Okaz

اإلنفاق اجلاري

- عيسى الحليان Hadeelonpa­per@gmail.com

تاريخيا، ظل اإلنفاق الحكومي هو األداة الرئيسية لحقن دوره النشاط االقتصادي في البالد، إذ كان هذا النشاط يتمدد وينكمش وفقا ملؤشر اإلنفاق العام الذي يعتمد هو اآلخر على موارد النفط. اإلشكالية هنا أن اإلنفاق الجاري ظل يمثل نسبة كبيرة من هذا اإلنفاق الحكومي الذي يتجاوز في نسبته املعدالت العاملية، وذلك على حساب اإلنــفــا­ق الـرأسـمـا­لـي أو االدخـــار­ي للبالد بعد أن وصـلـت ذروة اإلنفاق الجاري إلى %94.8 من اإليرادات العامة ولم يترك سوى نسبة %5.2 من هذه اإليرادات لتغطية اإلنفاق الرأسمالي، وذلك إذا ما تجاوزنا سنوات الطفرة فقط. فخالل الفترة مـن 2005-1993 زاد هــذا اإلنـفـاق الـجـاري بمقدار %43 حــتــى وصـــل إلـــى %89.5 كــمــعــد­ل عـــام خـــالل 10 ســـنـــوا­ت، وهـــي نسبة مرتفعة جــــدا، ومـثـل هــذه الـنـسـب مـرشـحـة لـلـعـودة مــرة أخـــرى فــي ظل تعاظم اإلنفاق العام خالل السنوات املاضية وما صاحبه من تضخم في اإلنفاق الجاري وعدم إمكانية خفضه رغم تناقص اإليرادات، وبالتالي استمراريته بنسبة عالية على حساب اإلنفاق الرأسمالي، والخوف أن يتم تمويله من سندات االقتراض كما حصل في املاضي. ففي سنوات التسعينات وبداية األلفية الثالثة كان اإلنفاق الجاري أكبر من اإليراد النفطي ذاته، وخالل عقد كامل )2002-1993( كان إجمالي هذا اإلنفاق يفوق إجمالي اإليـرادات النفطية برمتها، وظل هذا العجز يتم تغطيته من القروض الحكومية أو الرسوم غير النفطية. فعلى سبيل املثال كانت اإليـــراد­ات النفطية في عـام 1993 ال تتجاوز 105 مليارات في حني بلغ اإلنفاق الجاري آنذاك 157 مليار ريال، وفي عام 1994 كان هذا اإلنفاق يصل الى 139 مليارًا في الوقت الذي كانت هذه اإليرادات قد تراجعت إلى 95 مليارًا، وهكذا ظلت الحال لفترة 13 سنة متتالية، ظل فيها اإلنـفـاق الـجـاري أكبر من االيــراد النفطي، فما بالك ونحن نتحدث عن نصيب مفترض لإلنفاق الرأسمالي واالدخاري كنسبة ينبغي أن تكون ثابتة مـن هــذه املـــوارد الريعية لكي ال تحدث الـفـجـوة الــتــي حصلت فــي مــعــدالت التنمية مــع عــدد الـسـكـان فــي ذلك الحني، والتي ال نزال نحاول اللحاق بها بعد تلك الفترة الساقطة التي توقفت فيها عجلة املشاريع وتراكمت معها االستحقاقا­ت ولـم نلحق بها حتى اآلن، كمعدالت املستشفيات واألســرة ومعدالت تملك املنازل وغيرها من املؤشرات األساسية في الحياة العامة. اليوم نحن إزاء سيناريو مشابه لتلك الحقبة التي تلت الطفرة األولى، فــهــل سـيـتـكـرر املــشــهـ­ـد وهـــو تـخـفـيـض وزارة املــالــي­ــة لــبــنــو­د املشاريع الرأسمالية واإلبقاء على حصة اإلنفاق الجاري لتكون لها اليد الطولى في اإلنـفـاق الــذي كـان يبلغ النسبة نفسها في كل القطاعات كالتعليم والصحة وغيرها، أم أننا سـوف نستفيد من تلك التجارب والدروس القاسية؟

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia