Ð °sÞu « vKŽ «uK
ﺟﺪار اﻟﻤﺎء
رب ضـــــــــارة تــكــشــف مــــا فــــي ســــرائــــر بعض املصابني بهوس جلد الوطن، وتحميله ما ال يجوز من ترهات، وفبركات في مرحلة صعبة. هكذا جاء ت حادثة االنقاب العسكري الفاشل فــي تـركـيـا لـتـفـضـح أنــاســًا يــرهــقــون أنفسهم بالبحث عــن مـثـالـب ضــد بــادهــم، ويهللون طربًا وانتقائية بتدخل أعــوج ملـا يحدث في بلدان أخرى، ال تكترث بجنونهم وطيشهم. دعــونــا نــقــول تــحــديــدًا إنــهــم يـهـلـلـون لـكـل ما يحدث في تركيا، وملا يقوم به الرئيس رجب طـيـب أردوغـــــان، وأي مـأخـذ لـديـهـم ولــو على مشروع متعثر في بادهم، يجعلهم يوغلون في االنتقاد بقسوة، ووضع مقدمات خاطئة، مــــن الــطــبــيــعــي أن تـــقـــودهـــم إلـــــى خاصات خاطئة. وهو مرض وغرض ال منجى منهما إال بطلب الـهـدايـة لـهـؤالء الـذيـن بخلوا على بــادهــم بـكـلـمـة طـيـبـة، ولـــو عـلـى خــجــل، كأن هناك رقيبًا يحاسبهم على الــوالء لوطنهم، وألهله، وقيادته، أو يعتقدون أنها تنقص من قدرهم وصدقيتهم. ويـنـسـى هـــؤالء، أو ربـمـا يـتـعـامـون عــن رؤية حقيقة ماثلة وواقــع مـا، يكرسون له الفرص مدحًا وتضخيمًا وتزلفًا لﻶخرين. فهل يعقل هــؤالء أنـهـم ال يفقهون أن تركيا، هـــــي فـــــي نـــهـــايـــة املـــــطـــــاف دولــــــــة ذات نظام عـلـمـانـي؟. وهــل يعقل أنـهـم ال يفهمون كيف يلعب الـرئـيـس أردوغــــان لعبة الـسـاحـر الذي يريد أن يحقق املستحيل، بالجمع بني دولة إسامية منتمية للتوجهات اإلخوانية، لكنها فـــي الـــوقـــت نـفـسـه تـــتـــودد ألوروبـــــــا، وتسعى جـــاهـــدة لــالــتــحــاق بــاتــحــادهــا، والــبــقــاء في التحالف األطلسي الغربي (ناتو)، وهذا حقها كدولة لها استقاليتها وسيادتها على كامل أراضيها. مـؤسـف أن يـخـتـار هـــؤالء االنــحــيــاز لألدلجة ولــألهــواء املــدمــرة، الـتـي ال تعترف بالحدود الــجــغــرافــيــة، وال الــســيــادة الــخــاصــة بالدول، ليصطفوا وراء فكرة الدولة العابرة للحدود، املهيمنة بـاسـم «اإلســـام الـسـيـاسـي»، الحاملة بــالــتــوســع والــهــيــمــنــة والـــقـــضـــاء عــلــى اﻵخر واقتياده غنيمة. ومؤسف أكثر إنهم يبحثون عــن واحـــة وهـمـيـة يـمـكـن أن يـعـشـوشـب فيها فــكــرهــم الـــعـــابـــر لـــلـــحـــدود لــيــعــمــل الفوضى والتخريب. إن الحديث عن تركيا كدولة مسلمة مستقرة له أهميته، لكنها بـاد ذات تجربة مختلفة، ولو كان صحيحًا أن أردوغان ومنظري حزبه الحاكم يحلمون باستعادة أمجاد عثمانية قضت عليها الحرب العاملية األولى، وتوسيع رقــعــة الــنــفــوذ الــتــركــي عـلـى طـريـقـة فرمانات «الباب العالي»، فإنها أضغاث أحام، وسراب يحسبه الظمﺂن ماء؛ ألن النظام العاملي السائد، منذ أن وضعت الحرب العاملية الثانية أوزارها منتصف أربعينات القرن املاضي، لن يسمح بــذلــك. وحــتــى لــو غــض الــغــربــيــون، أو بعض حكوماتهم، الطرف عن تلك األوهام واألحام، فــإن الشعوب العربية واإلسـامـيـة لـن تسمح بــاالنــقــيــاد وراء حــركــات مــؤدلــجــة، وستبقى متمسكة بالوسطية واالعتدال، وتتعايش مع العالم بسام، وستعمل أدوارها السياسية في املجتمع الدولي بناء على لغة املصالح، وليس وفق تدبير املؤامرات والعنتريات والشعارات البالية، ومحو الحدود الجغرافية، وانتظار املصير املجهول. األكيد أن مثل تلك األصوات الـنـشـاز، واألقـــام املفترية كـذبـًا وبـهـتـانـًا، لن تنال من صدق وعزيمة الشعوب في الحفاظ على أمنها واستقرارها مهما كانت الظروف
والصروف.