تجارب تفاعلية
"مايكل كليغر" MICHAEL KLIGER الرئيس التنفيذي لمنصة التجارة اإللكترونية "ماي تيريزا" CEO OF MYTHERESA
ت عد عروض األزياء في باريس وميالنو ونيويورك وفي كل المواسم حدثا بارزا للصناعة بأكملها، فهي مناســبة الكتشــــــاف اتجاهــــــات جـديدة للموضة ومواهب جديدة. إضافة إلى إعالم المشترين والمستهلكين بأحدث اإلطالالت، وأبرز تصاميم العالمات التجارية. ومع ذلك شهدت عروض األزياء تغيرات جذرية على مر العقود األخيرة. فكرة تقديم مجموعات جديدة لجمهور مختار كانت قائمة منذ منتصف القرن التاسع عشر، إال أنه في النصف األخير
من القرن العشرين وما بعده أصبحت عروض األزياء كبيرة ورفيعة المستوى. وقد شكلت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية فرصة للتجديد والتفاؤل، حيث لعب مصممو األزياء، وخاصة في باريس، دورا حاسما في تنشيط الصناعة. وأدى إنشاء نقابة األزياء الراقية عام 1945 إلى إضفاء طابع رسمي على عروض األزياء، ووضع سلسلة من األسس والقواعد. وقد شهدت فترة الخمسينيات والستينيات من القــرن الماضي ظهــــور مصممين أيقونيين كان لهم دور محوري في االرتقاء بهذه العروض، وأصبحت أسماء: CHRISTIAN DIOR و COCO CHANEL و YVES SAINT LAURENT مألوفة في عالم الموضة. وأصبحت عروض أزيائهم من األحداث المرتقبة بشدة، والتي يحضرها المشاهير والشخصيات االجتماعية والنخبة العالمية. واكتسبت فكرة تنظيم أسابيع الموضة زخما في السبعينيات. وبدأت باريس وميالنــو ونيويورك في استضافة هذه الفعاليات نصف السنوية والتي تمثل ملتقى مجتمع الموضة العالمي. وشهدت الثمانينيات والتسعينيات تحوال كبيرا في مفهوم عروض األزياء، فقد أدى ظهور ثقافة المشاهير وتأثير العارضات الشهيرات إلى تحويل عروض األزياء إلى حفالت يزينها النجــــوم. فبدأ المصممون في دمج المشاهير في عروضهم، وهو ما زاد من السحر والتغطية اإلعالمية. كما كان إلمكانية الوصول المتزايدة إلى التلفزيون وصعود وسائل اإلعــــالم الجماهيرية دور حاسم في تحويل عروض األزياء إلى فعاليات عالمية، وأصبح باإلمكان بث تجربة المدرج (منصة العرض) والتي كانت في السابق مقتصرة على عدد قليل من الحضور المدعوين، لتصل إلى ماليين المشاهدين في جميع أنحاء العالم، وهو ما زاد من انتشار عروض األزياء وتأثيرها. ومع قدوم العصر الرقمي، أصبحت عروض األزياء في متناول الجمهور العالمي من خالل البث المباشر. وسمحت منصات التواصل االجتماعي للمصممين بالتفاعل المباشــــــر مع المستهلكين، فقــــــد أدت سرعة وصول المعلومات والصور إلى تحويل عروض األزياء إلى تجارب تفاعلية، فهي اليوم ال تقتصر فقط على تقديم أحدث المجموعات، بل أصبحت مباريات تسويقية لعالمات تجارية استراتيجية. وهي فعاليات تساعــد بشكل كبير المصممين وبيوت األزياء على ابتكار تجارب فريدة من نوعها ومجموعات متقنة ولحظات ال تنسى تتجاوز المدرج لتغدو ظاهرة ثقافية. قد يشعر البعض باألسف، ألن عروض األزياء لم تعد موجهة لعدد مختار من الجماهير، لكنها أصبحت اليوم عروضا عالمية رائجة وقوية ال تسهم في تشكيل صناعة األزياء فحسب، بل تتعدى ذلك لتصل إلى تشكيل الثقافة الشعبية.