ﻣﺼﻴﺮ اﳍﻮﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ »ﺑﺮﻳﻜﺴﺖ«
ﺗــﺒــﺪو ﺑــﺮﻳــﻄــﺎﻧــﻴــﺎ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺨــﺮﻳــﻄــﺔ ﺟــﺰﻳــﺮة ﺻﻐﻴﺮة ﻏﻴﺮ ﻣﺮﺗﺒﺔ اﻟﺸﻜﻞ اﻧﻔﺼﻠﺖ ﻋﻦ أوروﺑﺎ، ﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﻣـﺘـﺸـﺒـﺜـﺔ ﺑــﺎﻟــﺴــﺎﺣــﻞ اﻟــﺸــﺮﻗــﻲ ﻟﻠﻤﺤﻴﻂ اﻷﻃـﻠـﺴـﻲ. أﻣــﺎ اﻟــﻮاﻗــﻊ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ، ﻓﻴﺒﺪو أﻛﺜﺮ ﺗــﻌــﻘــﻴــﺪﴽ، ذﻟـــﻚ أن اﳌـﻤـﻠـﻜـﺔ اﳌــﺘــﺤــﺪة ﻟـﺒـﺮﻳـﻄـﺎﻧـﻴـﺎ اﻟﻌﻈﻤﻰ وآﻳﺮﻟﻨﺪا اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﺪول واﻷﻣﻢ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺶ ﻓﻲ اﻧﺴﺠﺎم ﺗﺎم ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ ﻗﻂ، وﺗﺒﺪو اﻟﻴﻮم ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻦ أزﻣﺔ وﺟﻮدﻳﺔ.
وﻳﺆﻛﺪ ﻛﺘﺎب ﺟﺪﻳﺪ وﺿﻌﻪ اﳌﺮاﺳﻞ اﻟﺴﺎﺑﻖ اﳌﺮﻣﻮق ﻟﺸﺒﻜﺔ »ﺑﻲ ﺑﻲ ﺳﻲ«، ﻏﺎﻓﲔ إﺳﻠﺮ، أن »اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻣـﺎﺗـﺖ«. وﻓـﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﺬي ﻳﺤﻤﻞ ﻋﻨﻮان »ﻛﻴﻒ ﻣﺎﺗﺖ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ: اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ وﻣـﻮﻟـﺪ أرﺑــﻊ أﻣــﻢ ﻣـﻦ ﺟــﺪﻳــﺪ«، ذﻛﺮ إﺳﻠﺮ، وﻫﻮ اﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪي، أن: »)ﺑﺮﻳﻜﺴﺖ( ﻳﻌﺪ ﻋـﺮﺿـﴼ، وﻛـﺬﻟـﻚ ﺳﺒﺒﴼ ﻻﺗـﺴـﺎع اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت ﻓﻲ ﺻﻔﻮف اﻻﺗﺤﺎد«.
ﺟﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺼﺪد أن اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﳌـﻘـﺮر ﻋﻘﺪﻫﺎ ﻓـﻲ اﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪا ﻓـﻲ ﻣﺎﻳﻮ )أﻳــﺎر(، ﻣــﻦ اﳌﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﺘﻤﺨﺾ ﻋــﻦ اﻧـﺘـﺼـﺎر ﻛﺎﺳﺢ ﻟﻠﺤﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪي. وﻣﻦ ﺷﺄن ذﻟﻚ اﻟﻔﻮز ﺑــﺪوره أن ﻳﻄﻠﻖ اﻟﻌﻨﺎن ﻟﻀﻐﻮط ﻣﻜﺜﻔﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺟﺮاء اﺳﺘﻔﺘﺎء ﺟﺪﻳﺪ ﺣﻮل اﻻﺳﺘﻘﻼل.
وﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻷﺛﻨﺎء، ﻳﺠﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻓﻲ آﻳﺮﻟﻨﺪا اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻮﺣﺸﺔ ووﺣـﻴـﺪة، وﻳﺠﺪون أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﺤﺼﻮرﻳﻦ ﻣﺎ ﺑﲔ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ آﻳﺮﻟﻨﺪا اﻟــﺘــﻲ ﻻ ﺗــــﺰال ﺗـﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟـــﻰ اﻻﺗـــﺤـــﺎد اﻷوروﺑـــــﻲ واﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﺤﺪة اﻟﺘﻲ اﻧﻔﺼﻠﺖ ﻋﻦ اﻻﺗﺤﺎد. ﻛﻤﺎ ﻳﻌﺒﺮ ﺑﻌﺾ أﺑـﻨـﺎء وﻳﻠﺰ ﻋـﻦ اﻟﺴﺨﻂ اﻟﺴﻴﻠﺘﻲ ﻋــﻠــﻰ أﻃـــــــﺮاف اﳌــﻤــﻠــﻜــﺔ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــﺘــﺮأﺳــﻬــﺎ اﳌــﻠــﻜــﺔ إﻟﻴﺰاﺑﻴﺚ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ.
وﺛﻤﺔ اﺣﺘﻤﺎل ﺣﻘﻴﻘﻲ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﻋﻘﺪ أو ﻋﻘﺪﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻴﻮم، أن ﺗﺘﺤﻮل اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻄﺮأ ﻋﻠﻰ ذﻫﻦ ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ ﻗﻂ أن ﻳﺪﻋﻮﻫﺎ ﻏﻴﺮ إﻧﺠﻠﺘﺮا، إﻟﻰ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻓﺤﺴﺐ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. وﻓﻲ ﺣﺎل ﺣﺪوث ذﻟــﻚ، ﺳﻴﺨﺘﻔﻲ ﻧﺤﻮ ٠٤ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ أراﺿـﻲ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﺤﺪة. رﻏﻢ أن إﻧﺠﻠﺘﺮا ﺗﻀﻢ ٤٨ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﺤﺪة اﻟﺒﺎﻟﻎ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﻋﺪدﻫﻢ ٨٦ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺴﻤﺔ.
وﻣــــﻦ ﺷــــﺄن ﺗــﻔــﻜــﻚ اﻻﺗـــﺤـــﺎد إﺛــــــﺎرة ﻣـﻄـﺎﻟـﺐ ﻹﻧﺠﻠﺘﺮا ﺑﺎﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻦ ﻣﻘﻌﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ اﻟﺘﺎﺑﻊ ﻟﻸﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة، إﻗﺮارﴽ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺬي ﻃﺮأ ﻋﻠﻰ وﺿﻌﻬﺎ. وﻣﻦ اﳌﻔﺘﺮض أﻧﻬﺎ ﺳﺘﺤﺘﻔﻆ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟـﻨـﻮوﻳـﺔ، اﻷﻣــﺮ اﻟــﺬي ﺳﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺒﻘﺎء داﺧﻞ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ، ﻟﻜﻦ ﺣﺎل ﻃﺮح اﳌﺴﺄﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻌﻴﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﻴﺔ ﻟـﻸﻣـﻢ اﳌـﺘـﺤـﺪة، ﻓــﺈن دوﻻ أﺧــﺮى ﻣﻨﺎﻓﺴﺔ ﺗﺴﻌﻰ ﺣﺜﻴﺜﴼ ﻟﻼﻧﻀﻤﺎم ﳌﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ، ﻣﺜﻞ اﻟﺒﺮازﻳﻞ واﻟﻬﻨﺪ وﻧﻴﺠﻴﺮﻳﺎ ﺳﺘﺼﻌﺪ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻣـﻦ ﻣﻄﺎﻟﺒﻬﺎ ﻓـﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ إﻧﺠﻠﺘﺮا ﻣﻨﻜﻤﺸﺔ.
اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن ﺑﻌﺾ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻣﺜﻠﻲ ﺗﺨﺎﻟﺠﻬﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻣﺨﺘﻠﻄﺔ ﺣﻮل اﳌﺼﻴﺮ اﳌﺴﺘﺤﻖ ﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ أﺟﺰاء اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﺤﺪة، اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻨﺎﻗﺶ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺪة، ﻷن ﻛﻞ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺸﻜﻞ ﻗﻀﻴﺔ ﻣﻨﻔﺼﻠﺔ.
ﺗﺄﺗﻲ آﻳﺮﻟﻨﺪا اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ أوﻻ، اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﺒﺄ ﺑـﺄﻣـﺮﻫـﺎ اﻟــﺴــﻮاد اﻷﻋــﻈــﻢ ﻣــﻦ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﲔ. ﻓﻲ اﻟــﻮاﻗــﻊ، أﻋﺘﺒﺮ ﻣـﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑﲔ أﺑﻨﺎء ﺟﻠﺪﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﻦ ﻣﺸﺎﻋﺮ ود واﺣﺘﺮام ﺗﺠﺎه اﻵﻳﺮﻟﻨﺪﻳﲔ. ﻟﻘﺪ ﻋﺸﺖ ﻓﻲ ﻛﻴﻠﻜﻴﻨﻲ ﳌﺪة ﻋﺎﻣﲔ
ﻓﻲ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت، وﻛﺘﺒﺖ ﺗﻘﺎرﻳﺮ ﻋﻦ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻵﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﺼﺤﻒ و»ﺑﻲ ﺑﻲ ﺳﻲ«. وﺑــﺎﻋــﺘــﺒــﺎري ﻣــﺆرﺧــﴼ، أﻗـــﺮ اﻟـﻈـﻠـﻢ اﻟــﻬــﺎﺋــﻞ اﻟــﺬي ارﺗﻜﺒﺘﻪ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻋﺎم ١٢٩١ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺴﻤﺖ آﻳﺮﻟﻨﺪا ﻗﺒﻞ أن ﺗﻤﻨﺢ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﻟﻠﺠﻨﻮب. ﻟﻘﺪ ﺣﺪث ذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ أﻗﻠﻴﺔ ﺻﺎﺧﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮن ﺑﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺘﻲ، ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ أﺟﺪادﻫﻢ ﺟﺮت »زراﻋﺘﻬﻢ« داﺧﻞ أوﻟﺴﺘﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ أﺗﺒﺎع أوﻟﻴﻔﺮ ﻛﺮوﻣﻮﻳﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟـ٧١، ﻗﺎوﻣﺖ ﺑﺸﺪة اﻻﻧﺪﻣﺎج داﺧﻞ دوﻟﺔ آﻳﺮﻟﻨﺪﻳﺔ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻼﻳﲔ ﻛﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻲ.
وﻛـــﺎﻧـــﺖ ﻫــــﺬه ﺟـــــﺬور اﻻﺿــــﻄــــﺮاﺑــــﺎت اﻟــﺘــﻲ اﺷـﺘـﻌـﻠـﺖ ﻓــﻲ ﺷــﻤــﺎل اﻟــﺠــﺰﻳــﺮة اﻵﻳــﺮﻟــﻨــﺪﻳــﺔ ﻋـﺎم ٩٦٩١، وﺑـــﺪأت ﺑـﻤـﻈـﺎﻫـﺮات ﺿــﺪ اﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟــﺬي ﻳــﻤــﺎرﺳــﻪ اﻟــﺒــﺮوﺗــﺴــﺘــﺎﻧــﺖ ﺿـــﺪ اﻟــﻜــﺎﺛــﻮﻟــﻴــﻚ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺒﻼد. وﻣﻦ ﻫﻨﺎ وﻟﺪ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺠﻤﻬﻮري اﻵﻳﺮﻟﻨﺪي، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺣﺮﻛﺔ ﻛﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ إرﻫﺎﺑﻴﺔ أو ﺗﻨﺎﺿﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺮﻳﺔ، ﺣﺴﺐ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮك.
اﻟـﻴـﻮم، ﻻ ﺗــﺰال ﻫﻨﺎك أﻗﻠﻴﺘﺎن ﺗﻨﻈﺮان إﻟﻰ إﺑـﻘـﺎء آﻳﺮﻟﻨﺪا ﻣﻘﺴﻤﺔ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﻣــﺮﴽ إﻳﺠﺎﺑﻴﴼ. ﺗﺘﺄﻟﻒ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ آﺧﺬة ﻓﻲ اﻻﻧﻜﻤﺎش ﻣﻦ اﻟﻘﻮﻣﻴﲔ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻬﻴﻤﻨﻮن ﻋﻠﻰ آﻳﺮﻟﻨﺪا اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، وﺳﻴﺘﺤﻮﻟﻮن إﻟﻰ ﻓﺌﺔ ﻣﻬﻤﺸﺔ ﺣﺎل ﻇﻬﻮر آﻳﺮﻟﻨﺪا ﻣﻮﺣﺪة.
وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ، ﻫﻨﺎك ﺑﻌﺾ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻓــــﻲ اﻟـــﺠـــﻨـــﻮب اﻟــــﺬﻳــــﻦ ﺗـــﺴـــﺎورﻫـــﻢ ﻣــــﺨــــﺎوف ﻟـﻢ ﻳﻌﻠﻨﻮﻫﺎ ﻗﻂ إزاء ﻣﺨﺎﻃﺮ اﺳﺘﻴﻌﺎب ﻋﺪة ﻣﺌﺎت اﻵﻻف ﻣﻦ اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻤﻸﻫﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﳌﺮارة. وﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻫﻨﺎ أن اﻟﻌﻨﻒ ﻟﻄﺎﳌﺎ ﺷﻜﻞ ﺗﻘﻠﻴﺪﴽ آﻳـﺮﻟـﻨـﺪﻳـﴼ، وﻻ ﻳــﺰال ﻣﺨﺘﺒﺌﴼ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺳﻄﺢ اﻟﺒﻼد - أﻣﺮ ﻳﺪرﻛﻪ ﺟﻴﺪﴽ أي ﺳﻴﺎﺳﻲ آﻳﺮﻟﻨﺪي.
وﺗﻜﺸﻒ اﺳﺘﻄﻼﻋﺎت اﻟﺮأي ﻋﻦ ﻣﻴﻞ أﻏﺒﻴﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ ﺷﻤﺎل آﻳﺮﻟﻨﺪا ﻧﺤﻮ ﻋﻘﺪ اﺳﺘﻔﺘﺎء ﺣــﻮل اﻟــﻮﺣــﺪة اﻵﻳـﺮﻟـﻨـﺪﻳـﺔ. وﺣـــﺎل ﺣـــﺪوث ذﻟــﻚ، وإﻗــــــﺪام أﻏــﻠــﺒــﻴــﺔ ﻋــﻠــﻰ اﺧــﺘــﻴــﺎر اﻻﻧـــﻀـــﻤـــﺎم إﻟــﻰ اﻟـــﺠـــﻨـــﻮب، ﻓــــﺈن ﻗــﻠــﻴــﻠــﲔ ﻟــﻠــﻐــﺎﻳــﺔ ﻣـــﻦ اﻹﻧــﺠــﻠــﻴــﺰ ﺳﻴﻌﺒﺄون ﺑـﺎﻷﻣـﺮ. وﺣــﺎل ﺣــﺪوث إﻋــﺎدة ﺗﻮﺣﺪ ﺷﻄﺮي آﻳﺮﻟﻨﺪا ﺧﻼل ﺟﻴﻞ ﻣﻦ اﻵن، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻪ ﺳﻴﺤﺪث، ﻓﺈن ﻫﺬا ﺳﻴﻌﻨﻲ ﺗﺼﺤﻴﺤﴼ ﻟﻈﻠﻢ ﺗﺎرﻳﺨﻲ. وﺳﻴﺨﺪم ذﻟﻚ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﺸﻌﺐ اﻵﻳــﺮﻟــﻨــﺪي، ﻓـﻴـﻤـﺎ ﻋـــﺪا ﻗــﻠــﺔ ﻣــﻦ اﻟـﺒـﺮوﺗـﺴـﺘـﺎﻧـﺖ اﻟﺴﺎﺧﻄﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﺧﺎرج ﺣﺪود زﻣﻨﻬﻢ.
ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ، ﺗﺒﺪو اﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪا ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻓﺮﻏﻢ أن ﻋﺪد ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻳﻘﺪر ﺑـ٥٫٥ ﻣﻠﻴﻮن ﻧﺴﻤﺔ ﻓﻘﻂ، ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺴﺎﺣﺘﻬﺎ اﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ١٣ أﻟﻒ ﻣـﻴـﻞ ﻣـﺮﺑـﻊ ﻧـﺤـﻮ ﺛـﻠـﺚ ﻣـﺴـﺎﺣـﺔ أراﺿـــﻲ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﳌﺘﺤﺪة. وﺗﻤﻠﻚ ﻫﺬه اﻷﻣﺔ ﺗﺎرﻳﺨﴼ وﺛﻘﺎﻓﺔ ﺗﻔﺘﺨﺮ
وﺗﻌﺘﺰ ﺑﻬﺎ، وﻟﺪﻳﻬﺎ ﺑﺮﳌﺎﻧﻬﺎ اﻟﺨﺎص ﺑﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ٧٠٧١.
وازدﻫــــــﺮ اﻻﺳــﻜــﻮﺗــﻠــﻨــﺪﻳــﻮن ﺑــﻘــﻮة ﺑـﺠـﺎﻧـﺐ إﻧــﺠــﻠــﺘــﺮا ﺧـــﻼل اﻟــﻘــﺮن ٩١ وأﺳــﻬــﻤــﻮا ﺑﻨﺼﻴﺐ ﻛﺒﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﺟﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺗﻮﻟﻮا إدارة اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ واﺳﺘﻐﻠﻮا ﻣﻨﺎﺟﻢ اﻟﻔﺤﻢ اﻟﺜﺮﻳﺔ وأﺣﻮاض ﺑﻨﺎء اﻟﺴﻔﻦ وﻣﺼﺎﻧﻊ اﻟﺼﻠﺐ.
إﻻ أن اﻧــﻬــﻴــﺎر اﻟــﺼــﻨــﺎﻋــﺎت اﻟــﻘــﺪﻳــﻤــﺔ أﺿــﺮ ﺑـﺎﺳـﻜـﻮﺗـﻠـﻨـﺪا ﻛــﺜــﻴــﺮﴽ وأﺟــــﺞ ﻣــﺸــﺎﻋــﺮ اﻟـﻜـﺮاﻫـﻴـﺔ ﺗـﺠـﺎه اﻹﻧـﺠـﻠـﻴـﺰ، ﺧـﺼـﻮﺻـﴼ اﳌـﺤـﺎﻓـﻈـﲔ ﻣﻨﻬﻢ. ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻘﺖ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪﻳﻮن اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﲔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ اﻟﺬﻳﻦ اﻋﺘﺎدوا ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ اﳌﻠﻜﺔ ﻓﻴﻜﺘﻮرﻳﺎ ﻗﻀﺎء ﻋــﻄــﻼﺗــﻬــﻢ ﻓـــﻲ ﺑــــــﺮاري اﺳــﻜــﻮﺗــﻠــﻨــﺪا واﻟــﺘــﻌــﺎﻣــﻞ ﺑﺎﺳﺘﻌﻼء ﻣﻊ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺣﲔ.
وﺧـﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻟـــ٠٣ اﳌﺎﺿﻴﺔ، ﺗﺼﺎﻋﺪت ﺑـﻘـﻮة ﺷﻌﺒﻴﺔ اﻟــﺤــﺰب اﻟـﻮﻃـﻨـﻲ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪي. وﺑـﻌـﺪ ﺣـﺼـﻮل اﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪا ﻋﻠﻰ ﺑــﺮﳌــﺎن ﺧﺎص ﺑــﻬــﺎ ﻣـــﻦ ﺟــﺪﻳــﺪ ﻋــــﺎم ٩٩٩١، ﺟــــﺮى اﻟــﻨــﻈــﺮ إﻟــﻰ اﻟﺤﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪي ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﻟﻠﺒﻼد. وﻳﺒﺪو ﻫﺬا أﻣﺮﴽ ﻣﺜﻴﺮﴽ ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻷداء اﻟﺮديء ﻟﺰﻋﻴﻤﺔ اﻟﺤﺰب، ﻧﻴﻜﻮﻻ ﺳﺘﻴﺮﺟﻦ، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺗﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺗﺮدي ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻛﺸﻔﺘﻪ أزﻣﺔ ﺟﺎﺋﺤﺔ ﻓﻴﺮوس »ﻛﻮﻓﻴﺪ - ٩١« ﺑﺠﻼء.
وﺗــﻜــﻤــﻦ اﳌــﻔــﺎرﻗــﺔ ﻓـــﻲ أن اﻻﺳــﻜــﻮﺗــﻠــﻨــﺪﻳــﲔ ﻗــﺎدرون ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ إﺧﻔﺎﻗﺎت ﺳﺘﻴﺮﺟﻦ ﻓﻘﻂ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺪﻋﻢ اﳌﺎﻟﻲ اﳌﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﻟﻨﺪن. وﺣﺎل إﻗـــــﺪام ﺳــﺘــﻴــﺮﺟــﻦ، اﻷﻣـــــﺮ اﻟـــــﺬي ﻳــﺒــﺪو ﻣـﺤـﺘـﻤـﻼ ﺑـــﺪرﺟـــﺔ ﻛــﺒــﻴــﺮة، ﻋــﻠــﻰ اﺳــﺘــﻐــﻼل ﻧــﺠــﺎﺣــﻬــﺎ ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺎﻳﻮ ﻟﻌﻘﺪ اﺳﺘﻔﺘﺎء ﺣﻮل اﻻﺳﺘﻘﻼل، ﺳﺘﺘﺤﻮل ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺪﻋﻢ اﳌﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﻟﻨﺪن واﻟﺒﺎﻟﻎ ٥١ ﻣﻠﻴﺎر ﺟﻨﻴﻪ إﺳﺘﺮﻟﻴﻨﻲ إﻟــﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﻛﺒﺮى. وﻋﻠﻴﻪ، ﻓـﺈن اﻟﺘﺴﺎؤل اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻵن ﻟﻴﺲ »ﻫﻞ ﻳﺮﻏﺐ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪﻳﻮن ﻓﻲ اﻻﺳﺘﻘﻼل؟«، وإﻧﻤﺎ »ﻫــﻞ ﺑـﻤـﻘـﺪور اﻻﺳـﻜـﻮﺗـﻠـﻨـﺪﻳـﲔ ﺗﺤﻤﻞ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻻﺳﺘﻘﻼل؟«.
أﻣــﺎ اﳌﻨﻄﻘﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻬﻲ وﻳـﻠـﺰ اﻟـﺘـﻲ ﻳﺒﻠﻎ ﺗــﻌــﺪاد ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﻧـﺤـﻮ ٣ ﻣـﻼﻳـﲔ ﻧـﺴـﻤـﺔ، وﺗـﻘـﺪر ﻣﺴﺎﺣﺔ أراﺿﻴﻬﺎ ﺑﻨﺤﻮ ٠٠٢٫٨ ﻣﻴﻞ ﻣﺮﺑﻊ، ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻌﺎدل ﻧﺤﻮ رﺑﻊ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪا. وﻳـﺸـﻦ اﳌـﺠـﻠـﺲ اﻟــﻮﻳــﻠــﺰي اﻟـــﺬي ﺟــﺮى ﺗﺪﺷﻴﻨﻪ ﻋﺎم ٨٩٩١، ﺣﻤﻠﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻟﻠﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﻘﻮﻣﻴﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻮﻳﻠﺰﻳﺔ.
وﻳــﻜــﺎد ﻳــﻜــﻮن ﻓــﻲ ﺣــﻜــﻢ اﳌـﺴـﺘـﺤـﻴـﻞ إﻧــﺠــﺎز اﻟـﻮﻳـﻠـﺰﻳـﲔ ﻣـﺤـﺎوﻟـﺔ ﻧـﺎﺟـﺤـﺔ ﻟـﻼﺳـﺘـﻘـﻼل، ﻧﻈﺮﴽ ﻻﻋﺘﻤﺎدﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻋﻢ اﳌﺎﻟﻲ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي ﺑﺪرﺟﺔ ﺗﻔﻮق اﻋﺘﻤﺎد اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪﻳﲔ. ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ، ﻓــﺈن اﺳـﺘـﻄـﻼﻋـﺎت اﻟـــﺮأي ﺗﻜﺸﻒ ﺗــﺄرﺟــﺢ ﻧﺴﺒﺔ ﺗﺄﻳﻴﺪ ﻓﻜﺮة اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﲔ اﻟﻮﻳﻠﺰﻳﲔ ﻣﺎ ﺑﲔ ٠١ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ و٠٣ ﻓﻲ اﳌﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺧﺒﲔ. وﺗﻌﻜﺲ اﻟﻨﺴﺒﺔ اﻷﺧﻴﺮة ﺷﻌﻮرﴽ ﻗﺼﻴﺮ اﻷﻣﺪ ﺑﺎﻟﺴﺨﻂ ﺗﺠﺎه ﺣﺰب اﳌﺤﺎﻓﻈﲔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي أﺛﻨﺎء اﻟﺤﻜﻢ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺷﻌﻮرﴽ وﻃﻨﻴﴼ ﺣﻘﻴﻘﻴﴼ.
وﻋــﻠــﻴــﻪ، ﻓــﺈﻧــﻨــﻲ أﻋــﺘــﻘــﺪ أن أﺑـــﻨـــﺎء وﻳــﻠــﺰ ﻟﻦ ﻳــﺘــﺨــﺬوا أي ﺧــﻄــﻮات ﻧـﺤـﻮ اﻻﺳــﺘــﻘــﻼل، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺒﺪو ذﻟﻚ ﻣﺤﺘﻤﻼ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺨﺺ اﻻﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪﻳﲔ، وﻳﺒﺪو ﻟﻲ ﺧﻄﻮة واﺟﺒﺔ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ أﺑﻨﺎء آﻳﺮﻟﻨﺪا اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ.
* ﺑﺎﻻﺗﻔﺎق ﻣﻊ »ﺑﻠﻮﻣﺒﺮغ«