Asharq Al-Awsat Saudi Edition

اﳉﺮﳝﺔ... واﻟﻌﻘﺎب

-

ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺜﻞ اﻏﺘﻴﺎل ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ، ﺗﻨﺼﺮف اﻟﻨﺎس واﻟﺪول )ﻣﺜﻞ أﻣﻴﺮﻛﺎ( إﻟﻰ اﺳﺘﻨﻜﺎر اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، وإﻟﻰ ﺗﻘﻴﻴﻢ اﻟﺤﻴﺎة اﳌﻬﻨﻴﺔ ﻟﻠﻀﺤﻴﺔ، وإﻟﻰ اﺳﺘﻌﺎدة ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ. ﻓﺎﻟﺮاﺣﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ ذات ﺷﻬﺮة ﻣﻬﻨﻴﺔ وﺷﻌﺒﻴﺔ ﻣﻌﴼ. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺎس ﺗﺘﺎﺑﻊ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﺨﺒﺮ واﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻌﴼ. وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﺴﺄﻟﺘﲔ.

ﻓﻴﻤﺎ اﻧﺼﺮف اﻹﻋﻼم اﻟﺪوﻟﻲ، ﺑﺎﻹﺟﻤﺎع، إﻟﻰ ﺗﻌﺪاد ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﺴﻴﺮة اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻟﻠﺮاﺣﻠﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ، ﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﻋﺎﳌﻨﺎ ﻧﺰاع ﺿﺎر ﺧﺎﺿﻪ - وﻻ ﻳﺰال - أﻟﻮف اﳌﺘﺠﺎدﻟﲔ: ﻫﻞ أن ﻟﺸﻴﺮﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ اﻟﺤﻖ ﻓـﻲ اﻟﺠﻨﺔ أم ﻻ. وﻻ أﺣــﺪ ﻳﻌﺮف ﻣــﻦ ﻫــﺆﻻء أو ﺳﻮاﻫﻢ، إن ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﺤﻠﻢ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ، أو أﻧﻬﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ذﻟﻚ، أم ﻻ. ﻛﻞ ﻣﺎ ﻧﻌﺮﻓﻪ، أو ﻳﻬﻤﻨﺎ أن ﻧﻌﺮﻓﻪ، إن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮاﺳﻠﺔ ﻓﻲ ﺷﻬﺮﺗﻬﺎ، ذات ﺛﻘﺔ وﺧﻠﻖ، إﺿﺎﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻣﻬﺎرة وﺟﻬﺪ.

أﻣﺎ اﻟﺠﻨﺔ وﻣﻔﺎﺗﻴﺤﻬﺎ وﺷﺮوﻃﻬﺎ، ﻓﻤﺴﺄﻟﺔ ﻻ ﺗﻘﺮر ﻋﻠﻰ »ﺗـﻮﻳـﺘـﺮ« وﻻ ﺑـﲔ اﻟﺴﻴﺪ إﻳـﻠـﻮن ﻣـﺎﺳـﻚ واﻟـﺴـﻴـﺪة واﻟــﺪﺗــﻪ، وﻻ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﳌﺴﺘﻮى ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺺ ﻓﻲ ﻣﻌﺎرف اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻵﺧﺮة. وﻻ ﺧﺼﻮﺻﴼ، ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﳌﺴﺘﻮى ﻓﻲ ﺗﺼﻨﻴﻒ ﻋﻠﻢ ﻣﺆﺛﺮ ﻣﻦ إﻋﻼم اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ.

ﻛــﺎن ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻈﻞ ﻗﻀﻴﺔ ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑــﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﻃﻖ اﻷﺣﻨﺎك اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺴﻠﻰ ﺑﻬﺎ ﻫﻮاة اﻟﺴﻮﺷﻴﺎل ﻣﻴﺪﻳﺎ. ﻟﻜﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ أﺟﻤﻊ ﻳﺮاﻗﺐ ﻛﻴﻒ ﻳﻨﻈﺮ ﻫﻮ إﻟﻰ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، وﻛﻴﻒ ﻧــﺨــﻮض ﻧـﺤـﻦ ﻗـﻀـﺎﻳـﺎﻧـ­ﺎ ﻓــﻲ ﻣــﺰﻳــﺞ ﻣــﻔــﺰع ﻣــﻦ اﻟـﻘـﺴـﻮة وﻣﻨﻊ اﻟﺮﺣﻤﺔ. وﻻ ﺷﻚ أن ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ إزاء ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻋﺪاﻟﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ إﻋﺪاﻣﻬﺎ اﻟﻬﻤﺠﻲ اﻟﻮاﺿﺢ واﳌﻘﺰز، ﺑﺜﻼث رﺻﺎﺻﺎت ﻓﻲ اﻟﺮأس.

ﻟﻴﺴﺖ اﻟﺠﻨﺔ ﻫﻲ اﳌﺴﺄﻟﺔ. ﻓﻘﺮارﻫﺎ أﻋﻠﻰ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺿﺤﺎﻻت اﻟﻌﺎﻃﻠﲔ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ وﺛﺮﺛﺮات اﻟﺠﺪل اﻟﻔﺎرغ. اﳌﺴﺄﻟﺔ ﻫﻨﺎ ﻫﻲ اﻷرض وأﻫﻠﻬﺎ وﻗﻮاﻧﻴﻨﻬﺎ واﳌﻮﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. وﻫﻲ اﳌﻮﻗﻒ اﻟﻜﺒﻴﺮ، وﻟـﻴـﺲ اﻟـﺘـﺎﻓـﻪ، ﻣـﻦ ﺣـﺮﻳـﺔ اﻹﻧــﺴــﺎن وﺣـﺮﻳـﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ وﺣﺮﻳﺔ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﻀﻴﺔ.

ﺳـﺮب ﻣﻦ اﻟﻐﺮﺑﺎن دﺧـﻞ ﻋﻠﻰ أﺳــﺮاب اﳌﻐﺮدﻳﻦ ﻳﻨﻌﻖ ﻓﻲ ﺗﻘﻴﻴﻢ ﻣﺴﻴﺮة وﻃﻨﻴﺔ وﻣﻬﻨﻴﺔ ﻣﺸﻬﻮدة. وﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ واﺿﺤﺔ ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ، ﺗﻢ ﺗﺤﻮﻳﺮ وﺗﺤﻮﻳﻞ اﳌﺴﺄﻟﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﻤﺔ اﻏﺘﻴﺎل ﻣﻌﻠﻦ ﻳﺴﺘﻨﻜﺮﻫﺎ ﺣﺘﻰ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ، إﻟﻰ ﺻﺮاع ﻃﺎﺋﻔﻲ. اﻟﻘﻀﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﻖ ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ، ﻓﻬﺬا أوﻻ وأﺧﻴﺮﴽ ﻗﺮار ﺧﺎﻟﻖ اﻟﺴﻤﺎء واﻷرض. اﳌﺴﺄﻟﺔ ﺣﻘﻬﺎ ﻓﻲ أرﺿﻬﺎ وﻓﻲ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ اﻟﻘﺘﻠﺔ وإداﻧﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. وﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻗﺒﺔ اﻟﻀﺤﻴﺔ.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia