«املقالة النسائية» يحلل اللغة.. ويهمل اخلطاب
سلكت الـبـاحـثـة أمـيـنـة الـجـبـريـن منطقة وعـــرة بــني رابـيـتـي الذكورة واألنــــوثــــة، إذ ســعــت مـــن خـــالل كــتــابــهــا املـــوســـوم «املــقــالــة النسائية الـسـعـوديـة» عــن املـجـلـة الـعـربـيـة عــام ،2011 إلــى اسـتـكـنـاه الـلـغـة في مقاالت ست كاتبات سعوديات تم انتخابهن كنماذج تتعلق بالدراسة من الناحية املوضوعية واملقالية، وهن: خيرية السقاف، نورة السعد، عزيزة املانع، حسناء القنيعير، بدرية البشر، ولطيفة الشعالن. وتشير الجبرين إلى أن ثمة تباينا في الخطاب والتوجهات واملنطلقات الفكرية للكاتبات، محاولة تحليل الخطاب املضاد الذكوري في اللغة املكتوبة عبر املـقـاالت، ومـا إذا كانت املقالة األنثوية تعلو بصوتها مصحوبة بـالـوعـي الكتابي للعملية الكتابية واإلبــداعــيــة. جنحت الجبرين إلى قراءة األنساق في الصياغة، املوضوع، العنوان، ومدى اتساقها مع السياقات العامة للدراسة النقدية للغتهن. جـاء كتاب الجبرين الــذي يعد دراســة لرسالة املاجستير إلـى تحليل مضامني الخطاب النسائي في مواجهة الذكوري، وكيف يمكن للغة أن تتزاوج مع النسق الثقافي العام لتصبح ثمة عقبة أمام الكاتبات الــــســــعــــوديــــات خـــصـــوصـــا أن بـــــدايـــــة الصحافة الــســعــوديــة خــلــت مـــن الـــصـــوت الــنــســائــي، مـــا قاد بعض الكتاب إلى تبني أسماء نسائية مستعارة للمطالبة بحقوق النساء آنذاك. استمرت الجبرين في تحليل اللغة املكتوبة من قبل الـكـاتـبـات مــن الناحية النفسية، لكن يبدو للقارئ أنها لم توضح ما املعايير في انتخاب األســمــاء املــذكــورة فـي البحث، إذ مضت املؤلفة في الكتاب إلى رؤية تحليلية للخطاب النسائي مناوئة لألبحاث املقدمة في السابق بعيدا عن إيـجـاد املعايير الحقيقية، مـا أضعف مفاصل البحث. كما أن الكاتبة لـم تسع عبر صفحات الـكـتـاب إلــى املــفــارقــة بــني الـتـوجـهـات الفكرية كما أوضحت في مقدمتها، إذ تناولت املوضوعات املقالية دون سبر أغوار الخطاب الفكري الذي يتمترس خلف املقالة، وهذا يبدو جليا في اختيارها للكاتبة لطيفة الشعالن ذات البعد التنويري، والكاتبة نورة السعد ذات التوجه اإلسالموي. وتناولت الباحثة املوضوعات الشائكة التي تهم املرأة السعودية في الفترة ما بني ،2009-1999 مثل تعدد الزوجات دون استيفاء الشروط، وقيادة املرأة، وحقها في العمل واالنخراط في العمل امليداني كالطب والتمريض وغيرها. تحاول من خالل البحث تبيان الهيمنة الذكورية في الكتابة إذ ترى أن بعضهن يستعير الصوت الذكوري في املقالة دون استشعار أنثوية الكاتبة، وهذا ما تعده الجبرين مثلبة لم تخرج الكاتبات السعوديات من سطوته. قسمت الجبرين البحث إلى ثالثة فـصـول تعنى بــ«الـوعـي بالكتابة» ويـضـم خمسة مباحث تــدور في مجملها حول الوعي الكتابي وعالقته بموضوع الدراسة. أما الفصل الثاني يتطرق إلى الدراسة األسلوبية اإلحصائية، ويتناول بالتحليل اإلحصائي املقاالت بمعادلة الباحث األملاني «بوزيمان» القائمة على حساب نسبة األفعال. فيما الفصل الثالث يستعرض «ثنائية االتساق واالنــســجــام»، إذ حـرصـت الكاتبة على التمييز ضــد املــــرأة، وأحوال املـــرأة فــي الـعـمـل والـتـعـلـيـم، والـتـحـلـيـل الغوي ملـوضــوعـات املــقــاالت مــن الناحيتني النوعية والــشــكــلــيــة. ونــفــت الــجــبــريــن أن تــكــون هنالك خصوصية للكتابة النسائية للمقالة تتميز بـهـا عــن الــرجــل، إذ يـتـعـالـى انــفــعــال املــــرأة في تعاطيها مع القضية املطروقة، كما لفتت إلى أن املقالة تعد من الجنس النثري ما أدى ذلك على انخفاض منسوب األفعال بينما ازدادت املفردات الوصفية، وأوضحت أن القيمة االتساقية للنص لـــم تــتــأثــر بــكــثــافــة حـــضـــور هــــذه الــعــنــاصــر في املــقــاالت املــدروســة. وأكـــدت الجبرين فــي بحثها أن العناوين لم تكن سريالية كما هو متوقع من الخيال النسائي، بل كانت بصفتها الواقعية.