Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ترقب خروج مزيد من المحاصرين من جيب »داعش«... وحاجة ماسّة للمساعدات

»قوات سوريا الديمقراطي­ة« تواصل إجلاء المدنيين

- حقل العمر (دير الزور) لندن: »الشرق الأوسط«

تـــــتـــ­ــوقـــــع »قـــــــــ­ــــــوات ســـــوريـ­ــــا الـديـمـقـ­راطـيـة« إجــــلاء مــزيــد من المـــحـــ­اصـــريـــ­ن فــــي جــيــب تـنـظـيـم داعــــــش فـــي شــــرق ســـوريـــ­ا غـــداة خــــروج أكــثــر مــن ألــفــي شـخـص، غالبيتهم من عائلات المتطرفين، تـزامـنـاً مـع تـأكـيـد الأمـــم المـتـحـدة الحاجة الماسة لمساعدات إنسانية لمخيمات النزوح شمالاً.

وأجـــــــ­لـــــــت »قـــــــــ­ـــــوات ســــوريــ­ــا الديمقراطي­ة« منذ الأربعاء، نحو ٥ آلاف شخص من الباغوز، بينهم عـدد كبير مـن النساء والأطـفـال، وصـــــل ٢٥٠٠ مــنــهــم وفـــــق الأمـــم المتحدة إلى مخيم الهول (شمال)، الــــذي يـشـهـد أوضـــاعــ­ـاً إنـسـانـيـ­ة مــأســاوي­ــة وبــحــاجـ­ـة مــاســة إلــى مساعدات عاجلة.

وتقترب هـذه الـقـوات المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، من حسم المعركة ضد مقاتلي التنظيم المحاصرين في مساحة لا تتخطى نصف كيلومتر مربع داخل بلدة الباغوز، تمهيداً لإعــــلان انــتــهــ­اء »خـــلافـــ­ة« أثـــارت الرعب طيلة سنوات.

وقـــال المـتـحـدث بـاسـم حملة »قـوات سوريا الديمقراطي­ة« في ديـر الــزور عـدنـان عفرين لوكالة الــصــحــ­افــة الــفــرنـ­ـســيــة، الـسـبـت: »المعبر مفتوح من جهتنا ونأمل أن يأتي عدد أكبر من المدنيين« من جيب التنظيم، »لكن ذلك يتوقف عـلـى مــا إذا كـــان مـقـاتـلـو داعــش سيتركون مجالاً للمدنيين حتى يخرجوا أم لا.«

وقدر عفرين خروج »أكثر من ألـفـي شـخـص مـن نـسـاء وأطـفـال ورجــــــا­ل« الـجـمـعـة مــن الــبــاغـ­ـوز، يُـرجـح أن غالبيتهم مـن عائلات المتطرفين، تـم نقلهم إلـى منطقة في وسط صحراء ريف دير الزور الشرقي، تمهيداً لإتمام عمليات الفرز ثم نقلهم إلـى مخيم الهول شمالاً أو مراكز اعتقال.

وفـي نقطة الـفـرز التي تبعد قــرابــة سـاعـة عــن بـلـدة الـبـاغـوز، شاهدت مراسلة وكالة الصحافة الـفـرنـسـ­يـة، بـعـد ظـهـر الـجـمـعـة، المـئـات مـن الـنـسـاء مـع أطـفـال من مختلف الأعمار.

وتجمع الرجال، وعددهم أقل من النساء بكثير، في المكان ذاته بشكل منفصل أثـنـاء خضوعهم الواحد تلو الآخر لعملية تفتيش وتدقيق في الهوية.

وافــــتــ­ــرشــــت بـــعـــض الــنــســ­اء الأرض قـــــرب حــقــائــ­ب مـخـتـلـفـ­ة الأحــجــا­م، بينما كــان عــدد كبير مـــنـــهـ­ــن يـــــصـــ­ــرخ طـــلـــبـ­ــاً لــلــمــي­ــاه والطعام للأطفال.

وأمسكت سيدة عراقية منقبة، في الأربعينات من عمرها، بتقرير طبي مكتوب باللغة الإنجليزية، قـالـت إن طبيباً فـي الـبـاغـوز كتبه لها قبل خروجها لتسريع عملية عـلاجـهـا جـــراء مـعـانـاتـ­هـا مــن داء الكلى. ولـم تـتـوانَ عـن طلب المياه لــلــشــر­ب. وتـــحـــد­ث فـــريـــق وكــالــة الصحافة الفرنسية مـع زوجـات مــتــطــر­فــين، بـعـضـهـم قــتــل خــلال المـــعـــ­ارك وآخــــــر­ون لا يـــزالـــ­ون في البقعة الأخيرة المحاصرة، تحدثن عــن ظـــروف معيشية صـعـبـة في الأسابيع الأخيرة.

وروت خـديـجـة عـلـي محمد )٢٤ عاماً) وهي أم لطفلين وتتحدر من محافظة حلب (شمال:( »كنا نــعــيــش فــــي خـــيـــم ونــــأكــ­ــل خـبـز الـنـخـالـ­ة، ولــم يـتـوفـر لـديـنـا، أنـا وأخـواتـي الـثـلاث، المـال كـي ندفع

ُ للمهربين بعدما قتل أزواجنا في المعارك في وقت سابق«.

ّ ولا تتوفر لدى »قوات سوريا الديمقراطي­ة« راهناً أي تقديرات لــعــدد مــقــاتــ­لــي الـتـنـظـي­ـم الــذيــن يـتـحـصـن عــــدد كــبــيــر مــنــهــم فـي أنفاق وأقبية تحت الأرض داخل الباغوز.

ومـــن شـــأن اسـتـكـمـا­ل إجــلاء المحاصرين أن يحدد ساعة الصفر لـ »قوات سوريا الديمقراطي­ة« من أجـــل حـسـم المــعــرك­ــة، ســــواء عبر اســتــســ­لام المــتــطـ­ـرفــين أو إطـــلاق الهجوم الأخير ضدهم.

وقـــال مـديـر المــركــز الإعـلامـي في »قـوات سوريا الديمقراطي­ة« مصطفى بالي، الجمعة: »ننتظر إجــلاء آخـر المدنيين لاتـخـاذ قـرار الاقتحام«.

وأعــلــنـ­ـت هــــذه الــــقـــ­ـوات قـبـل أسبوع أن قواتها باتت »تتحرك بحذر« بعد تضييق الخناق على مقاتلي التنظيم، لإفساح المجال أمـــام المـدنـيـي­ن بـالـخـروج، بعدما فـاق عـددهـم توقعاتها. واتهمت الـتـنـظـي­ـم بـاسـتـخـد­امـهـم دروعـــاً بشرية.

وبعد إنهاء عملية التفتيش والـتـدقـي­ـق الأولـــي فــي الـهـويـات وجـمـع المـعـلـوم­ـات الـشـخـصـي­ـة، يُنقل المـدنـيـو­ن لا سيما النساء والأطـــــ­ـفــــــال إلــــــى مــخــيــم الـــهـــو­ل شمالاً، الواقع على بعد ٦ ساعات عــن الــبــاغـ­ـوز، بينما يـتـم إيــداع المشتبه بانتمائهم إلــى تنظيم داعش في مراكز تحقيق خاصة.

ويــــكـــ­ـتــــظ مــــخــــ­يــــم الـــــهــ­ـــول، الــــــــ­ذي تــــديـــ­ـره »قـــــــــ­وات ســـوريـــ­ا الـــديـــ­مـــقـــرا­طـــيـــة« فــــي مـحـافـظـة الــحــســ­كــة (شــــمــــ­ال شــــــــر­ق)، مـع وصول مزيد من الأشخاص إليه. ويـــــؤوي المــخــيـ­ـم، ويــضــم قسماً خـاصـاً بـعـائـلات المـتـطـرف­ـين، ٤٠ ألف شخص، وفق ما أفاد مكتب تنسيق الـشـؤون الإنـسـانـ­يـة في الأمـم المتحدة في تغريدات على »تويتر« ليل الجمعة.

وتــــوقــ­ــعــــت الأمــــــ­ـــم المـــتـــ­حـــدة وصــــــــ­ول »آلاف آخـــــريـ­ــــن خـــلال الـــســـا­عـــات/ الأيــــــ­ام المـقـبـلـ­ة إلــى المـــخـــ­يـــم، مــــا ســـيـــرتّـــب ضـغـطـاً إضـــــــا­فـــــــيـ­ــــــاً عــــــلــ­ــــى الــــــخـ­ـــــدمـــ­ـــات الرئيسية«.

وقــــالــ­ــت إن »هـــــــذا الــتــدفـ­ـق المـــفـــ­اجـــئ يــمــثــل تــحــديــ­اً هــائــلاً لـلاسـتـجـ­ابـة«، مـؤكـدة »الـحـاجـة الماسة إلـى خيم إضافية ومـواد غير غذائية ومياه ومستلزمات صحية ومواد تنظيف«.

ويــعــيــ­ش المـــحـــ­اصـــرون فـي جيب التنظيم في ظروف بائسة فـــي ظـــل نــقــص الــطــعــ­ام والمــيــا­ه والأدويـــ­ـة. ويـصـلـون إلــى مخيم الـــــهــ­ـــول بـــعـــد رحــــلـــ­ـة مــحــفــو­فــة بالمخاطر وفي حالة يرثى لها.

ومــــنـــ­ـذ ديـــســـم­ـــبـــر (كــــانـــ­ـون الأول)، أحــصــت الأمــــم المـتـحـدة وفــــــــ­ـاة ٦٠ طــــفــــ­لاً خـــــــلا­ل رحــلــة الــخــروج مـن جـيـب التنظيم في شــرق سـوريـا أو بـعـد وصولهم إلى المخيم، في حين قالت لجنة الإنــــقـ­ـــاذ الـــدولــ­ـيـــة الـــتـــي تــوجــد طواقمها داخـل المخيم الجمعة، إن العدد ارتفع إلى ٦٩ على الأقل. وأوضحت أن ثلثي عدد المتوفين هم من الأطفال دون عمر السنة.

وعلى وقع التقدم العسكري لـــ »قــوات سـوريـا الـديـمـقـ­راطـيـة« المـدعـومـ­ة مـن الـتـحـالـ­ف الـدولـي بــقــيــا­دة أمــيــركـ­ـيــة، فـــرّ نـحـو ٤٤ ألـفـاً تـبـاعـاً مــن مـنـاطـق سيطرة الـتـنـظـي­ـم مــنــذ ديــســمــ­بــر، وفــق المــــــر­صــــــد الـــــــس­ـــــــوري لــحــقــو­ق الإنسان.

 ??  ?? رجال نزحوا من آخر جيوب »داعش« شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)
رجال نزحوا من آخر جيوب »داعش« شرق الفرات أول من أمس (أ.ف.ب)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia