أنقرة تلوح بإقامة »المنطقة الأمنية« بمفردها
حــــــــذرت أنـــــقـــــرة مـــــن فــــــــراغ فـي الــــســــلــــطــــة بـــــســـــوريـــــا فــــــي أعــــقــــاب الانسحاب الأميركي، وعبر الرئيس الــتــركــي رجـــب طـيـب إردوغـــــــان عن أمـلـه فـي أن يـدعـم المجتمع الـدولـي خطة إقـامـة منطقة آمنة فـي شمال شرقي سوريا، قائلا إن هذه المنطقة ستستوعب حــال إنـشـائـهـا ملايين اللاجئين السوريين.
وقــال إردوغــــان إن تـركـيـا تأمل فــي أن تـنـشـئ هـــذه المـنـطـقـة الآمـنـة بـالـتـعـاون مـع حلفائها، لكنها لن تــتــردد فــي إقـامـتـهـا بـإمـكـانـيـاتـهـا الخاصة إذا لم يتحقق ذلك.
وأضــــاف الـرئـيـس الـتـركـي، في كـلـمـة أمـــام أنــصــار حـزبـه (الـعـدالـة والتنمية الحاكم) في جنوب البلاد أمـس، أن هناك نحو نصف مليون ســوري يـنـتـظـرون أن تحقق تركيا الأمــــــن فــــي مــنــبــج حــتــى يـتـمـكـنـوا مـن الــعــودة إلـيـهـا ودعــا أيـضـا إلـى تــحــويــل مـحـافـظـة إدلــــب الــســوريــة الـــخـــاضـــعـــة لـــســـيـــطـــرة المـــعـــارضـــة المسلحة إلــى منطقة آمـنـة. وتـابـع: »عندما نتمكن من تطهير المناطق الـواقـعـة شـرق نهر الـفـرات بسوريا مــن (الـتـنـظـيـمـات الإرهــابــيــة)، فـإن مـلايـين الـسـوريـين ســوف يـعـودون إلى ديارهم طواعية«.
ودعا المجتمع الدولي إلى دعم خطط تركيا فـي سـوريـا، موضحا أن السوريين يـعـودون إلـى الأماكن الخاضعة لسيطرة تركيا حاليا في جـرابـلـس والــبــاب وعــفــريــن، لأنـهـم يــرون تلك المناطق هـي الأكـثـر أمنا على الإطلاق.
فــي الــســيــاق ذاتـــــه، أعــلــن وزيــر الـــــدفـــــاع الـــتـــركـــي خـــلـــوصـــي أكـــــار مـــوافـــقـــة الـــجـــانـــب الأمـــيـــركـــي عـلـى الحيلولة دون تأخير تنفيذ خريطة الطريق في منبج، الموقعة بين أنقرة وواشــنــطــن فــي يــونــيــو (حـــزيـــران) الماضي، واستكمالها في أقرب وقت.
وذكــــــر أكــــــــار، فــــي تــصــريــحــات لوكالة »الأناضول« التركية، أمس، حـــول مـبـاحـثـاتـه مــع وزيــــر الــدفــاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان في واشنطن، أول من أمس، أنه التقى مــســؤولــي »الــبــنــتــاغــون« بصحبة الـوفـد المـرافـق لـه، الــذي ضـم رئيس الأركـان يشار جـولار وسفير تركيا في واشنطن سـردار كيليتش، وأن المـبـاحـثـات تـنـاولـت بشكل أساسي التعاون في مكافحة الإرهـاب، وأنه أكّد مرة أخرى التزام تركيا بمكافحة جـمـيـع المــنــظــمــات الإرهــابــيــة وفــي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي.
وأضــاف أن الأميركيين وافـقـوا عــلــى عــــدم تــأخــيــر خــريــطــة طـريـق منبج واستكمالها في أقـرب وقت، وقالوا إنهم سيدرسون هـذا الأمـر، وأن الوفد التركي أكد ضرورة إخلاء »منبج« من مسلحي وحدات حماية الــشــعــب الــكــرديــة فـــي أقـــــرب وقـــت، وسـحـب الأسـلـحـة مـنـهـم، وتسليم إدارة المدينة إلى أهلها.
ولـــفـــت إلــــى أن الـــوفـــد الــتــركــي تبادل الآراء مع مسؤولي البنتاغون حــول قـــرار الـرئـيـس دونــالــد تـرمـب الانـسـحـاب مـن سـوريـا وشــدد على ضــرورة عـدم تـرك فـراغ في السلطة أثناء انسحاب القوات الأميركية بأي شكل من الأشكال.
وأضــاف أن المباحثات تناولت أيـضـا مـوضـوع المنطقة الآمـنـة في ســوريــا، وأن الـجـانـب الـتـركـي أكـد لـنـظـيـره الأمـيـركـي ضــــرورة سحب عناصر الوحدات الكردية من المنطقة ووضعها تحت إشراف تركيا.
وأكد أكار ضرورة ضمان عودة السوريين الذين تستضيفهم تركيا، من أكراد وعرب وآشوريين وكلدان، إلــى أراضـيـهـم ومـنـازلـهـم فـي أقـرب وقت.
وعـــــن الاتــــصــــال الــهــاتــفــي بـين إردوغـــــان وتــرمــب مـسـاء الخميس المــــــاضــــــي، قـــــــال أكـــــــــار إنـــــــه شــاهــد الانـــعـــكـــاســـات الإيــجــابــيــة لـبـعـض نقاط التفاهم التي تم التوصل إليها خـلال الاتـصـال، وأن الـوفـد التركي لاحــظ خــلال الــزيــارة، أن مسؤولي الـولايـات المتحدة التي تعد شريكا استراتيجيا، يأخذون بعين الاعتبار مخاوف تركيا الأمنية.
جـــــاء ذلـــــك فــيــمــا أعـــلـــن تــرمــب أنـــه قـــرر الإبـــقـــاء عـلـى ٤٠٠ جـنـدي فــي ســوريــا، مقسمين بــين المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا التي يجري التفاوض بشأنها، والقاعدة الأميركية فـي التنف قـرب الـحـدود مع العراق والأردن، معتبرا أن ذلك لا يعني تغييرا في قرار الانسحاب الأميركي من سوريا، الذي أعلنه في ١٩ ديسمبر (كـانـون الأول) ٢٠١٨، والــذي لـم يـحـدد فيه جــدولا زمنيا للانسحاب.
وسبق أن أعلن البيت الأبيض، الخميس المـاضـي، أنـه سيتم إبقاء قــــــوة أمـــيـــركـــيـــة صـــغـــيـــرة »لــحــفــظ السلام« قوامها ٢٠٠ جندي تقريبا لـفـتـرة مـن الـوقـت فـي سـوريـا عقب الانسحاب منها.
وقالت وزارة الدفاع إن واشنطن سـتـبـقـي بـضـع مـئـات مــن جـنـودهـا شمال شرقي سوريا، كجزء من قوة دولية لإقامة منطقة آمنة، كما صرح بذلك المتحدث باسم الوزارة، الرائد شـون روبـرتـسـون، الــذي أوضــح أن »قـــوة مـراقـبـة مـتـعـددة الجنسيات ســتــضــمــن إرســـــــاء الاســــتــــقــــرار فـي المنطقة الآمنة مع القوات الأميركية، وتــــمــــنــــع عــــــــــودة تـــنـــظـــيـــم داعــــــــش، وسـتـتـشـكـل بـــالـــدرجـــة الأولــــــى مـن حـلـفـاء الــنــاتــو، وسـتـسـيـر الــقــوات الأميركية دوريات فيها«.
وفـــي تـصـريـح لـــ »الأنــاضــول«، قـــال مــســؤول بـالـبـنـتـاغـون، فضل عـدم الكشف عـن اسـمـه، إن الـقـوات الــتــركــيــة وتــحــالــف قـــــوات ســوريــا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، لن تدخل المنطقة الآمـنـة، المـزمـع إقامتها من قــبــل الـــولايـــات المــتــحــدة مــع قــوات دولية.