أفواه موصدة

تابعت مثلي مثل اآلخـريـن التقاء مـديـري الجامعات السعودية بخادم الحرمني الشريفني.. وكنت أتوقع أن يخرج علينا أهم القيادات التعليمية بعد اللقاء برؤى أو إستراتيجيات عن مالمح املرحلة القادمة إال أن ذلك التوقع ذهب أدراج الرياح. فمعرفة خريطة الطريق تعد أهم وسيلة للوصول إلى املستقبل، ومعرفتها وإشاعتها يصبح أمرا ملحا ألن يتعرف الجميع على خطواتنا القادمة، وإذا كان مديرو الجامعات لم يفتونا إلى اآلن عن خططهم الفعلية لتعريف الــــرؤوس التعليمية (قـــادة الـحـركـة العلمية فــي الـجـامـعـات مــن أساتذة ومدربني ومحاضرين) إلى أين التوجه.. إذا لم يحدث هذا فمن باب أولى أن يكون طالب الجامعة اليزالون يسيرون على قضبان متهالكة، ومن باب أولى أن العامة يقتعدون املدرجات من غير معرفة أي تصويبة يصفقون لها!.. وإشاعة املعلومة عن التحول الوطني تعتبر أمرا في غاية األهمية ألن يطلع عليها املعلم واملتعلم. أقـول ربما الكثير أصيب بخيبة أمـل إزاء التصريحات التي خرجت من أفـــواه مــديــري الـجـامـعـات، فهي تصريحات تصلح لـــ (تبييض الوجه)، وال تصلح للعقول التي تنتظر مــاذا سيحدث في التعليم العالي سواء لـأسـاتـذة أو الـطـالب أو املتابعني للشأن الـوطـنـي، فــدور الجامعة ليس التفريخ بل قيادة املجتمع في كل مناحي الحياة. ولو استعرضنا تصريحات مديري الجامعات لن تكون تلك التصريحات متطابقة ألهداف رؤية اململكة )2030( أو خطة التحول الوطني ،)2020( فالكالم هو الكالم الذي سبق الرؤية وأعتقد أنه سوف يصل الكالم إلى عام ،2030 ونحن نستمع لتلك التصريحات املجانية وسوف نعاود متأخرين قول الجملة االستنكارية: (اها اش قالوا) .. ربما نتلمس أو نسمع عن الخطوط العامة لخطة التحول الوطني لكننا بحاجة ماسة إلى التفاصيل ومن باب أولـى أن يكون مديرو الجامعات لديهم ما يقولونه للمجتمع، فنحن ال نريد مسابقات وصول جامعاتنا إلى التصنيفات الشكلية املتقدمة كهم أساسي يحظى بقبول املسؤولني وال يحظى بتقديم املجتمع لأمام. نريد أن نفهم كيف سيكون وضـع الطالب الجامعي علما وعـمـال.. نريد مـعـرفـة كـيـف يمكن إحــــداث الـتـغـيـرات االجـتـمـاعـيـة ومـعـرفـة كـيـف يمكن للمجتمع أن يتعامل مـع األوضـــاع االقتصادية فـي ظـل وجــود مستثمر أجـنـبـي، ومـعـرفـة أثــر اجــتــذاب الـقـطـاع الـخـاص لـلـثـروة البشرية القادمة لــســوق الـعـمـل، ومــا هــي الـــدراســـات الـجـامـعـيـة الــتــي يمكن لـهـا أن تسهم في إلقاء الضوء على آفــات االقتصاد سـوء من خـالل تفشي االحتكار أو استشراء الفساد، وما هي املقترحات الجامعية المتصاص البطالة والفقر، وماذا أعدت الجامعات من حلول لتأخر املشاريع التنموية.. وماذا أحدثت الجامعات من خطوط تواصل لتعزيز مشاركتها للجهات الحكومية في إيجاد الدراسات والحلول التي تعترض القطاع الحكومي. ومـــاذا فعلت الجامعات إزاء الحقيقة االقـتـصـاديـة الـتـي تـقـول إن هناك تشوهات هيكلية في االقتصاد وضعف في كفاء ة التحقيق، وهل ساهمت الجامعات في تقديم املعونة العلمية في تذليل التحديات التي تواجه خطة التحول الوطني عن مـدى قــدرة الـــوزارات في أن تستخدم قياسات القطاع الخاص للوصول إلى إنتاجية فاعلة. عشرات القضايا التي كنا نتمنى أن يخرج علينا مديرو الجامعات في مـؤتـمـر صحفي يـعـلـنـون فـيـه تـعـهـدهـم بـالـقـيـام بـــــاألدوار العلمية التي سوف يضطلعون بأدائها.. فالزمن القادم ال يحتاج إلى أسـوار جامعية ومكاتبات خطية من خلف زجاج مثلج. هل أحتاج ألن أقـول هذه الخاتمة: املواطن الصالح ليس من يستمع بل من يعمل.

للتواصل أرسل sms إلى 88548 االتصاالت 636250, موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة