اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺮﻣﻠﻴﺔ آﺧﺬة ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺎد
ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺑﺨﺒﺚ ودﻫﺎء ﻣﻊ إﻧﺬار اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻣﺤﻤﻮد ﻋـﺒـﺎس اﻟــﺬي ﺣــﺪد ﻣﻬﻠﺘﻪ ﺑﺴﻨﺔ ﻛـﻲ ﺗﻨﺴﺤﺐ ﻣـﻦ اﻷراﺿــﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ اﳌﺤﺘﻠﺔ، وإن ﻟﻢ ﺗﻤﺘﺜﻞ ﻟﻺﻧﺬار ﻓﺴﻴﻜﻮن ﻓﻲ ﺣﻞ ﻣﻦ اﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﳌﺒﺮﻣﺔ ﻣﻌﻬﺎ وﻣﺮﻛﺰﻫﺎ اﺗﻔﺎﻗﺎت أو ﺗﻔﺎﻫﻤﺎت أوﺳﻠﻮ.
إﻧﺬار اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﺒﺎس ﺗﻢ ﺗﺠﺎﻫﻠﻪ ﺗﻤﺎﻣﴼ ﻣﻦ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ، وذﻟﻚ ﻟﺴﺒﺒﲔ: اﻷول ﻟﺠﻌﻞ اﻹﻧﺬار ﻣﺠﺮد ﺧﻄﻮة ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ واﺣﺪ، أﻣﺎ ﻋﺪم اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻌﻪ ﻓﻴﻘﺼﺪ ﻣﻨﻪ ﺗﺨﻔﻴﺾ ﻣﺴﺘﻮى ﺟﺪﻳﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺪوﻟﻲ.
واﻵﺧـــﺮ أن إﺳــﺮاﺋــﻴــﻞ وﻣـﻨـﺬ ﺳــﻨــﻮات ﻃـﻮﻳـﻠـﺔ ﺧـﻠـﺖ، ﻫﻲ ﻣـﻦ ﻗـﺎﻣـﺖ أﺳـﺎﺳـﴼ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻞ ﻣـﻦ اﻻﺗـﻔـﺎﻗـﺎت واﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺼﻮرة اﻧﺘﻘﺎﺋﻴﺔ، ﺗﺄﺧﺬ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﻛﻐﻄﺎء ﻟﺴﻠﻮﻛﻬﺎ اﻟﻌﺪواﻧﻲ، وﺗﻬﻤﻞ ﻣﺎ ﻻ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻴﻪ ﺑﻤﻨﻄﻖ اﻟﻘﻮة اﳌﺘﻔﻮﻗﺔ واﻟﻐﺎﺷﻤﺔ.
ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺮﺧﺔ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﺒﺎس واﻟﺘﻲ وﺻﻔﻬﺎ ﺑﺎﳌﺒﺎدرة، ﻫـﻲ اﻷﻛـﺜـﺮ ﺗﻌﺒﻴﺮﴽ ﻋـﻦ ﻳﺄﺳﻪ ﻣـﻦ ﻛـﻞ ﻣـﻦ ﻟﻬﻢ ﺻﻠﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، وﺑﺘﺮاﺗﺒﻴﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ رأس اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻹدارة اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻨﺖ ورﻋﺖ وﺗﺨﻠﺖ. وﺗﻠﻴﻬﺎ أوروﺑﺎ اﻟﺘﻲ ﻣﻮﻟﺖ وﺗﺮاﺧﺖ واﺳﺘﻨﻜﻔﺖ، وﻳﻠﻲ اﻻﺛﻨﺘﲔ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺬي ﺑﺪا رﻏﻢ ﻋﻀﻮﻳﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺮﺑﺎﻋﻴﺔ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ أن ﻻ ﻧﺎﻗﺔ ﻟﻪ وﻻ ﺟﻤﻞ.
ﻛـﻞ ذﻟـﻚ ﺻـﺐ ﻓـﻲ اﻟﻄﺎﺣﻮﻧﺔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﻈﻴﺖ ﺑــﺎﺳــﺘــﻔــﺮاد ﻧــﻤــﻮذﺟــﻲ »ﺑــﺎﻟــﻀــﺤــﻴــﺔ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻴـﺔ«. ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﺼﺮف ﻣﻦ دون أي ﻗﺪر ﻣﻦ اﻹﻋﺎﻗﺔ اﻟﻔﻌﺎﻟﺔ، ﺳﻮى ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎت دوﻟﻴﺔ ﻻ ﺗﺴﻤﻦ وﻻ ﺗﻐﻨﻲ ﻣﻦ ﺟﻮع، وﻣﻦ ﻣﺒﺎدرات ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﺎس.
اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﺒﺎس أﻃﻠﻖ اﳌـﺒـﺎدرة »اﻟﺼﺮﺧﺔ« وﻗﺼﺮ اﳌﺪة ﺑﺴﻨﺔ ﻟﻌﻠﻪ ﻳﻮﻗﻆ اﻟﻨﺎﺋﻤﲔ أو اﻟﺬﻳﻦ ﻟﺪﻳﻬﻢ ذراﺋــﻊ ﻣﺘﻌﺪدة، ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ وﻫﻮ اﳌﺠﺮب ﺑﺄن اﳌﺨﺎﻃﺒﲔ ﻟﻦ ﻳﻐﻴﺮوا ﻣﻮاﻗﻔﻬﻢ ﻗﻴﺪ أﻧﻤﻠﺔ، ﻓﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن ﺟﻴﺪﴽ وﻫﻮ ﻳﻌﺮف أﻧﻬﻢ ﻳﻌﺮﻓﻮن أن إﻧﺬار اﻟﺴﻨﺔ ﻻ رواﻓﻊ ﻟﻪ، وأن ﺗﺠﺎﻫﻞ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻟﻪ ﺟﺎء ﺑﻔﻌﻞ ﻓﻬﻤﻬﺎ ﳌﻴﺰان اﻟﻘﺪرة وﻟﻴﺲ ﳌﻴﺰان اﻟﺤﻖ واﻟﻌﺪاﻟﺔ.
إﺳــﺮاﺋــﻴــﻞ ﻣـﺎﺿـﻴـﺔ ﻓــﻲ ﺧﻄﻄﻬﺎ ﺑــﺄﻗــﻞ ﻗــﺪر ﻣــﻦ اﻹﻋــﺎﻗــﺔ، واﻟــﻔــﻠــﺴــﻄــﻴــﻨــﻴــﻮن ﻣـــﺎﺿـــﻮن ﻓـــﻲ ﺻــﺮﺧــﺎﺗــﻬــﻢ ﺑـــﺄﻗـــﻞ ﻗــــﺪر ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ، أﻣﺎ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻤﺮ ﻛﻠﻤﺢ اﻟﺒﺼﺮ، ﻓﻬﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻣﺠﺮد وﻗـﺖ اﻓـﺘـﺮاﺿـﻲ، وﻟﻜﻨﻪ ﻓـﻲ اﻟـﻮاﻗـﻊ اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻣﻔﺘﻮح ﻋﻠﻰ اﻟﺰﻣﻦ ﺑﻼ ﻧﻬﺎﻳﺔ، وﺧﻼﻟﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﺠﻠﺘﻬﺎ ﻋﻦ اﻟﺪوران ﺑﺎﺗﺠﺎه إﻛﻤﺎل أﺟﻨﺪﺗﻬﺎ اﻟﻬﺎدﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻻﺣﺘﻼل إﻟﻰ ﺳﻴﻄﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣـﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﲔ وأرﺿﻬﻢ وﻛﻞ ﻣﻘﺪراﺗﻬﻢ.
اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﺒﺎس ﳌﺢ أو ﺻﺮح ﺑﺄن ﻛﻞ اﻟﺨﻴﺎرات ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ أﻣﺎﻣﻪ إذا ﻟﻢ ﺗﻨﺴﺤﺐ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﺔ اﳌﺤﺪدة، وإذا ﻣﺎ ﻃﺮح اﻟﺴﺆال ﻓﻲ ﺣﺎل اﻧﺘﻬﺎء اﻟﺴﻨﺔ ﻣﻦ دون أن ﺗﻔﻌﻞ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﺗﻔﻌﻞ اﻵن ﻓﻤﺎ اﻟﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﺤﺪث؟
ﺑﻤﻨﻄﻖ اﳌﻄﺎﻟﺒﺎت ﻗﺪ ﻳﺘﺤﺪث اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن ﻋﻦ ﻗﺮار اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺑـﺪﻳـﻼ ﻋـﻦ أوﺳـﻠـﻮ، وﻗــﺪ ﻳﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋـﻦ ﺣـﻞ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟــﻮاﺣــﺪة ﺑـﺪﻳـﻼ ﻋـﻦ ﺣـﻞ اﻟـﺪوﻟـﺘـﲔ، وﻗــﺪ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻃــﺮف دوﻟـﻲ »أﻣﻴﺮﻛﺎ أو أوروﺑــﺎ أو ﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻣﺜﻼ« ﻓﻴﻄﺮح ﻣـﺒـﺎدرة ﻟﻴﺲ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺣﻞ، ﺑﻞ ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﺴﻨﺔ إﻟﻰ أﺟﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻤﻰ، وﻫﺎدي ﻋﻤﺮو ﺟﺎﻫﺰ ﻟﺰﻳﺎرة أو ﻋﺪة زﻳﺎرات.
اﻟﻄﺒﻘﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺗﻌﻴﺶ وﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺗﻌﻤﻞ ﺗﺤﺖ أﺳﻘﻒ ﻣﻨﺨﻔﻀﺔ وﺿﻤﻦ ﻫﻮاﻣﺶ ﺿﻴﻘﺔ، وﺑﺂﻟﻴﺎت ﻗﻠﻴﻠﺔ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ واﻟﺠﺪوى ﻟﻜﺜﺮة ﻣﺎ ﺗﻢ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻴﻬﺎ، ﻛﺎﻟﺪﻋﻮة إﻟـﻰ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎت ﻋــﺪة، أو اﺳﺘﺌﻨﺎف ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟــﺪوﻟــﻲ ﺑـﺎﻟـﺘـﺪﺧـﻞ، أو اﻟـﺘـﻮﺟـﻪ إﻟــﻰ أﻣـﻴـﺮﻛـﺎ ﻟـﺴـﺪاد دﻳﻮﻧﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﳌﺘﺮاﻛﻤﺔ ﳌﺼﻠﺤﺘﻬﻢ، أو أوروﺑﺎ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻔﻠﺢ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺨﻴﺮ ﺣﺘﻰ ﺗﻔﻠﺢ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻴﺒﺎب.
اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن ﺑﻔﻌﻞ إﻧــﺬار اﻟﺴﻨﺔ أو ﻣـﻦ دوﻧــﻪ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ راﻓﻌﺘﲔ، إن ﻟﻢ ﺗﺨﺮﺟﺎﻫﻢ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻼﺟﺪوى اﳌﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ أو اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﻮﻫﺎ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻓﻤﻦ أﺟﻞ ﺑﻘﺎﺋﻬﻢ ﻓﻲ اﳌــﻌــﺎدﻻت: اﻷوﻟـــﻰ وﻻ ﻳـﻤـﻞ ﻣـﻦ اﻟﺘﺬﻛﻴﺮ ﺑﻬﺎ وﻫــﻲ ﻧﺼﻴﺤﺔ ﻓـﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻴـﺔ ﻋــﺮﺑــﻴــﺔ دوﻟـــﻴـــﺔ ﺗـــﺪﻋـــﻮﻫـــﻢ إﻟــــﻰ ﺗــﺮﺗــﻴــﺐ ﺑـﻴـﺘـﻬـﻢ اﻟـﺪاﺧـﻠـﻲ ﻣـﻦ ﻛـﻞ اﻟـﻨـﻮاﺣـﻲ، وﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣـﻦ اﻻﻧﻘﺴﺎم ﻓﻘﻂ، واﻷﺧــﺮى ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺎﻟﺴﻠﻮك واﻷداء إﻗﻨﺎع اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﳌﻄﺎﻟﺒﺎت واﻟﺘﺼﺮﻳﺤﺎت واﻟﺼﺮﺧﺎت واﳌﻨﺎﺷﺪات، ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺟﺪﻳﺮون ﺑﺘﺠﺪﻳﺪ ﺗﺒﻨﻴﻬﻢ ودﻋﻤﻬﻢ، وﺣﺘﻰ اﻵن ﻻ ﺟﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﻫﺎﺗﲔ اﻟﺮاﻓﻌﺘﲔ.
إن ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺰﻣﻦ اﻟﺮﻣﻠﻴﺔ ﺳﺮﻳﻌﺔ وﻣﺤﺎﻳﺪة، ﺑﻞ إﻧﻬﺎ آﺧﺬة ﻓﻌﻼ ﺑﺎﻟﻨﻔﺎذ ﻣﻦ دون أن ﻧﺮى ﺟﺪﻳﺪﴽ.