Asharq Al-Awsat Saudi Edition

آسيا شاهدة على الدور السعودي

-

على وقع إدراج تعليم اللغة الصينية فـي مناهج التعليم الـسـعـودي، وتعزيز الثقافة السعودية بإثراء تنوعها، اختتم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد جولة آسـيـويـة غـيـر تـقـلـيـدي­ـة طــالــت ثــلاثــاً من أهم دول القارة، وبقدر ما وصفت زيارة باكستان والهند والصين بأنها سياسية كطابع كل زيـارات القادة في العالم، فإن الاقـتـصـا­د والـثـقـاف­ـة وتـعـزيـز الـشـراكـا­ت كــانــت الــعــنــ­اصــر الأبــــــ­ـرز. حــضــر الأمــيــر محمد بـن سلمان فـي جولة هـي الثانية مـن نـوعـهـا للحلفاء الآسـيـويـ­ين، ليؤكد أن تـحـالـفـا­ت الــقــوى الــكــبــ­رى، فــي آسـيـا وغيرها، لا يمكن أن تستغني عن المملكة كعنصر رئيسي في رؤية ولي العهد في تعزيز التحالفات الاستراتيج­ية للمملكة وتنوعها بين الشرق والغرب، وليثبت أن السعودية قادرة على تعزيز علاقتها مع القوى المتضادة أو حتى مع المتخاصمين، كما تفعل مع الهند وباكستان، دون أن تثير حساسية في هذه العاصمة أو تلك.

الدور السعودي المؤثر على الساحة الـدولـيـة تـم التعاطي معه بشكل واضـح لـلـعـيـان فـــي بــكــين ونــيــودل­ــهــي وإســــلام أبـــــــا­د، فــكــبــر­يــات الـــعـــو­اصـــم الآســيــو­يــة تـعـي تـمـامـاً مــاذا يعني أن يـزورهـا ولـي عــهــد المــمــلـ­ـكــة، ومـــا حـــدث هــنــاك مـؤشـر حـقـيـقـي، عـبـرت عـنـه بـكـل قــوة ووضــوح الـصـين والـهـنـد وبـاكـسـتـ­ان، بــأن تعزيز التحالف مـع الـريـاض فيه مكاسب جمة للجميع، وهو ما يشير إلى أن الحضور السعودي المـؤثـر على المستوى الـدولـي، لا يــمــكــن لأحـــــد أن يــنــكــر­ه أو يـشـوهـه ناهيك عن إلغائه. أمـا قصة الاستهداف الإعـــلام­ـــي فـهـي لـيـسـت أكــثــر مــن مـوجـة انـكـسـرت عـلـى صـلابـة الـقـوة الـسـعـودي­ـة وتأثيرها السياسي كما انكسرت غيرها، حتى في الـدول التي كانت مسرحاً لتلك الــهــجــ­مــات الإعـــلام­ـــيـــة، كــانــت قــراراتــ­هــا الــســيــ­اســيــة فــــي غــالــبــ­يــتــهــا مـنـضـبـطـ­ة وتـحـكـمـه­ـا المــصــال­ــح واسـتـيـعـ­اب الـــدور الـسـعـودي الـقـوي والمـؤثـر على استقرار العالم سياسياً واقتصادياً، مع عدم إغفال قلة مـن الــدول سعت للتكسب الـداخـلـي، ومـــع ذلـــك ســرعــان مــا بــانــت خـسـارتـهـ­ا وذهبت مع الريح أرباحها.

الــــســـ­ـعــــوديـ­ـــة وخــــــــ­ـلال زيــــــــ­ـــارة ولـــي عـهـدهـا الآســيــو­يــة، واصــلــت حـضـورهـا الــفــاعـ­ـل عـلـى المـشـهـد الـــدولــ­ـي مــن خـلال تــعــزيــ­ز الـــشـــر­اكـــات الاســتــر­اتــيــجــ­يــة مـع أصـدقـائـه­ـا وحلفائها والــقــوى الـكـبـرى، في إطار استراتيجية متوازنة بما يحقق مصالحها ويعينها على تنفيذ رؤيتها التنموية ٢٠٣٠، التي بدورها كانت فاعلة في كل الـزيـارات الخارجية نظراً لكونها أكبر بـوابـة لتحقيق تلك المصالح سـواء للمملكة أو لشركائها الدوليين، فالمملكة تجاهر بمعادلتها القائمة على سياسة تــبــادل المـصـالـح، وكـلـمـا زادت مكاسبك من العلاقة زادت مكاسب الطرف الآخـر، وهي المعادلة التي استطاعت المملكة من خلالها تشجيع شركائها على المضي في تطوير علاقاتهم معها بطريقة تضمن مصالح الطرفين.

لــعــل مــا يـحـسـب لـلـمـمـلـ­كـة أنــهــا من الـدول القليلة الـقـادرة على إمساك حبال التحالفات مع القوى الكبرى بمهارة دون استفزاز أحـد؛ تقوّي علاقتها مع الصين وكذلك تستمر في فعل ذلك مع موسكو، بينما لا تزال شراكتها الاستراتيج­ية مع الحليف الأميركي التاريخي تمضي بشكل غـيـر مـسـبـوق، تفعل ذلــك، كـمـا أوضحنا سابقاً، مع الهند وباكستان، وهكذا تسير السعودية في حقل شائك، إلا أن أدواتها الدبلوماسي­ة حاضرة لعدم الوقوع في أي مطبات اعتيادية تقع فيها دول كثيرة، عـنـدمـا تستهدف تـعـزيـز تحالفاتها مع الشرق والغرب والدول المتخاصمة.

صحيح أن جولة ولي العهد السعودي الآسيوية ليست الأولى من نوعها بعد أن سبقتها أخرى في ٢٠١٦، إلا أن هذه الجولة مختلفة بطبيعة الحال نظراً للمتغيرات التي يعيشها العالم، ومع ذلك فإن آسيا كـانـت أصـــدق شـاهـد عـلـى مــا تـتـمـتـع به المـمـلـكـ­ة مـن قــوة وتـأثـيـر وعـنـاصـر جـذب يندر أن تتوافر في دول أخـرى بالمنطقة، فـمـن يـغـامـر بـالـتـخـل­ـي عــن شــراكــتـ­ـه مع المملكة يخاطر بالتخلي عن مصالح جمة سيكون أكبر الخاسرين بفقدانها.

 ??  ?? سلمان الدوسري
سلمان الدوسري

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia