Asharq Al-Awsat Saudi Edition

الصراع يتجدد بين فريقي عون والحريري حول الصلاحيات

خبير دستوري يعتبر أن السبب يعود إلى عدم وضوح النصوص

- بيروت: يوسف دياب

احــتــدم الـسـجـال بــين فريقي رئـيـس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، على خلفية النقاش الـحـادّ الـذي اتسمت به الجلسة الأولى لمجلس الــوزراء التي انعقدت في القصر الجمهوري يوم الخميس الماضي، والــقــرا­ر الـــذي اتـخـذه عــون برفع الـجـلـسـة فـجـأة لإنـهـاء الاشـتـبـا­ك الــكــلام­ــي ّ الــــذي دار بــين الـــــوزر­اء حـول مـلـف الـنـازحـي­ن الـسـوريـي­ن، وتجاهله دور الحريري بوصفه رئـيـسـاً لمـجـلـس الــــــــ­وزراء، وأعـــاد الـــســـج­ـــال طـــــرح مــســألــ­ة تــجــاوز الصلاحيات الدستورية لرئيس الــحــكــ­ومــة، وأوجـــــد اصـطـفـافـ­ات سياسية وطائفية، خصوصاً بعد دخول البطريرك الماروني بشارة الراعي على الخطّ، وإعلان دعمه المطلق لموقف رئيس الجمهورية، فـيـمـا ســـارعـــ­ت مـــصـــاد­ر مـطـلـعـة عـلـى أجــــواء الـقـصـر الـجـمـهـو­ري إلى التقليل من أبعاد ما حصل، وأكــــــد­ت لــــ »الـــشـــر­ق الأوســـــ­ــط« أن »لا شــــيء يــعــكّــر صــفــو الــعــلاق­ــة بـين الـرئـيـسـ­ين عــون والـحـريـر­ي، وموقف رئيس الجمهورية لا يقلل مـن صـلاحـيـات رئـيـس الحكومة إطلاقاً .«

وشـكّـل هــذا الـسـجـال مـدخـلاً لــتــراشـ­ـق إعــلامــي بــين الـطـرفـين، حيث رأى النائب محمد الحجار (عـضـو كـتـلـة الــحــريـ­ـري) أنـــه من المـفـيـد الـتـذكـيـ­ر بـنـصّ المـــادة ٦٤، المعدلة بالقانون الـصـادر في ٢١ سـبـتـمـبـ­ر (أيــــلـــ­ـول) ١٩٩٠، الـــذي يــنــص عــلــى أن »رئــيــس مجلس الــــــــ­ـوزراء هـــو رئــيــس الــحــكــ­ومــة، يمثلها ويتكلم باسمها، ويعتبر مــــســــ­ؤولاً عـــن تـنـفـيـذ الـسـيـاسـ­ة الـــعـــا­مـــة الـــتـــي يــضــعــه­ــا مـجـلـس الــــــوز­راء.« وســرعــان مـا ردّ عليه عــضــو تــكــتــل »لـــبـــنـ­ــان الــــقـــ­ـوي«، الـنـائـب آلان عـــون، الـــذي أوضــح أن »لا أحد يحاول الانتقاص من صــلاحــيـ­ـات رئــيــس الــحــكــ­ومــة.« وأشـــــــ­ار فـــي تــصــريــ­ح لـــ »الــشــرق الأوسط« إلى أن »الدستور ينصّ صـــرحـــة عــلــى أنـــــه حـــين يـحـضـر رئـــــيــ­ـــس الــــجـــ­ـمــــهـــ­ـوريــــة مــجــلــس الوزراء، يترأس الجلسة، ويصبح هــو صــاحــب الـــقـــر­ار بـافـتـتـا­حـهـا وإدارتها ورفعها، والرئيس عون مارس صلاحياته، من دون النيل من صلاحيات رئيس الحكومة،« مــســتــغ­ــربــاً مــــا ســـمـــاه »افــتــعــ­ال مشكلة غير موجودة أصلاً.«

غير أن تبرير فريق الرئيس عــون، والـتـيـار الـوطـنـي الـحـرّ، لم يقنع تيّار »المستقبل« الذي يرأسه سـعـد الــحــريـ­ـري، إذ شــدد عضو المكتب السياسي في »المستقبل«، الــــــنـ­ـــــائـــ­ـــب الــــــسـ­ـــــابـــ­ـــق مــصــطــف­ــى عــلــوش، فــي تـصـريـح لـــ »الــشــرق الأوسـط،« على أن »سلطة رئيس الـجـمـهـو­ريـة فـي مجلس الـــوزراء هــــي مــعــنــو­يــة، ولــيــســ­ت سـلـطـة حـــاكـــم،« وقـــــال: »عــنــدمــ­ا يحضر رئيس الجمهورية، يرأس مجلس الوزراء، لكنه لا يستطيع أن يوقف الجلسة وهي لا تزال تدرس جدول الأعمال لأي سبب كان.«

وبعث الخلاف داخل مجلس الــــــــ­ـوزراء، وفــــي الـجـلـسـة الأولــــى للحكومة الجديدة، رسالة سلبية نـسـفـت مــا يـحـكـى عــن الـتـضـامـ­ن الوزاري. واعتبر القيادي في تيار »المستقبل«، مصطفى علوش، أن ما حصل »يخالف التفاهم القائم بـــين جـمـيـع مــكــونــ­ات الـحـكـومـ­ة حـــول الـتـقـيّـد بـمـضـمـون الـبـيـان الــــــوز­اري، وشــكّــل خـرقـاً فاضحاً لمـبـدأ الـنـأي بالنفس، بعد زيـارة وزير النازحين صالح الغريب إلى دمشق، وكلام وزير الدفاع إلياس أبو صعب من جنيف«، معتبراً أن »تفاهم الأمر الواقع أوصلنا إلى هكذا نتيجة .«

وفي خضم الصراع الذي كاد يوصل البلد إلى انقسام طائفي، يــتــخــط­ــى بــخــطــو­رتــه الانــقــس­ــام السياسي، عزا الخبير الدستوري والقانوني المحامي سعيد مالك السبب إلـى »الـتـداخـل والتشابك فـــــي الــــنـــ­ـصــــوص الــــدســ­ــتــــوري­ــــة، الــتــي تـتـحـدث عــن صـلاحـيـة كـلّ مــن رئـيـس الـجـمـهـو­ريـة ورئـيـس الــحــكــ­ومــة«، وأكـــــد فـــي تـصـريـح لـ »الشرق الأوسـط« أن »هناك من يستند إلى المادة ٥٣ من الدستور، الــتــي تــنــصّ صـــراحـــ­ة عــلــى حـق رئـــيـــس الـــجـــم­ـــهـــوري­ـــة بــحــضــو­ر جلسة مجلس الوزراء وترؤسها، وهـــذا يـعـنـي أن الـرئـيـس هــو من يفتتح الـجـلـسـة، ويـعـطـي الـكـلام للوزراء ويختتمها، وهذه وجهة صحيحة«، لافتاً في الوقت نفسه إلـى أن »الـدسـتـور يشدد على أن الحكومة مجتمعة هي التي تحدد سياسة الدولة، ورئيس الحكومة هو من ينطق باسمها ويديرها، وصلاحياته بذلك ثابتة.«

وعـنـد كـلّ محطة سياسية، يــــــــت­ــــــــجـ­ـــــــدد الــــــــ­ــــخـــــ­ـــــــلاف حــــــــو­ل الصلاحيات الدستورية، سواء بالنسبة لـرئـيـس الـجـمـهـو­ريـة، أو لرئيس مجلس الــوزراء، مما يـقـود أحـيـانـاً إلــى تعطيل عمل المــؤســس­ــات، مــن دون الـتـوصـل إلـــــى اتــــفـــ­ـاق لــحــســم­ــهــا. وأعـــــاد المـحـامـي مـالـك أســبــاب المشكلة إلــى »تـشـابـك الـصـلاحـي­ـات بعد تـــعـــدي­ـــل الـــــدسـ­ــــتـــــ­ور«، وأعـــطـــ­ى مـثـالاً عـلـى ذلــك بــأن »الـدسـتـور يقول إن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلّحة. وفي مكان آخر، يؤكد على وضـع كـل الـقـوات المسلحة تـحـت سلطة مجلس الــــوزرا­ء.« وشدد مالك على أهمية »معالجة هــــذا الــتــشــ­ابــك والـــتـــ­داخـــل بـين صلاحيتي رئـيـس الجمهورية ورئـيـس الـحـكـومـ­ة، ضـمـن سلّة تعديلات ضرورية لحسم كثير مــن الإشـــكــ­ـالات، مـثـل المــــادة ٥٢ الـتـي تعطي رئـيـس الـدولـة حق تـوقـيـع المــعــاه­ــدات، فـي حـين أن المــادة ٦٥ من الدستور تقول إن المــعــاه­ــدة تــحــتــا­ج إلـــى مـوافـقـة ثلثي أعـضـاء مجلس الــوزراء،« معتبراً أن »مكمن الخلل في عدم وضوح النص .«

وأبــــــر­ز وجـــــوه ّ الاصــطــف­ــاف حول هذا الخلاف تمثلت بموقف الـــبـــط­ـــريـــرك المــــــا­رونــــــي بـــشـــار­ة الــراعــي، الـــذي أكــد فـي تصريح له بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا أن »موقف الرئيس عون في جلسة مــجــلــس الــــــــ­ــــوزراء كــــــان مــوقــفــ­اً مشرفاً«، معتبراً أن »الرئيس هو حامي الدستور والشعب «. ورأى الـــراعــ­ـي أن »الــدســتـ­ـور واضـــح، والمــــــ­ـادة ٤٩ واضـــحـــ­ة، ورئــيــس

ّ الـجـمـهـو­ريـة يُـقـسـم الـيـمـين أنــه يُحافظ على الدستور وسيادة الوطن ووحـدة الشعب وشؤون الــــدولـ­ـــة، وهــــو لا يــتــعــدّى عـلـى أحد، وفي غياب الرئيس (يفرط) البلد .«

 ??  ?? الرئيس سعد الحريري والنائب السابق مصطفى علوش (من حساب الحريري على »تويتر«(
الرئيس سعد الحريري والنائب السابق مصطفى علوش (من حساب الحريري على »تويتر«(

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia