ﻣﻦ وﺛﻴﻘﺔ ﻓﻲ أﺑﻮﻇﺒﻲ إﻟﻰ ﺳﻴﺮة ﻓﻲ دﺑﻲ!
ﺷــــﻲء ﻣـــﻦ ﺑـــﲔ أﺷـــﻴـــﺎء ﻛــــﺎن وﻻ ﻳــﺰال ﻳﺴﺘﻮﻗﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب اﻟﺴﻴﺮة اﻟﺬاﺗﻴﺔ اﻟـﺬي أﺻـﺪره اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑــﻦ راﺷـــﺪ ﻋــﻦ ﺣـﻴـﺎﺗـﻪ ﺣـﺎﻛـﻤـﴼ ﻟﺪﺑﻲ وﻧﺎﺋﺒﴼ ﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻹﻣـﺎرات ورﺋــﻴــﺴــﴼ ﳌـﺠـﻠـﺲ اﻟــــــــﻮزراء، ﻓﺠﻌﻠﻪ ﺑـﻬـﺬا اﻟــﻌــﻨــﻮان: ﻗـﺼـﺘـﻲ... ﺧﻤﺴﻮن ﻗﺼﺔ ﻓﻲ ﺧﻤﺴﲔ ﺳﻨﺔ.
وﻟـﻮ أن اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳـﺪ، اﻟــﺬي ﺟـﺮى اﻧﺘﺨﺎﺑﻪ رﺋﻴﺴﴼ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻗــﺒــﻞ أﻳـــــﺎم، ﻛــﺘــﺐ ﺳــﻴــﺮﺗــﻪ ذات ﻳـــﻮم، ﻓــــﺴــــﻮف ﻳــﺴــﺘــﻮﻗــﻔــﻨــﻲ ﻓـــﻴـــﻬـــﺎ ﺷـــﻲء ﻳﺸﺒﻪ ذﻟﻚ اﻟﺸﻲء اﻟـﺬي اﺳﺘﻮﻗﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﺣﺎﻛﻢ دﺑﻲ.
أﻣﺎ اﻟﺸﻲء اﻷول ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ واﺣﺪ ﻣﻦ أﺑﻌﺎد إﻣﺎرة دﺑﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻗﺼﺔ ﻣﻦ ﻗﺼﺺ اﻟﻨﺠﺎح، وﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻘﺼﺔ واﻟﺴﻴﺮة ﻳﺘﻤﻨﻰ ﻟـــﻮ ﻛـــﺎن ﻓـــﻲ أرض اﻟـــﻌـــﺮب أﻛــﺜــﺮ ﻣﻦ دﺑــــﻲ، وﻳـﺘـﻤـﻨـﻰ ﻟــﻮ اﺳــﺘــﻄــﺎع ﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﻳﻄﺔ اﳌﻨﻄﻘﺔ.
وﻫﻮ ﻻ ﻳﺘﻤﻨﻰ ذﻟﻚ ﻧﻈﺮﻳﴼ، وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﻳﺘﺮك ﻓﺮﺻﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه، إﻻ وﻳﺤﺎول أن ﻳﻨﻘﻞ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ إﻣـــﺎرﺗـــﻪ ﻣـــﻦ ﻣــﻜــﺎﻧــﻬــﺎ ﺑـــﲔ اﻹﻣــــــﺎرات اﻟﺴﺒﻊ، إﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﻳﺮﻳﺪ أي ﻣﺴﺆول ﻋﺮﺑﻲ ﻳﻜﻮن ﺟﺎدﴽ ﻓﻲ رﻏﺒﺘﻪ، وﻳﻜﻮن ﻋﻠﻰ ﻗـﺪر اﳌﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺮﺿﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﺮﻏﺒﺔ.
وﻫـــﻮ أﻳــﻀــﴼ ﻳــــﺮوي ﻓـــﻲ ﺳﻴﺮﺗﻪ ﻗﺼﺘﲔ ﻟﻬﻤﺎ اﺗﺼﺎل ﺑﻬﺬا اﳌﻮﺿﻮع، إﺣﺪاﻫﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻳﻮم أن ﺟﺎء اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﻮري ﺑﺸﺎر اﻷﺳـﺪ إﻟﻰ دﺑﻲ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮات، وﻳﻮم أن راح ﻳﺘﻔﺮج ﻋﻠﻴﻬﺎ،
وﻳـــﻮم أن ﻛــﺎن ﻳﻔﻌﻞ ذﻟــﻚ ﻋــﻦ أﻣﻨﻴﺔ ﻓــﻲ داﺧــﻠــﻪ، ﻓــﻲ أن ﻳـﻜـﻮن ﻓــﻲ ﺑــﻼده ذات ﻳﻮم ﺷﻲء ﻣﻤﺎ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ. وﻟﻜﻦ ﻇﺮوﻓﴼ ﻻﺣﻘﺔ ﻗﺪ ﺣﺎﻟﺖ دون ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﺳﺪ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻪ، وﻫﻮ ﻳـــﺮوح وﻳــﺠــﻲء ﻣــﺘــﺠــﻮﻻ ﻓــﻲ أﻧـﺤـﺎء اﻹﻣﺎرة اﻟﺸﻬﻴﺮة!
واﻟــــﻘــــﺼــــﺔ اﻟــــﺜــــﺎﻧــــﻴــــﺔ ﻛــــﺎﻧــــﺖ ﻣــﻊ اﻟﻌﻘﻴﺪ ﻣﻌﻤﺮ اﻟﻘﺬاﻓﻲ، اﻟــﺬي أرﺳﻞ إﻟﻰ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ راﺷﺪ ﻳﺪﻋﻮه إﻟﻰ أن ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟﻠﻴﺒﻴﲔ ﻓﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻬﻢ دﺑﻲ ﻟﻴﺒﻴﺔ. وﻟﻢ ﻳﺘﺄﺧﺮ ﺣﺎﻛﻢ دﺑﻲ ﻓﺄرﺳﻞ وزﻳﺮه ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻘﺮﻗﺎوي ﻳــﺴــﺘــﻄــﻠــﻊ اﻷﻣـــــــﺮ، ﺛــــﻢ ﺟـــــﺎء ﺑـﻨـﻔـﺴـﻪ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻳﺰﻳﺪ اﻷﻣــﺮ اﺳﺘﻄﻼﻋﴼ، وﻗﺪ ﺑﺪأ اﺳﺘﻄﻼﻋﻪ ﺑﺠﻮﻟﺔ ﻗﺎم ﺑﻬﺎ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ اﻟﺮﺳﻤﻴﺎت واﻟﺒﺮوﺗﻮﻛﻮﻻت ﻓﻲ ﻃــﺮاﺑــﻠــﺲ اﻟــﻘــﺪﻳــﻤــﺔ، وﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﻟـﺴـﻮء اﻟﺤﻆ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺟﻮﻟﺔ ﻣﺸﺠﻌﺔ ﻷﺳﺒﺎب ﻛﺜﻴﺮة ﺷﺮﺣﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﳌﻦ أراد أن ﻳﻌﻮد إﻟﻴﻬﺎ.
أذﻫﻠﻪ ﻳﻮﻣﻬﺎ أن ﺗﻜﻮن ﻫﺬه ﻫﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻃﺮاﺑﻠﺲ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺴﺮ أﺣــﺪﴽ، وأذﻫـﻠـﻪ أن ﺗﻜﻮن ﻟﻴﺒﻴﺎ دوﻟﺔ ﻣﻤﺘﻠﺌﺔ ﺑﺎﻟﻨﻔﻂ وﺑﺎﻟﺜﺮوات، ﺛﻢ ﻳﻜﻮن ﻫــﺬا ﻫــﻮ ﺣــﺎل ﻋﺎﺻﻤﺘﻬﺎ اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ، وﻟــﻜــﻦ ﺗـﻠـﻚ ﻗـﺼـﺔ أﺧــــﺮى ﻗـﺪﻣـﻬـﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب ﺑﻜﻞ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ ﳌﻦ ﺷـﺎء أن ﻳﻄﺎﻟﻌﻬﺎ ﺑﻤﻌﺎﻧﻴﻬﺎ اﳌﺤﺰﻧﺔ.
وﻣــــــــﻊ ذﻟــــــــــﻚ، ﻓــــﻠــــﻴــــﺲ ﻫــــــــﺬا ﻫــﻮ اﳌﻮﺿﻮع ﻓﻲ اﻟﻘﺼﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ، وإﻧﻤﺎ اﳌﻮﺿﻮع أن ﺻﺎﺣﺐ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻨﻬﻀﺔ ﻓﻲ دﺑﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻳــﺤــﺐ أن ﻳــﺴــﺘــﺄﺛــﺮ ﺑـــﺄﺳـــﺮارﻫـــﺎ، وﻻ ﻛـــﺎن ﻳــﺮﻳــﺪﻫــﺎ ﻣــﻘــﺼــﻮرة ﻋــﻠــﻰ دوﻟـــﺔ اﻹﻣــــﺎرات، وﻻ ﻛــﺎن ﻳﻔﻀﻞ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ أرﺿﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ دﺑﻲ واﺣﺪة، وﻻ ﻛﺎن ﻳﻌﺠﺒﻪ أن ﺗﻜﻮن دﺑﻲ ﻣﺜﻞ ﺑﻴﻀﺔ اﻟﺪﻳﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺻﻒ داﺋﻤﴼ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻻ ﻣﺜﻴﻞ ﻟﻬﺎ، وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻳﻘﻔﺰ ﻓﻮق ﻫﺬا ﻛﻠﻪ، وﻛﺎن ﻳﺘﺠﺎوز ﻫﺬا ﻛﻠﻪ، وﻳﺒﺤﺚ ﻋـﻦ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻳﻨﺘﻬﺰﻫﺎ ﻟﻨﻘﻞ أﺳــﺮار ﺗﺠﺮﺑﺘﻪ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻗﻄﺮ ﻋﺮﺑﻲ إذا أراد ﻫﺬا اﻟﻘﻄﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ أو ﺷﺎء.
إن ﺻـــﺎﺣـــﺐ اﻟــﺘــﺠــﺮﺑــﺔ ﻳــﺮﻳــﺪﻫــﺎ ﺗﺠﺮﺑﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ أرض ﻋﺮﺑﻴﺔ، وﻫــــــﻮ ﻳــــﺮﻳــــﺪﻫــــﺎ ﻣـــﻨـــﺴـــﻮﺧـــﺔ ﻓـــــﻲ ﻛـﻞ ﺑﻠﺪ ﻋﺮﺑﻲ، ﻷﻧـﻪ ﻳـﺮى ﻧﺠﺎح إﻣﺎرﺗﻪ ﻓــــﻲ ﻧـــﺠـــﺎح ﻣــﺤــﻴــﻄــﻬــﺎ اﻟـــﻌـــﺮﺑـــﻲ ﻣـﻦ ﺣﻮﻟﻬﺎ، وﻳﺮى ﺳﻌﺎدة أﺑﻨﺎء اﻹﻣﺎرة ﻓــﻲ ﺳــﻌــﺎدة اﻟــﺬﻳــﻦ ﻳﺘﻨﻔﺴﻮن ﻫــﻮاء اﳌﻨﻄﻘﺔ ﺣﻮﻟﻬﻢ، وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ذﻫﺎﺑﻪ وﻻ ذﻫﺎب وزﻳﺮه اﻟﻘﺮﻗﺎوي إﻟﻰ ﻃﺮاﺑﻠﺲ، إﻻ ﺗﻌﺒﻴﺮﴽ ﻋﻦ ﺷﻌﻮره ﺑﺄن ﻗﻮة دﺑﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓـﻲ أن ﺗﻌﻄﻲ ﻣـﺎ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻣــﻦ ﺗﺠﺮﺑﺘﻬﺎ، وﻣـــﻦ ﺗـﻤـﻴـﺰﻫـﺎ، وﻣـﻦ ﺗﻔﻮﻗﻬﺎ، ﺛـﻢ ﻓـﻲ أن ﺗـﻔـﺮش ﻣﻈﻠﺘﻬﺎ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺤﺒﻮن اﻟﻠﺤﺎق ﺑﺸﻲء ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﻌﺼﺮ.
وﻫـــــﺬا ﻫـــﻮ اﳌــﻌــﻨــﻰ ﻓـــﻲ اﻟــﻘــﺼــﺔ، وأﻫـــــــﻢ ﻣــــﺎ ﻓـــﻴـــﻪ أﻧـــــﻪ ﻳــــﻘــــﻮل إن دﺑـــﻲ أرادت أن ﺗﺘﺠﺎوز ﻓـﻲ ﻧﻈﺮﺗﻬﺎ إﻟﻰ ﻣﺤﻴﻄﻬﺎ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺎ ﻳﻔﺮق ﻣﻦ أﻣﻮر اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﺔ، وأن ﺗــﻨــﺤــﻲ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ ﺟﺎﻧﺒﴼ وﺗﻘﺪم ﻣﺎ ﺳﻮاﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﺎء واﻟـــﻌـــﻤـــﺮان، وأن ﺗــﺠــﻌــﻞ ﻫــﻤــﻬــﺎ ﻓﻲ اﺗـــــﺠـــــﺎه ﻣـــــﺎ ﻳـــــﺄﺧـــــﺬ ﻣـــــﻦ ﺣــﻜــﺎﻳــﺘــﻬــﺎ ﻟﻴﻀﻴﻒ إﻟﻰ اﻵﺧﺮﻳﻦ، وﻫﻲ ﺗﺮﺣﺐ ﺑﺬﻟﻚ وﺗﺴﺎرع إﻟﻴﻪ وﻻ ﺗﺘﺄﺧﺮ، إذا ﻣﺎ ﺟﺎءﺗﻬﺎ دﻋـﻮة ﻣﻦ ﻧـﻮع ﻣﺎ ﺟﺎءﺗﻬﺎ أﻳﺎم اﻟﻌﻘﻴﺪ.
ﻛــﺎﻧــﺖ ﺻـــﺎدﻗـــﺔ ﻓـــﻲ اﻻﺳـﺘـﺠـﺎﺑـﺔ ﻟـــﻠـــﺪﻋـــﻮة اﻟــﻠــﻴــﺒــﻴــﺔ ﺣــــﲔ ﺟــــــﺎء ت ﻣـﻦ اﻟﻘﺬاﻓﻲ، وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﳌﺮوﻳﺔ ﻓـﻲ اﻟﺴﻴﺮة اﻟـﺬاﺗـﻴـﺔ ﺗﺸﻴﺮ إﻟــﻰ ذﻟﻚ وﺗﺆﻛﺪه، وﻛﺎﻧﺖ دﺑﻲ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﺮى ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓــﻲ دﺑـــﻲ أﺧــــﺮى ﻓــﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ، وﻓﻲ دﺑﻲ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺎ، ورﺑﻤﺎ ﻓﻲ دﺑﻲ راﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ رﻛﻦ ﻋﺮﺑﻲ آﺧﺮ،
وﻓﻲ ﺧﺎﻣﺴﺔ وﻓﻲ ﺳﺎدﺳﺔ، وﻗﺪ ﺻﺢ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻌﺰم ﻛﻤﺎ ﻗﺎل اﻟﺸﺎﻋﺮ، ﻟﻮﻻ أن اﻟﺪﻫﺮ أﺑﻰ!
وﻟﻮ ﻛﺘﺐ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ ﺳــﻴــﺮة ذاﺗـــﻴـــﺔ ﻓـــﻲ ﻣـﺴـﺘـﻘـﺒـﻞ اﻷﻳــــﺎم، ﻓـﺴـﻮف ﻳﺠﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻣـﻮﻋـﺪ ﻣﻊ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ واﳌﻀﻤﻮن واﻟﻬﺪف، وﺳـﻮف ﺗﻌﻮد وﻗﺎﺋﻊ ﻫﺬه اﻟﺤﻜﺎﻳﺔ إﻟﻰ اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ ﻓﺒﺮاﻳﺮ )ﺷﺒﺎط( ٩١٠٢، ﻋﻨﺪﻣﺎ دﻋﺖ أﺑـــﻮﻇـــﺒـــﻲ اﻟـــﺪﻛـــﺘـــﻮر أﺣـــﻤـــﺪ اﻟــﻄــﻴــﺐ، ﺷــﻴــﺦ اﻷزﻫـــــــﺮ، واﻟـــﺒـــﺎﺑـــﺎ ﻓـﺮﻧـﺴـﻴـﺲ اﻷول، ﺑﺎﺑﺎ اﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎن، إﻟﻰ ﻟﻘﺎء ﺟﺮى ﻋﻠﻰ أرﺿﻬﺎ وﻛﺎن ﺣﺪﻳﺚ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ أرﺟﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ.
ﻛــــــــــﺎن اﻟــــــﻠــــــﻘــــــﺎء ﺑــــــــﲔ اﻟــــﻘــــﻤــــﺘــــﲔ اﻟـــﺪﻳـــﻨـــﻴـــﺘـــﲔ ﻫـــــﻮ اﻷول ﻣـــــﻦ ﻧـــﻮﻋـــﻪ ﺑـﻴـﻨـﻬـﻤـﺎ، وﻛـــﺎﻧـــﺖ اﻟـــﺼـــﻮرة ﻳـﻮﻣـﻬـﺎ ﺗﺠﻤﻌﻬﻤﺎ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ واﻟـﺸـﻴـﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑــﻦ راﺷــــﺪ، وﻛـﺎﻧـﺖ
ﻣﻦ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﲑة ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻘﺮأ ﻛﻴﻒ ﺗﺮى أﺑﻮﻇﱯ دورﻫﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ وﻛﻴﻒ ﺗﺘﻄﻠﻊ دﺑﻲ إﻟﻰ ﻣﻼﻣﺢ وﺟﻬﻬﺎ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ
اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ﻫﻲ ﺗﻮﻗﻴﻊ »وﺛﻴﻘﺔ اﻷﺧﻮة اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ« اﻟﺘﻲ ﺻﺎرت ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋـﻤـﻼ ﻣـﻦ أﻋـﻤـﺎل اﻟﺒﻨﻴﺎن اﻷﺧـﻼﻗـﻲ اﻟﺬي ﻻ ﻳﺰال ﻳﻨﻘﺺ ﻋﺎﳌﻨﺎ اﳌﻌﺎﺻﺮ.
وﻟـــﻢ ﻳـﻜـﻦ ﻣــﻦ اﳌـﻤـﻜـﻦ أن ﺗﻨﻌﻘﺪ ﻗـــﻤـــﺔ ﻋـــﻠـــﻰ ﻫـــــﺬا اﳌـــﺴـــﺘـــﻮى اﻟــﺪﻳــﻨــﻲ اﻟﺮﻓﻴﻊ ﻓﻲ ﻣﻮﻋﺪﻫﺎ، وﻓـﻲ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ، وﻻ ﻛﺎن ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﺗﻨﺠﺢ، وﻻ أن
ﺗﻜﻮن ﺣﺪﻳﺚ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻟﻮ أن اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻹﻣﺎراﺗﻴﺔ ﻟﻢ ﺗﺒﺎدر إﻟﻰ اﺣﺘﻀﺎﻧﻬﺎ، وﻟﻮ أن اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ زاﻳﺪ، وﻗﺪ ﻛـﺎن وﻟﻴﴼ ﻟﻌﻬﺪ أﺑﻮﻇﺒﻲ وﻗﺘﻬﺎ، ﻟﻢ ﻳﺮﺣﺐ ﺑﺮﻋﺎﻳﺘﻬﺎ، وﻟﻮ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻬﺪ ﺑـﻤـﻮاﺻـﻠـﺔ اﻟـﻌـﻤـﻞ ﺑـﻌـﺪ ذﻟـــﻚ ﻟﺘﻜﻮن وﺛﻴﻘﺔ إﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ، ﻻ ﻟﻺﻣﺎرات، وﻻ ﻟﻠﻌﺮب، وﻻ ﻟﻺﻗﻠﻴﻢ.
ﻛــﺎن اﻧﻌﻘﺎد اﻟﻘﻤﺔ ﻗـﺪ ﺟــﺎء ﻗﺒﻞ ﻫــــﺠــــﻮم ﻓــــﻴــــﺮوس »ﻛــــــﻮروﻧــــــﺎ« ﻋـﻠـﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺸﻬﻮر ﻣﻌﺪودة، وﻛﺎن إﺻﺪار اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﻗﺪ ﺟﺮى ﻗﺒﻞ اﻧﺸﻐﺎل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑــﺎﻟــﻮﺑــﺎء وﻣـﺘـﺤـﻮراﺗـﻪ اﻟـﺘـﻲ ﻻ ﺗــﺰال ﺗــﻘــﺎوم، وﻟـــﻢ ﻳـﻜـﻦ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ ﻓــﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟـﻰ ﺷـﻲء ﻣﻊ ﺑـﺪء ﻇﻬﻮر اﻟﻔﻴﺮوس ﻓﻴﻪ، ﻗﺪر ﺣﺎﺟﺘﻪ إﻟﻰ وﺛﻴﻘﺔ ﺗﺆﺳﺲ ﳌــﺎ ﻋــﺎﺷــﺖ اﻟـﻮﺛـﻴـﻘـﺔ ﺗــﺮﺳــﺦ ﻟــﻪ ﻣﻨﺬ ﻳﻮﻣﻬﺎ اﻷول.
وﺑـــــﻘـــــﺪر ﻣـــــﺎ ﻛـــــــﺎن ذﻫـــــــــﺎب دﺑــــﻲ ﺑــﺘــﺠــﺮﺑــﺘــﻬــﺎ إﻟــــﻰ ﻟــﻴــﺒــﻴــﺎ ذﻫـــﺎﺑـــﴼ ﻓﻲ ﻣـــﻜـــﺎﻧـــﻪ، ﺑــــﻘــــﺪر ﻣــــﺎ ﻛــــﺎﻧــــﺖ ﻣـــﺤـــﺎوﻟـــﺔ ذﻫﺎﺑﻬﺎ إﻟﻰ دﻣﺸﻖ ذﻫﺎﺑﴼ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ أﻳﻀﴼ. وﻗﺪ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻳﺘﻢ ﻋﻦ إﺣﺴﺎس ﻟﺪﻳﻬﺎ ﺑﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ، وﻛﺎن ﻳﺘﻢ ﻋﻦ ﺷﻌﻮر ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺑﻮاﺟﺐ ﻋﺮﺑﻲ ﻻ ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻋﺮﺑﻴﺘﻬﺎ إﻻ ﺑــﻮﺟــﻮده، وإﻻ ﺑﻤﻤﺎرﺳﺘﻪ ﻓـﻲ ﺳـﻤـﺎء أرض اﻟﻌﺮب وﻓﻀﺎﺋﻬﺎ.
وﻛﺎن ذﻫﺎب أﺑﻮﻇﺒﻲ إﻟﻰ اﻧﻌﻘﺎد ﻗــﻤــﺔ اﻟــﺸــﻴــﺦ واﻟـــﺒـــﺎﺑـــﺎ ﻋــﻠــﻰ أرﺿــﻬــﺎ ذﻫـــﺎﺑـــﴼ ﻓـــﻲ ﻣــــﻮﻋــــﺪه، وﻛـــــﺎن ﺗـﻮﻗـﻴـﻊ اﻟـﻮﺛـﻴـﻘـﺔ ﺣـﺪﺛـﴼ ﻳـﺠـﻲء ﻓــﻲ ﺗﻮﻗﻴﺘﻪ، ﻷن ﻋـــﻮاﺻـــﻢ اﻟـــﻜـــﻮﻛـــﺐ ﻟـــﻢ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺣﺎﺟﺘﻬﺎ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ إﻧﺴﺎﻧﻲ، إﻻ ﻓﻲ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ أﻃﻞ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻮﺑﺎء
ﺑﺮأﺳﻪ ﻣﻦ ووﻫﺎن ﻓﻲ اﻟﺼﲔ، ﺛﻢ راح ﻳﺘﺠﻮل ﻓﻲ أرﺟﺎء اﻷرض!
واﻟـــﻔـــﻜـــﺮة ﻫــﻨــﺎ أن دﺑــــﻲ ﻋــﺎﺷــﺖ ﻋـﻠـﻰ اﻋــﺘــﻘــﺎد ﻟـﺪﻳـﻬـﺎ ﺑـــﺄن ﻛــﻞ ﻋﺮﺑﻲ ﻟـــﻪ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﻧــﺼــﻴــﺐ، وأﻧـــﻬـــﺎ ﻣﺴﺘﻌﺪة ﻟـﻠـﺬﻫـﺎب ﺑﻨﺼﻴﺒﻪ ﻓﻴﻬﺎ إﻟـﻴـﻪ ﺣﻴﺚ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺑﻠﺪه، ﻓﻼ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻲ إﻟﻴﻬﺎ ﺣﻴﺚ ﻫــﻲ. واﻟﻔﻜﺮة أﻳﻀﴼ أن أﺑﻮﻇﺒﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﻘﺎد ﻣﻤﺎﺛﻞ ﺑﺄن ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﺼﻴﺐ، وأﻧﻬﺎ ﺑﺘﻮﻗﻴﻊ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺎرس ﻫﺬا اﻻﻋﺘﻘﺎد، وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻀﻌﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻣﻜﺘﻮﺑﴼ ﻓﻲ وﺛﻴﻘﺔ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ!
وﻛــــــــﺎن ﻧـــــﺺ اﻟـــﻮﺛـــﻴـــﻘـــﺔ ﻗـــــﺪ ﺑـــﺪأ ﺑﻌﺒﺎرة ﺗﻘﻮل: ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻠﻪ اﻟﺬي ﺧﻠﻖ اﻟﺒﺸﺮ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﻣﺘﺴﺎوﻳﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﻮاﺟﺒﺎت، ودﻋﺎﻫﻢ ﻟﻠﻌﻴﺶ ﻛﺈﺧﻮة ﻓـــﻴـــﻤـــﺎ ﺑـــﻴـــﻨـــﻬـــﻢ ﻟــــﻴــــﻌــــﻤــــﺮوا اﻷرض، وﻳﻨﺸﺮوا ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻴﻢ اﻟﺨﻴﺮ واﳌﺤﺒﺔ واﻟــــﺴــــﻼم. واﻧــﺘــﻬــﻰ اﻟــﻨــﺺ ﺑـﻌـﺒـﺎرة ﺗـــﻘـــﻮل: ﻟــﺘــﻜــﻦ ﻫــــﺬه اﻟــﻮﺛــﻴــﻘــﺔ دﻋـــﻮة ﻟــﻠــﻤــﺼــﺎﻟــﺤــﺔ ﺑــــﲔ ﺟــﻤــﻴــﻊ اﳌــﺆﻣــﻨــﲔ ﺑــــﺎﻷدﻳــــﺎن، ﺑـــﻞ ﺑـــﲔ اﳌــﺆﻣــﻨــﲔ وﻏـﻴـﺮ اﳌــــﺆﻣــــﻨــــﲔ، وﻛـــــﻞ اﻷﺷـــــﺨـــــﺎص ذوي اﻹرادة اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ.
وﺳــــــــﻮف ﺗـــﻈـــﻞ ﻛـــــﻞ ﻋـــــﺒـــــﺎرة ﻣــﻦ اﻟﻌﺒﺎرﺗﲔ أﻗﺮب ﻣﺎ ﺗﻜﻮن إﻟﻰ ﻗﻄﺮة اﳌــــﺎء، اﻟـﺘـﻲ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أﻧـــﺖ ﻣﻨﻬﺎ أن ﺗﺘﻌﺮف ﻋﻠﻰ ﻣــﺬاق ﻣـﺎء اﻟﺒﺤﺮ ﻛﻠﻪ، دون أن ﺗـــﻜـــﻮن ﻓــــﻲ ﺣـــﺎﺟـــﺔ إﻟـــــﻰ أن ﺗﺸﺮﺑﻪ ﻋﻦ آﺧﺮه!
ﻣﻦ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ إﻟﻰ اﻟﺴﻴﺮة ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻘﺮأ ﻛﻴﻒ ﺗــﺮى أﺑﻮﻇﺒﻲ دورﻫــﺎ اﻹﻧـﺴـﺎﻧـﻲ، وﻛﻴﻒ ﺗﺘﻄﻠﻊ دﺑــﻲ إﻟﻰ ﻣﻼﻣﺢ وﺟﻬﻬﺎ اﻟﻌﻤﺮاﻧﻲ.