»ﺳﺮﻓﺎﻧﺘﺲ« ﺗﺘﻮج اﻟﺸﻌﺮ ﻟﻠﻤﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﻟﻲ
اﺳﺘﺤﻘﻬﺎ ﻓﺮﻧﺴﻴﺴﻜﻮ ﺑﺮﻳﻨﻴﺲ وﻫﻮ ﻋﻠﻰ أﻋﺘﺎب اﻟﺘﺴﻌﲔ
»أﺣـﺴـﺐ أن ﻫــﺬا اﻟﺨﺒﺮ ﺳﻴﺤﻤﻞ اﳌــﺴــﺮة إﻟــﻰ أﻣــــﻲ... ﻓﻬﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗــﺮدد أﻧـﻲ ﻫﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺠﻴﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺨﻄﺄ، ﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻋﻜﺲ ذﻟﻚ«، ﺑﻬﺬه اﻟﻌﺒﺎرات اﺳﺘﻘﺒﻞ اﻟــــﺸــــﺎﻋــــﺮ اﻹﺳــــﺒــــﺎﻧــــﻲ ﻓــﺮﻧــﺴــﻴــﺴــﻜــﻮ ﺑﺮﻳﻨﻴﺲ، ﻧﺒﺄ ﺣﺼﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ »ﺟﺎﺋﺰة ﺳـﺮﻓـﺎﻧـﺘـﻴـﺲ«، أﻫــﻢ اﻟـﺠـﻮاﺋـﺰ ﻟــﻶداب ﺑـﺎﻟـﻠـﻐـﺔ اﻹﺳــﺒــﺎﻧــﻴــﺔ، وﻫـــﻮ ﻓــﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ اﻟـــــﺬي ﻳــﻘــﻊ وﺳــــﻂ ﺣـــﺪاﺋـــﻖ اﻟــﺒــﺮﺗــﻘــﺎل ﻓـــﻲ ﻏـــﻮﻃـــﺔ ﻋــﻠــﻰ اﻟـــﺴـــﺎﺣـــﻞ اﻟــﺸــﺮﻗــﻲ ﳌﺪﻳﻨﺔ ﻓﺎﻟﻨﺴﻴﺎ ﻋﻠﻰ أﺑـﻮاب اﻟﺘﺎﺳﻌﺔ واﻟﺜﻤﺎﻧﲔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮه.
أﺳـــﻤـــﻊ ﺧــﺒــﺮ ﺣـــﺼـــﻮل ﺑـﺮﻳـﻨـﻴـﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﺋﺰة وأﻣـﺎﻣـﻲ ﻣﺠﻠﺪ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟـﺬي ﻳﻘﻊ ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٠٠٦ ﺻﻔﺤﺔ ﺗﺤﻤﻞ ﻗﺼﺎﺋﺪ ﻳﻤﺘﺪ ﺑﻌﺾ أﺑـﻴـﺎﺗـﻬـﺎ ﻋـﻠـﻰ ﻋــﺪة ﺻـﻔـﺤـﺎت، وأذﻛــﺮ آﺧﺮ ﻣﺮة رأﻳﺘﻪ ﻓﻴﻬﺎ واﺳﺘﻤﻌﺖ إﻟﻴﻪ ﻳﻘﺮأ ﻣﻦ أﺷﻌﺎره ﺧﻼل ﻣﻬﺮﺟﺎن أدﺑﻲ ﻓــﻲ ﻣـﺪﻳـﻨـﺔ اﻹﺳــﻜــﻨــﺪرﻳــﺔ ﻋـــﺎم ٣٠٠٢، ﻣﺴﺘﺤﻀﺮﴽ اﺑـﻨـﻬـﺎ اﻷﺛــﻴــﺮ ﻛﺎﻓﺎﻓﻴﺲ ﺳﻠﻴﻞ أﻋﻤﺎق اﻟﺤﺲ اﻹﻏﺮﻳﻘﻲ: ﺗﺪق اﻟﺴﻨﻮن ﻋﻠﻰ أﺑﻮاب ﺟﺴﺪي ﻓﺄﺳﺘﻀﻴﻔﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺾ ﻋﻘﻴﻤﺔ وﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ . ﺗﺘﻤﺪد ﻋﻠﻰ ﻣﺨﺪﻋﻲ وﺗﻠﻄﺦ وﺣﺪﺗﻲ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات ﻳﺘﺮدد اﺳﻢ ﺑﺮﻳﻨﻴﺲ ﻋــﻠــﻰ ﻗــﺎﺋــﻤــﺔ اﳌـــﺮﺷـــﺤـــﲔ ﻟــﻨــﻴــﻞ ﻫــﺬه اﻟــﺠــﺎﺋــﺰة اﻟــﺘــﻲ ﻓـــﺎز ﺑـﻬـﺎ ﻓــﻲ اﻟـﻌـﺎﻣـﲔ اﳌـــــﺎﺿـــــﻴـــــﲔ ﺷـــــــﺎﻋـــــــﺮان أﻳـــــﻀـــــﴼ ﻫــﻤــﺎ اﻟﻜﺎﺗﺎﻟﻮﻧﻲ ﺟﻮان ﻣﺎﻏﺎرﻳﺖ، وﺷﺎﻋﺮة اﻷوروﻏﻮاي اﻷوﻟﻰ إﻳﺪا ﻓﻴﺘﺎﻟﻲ.
ﻳـــﻌـــﺘـــﺒـــﺮ ﺑـــﺮﻳـــﻨـــﻴـــﺲ واﺣـــــــــــﺪﴽ ﻣــﻦ أﻫـــﻢ اﻟــﺸــﻌــﺮاء اﻹﺳـــﺒـــﺎن ﻓــﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ ﻣــﻦ اﻟــﻘــﺮن اﳌــﺎﺿــﻲ، وﺧﺎﺗﻤﺔ »ﺟﻴﻞ اﻟﺨﻤﺴﲔ« اﻟﺸﻬﻴﺮ اﻟﺬي أﻧﺘﺞ ﻛﻮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﻛﺒﺎر اﻟﺸﻌﺮاء اﻹﺳﺒﺎن ﺑﲔ اﳌﻮﻟﻮدﻳﻦ ﺧﻼل اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ ﻣﺜﻞ ﺧــﻮﺳــﻴــﻪ ﻣــﺎﻧــﻮﻳــﻞ ﻛـــﺎﺑـــﺎﻳـــﺮو ﺑـﻮﻧـﺎﻟـﺪ وﻛﺎرﻟﻮس ﺑﺎرال وﺧﺎﻳﻤﻲ ﺧﻴﻞ ﺑﻴﺪﻣﺎ أو ﻛﻼودﻳﻮ رودرﻳﻐﻴﺰ، اﻟﺬﻳﻦ ذﻛﺮﻫﻢ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﻓـﻲ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎﺗﻪ اﻷوﻟـــﻰ ﺑﻌﺪ ﻧﻴﻞ اﻟـﺠـﺎﺋـﺰة ﻓـﻘـﺎل: »اﻟﺸﻌﺮ أﻫﺪاﻧﻲ أﺟﻤﻞ اﻟـﺼـﺪاﻗـﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ أذرﻋـﻲ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ داﺋﻤﴼ ﻟﻬﺎ. أﻧﺎ ﻣﺪﻳﻦ ﻟﻠﺸﻌﺮ، وﻣــﻤــﱳ ﻟــﻪ، ﻷﻧــﻪ دﻓﻌﻨﻲ إﻟــﻰ ﻗــﻮل ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻋﺎﺟﺰﴽ ﻋﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﻣﻦ دوﻧﻪ، وﻷﻧﻪ ﺗﺪﻓﻖ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ أراد وﺗﺮﻛﺘﻪ ﻳﺤﻤﻠﻨﻲ ﻣﻌﻪ .«
ﻣــﻦ دواوﻳـــﻨـــﻪ اﻟـــﺒـــﺎرزة اﻟــﺘــﻲ ﻧــﺎل ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻳﻀﴼ اﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻟﻶداب ﻓــــﻲ ﻋـــــﺎم ٦٨٩١، »ﺧــــﺮﻳــــﻒ اﻟــــــــﻮرد«، و » اﻟﺸﻲء اﻷﺧﻴﺮ « ، و » أﻧﺎ أﺳﺘﺮﻳﺢ ﻓﻲ اﻟﻨﻮر « ، و » ﺑﲔ ﻋﺪﻣﲔ .«
ﻻ ﻳـــﺨـــﻔـــﻲ ﺑـــﺮﻳـــﻨـــﻴـــﺲ ﺳـــﻌـــﺎدﺗـــﻪ ﺑﺎﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﺋﺰة، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻘﻮل إن ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻏﻴﺮه ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻧﻬﺎ، ورﺑﻤﺎ ﻋﻦ ﺟﺪارة أﻛﺜﺮ، وﻳﻀﻴﻒ : » أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻲ ﺷﺎﻋﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ، أي أن اﻟﺸﻌﺮ ﻳﻮﻟﺪ ﻓﻲ داﺧﻠﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻔﻮي وﻃﺒﻴﻌﻲ، وﻫﺬا ﻣﻬﻢ ﺟﺪﴽ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟ ّﻲ . إﻧﻪ ﻛﻤﺜﻞ ﻧﻌﻤﺔ ﺗﻬﺒﻂ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﺎء، وﻻ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺷﻴﺌﴼ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﺮى إﻟﻰ أﻋﺎﻟﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ، وأﻳﻀﴼ إﻟـــــﻰ أﺳـــﺎﻓـــﻠـــﻬـــﺎ، ﻷن اﻷرض ﺳــﻤــﺎء وﺑﻴﻨﻬﻤﺎ اﻟﻬﻮاء ﻣﺴﻜﻨﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﴼ.«
ﺷﻐﻔﻪ ﺑﺎﻟﺤﻀﺎرات اﳌﺘﻮﺳﻄﻴﺔ، ﺧـــﺼـــﻮﺻـــﴼ اﻟــــﺤــــﻀــــﺎرة اﻹﻏـــﺮﻳـــﻘـــﻴـــﺔ، ﻳﻠﻤﻊ ﻛﺨﻴﻮط اﻟﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻋﻤﺎﻟﻪ، ﻳــﻘــﻮل: ...»اﻟــﺮﺣــﻠــﺔ إﻟــﻰ اﻟــﻴــﻮﻧــﺎن ﻫﻲ ﺑـﻮاﺑـﺔ اﻟـﺪﺧـﻮل إﻟــﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻻﻛﺘﻤﺎل ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺮ. وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮد رﺣﻠﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﳌﻔﺎﺟﺂت واﻻﻛـﺘـﺸـﺎﻓـﺎت، ﺑﻞ ﻫـﻲ أﻳﻀﴼ رﺣﻠﺔ ﻟﻨﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣـﺎ ﻻ ﻧﻌﺮﻓﻪ ﻓﻲ ذاﺗﻨﺎ.«
وﻛﻤﺎ أن اﻟﺸﻌﺮ ﻻ ﻳﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﺔ اﳌــﺰروﻋــﺔ ﺑﺎﻟﻴﻘﲔ، ﻳﺮﺗﻤﻲ ﺑﺮﻳﻨﻴﺲ داﺋﻤﴼ ﻓﻲ أﺣﻀﺎن اﻟﻘﻠﻖ، ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ إﻟﻰ اﻟﺘﻮق ﻟﻜﺸﻒ اﳌﻌﺎرف اﳌﻤﻮﻫﺔ واﻟﺬات اﳌﺤﺠﺒﺔ. إﻧﻪ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل، ﻟﻢ ﻳﺒﺬل أي ﺟﻬﺪ أﺑﺪﴽ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻤﺎﻳﺰ أو اﻟﺘﻔﺮد: ..» ﻻ ﺑﻞ إﻧﻲ ﺳﻌﻴﺖ داﺋﻤﴼ ﻟﻼﺑﺘﻌﺎد ﻋﻨﻪ. ﻟﻜﻨﻲ ﺣﺎوﻟﺖ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ذاﺗﻲ، وﻗﺎﺳﻴﺖ ﻟﻜﺸﻒ ﺷﺨﺼﻴﺘﻲ. أﻋﺘﻘﺪ أن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟـﻘـﻮﻳـﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻗـﺪرﴽ ﻛﺒﻴﺮﴽ ﻣﻦ اﻟﻜﺜﺎﻓﺔ وﻻ ﺗﺤﺘﺎج ﻟﻠﺘﻤﺎﻳﺰ أو ﻟﻠﺘﻔﺮد .«
اﻟﺤﺐ ﻋﻨﺪ ﺑﺮﻳﻨﻴﺲ ﻣﻦ اﳌﻄﺎرح اﻟــﺒــﻌــﻴــﺪة واﻟــﻌــﻤــﻴــﻘــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻻ ﺗـﺘـﺴـﻊ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻟﻶﺧﺮ ..» إﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﻤﺮﻫﺎ ﻏـﺒـﻄـﺔ اﻟــﺠــﺴــﺪ وﻳــﻌــﺒــﺮﻫــﺎ اﻟــﺘــﻮاﺻــﻞ اﻟـﻜـﺎﻣـﻞ، ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻳﺒﻠﻎ اﻹﻧــﺴــﺎن ذروة اﻟـﺴـﻌـﺎدة اﻟـﺘـﻲ ﺗــﺒــﺮر ﻟــﻪ ﻛــﻞ اﻟــﻜــﻮارث اﻟﻼﺣﻘﺔ .«
ﻣـــﻦ اﻟــﺴــﻤــﺎت اﻟـــﺘـــﻲ ﻳــﺘــﻤــﻴــﺰ ﺑـﻬـﺎ ﺑﺮﻳﻨﻴﺲ ﻗﺪرﺗﻪ اﻟﺨﺎرﻗﺔ ﻋﻠﻰ اﺣﺘﻮاء اﻷﻣﺎﻛﻦ واﳌﻮاﻗﻊ ﻓﻲ ﺷﻌﺮه، واﻟﺘﺤﺮك ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ وارﺗﻴﺎح ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﺗﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﳌﻐﻴﺐ ﻓـﻲ ﻗﺮﻳﺘﻪ أو أﻣــﺎم اﻟﺒﺤﺮ، أو ﻓﻲ ﻣﺪرﻳﺪ ﻋﻠﻰ أﻋﺘﺎب اﻟﻠﻴﻞ، أو ﻓﻲ ﻗﺎرب ﻳﺘﻬﺎدى ﻓﻮق ﻣﻴﺎه اﻟﻨﻴﻞ أو ﻋﻠﻰ ﻫﻀﺒﺔ ﻓﻲ رﺑﻮع ﺗﻮﺳﻜﺎﻧﺔ. وﻏﺎﻟﺒﴼ ﻣﺎ ﺗﺘﻌﺎﻗﺐ ﻗﺼﺎﺋﺪه ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸﺒﻪ اﳌﻄﺎرح اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺧﺎرج اﻟﺰﻣﻦ، ﻣﻄﺎرح اﻟﺘﺄﻣﻞ واﻟﺮﻏﺒﺔ اﳌﻜﺘﻤﻠﺔ، أو ﻣﻄﺎرح اﻟﺤﻨﲔ اﳌــــﻨــــﺰه ﻋـــﻦ اﳌـــــــﺮارة واﻟــــﺤــــﺰن. ﻳــﺮﺳــﻢ اﳌﺸﻬﺪ ﺑـﻮﺿـﻮح ﺳـﺎﻃـﻊ، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺮك داﺋﻤﴼ ﻧﺎﻓﺬة ﻟﻠﺸﻚ أو ﻃﺎﻗﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺌﻠﺔ .
ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻟﺤﺐ ﻋﻨﺪه ﺗﺬﻛﺮ ﺑﺄﺷﻌﺎر ﻟﻮرﻛﺎ اﻷﺧـﻴـﺮة، ﺣﻴﺚ اﻟﻨﻬﺎﻳﺎت ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺮاق ﻻ ﺗﻤﺤﻮ اﻟﻮﻋﺪ ﺑﺎﻟﻌﺬاب، ﻷن ﻓﻲ ﻣﺠﺪ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﺗﻨﺒﺾ ﺑﺬور اﻟــﺰﻣــﻦ اﻟــﻼﻫــﺚ اﻟـــﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﻣـﻌـﻪ ﻛﻞ ﺷﻲء، وﻷن ﻛﻞ ﻟﻘﺎء ﻟﻴﺲ ﺳﻮى ﺑﺪاﻳﺔ ﻟﻔﺮاق ﻣﺤﺘﻮم .
ﺛـــــﻤـــــﺔ ﺳـــــﺨـــــﺎء ﻓـــــﻲ اﻟـــــﻔـــــﺮح ﻋــﻨــﺪ ﺑــﺮﻳــﻨــﻴــﺲ، وﺳــﻜــﻮن ﻓــﻲ اﻟـــﺤـــﺰن، وﻻ ﺿــﻐــﻴــﻨــﺔ أو ﺣــﻘــﺪ ﻓـــﻲ اﻟـــﺨـــﺴـــﺎرة أو اﻟـــﻔـــﻘــﺪان، ﺑـــﻞ اﻣــﺘــﻨــﺎن ﻟــﻠــﺤــﻴــﺎة ﻳﻌﺒﺮ
ﻗﺼﺎﺋﺪه ﻛﻤﺜﻞ ﺧﻴﻂ رﻓـﻴـﻊ، ﻳﺰﻧﺮﻫﺎ وﻳﺰﻳﻨﻬﺎ، وﻳﺸﺪه إﻟﻰ ﻣﻬﺐ اﻷﻧﻔﺎس اﻷوﻟــــﻰ. وإذا ﻛــﻨــﺎ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﻧــﻄــﺮد ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺨﺮج ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ، ﻓﺈن ﺑﺮﻳﻨﻴﺲ ﻟــﻢ ﻳـﻮﺻـﺪ أﺑـــﺪﴽ ﺑــﺎب ﺟﻨﺘﻪ اﻟـﺘـﻲ ﻋــﺎد إﻟﻴﻬﺎ ﺑــﲔ ﻛـــﺮوم اﻟﺒﺮﺗﻘﺎل ﻋﻨﺪ أﻗـﺪام اﻟﺒﺤﺮ، ﻳﺎﻓﻌﴼ ﺛﻢ ﻧﺎﺿﺠﴼ، وإﻟﻰ اﻟﻴﻮم ﺣﻴﺚ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻟﻪ ﻣــﻦ أﺣـــﻼم وأﻳــــﺎم ﻓــﻲ اﳌــﻜــﺎن اﻟـــﺬي ﻟﻢ ﻳﻔﺎرﻗﻪ أﺑﺪﴽ ﻻ ﻓﻲ ﺣﻠﻪ وﻻ ﻓﻲ ﺗﺮﺣﺎﻟﻪ.
وﺛـــــﻤـــــﺔ ﻣـــﺤـــﻄـــﺘـــﺎن أﺳـــﺎﺳـــﻴـــﺘـــﺎن وﻣــﻜــﻤــﻠــﺘــﺎن إﺣـــﺪاﻫـــﻤـــﺎ ﻟـــﻸﺧـــﺮى ﻓـﻲ ﻣﺴﻴﺮة ﺑﺮﻳﻨﻴﺲ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ واﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ : ﻓﻘﺪان اﻟﺠﻨﺔ اﻟﺘﻲ وﻟﺪ ﻓﻴﻬﺎ، واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﻗﺼﺎﺋﺪ اﻧﻄﻮاﺋﻴﺔ ﻳﺘﺴﺎﻗﻂ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻛـﺄزاﻣـﻴـﻞ اﻟﻨﺤﺎﺗﲔ ﺑﻠﻐﺔ ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﻻ ﺗﺒﻬﺮ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﻌﺒﺮ إﻟــﻰ اﻷﻋــﻤــﺎق، وﺗـﻨـﺪاح ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻌﺬوﺑﺔ اﳌـــــﺎء اﳌـــﺼـــﻔـــﻰ، ﺣــﺎﻣــﻠــﺔ ﺗــﻠــﻚ اﻟــﺮﻏــﺒــﺔ اﻟﺪﻓﻴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻳﻮﻣﴼ ﺑﻘﻮﻟﻪ: »أﺗﻤﻨﻰ أن أﻛﺘﺐ ﻗﺼﻴﺪة، ﻣـﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﺑــﻴــﺎت ﻻ أﻛــﺜــﺮ، ﻳـﻘـﺮأﻫـﺎ ﺑـﺘـﺄﺛـﺮ أوﻻد أﺣﻔﺎدي .«