من الهجوم إلى الدفاع ضد أنصاره.. عندما يقر «داعش» بالهزمية
أن يقر تنظيم «داعــش» اإلرهابي بهزائمه األخيرة أمر ال يجب أن يمر مرور الكرام، إذ إنه يمثل معطى كبيرا يستوجب الوقوف عنده وقراء ته بتأن. التنظيم وفــي إصــــداره األخــيــر تـحـت عــنــوان «ويبلي املـؤمـنــني مـنـه بـــاء حـسـنـا» لـلـمـرة األولــــى يـتـوجـه في خــطــابــه اإلعـــامـــي إلـــى عــنــاصــره وبـيـئـتـه ولــيــس إلى خصومه وبيئتهم، ما يعد تحوال محوريا في الخطاب اإلرهــابــي يؤشر إلــى عــدة حقائق ال يمكن إغفالها ملا آلـت إليه األمــور داخـل التنظيم ميدانيًا وهيكليًا. لقد استعان تنظيم «داعش» في خطابه بالكثير من اآليات القرآنية والشواهد التاريخية ليبرر لعناصره الهزائم املـيـدانـيـة الـتـي لحقت بــه فــي الـفـتـرة األخــيــرة، فحاول أن يجعل مــن هــذه الـهـزائـم سـيـاقـا طبيعيا فــي مسار املواجهة ال بل رؤية لتحقيق النصر النهائي. السياق املذكور يؤكد أن التنظيم يعاني حالة عدم ثقة من قبل عناصره للمستقبل بعد الهزائم التي حصلت، وبالتالي هو مؤشر على أن حالة فرار واسعة شهدها التنظيم في املرحلة األخيرة وهو ما يبرر الطلب في الـخـطـاب املـنـشـورمـن الـعـنـاصـر الـثـبـات فــي مواقعهم ومواقفهم. وللمرة األولــى يتحدث التنظيم االرهابي عن الجزع والجازعني ومن يسيء الظن بقدر االنتصار في هذه املعركة. ويبدو أن التنظيم اإلرهابي انتقل في إصداره األخير من مرحلة الهجوم إلى مرحلة الدفاع ليس ضد أعدائه وهــو املنهزم فـي كـل املــعــارك الـتـي خاضها أخــيــرًا، بل ضد أنصاره املشككني بكل هذه املسيرة التي تم إغواء الــكــثــيــريــن بــهــا، خــصــوصــا املــتــطــوعــني األجـــانـــب في صفوفهم. إنها املرحلة األخـيـرة مـن عمر هـذ التنظيم اإلرهابي والــذي ستبقى أســراره وتفاصيله بعيدة عن متناول الجميع، ومــن ثـم فــإن األسئلة حولها ال تحصل على أجوبة واضحة: من يقف خلفهم؟ وكيف أطلقوا وكيف سلحوا؟ وكيف سيطروا على مدن وعواصم؟ تفاصيل لــن تـكـشـف بــل ستطمر تـحـت أنــقــاض مـــدن عــانــت من ممارساتهم اإلرهابية، فمن صنع هذا اإلرهاب وصدره سيكون حريصا على دفنه دون وجود شهود لتكتمل عناصر الجريمة التي ارتكبت.