خادم احلرمني الشريفني.. أرفع منصب.. اليوم
تؤكد الــروايــات التاريخية أن أقــدم توثيق مكتوب للقب خادم الحرمني الشريفني، ذكره املؤرخ «يوسف بـــن رافــــع بـــن شـــــداد» فـــي الـــعـــام 236هـــــــ، فـــي كتابه «النوادر السلطانية»، مشيرا فيه إلى أن أول من لقب به كان السلطان صالح الدين األيوبي سنة .ـه589 يؤكد ذلك أيضا نقش على قبة صالح الدين األيوبي، بالقرب من قبة الصخرة باملسجد األقصى، جاء فيه «بـسـم الـلـه الرحمن الـرحـيـم، وصـلـواتـه على محمد الــنــبــي وآلــــه، أمـــر بــعــمــارتــه وحــفــر الــخــنــدق موالنا صـــالح الــدنــيــا والــديــن سـلـطـان اإلســــالم واملسلمني خـادم الحرمني الشريفني، وهـذا البيت املقدس، أبو املظفر يوسف بن أيـوب محيي دولـة أمير املؤمنني أدام الـلـه أيـامـه ونـصـر أعــالمــه، سنة سبع وثمانني وخـمـسـمـائـة لـلـهـجـرة الــنــبــويــة». (انــتــهــى الــنــص – ويكبيديا) ويــظــهــر مـــن الــنــقــش الــتــاريــخــي، أن صــــالح الدين األيوبي وصف بأمير املؤمنني، ولم يلقب كخليفة، كـمـا أنــه كــان أول مــن ضــم خـدمـة املـسـجـد األقصى، لــلــحــرمــني فـــي مــكــة واملـــديـــنـــة، مـــع الــتــأكــيــد أن تلك التوصيفات، كانت مما يحب األمـــراء التلقب بها، لضرورات الحكم، وللثقافة السائدة حينها. لقب خــادم الحرمني الشريفني اتخذه امللك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- في العام -م1986 6041هـ، ليصبح امللك فهد أول من تقلده من امللوك السعوديني رســمــيــا، وتــبــعــه بــعــد ذلــــك إخـــوانـــه املـــلـــوك، تشرفا وتعظيما للبيتني املـقـدسـني، مـع مالحظة أن امللك فيصل طلب اسـتـبـدال لقب جـاللـة املـلـك، مـن ستارة الكعبة املشرفة، إلى خادم الحرمني الشريفني. وبذلك يعد اللقب الذي يتقلده اليوم امللك سلمان بن عبدالعزيز، أرفع املناصب اإلسالمية قاطبة، وأقل ما يقال عنه إن من يقوم على خدمة الحرمني الشريفني، هو «خليفة الحرمني الشريفني»، وبذلك يكون إماما وخليفة للمسلمني جميعا. عـــــرف الــــعــــرب املــســلــمــون األوائـــــــــل، الــحــكــم بشكله التنظيمي بعد وفــاة النبي صلى الله عليه وسلم وانـتـهـاء الـنـبـوة، حـني تـولـى الحكم الصحابي أبو بــكــر الــصــديــق -رضــــي الــلــه عـــنـــه-، وســمــي بخليفة رسول الله. تقلد الصحابي عمر بن الخطاب -رضي الله عنهالحكم بعد وفـاة أبـي بكر الصديق، إال أن املسلمني فــي املـديـنـة قــلــدوه منصب إمـــارة الحكم ألول مرة، وسموه بأمير املؤمنني، بعد أن لقبوه أوال بـ «خليفة خليفة رسول الله»، لكنهم استشكلوا األمر، ووجدوه لقبا طويال. انتقل الحكم بعد ذلك من املدينة املنورة إلى دمشق، ليؤسس الصحابي معاوية بن أبـي سفيان الدولة األمــــويــــة، هــنــا أصـــبـــح الــحــكــم وراثــــيــــا فـــي األبناء واألعمام، يوصي كل أمير ملن يريده من بعده، وهذا يؤكد مشروعية ذلك الخيار في الحكم، وترسخه في وجدان املسلمني الذين قبلوه وارتضوه. إال أن أيا من أمراء بني أمية لم يتسم بلقب «خليفة» النبي األعــظــم أبـــدا، بــل إن بعض املــؤرخــني هــم من أطلقوا تجاوزا لقب الخليفة الخامس، على عمر بن عبدالعزيز. بقي لقب خليفة منصبا تاريخيا وشـرفـيـا، يطلق أحيانا على رأس الـدولـة اإلسالمية من حني آلخر، خــاصــة مــع تـشـكـل دول عـربـيـة وإســالمــيــة متعددة فـــي نــفــس الـــوقـــت، فــبــعــد انــتــهــاء الـــدولـــة األموية، نـــشـــأت دولـــــتـــــان عـــلـــى الـــــفـــــور، األولــــــــى فــــي بغداد وسميت بالعباسية، والثانية في األندلس وسميت باألموية. تعدد الـدول لم يشكل هاجسا للعرب، بل تعايشوا مع دولة عباسية في العراق، عاصرتها دولة أموية في األندلس، ولحقها دولـة طولونية، وسلجوقية، وفــاطــمــيــة، وأيــوبــيــة، كـلـهـا دول نــشــأت وتعايشت وتزامنت أحيانا، دون أن يؤرقها لقب «خليفة»، كما تصوره لنا الحركات اإلسالموية اآلن، التي تندفع نحو الحكم، متذرعة بإعادة إحياء الخالفة.