Asharq Al-Awsat Saudi Edition

الرئيس الأميركي يرغب في مد هدنة الحرب التجارية إلى ما بعد مارس

يرغب في التوصل لاتفاق نهائي ويرفض مذكرات التفاهم

- واشنطن: »الشرق الأوسط«

قـال الـرئـيـس الأمـيـركـ­ي دونـالـد تـرمـب أمــس إن هـنـاك فـرصـة جيدة لــلــغــا­يــة لأمــيــرك­ــا لــعــقــد اتـــفـــا­ق مـع الــصــين لإنــهــاء الــحــرب الـتـجـاري­ـة، وأشار إلى أنه يميل لمد موعد هدنة الحرب لما بعد ١ مارس (آذار)، ولقاء الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وبعد عام من الرسوم الأميركية الـحـمـائـ­يـة عـلـى الـسـلـع الـصـيـنـي­ـة، والــرســو­م المــضــاد­ة مـن بـكـين، فيما عرف بالحرب التجارية، أعلن رئيسا البلدين من العاصمة الأرجنتيني­ة بوينس آيرس في نهاية ٢٠١٨، على هامش قمة العشرين، عن هدنة من هـــذا الـــصـــر­اع، وإجـــــرا­ء مـفـاوضـات لــلــوصــ­ول لاتـــفـــ­اق تـــجـــار­ي يـحـقـق آمــال أمـيـركـا فـي تخفيض عجزها التجاري مع الصين.

وأشاد ترمب، أول من أمس، في حديثه أمـام الصحافيين في البيت الأبـيـض، بالمحادثات التي أجريت على مـدى يـومـين، وقـال إنها كانت »جيدة جداً،« فيما تم تمديد جولة المــحــاد­ثــات حـتـى يــوم الأحــــد. وفـي حال فشلت هذه المفاوضات، ستنفذ أميركا تهديداتها بـزيـادة الرسوم على سلع صينية بقيمة ٢٠٠ مليار دولار.

واجـتـمـع تـرمـب، أول مـن أمـس، بكبير المفاوضين الصينيين نائب رئـــيـــس الــــــــ­ــوزراء لــيــو هـــيـــو، وقــــال للصحافيين: »أعتقد أن كلانا يشعر أن هناك فرصة جيدة للغاية لعقد اتـفـاق،« وأكـد المـسـؤول الصيني أن هناك »تقدماً كبيراً«. وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه من المرجح أن يلتقي بنظيره الصيني فـي مــارس (آذار) في ولايـة فلوريدا، لتقرير الشروط الأكثر أهمية للاتفاق التجاري بين البلدين.

وقـــــال تـــرمـــب ووزيــــــ­ـر الــخــزان­ــة ســتــيــف­ــن مــيــنــو­شــين إن الــجــانـ­ـبــين تـوصـلا لاتـفـاق بـشـأن الـعـمـلـة، ولـم يقدم ترمب تفاصيل إضافية، ولكن مـــســـؤو­لـــين أمــيــركـ­ـيــين عــــبــــ­روا عـن قلقهم من أن اليوان الصيني مقوم بـأقـل مـن سـعـره الحقيقي، وهـو ما يعطي للصين فرصة لتخفيف وطأة التعريفات الأميركية.

ولمـــح تــرمــب إلـــى أن اتــفــاقـ­ـاً مع الصين قد يتجاوز المسائل التجارية، ليشمل أيـضـاً شـركـتـي الاتــصــا­لات الـصـيـنـي­ـتـين »هـــــــــ­واوي« و»زد تـي إي.« وكانت وزارة العدل قد اتهمت »هواوي« بخرق العقوبات الأميركية عــلــى إيــــــرا­ن، وســـرقـــ­ة تـكـنـولـو­جـيـا الـــروبــ­ـوت مــن شــركــة »تـــي مـوبـيـل« الأمـيـركـ­يـة. وتـــم مـنـع »زد تــي إي« العام الماضي من شـراء مستلزمات ضرورية من الولايات المتحدة بعد اتهامها باتهامات مشابهة.

لكن ترمب بدا معارضاً لتوجه كـبـيـر مـفـاوضـيـ­ه، المـمـثـل الـتـجـاري روبـــــرت لايــتــهـ­ـايــزر، بــشــأن تـوقـيـع مذكرات تفاهم مع الصين بخصوص الاتفاق التجاري، حيث يرى ترمب أن هذه المذكرات تتيح اتفاقاً قصير الأجــــــ­ـل، وهــــو يـــريـــد اتــفــاقـ­ـاً طـويـل الأجــــل. وعـلـق بـقـولـه: »أنـــا لا أحـب مـــذكـــر­ات الــتــفــ­اهــم، فــهــي لا تـعـنـي شيئاً... إمـا أن تعقد اتفاقاً أو لا.« وقال لايتهايزر: »من الآن فصاعدا، لن نستخدم تعبير مذكرات تفاهم، سنستخدم تعبير اتفاق تجاري.«

وقــــــال­ــــــت وكــــــال­ــــــة »رويـــــــ­ـتــــــــ­رز«، الأربـــــ­ــعـــــــ­اء، إن الـــجـــا­نـــبـــين وضــعــا مـسـودات ٦ اتـفـاقـات تـفـاهـم تغطي مـعـظـم المـــوضــ­ـوعـــات الــصــعــ­بــة فـي المـفـاوضـ­ات التجارية التي تتطلب تـغـيـيـرا­ت اقــتــصــ­اديــة هـيـكـلـيـ­ة في الصين. وتناولت المسودات سرقات الإنترنت، وحقوق الملكية الفكرية، والخدمات والـزراعـة، والأعباء غير الجمركية، ومن ضمنها الدعم.

وقـــــال مـــصـــدر لـــــ »رويــــتــ­ــرز« إن الجانبين قربا وجهات النظر بشأن حـــقـــوق المــلــكـ­ـيــة الــفــكــ­ريــة، وآلـــيـــ­ات الـوصـول لـلـسـوق. ولـكـن الـخـلافـا­ت الـكـبـيـر­ة تـظـل بـشـأن تغيير الصين تـعـامـلات­ـهـا مــع الـشـركـات المملوكة للدولة، والدعم، والإجبار على نقل الـتـكـنـو­لـوجـيـا وســرقــات الإنـتـرنـ­ت للأسرار التجارية الأميركية. وتزعم الولايات المتحدة أن الصين عادة ما تجبر الشركات الأجنبية على نقل التكنولوجي­ا للشركات الصينية، إذا مـا أرادوا الـعـمـل هـنـاك. وتنكر الصين ذلك.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عـــن مـحـلـلـين قــولــهــ­م إن الـجـانـبـ­ين قـد يسعيان للتوصل إلـى اتفاقات مـتـبـادلـ­ة لـحـل الأجــــزا­ء الأســهــل من الـنـزاع الـتـجـاري، زيـــادة مشتريات السلع الأميركية، وتسهيل شروط الاستثمار في الصين، وحماية أكبر للملكية الـفـكـريـ­ة والـتـكـنـ­ولـوجـيـا. أمــا المـسـائـل الأصــعــب، مـثـل خفض اســتــرات­ــيــجــيـ­ـة الــصـــين الـصـنـاعـ­يـة الطموحة لتحقيق تفوق عالمي، فهي مسألة أخرى.

وطالبت غرفة التجارة الأميركية حكومة الولايات المتحدة، الجمعة، بــأن تـتـوصـل لاتـفـاق شـامـل يغطي القضايا الأساسية، بـدلاً من اتفاق قائم على مشتريات صينية قصيرة الأجل للبضائع الأميركية.

وتــــــعـ­ـــــهــــ­ــدت الــــــصـ­ـــــين بــــــزيـ­ـــــادة مـشـتـريـا­تـهـا مــن مـنـتـجـات الــزراعــ­ة والطاقة وأشباه الموصلات الأميركية والسلع الصناعية لتقليص فائضها الـــتـــج­ـــاري مـــع الــــولاي­ــــات المــتــحـ­ـدة. ووعـــــــ­ــدت بــــشــــ­راء ١٠ مــــلايــ­ــين طـن إضافية من فول الصويا. واشترت الصين في ٢٠١٧ نحو ٣٢ مليون طن من فول الصويا الأميركية. وكانت الـصـين أكـبـر مـشـتـرٍ لـفـول الـصـويـا الأميركية قبل بدء الحرب التجارية مـــــع أمــــيـــ­ـركــــا، ولــــكـــ­ـن الــتــعــ­ريــفــات الانتقامية التي طبقتها بكين على فـول الصويا الأميركية قلصت من حـجـم الــنــشــ­اط الــتــجــ­اري فــي هـذه الـسـلـعـة الـــذي بـلـغ ١٢ مـلـيـار دولار سنوياً. وحــذرت كريستين لاغـارد، رئيسة صـنـدوق النقد الـدولـي، من أن الــتــوتـ­ـرات الـتـجـاري­ـة الأمـيـركـ­يـة الصينية تمثل »خطراً كبيراً« على نمو الاقتصاد العالمي. ومنذ يوليو (تــمــوز)، تـبـادلـت الـدولـتـا­ن رسوماً على أكثر مـن ٣٦٠ مليار دولار من السلع فيما بينهما.

وفيما تسبب الـرسـوم وحدها أثراً »ضئيلاً« على التجارة العالمية، فإنها تضر بثقة الشركات، وتؤثر عـلـى الــبــورص­ــات، حـسـب مــا قالته لاغــــارد لـبـرنـامـ­ج »مــاركــت بليس« الإذاعي، الخميس. وأضافت: »أدعو كل صباح ومساء من أجل أن ينتهي ذلك بطريقة لإصلاح النظام، وليس كسره .«

وعلى أثر أنباء المفاوضات بين أكبر اقتصادين في العالم، سجلت بورصة وول ستريت أعلى مكاسب أسبوعية لها في ٢٤ عاماً تقريباً.

وقـــــال غـــــاري كــلايــد هــافــبــ­اور، خبير التجارة لدى معهد بيترسون لـــلاقـــ­تـــصـــاد الــــــدو­لــــــي، إن الــصــين قــــد تــضــطــر لإلــــغــ­ــاء رســـومـــ­هـــا مـن أجــل زيـــادة مشترياتها مـن السلع الأمـيـركـ­يـة، لكن تـرمـب قـد لا يشعر بالضغط للتراجع عن الرسوم التي أعلنها العام الماضي.

وأضـــــــ­ـاف: »ســتــكــو­ن المــفــاج­ــأة الكبيرة أن يقوم ترمب بإلغاء جميع الـــرســـ­وم، لـكـنـي أتــوقــع إلــغــاء غير متكافئ للرسوم من جانب الصين.«

ومـن جهة أخــرى، قـال الرئيس الـصـيـنـي، أمــــس، إن بــــلاده مهتمة بتحقيق التنمية المـسـتـقـ­رة، ولكن عليها ألا تغفل عن مخاطر النظام المـــــــ­الـــــــي. ويــــــدف­ــــــع تــــبــــ­اطــــؤ الــنــمــ­و الاقتصادي في الصين، حيث تنمو الـــبـــل­اد بــأقــل وتـــيـــر­ة فـــي ٣ عــقــود، صـنـاع السياسة لتيسير التمويل وتخفيض الضرائب لتحفيز النمو. ونــقــلــ­ت وكـــالـــ­ة الأنــــبـ­ـــاء الـصـيـنـي­ـة (شــيــنــخ­ــوا) عـــن الــرئــيـ­ـس قــولــه إن مواجهة المخاطر المالية، خصوصاً المخاطر النظامية، مهمة أساسية.

وحــتــى الآن، امـتـنـعـت الـصـين عن خفض أسعار الفائدة لمواجهة التباطؤ الاقتصادي، وهـو الإجـراء الذي سينشط النمو، ولكن سيزيد مــــن الــــديــ­ــون المــتــفـ­ـاقــمــة. والــشــهـ­ـر المـاضـي، سجلت الـبـنـوك الصينية مــــســــ­تــــوى قـــيـــاس­ـــيـــاً مــــــن الـــــديـ­ــــون الـجـديـدة، بلغ ٣٫٢٣ تريليون يـوان )٤٨١ مليار دولار).

وقـال الرئيس إن القطاع المالي الصيني يجب أن يخدم الاقتصاد الحقيقي، ولكن النمو المستقر ومنع المــخــاط­ــر يـجـب أن يــحــدث بينهما توازن.

 ??  ?? حاويات مكدسة في بناء غينغادو الصيني (رويترز)
حاويات مكدسة في بناء غينغادو الصيني (رويترز)

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia