـﻌـﺾ اﻟﻨﻘﺎش، ﻧﻤﻮذﺟﻴﺔ. وﻣﺜﻞ »ﻗﻴﺎدة ﻣﺲ داﻳــﺰي«، اﻟـﺬي أﺧﺮﺟﻪ ﺑﺮوس ﺑﻴﺮﺳﻔﻮرد ﺳﻨﺔ ٩٨٩١ ﻣـﻦ ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻣﻮرﻏﺎن ﻓﺮﻳﻤﺎن وﺟﺴﻴﻜﺎ ﺗﺎﻧﺪي، ﻓـﺈن اﻷرﺿﻴﺔ ﺗﺘﻮﺳﻂ اﳌﺴﺎﻓﺔ ﺑﲔ اﻟﻔﺮﻳﻘﲔ.
»ﻗـــــﻴـــــﺎدة ﻣــــﺲ داﻳــــــــــﺰي« ﺟـــﺎء ﻋـﻜـﺲ اﻟــﺼــﻮرة اﻟـﺤـﺎﻟـﻴـﺔ: اﻟـﺴـﺎﺋـﻖ ﻫﻮ اﻷﺳﻮد وﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﺴﻴﺎرة ﻫﻲ اﻣــــﺮأة وﻟـــﻮن ﺑـﺸـﺮﺗـﻬـﺎ أﺑــﻴــﺾ. ﻫﻮ ﺳﺎﺋﻖ ﻣﺤﺪود اﻟـﺪﺧـﻞ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻬﻤﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﺪى ﺛﺮﻳﺔ ﻣﻨﺰوﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺎﳌﻬﺎ اﳌــﺘــﻮارث. ﻟﻴﺲ ﻫــﺬا ﻓـﻘـﻂ، ﺑــﻞ ﻫﻲ ﻳﻬﻮدﻳﺔ واﻟﺴﺎﺋﻖ ﻣﺴﻴﺤﻲ وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻤﺎرﺳﴼ ﺷﻐﻮﻓﴼ.
ﻣـــﺎ ﺗـــﺒـــﺎدﻟـــﻪ اﻻﺛــــﻨــــﺎن ﻓـــﻲ ذﻟــﻚ اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻛــﺎن أﻳـﻀـﴼ ﻗــﺪرة ﻛـﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ إﻓـﺎدة اﻵﺧـﺮ وﺟﻌﻠﻪ، ﻣﻦ دون ﻗﺼﺪ، أﻗﺮب إﻟﻴﻪ. اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻳﺬوب ﺑﺎﻟﺘﺪرﻳﺞ واﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺳﺮﻳﻌﴼ. ﻫــﺬا اﻟــﻮﺿــﻊ ذاﺗـــﻪ اﻟـــﺬي ﺷـﺎﻫـﺪﻧـﺎه أﺧــــﻴــــﺮﴽ ﻓــــﻲ ﻓــﻴــﻠــﻢ ﺳــﺘــﻴــﻔــﻦ ﻓـــﺮﻳـــﺮز »ﻓــﻴــﻜــﺘــﻮرﻳــﺎ وﻋــــﺒــــﺪل« اﻟــــــﺬي ﺗـﻘـﻊ أﺣـــﺪاﺛـــﻪ ﻓــﻲ ﻣـﻄـﻠـﻊ اﻟــﻘــﺮن اﳌــﺎﺿــﻲ ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﻋــﻴــﻨــﺖ اﳌــﻠــﻜــﺔ ﻓــﻴــﻜــﺘــﻮرﻳــﺎ )ﺟـــﻮدي دﻧـــﺶ( وﺻﻴﻔﴼ ﻣــﻦ اﻟﻬﻨﺪ اﺳـــﻤـــﻪ ﻋــﺒــﺪ اﻟــﻜــﺮﻳــﻢ )ﻋـــﻠـــﻲ ﻓــﻀــﻞ( وﺗـــﺒـــﺎدﻟـــﺖ وإﻳـــــــﺎه ﻣــﻨــﺎﻓــﻊ ﺛــﻘــﺎﻓــﻴــﺔ وﻏﺬاﺋﻴﺔ. ﻣﻨﺤﺘﻪ اﳌﻜﺎﻧﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ اﻟـــﺘـــﻲ أﻟــــﺒــــﺖ ﻋــﻠــﻴــﻬــﺎ أﻫـــــﻞ اﻟــﻘــﺼــﺮ اﻵﺧـﺮﻳـﻦ، وﻣﻨﺤﻬﺎ ﻫـﻮ ﻣﺰﻳﺠﴼ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ، ﺣﺘﻰ إن ﺧﺎﻟﻄﻬﺎ ﻗﺪر ﻣﻦ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻨﻔﻮذ.
ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺼﺎﻟﺢ
»ﻛـــﺘـــﺎب أﺧـــﻀـــﺮ« إذ ﻳـﻤـﺸـﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﻄﻰ »ﻗــﻴــﺎدة ﻣــﺲ داﻳــﺰي« إﻧــﻤــﺎ ﺑــﺼــﻮرة أوﺿـــﺢ ﻗــﺪ ﺗﺘﺒﺪى ﻟــﻠــﻤــﺸــﺎﻫــﺪ ﻣـﻘـﺤـﻤـﺔ إﻟــــﻰ ﺣـــﺪ ﻣــﺎ. ﻟﻘﺪ ﺟﻌﻞ اﻟﺴﻴﻨﺎرﻳﻮ ﻣﻦ اﻟﻌﺎزف اﻷﻓﺮو - أﻣﻴﺮﻛﻲ ﻧﻤﻮذﺟﴼ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ اﳌﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻟﻪ ﻧﻤﻮذج ﻓﻌﻠﻲ ﻓــﻲ ﺗـﻠـﻚ اﻟــﻔــﺘــﺮة وﻓـــﻲ ذﻟـــﻚ اﳌـﻜـﺎن اﻟﻌﺎﺑﻖ ﺑﺎﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ: دون ﺷﻴﺮﻟﻲ ﻟﻴﺲ ﻣﺜﻘﻔﴼ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻳﺠﻴﺪ اﻟﻠﻐﺔ اﻟــــﺮوﺳــــﻴــــﺔ. ﻟــﻴــﺲ ﺛـــﺮﻳـــﴼ ﻓــﻘــﻂ ﺑـﻞ ﻳﻌﻴﺶ أرﺳـﺘـﻘـﺮاﻃـﻴـﴼ. وﻫــﻮ ﻟﻴﺲ ﻣﺸﻬﻮرﴽ ﻓﺤﺴﺐ، ﺑﻞ ﻟﺪﻳﻪ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﻦ اﳌﻌﺠﺒﲔ اﳌﺨﺘﻠﻄﲔ.
ﺗﻮﻧﻲ، ﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ، ﻫﻮ ﻣﻌﺪوم اﻟـــﺜـــﻘـــﺎﻓـــﺔ، ﺷــﻌــﺒــﻲ اﻟـــﺴـــﻠـــﻮك وﻛـــﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﺣﺎرﺳﴼ ﺷﺨﺼﻴﴼ ورﺟﻞ ﻗﻮة ﻳﺴﺘﻌﺎن ﺑــﻪ ﺣــﲔ اﻟـﺤـﺎﺟـﺔ ﻹﺟﺒﺎر أﺣــﺪﻫــﻢ ﻋـﻠـﻰ دﻓــﻊ ﺧـــﻮة أو ﻟﻀﺮب ﺷـﺨـﺺ ﻛــﺎن ﺗــﺼــﺪى ﻟــﻄــﺮف آﺧــﺮ. ﺷــﻲء ﻣـﺜـﻞ ﺻـــﻮرة اﳌــﻼﻛــﻢ اﻟﻌﺎﻃﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ روﻛﻲ ﺑﺎﻟﺒﺎو ﻓﻲ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻷول ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ »روﻛﻲ« ﻛﻤﺎ أداه ﺳﻠﻔﺴﺘﺮ ﺳﺘﺎﻟﻮن.
ﻳــــــﻀــــــﻴــــــﻒ اﻟــــــﻔــــــﻴــــــﻠــــــﻢ ﺑـــﻌـــﺾ اﻹﻳــــﺤــــﺎءات اﻟــﺸــﺨــﺼــﻴــﺔ اﻷﺧــــﺮى؛ ﺗﻮﻧﻲ ﻣﺘﺰوج وﻟﺪﻳﻪ وﻟــﺪان، ودون ﻋـــﺎزب وﻗـــﺪ ﻳـﻔـﻀـﻞ ذﻟـــﻚ ﻷن ﻫﻨﺎك إﻳــــﺤــــﺎء ﻳـــﺮﺳـــﻤـــﻪ اﻟـــﺴـــﻴـــﻨـــﺎرﻳـــﻮ وﻻ ﻳﺘﺪاوﻟﻪ ﺑﺄﻧﻪ ﻣﺜﻠﻲ اﻟﻬﻮى.
ﺳﻴﻘﻮد اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻫـﺬا اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻋـــــﻠـــــﻰ ﻧـــــﺤـــــﻮ ﻣــــﺜــــﻴــــﺮ ﻟـــﻠـــﻤـــﺘـــﺎﺑـــﻌـــﺔ واﻻﻫــﺘــﻤــﺎم، ﻟـﻜـﻨـﻪ ﺑــﻼ ﺑـﻄـﺎﻧـﺔ ﻓﻨﻴﺔ ﻛـــﺒـــﻴـــﺮة. ﻓـــﻴـــﻪ ﻳـــﺴـــﺮ اﻟــــﺴــــﺮد ورﻗــــﺔ اﳌــﻌــﺎﻟــﺠــﺔ، ﻟـﻜـﻨـﻪ ﺑــﻼ ﻣـﻨـﻬـﺞ ﻟﻠﺮﻗﻲ ﺑـﻪ ﻓﻨﻴﴼ إﻟــﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻳﺘﺤﺪى ﻓﻴﻪ اﳌﺨﺮج ﻣﺸﺎﻫﺪﻳﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺼﻌﻴﺪ أﻳـــﻀـــﴼ وﻟـــﻴـــﺲ ﻓــﻘــﻂ ﻋــﻠــﻰ ﺻـﻌـﻴـﺪ ﺣﻜﺎﻳﺘﻪ.
ﻫــﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺗﺒﻘﻰ ﺗﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓـﻲ أﻓـﻀـﻞ ﺣﺎﻻﺗﻬﺎ ﻣـﻊ ﻣـﻴـﺰة أﻧﻬﺎ ﺣﻤﻴﻤﻴﺔ وﺟﺎدة ﻓﻲ ﻃﻠﺐ ﻧﺸﺮ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﺼﺎﻟﺢ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﺖ اﻟﻌﺼﻴﺐ داﺧــﻞ أﻣﻴﺮﻛﺎ وﺧـﺎرﺟـﻬـﺎ. ﺳﻴﺘﺎﺑﻊ اﳌـــﺸـــﺎﻫـــﺪ ﻫــﻨــﺎ ﺧــﻄــﴼ دراﻣــــﻴــــﴼ )ﻣــﻊ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻛﻮﻣﻴﺪﻳﺔ ﺧﻔﻴﻔﺔ( ﻟﻬﺬﻳﻦ اﻟﺮﺟﻠﲔ اﳌﺘﺒﺎﻋﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ذﻛﺮﺗﻪ ﻣـﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﺘﻜﻼ ﺑــﺎدئ اﻷﻣــﺮ، ﻋــﻠــﻰ ﺗـﻨـﺎﻗـﻀـﺎﺗـﻬـﻤـﺎ وﻻﺣـــﻘـــﴼ ﻋﻠﻰ ﻓـﺮص ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻵﺧـﺮ، وﻻﺣﻘﴼ ﻛﻴﻒ ﺳﻴﻨﺪﻓﻊ ﺗﻮﻧﻲ ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ دون ﻋﻨﺪ اﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﺮر ﻣـﺪﻳـﺮ أﺣــﺪ اﳌـﻄـﺎﻋـﻢ ﻋــﺪم اﺳﺘﻘﺒﺎل »زﻧـﺠـﻲ« ﻓـﻲ ﻣﻄﻌﻤﻪ. ﻫــﺬا اﳌﺸﻬﺪ ﻳﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺎ زال ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪ ﻣﻦ ﻫـﺬا اﻟﻨﻮع اﻟــﺬي ﻳﺴﺘﺨﺪم ﻓﻴﻪ ﺗﻮﻧﻲ ﺑﺮاﻋﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻨﻴﻒ ﻟﻔﺮض ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ ﻓﺮﺿﻪ.
ﻓـــــﻲ اﻟـــــﻮاﻗـــــﻊ ﻣـــﻌـــﻈـــﻢ اﳌـــﻼﻣـــﺢ اﻟــﻜــﻮﻣــﻴــﺪﻳــﺔ ﺗــﺄﺗــﻲ ﻣـــﻦ ﺧــــﻼل ﻣﺜﻞ ﻫــﺬه اﳌـﺸـﺎﻫـﺪ اﻟـﺘـﻲ ﻳـﺆدﻳـﻬـﺎ ﻓﻴﻐﻮ ﻣﻮرﺗﻨﺴﻦ ﺟﻴﺪﴽ. إﻧــﻪ ﻣﺎ زال ﻳﻤﺜﻞ دوره ﺑــﻤــﺎ ﻳــﻤــﻠــﻜــﻪ ﻣــــﻦ ﻣــﻮﻫــﺒــﺔ ﻻ ﺗـﺘـﻨـﺎزل، ﻟـﻜـﻨـﻪ ﻓــﻲ اﻟــﻮﻗــﺖ ذاﺗـــﻪ ﻣﻦ ﻳــﺘــﻮﻗــﻊ ﻣــﻨــﻪ اﳌـــﺸـــﺎﻫـــﺪ ﺗــﻤــﺮﻳــﺮ ﻛـﻞ اﻟﺮﺳﺎﻻت اﳌﺬﻛﻮرة ﻣﻦ ﺧﻼل أﻓﻌﺎﻟﻪ واﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻪ.
ﻣــﺎ ﻳـﻨـﺠـﺰه اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻓــﻲ ﺳﻴﺎﻗﻪ أﻳﻀﴼ ﻫﻮ ﻣﻼﻣﺴﺔ اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ، ﻟﻴﺲ ﻛﻜﺎﺋﻦ وﺣﺸﻲ ﻣﻀﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﻄﻮت اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت واﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت، ﺑﻞ ﻳﺘﺮك ﻃﻌﻤﴼ ﻣﺮﴽ اﻟﻴﻮم ﻛﻮﻧﻨﺎ ﻧﻌﺮف ﺟﻴﺪﴽ أن ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺎﺛﻼ آﻧﺬاك ﻣﺎ زال ﻣﺎﺛﻼ اﻟﻴﻮم رﺑﻤﺎ ﺗﺤﺖ رﻣﺎد ﻛﺜﻴﻒ.