البعثة الأوروبية تكشف ١١ خرقاً في الانتخابات العراقية
بعد ٩ أشهر من إجراء الاقتراع
أحــيــا تــقــريــر لـبـعـثـة خــبــراء الانتخابات في الاتحاد الأوروبي جــدلا، كـان قـد تـراجـع مـؤخـرا في خـضـم الـــصـــراع الـسـيـاسـي على تشكيل الحكومة العراقية، حول »خــروقــات ومــلاحــظــات سلبية« رافقت الانتخابات النيابية التي جــرت فـي مـايـو (أيــــار) ٢٠١٨ في العراق.
وسـجـل الـتـقـريـر، كـمـا يـقـول خطاب »ســري« موجه مـن وزارة الخارجية العراقية إلى الرئاسات الـثـلاث، ١١ خـرقـا تقع غالبيتها على عاتق مفوضية الانتخابات المستقلة ومجلس النواب السابق، إلـى جانب خـرق واحـد وقعت به »شبكة الإعلام العراقية« المملوكة للدولة.
وكــانــت نـتـائـج الانـتـخـابـات الــــنــــيــــابــــيــــة الــــــعــــــامــــــة، شـــهـــدت اعـــتـــراضـــات واتـــهـــامـــات واســعــة بــالــتــزويــر، ومــطــالــبــات بــإعــادة عـمـلـيـات الــعــد والـــفـــرز بـطـريـقـة يــــدويــــة بــــــدلا عــــن الإلــكــتــرونــيــة وأعـلـنـت نتائجها النهائية بعد أكثر من ثلاثة أشهر على إجرائها.
ويــــوصــــي الـــكـــتـــاب الـــســـري المــــرفــــوع مــــن وزارة الــخــارجــيــة العراقية فـي ١١ فبراير (شـبـاط) الجاري، بشأن التقرير الأوروبي، مفوضية الانتخابات بإعداد »رد مناسب على ما ورد من ملاحظات سلبية في تقرير بعثة الخبراء« وتـوقـع أن »يـتـم تسريب التقرير إلــى وسـائـل الإعـــلام« وهــو الأمـر الذي حدث بالفعل أول من أمس.
وحــــــــــول الــــــخــــــروقــــــات الـــتـــي رصـــدهـــا تــقــريــر بـعـثـة الــخــبــراء الأوروبــيــة، ورد فـي كـتـاب وزارة الخارجية العراقية، أن من بينها »غــيــاب الـشـفـافـيـة وعــــدم إجـــراء مراجعة وتدقيق مستقلين لنظام تكنولوجيا المعلومات المستخدم وتغيير التشريعات خلال العملية الانتخابية«، إلى جانب عمليات »ترهيب ومحاولات التأثير على المتنافسين والناخبين، لا سيما فــي المـنـاطـق الــحــدوديــة المـتـنـازع عليها في كركوك ونينوى وكذلك في إقليم كردستان.«
كما تحدث التقرير الأوروبي عن أن الإطار القانوني لانتخابات ٢٠١٨ احــتــوى عـلـى »الـعـديـد من الأحــــكــــام الـــتـــي لا تــتــمــاشــى مـع التعهدات والمبادئ الدولية لإجراء الانتخابات الديمقراطية.« وذكر أن البرلمان العراقي وفي »خطوة غـيـر مـسـبـوقـة أقـــر تـعـديـلا على قــانــون الانــتــخــابــات بـعـد إعــلان الــنــتــائــج الأولــــيــــة الـــتـــي لا تـــزال جــــاريــــة، مــمــا أحــــــدث تــغــيــيــرات مـهـمـة« فــي إشــــارة إلــى تصويت مــجــلــس الــــــنــــــواب عـــلـــى تــعــديــل قـانـون الانـتـخـابـات فـي ٦ يونيو (حــــزيــــران) عــــام ٢٠١٨، أي بـعـد أقـــل مــن شـهـر واحـــد عـلـى إجـــراء الانــتــخــابــات وإعــــــلان نـتـائـجـهـا الأولية، وفرض مشروع التعديل حــيــنــذاك إعــــــادة عـمـلـيـات الــفــرز والعد اليدوي بطريقة يدوية بعد أن أجــريــت بـطـريـقـة إلـكـتـرونـيـة، كــمــا قــــرر الـــبـــرلمـــان إيـــقـــاف عـمـل مجلس المفوضية وإيـكـال مهمة العد والفرز الجديدة إلى مجلس مفوضين من القضاة.
ورأى تـــــقـــــريـــــر الـــــخـــــبـــــراء الأوروبــــيــــين أنـــه لــم يــلاحــظ »أي جهود مبذولة من قبل مفوضية الانــتــخــابــات لـتـسـهـيـل وتـمـكـين الـــنـــاخـــبـــين مــــن تــســلــم بــطــاقــات الناخب بسلاسة، مما حرم أكثر مــن ٢٠ فــي المــائــة مــن الـنـاخـبـين المسجلين من حقهم في الاقتراع، كذلك لم تتم حماية سرية الاقتراع بــالــشــكــل الـــكـــافـــي والمـــطـــلـــوب«. كــذلــك تــحــدث الــتــقــريــر عـــن عــدم استقلالية مفوضية الانتخابات لأن أعــــضــــاءهــــا مــــن »مــرشــحــي الــكــتــل الــســيــاســيــة الــرئــيــســيــة«، مـنـتـقـدا »تـقـاعـسـهـا وفـشـلـهـا في إجراء تحقيق ومراجعة مستقلين للأنظمة الإلـكـتـرونـيـة المستقلة« كما اتهمها بعدم »إجراء عمليات الــــعــــد والـــــفـــــرز بــشــكــل روتــيــنــي مـــنـــظـــم« وعـــــــــدم »تـــمـــتـــع وكـــــلاء الـكـيـانـات الـسـيـاسـيـة والمـراقـبـين بحرية الوصول بالشكل المطلوب والكافي .«
واستناداً إلى توصية وزارة الـخـارجـيـة الـعـراقـيـة مـفـوضـيـة الانـتـخـابـات بكتابة رد على ما ورد فــي تـقـريـر خــبــراء الاتـحـاد الأوروبـــــــي، أصـــــدرت المـفـوضـيـة بــيــانــا مـقـتـضـبـا أول مـــن أمــس وعـــدت فـيـه بـالـرد عـلـى التقرير بشكل مفصل في الأيـام المقبلة. وذكـــــرت المـفـوضـيـة فــي بـيـانـهـا أنـهـا »عـاكـفـة عـلـى إعـــداد تقرير مفصل وإجـابـة رسمية على ما ورد فـي الـتـقـريـر، وفــي الجانب الخاص المتعلق بعمل المفوضية. وســـــيـــــوزع هــــــذا الـــتـــقـــريـــر عـلـى الــرئــاســات الــثــلاث والمـنـظـمـات الـــــــدولـــــــيـــــــة وبـــــعـــــثـــــة الاتــــــحــــــاد الأوروبي .«
وفـيـمـا يـتـعـلـق بالتغطيات التي قامت بها قناة »العراقية« ذكر تقرير الخبراء الأوروبيين، أن »أغلب المحاورين على »قناة العراقية« المملوكة للدولة كانت مـنـحـازة بـشـكـل واضـــح لصالح رئـيـس الـــــوزراء الــدكــتــور حـيـدر العبادي «، الأمر الذي نفته القناة وأبـدت أسفها واستغرابها مما ورد فــي الـبـيـان ودعـــت أعـضـاء الـــبـــعـــثـــة إلـــــــى زيـــــــــــارة الــشــبــكــة والاطـــلاع عـلـى المـــادة الإعـلامـيـة المــبــثــوثــة خــــلال مــــدة الـتـغـطـيـة الإعلامية للانتخابات.
وقـالـت الشبكة فـي بـيـان إن »تقرير البعثة تضمن مغالطات قــد تــكــون غـيـر مــقــصــودة أو لم تدقق من قبل القائمين على كتابة التقرير.« وذكرت أنها »وضعت قبل إجراء الانتخابات خطة عمل متكاملة أشرف عليها خبراء من داخــل الشبكة وخـارجـهـا روعـي فيها تمثيلهم لجميع مكونات الشعب العراقي دون استثناء،« وأنها »قامت باستضافة ٤٠٠٠ مــرشــح يـمـثـلـون جـمـيـع الـقـوى المتنافسة فـي الانـتـخـابـات، من أصل ٦٩٠٤ مرشحين، أي أكثر من ٦٠ في المائة من عدد المرشحين.«
وســألــت »الــشــرق الأوســـط« مــــــســــــؤولا ســــابــــقــــا فــــــي إحــــــدى المـنـظـمـات الـدولـيـة الـعـامـلـة في العراق، حول رأيه بتأخر صدور الـتـقـريـر الأوروبــــي بـعـد مــرور ٩ أشـهـر عـلـى إجـــراء الانـتـخـابـات، فأجاب: »أظن أن التقرير قد قدم للاتحاد الأوروبي في وقت أبكر، لكن قرار مشاركته مع الحكومة العراقية وترجمته استغرق كل هـذا الـوقـت.« ويضيف المسؤول الـــذي يـفـضـل عـــدم الإشـــــارة إلـى اسـمـه أن »إصــــدار الـتـقـاريـر في الـــوقـــت المـــنـــاســـب يــعــتــمــد عـلـى كفاءة الفريق الـذي يعمل عليه، وهو في العادة يستغرق بعض الوقت، ثم يتخذ التقرير مساره لــلــعــرض عــلــى قـــيـــادة الاتـــحـــاد وبـــــحـــــســـــب تـــــصـــــويـــــت الــــــــــدول الأعـــضـــاء ومــشــاوراتــهــم يتخذ الـــقـــرار بـمـشـاركـتـه مــع حـكـومـة العراق من عدمها، ويمنح درجة السرية المناسبة .«