أدباء: املؤسسات الثقافية ال تصنع األدباء لكنها قادرة على دعمهم
يـتـفـق مـثـقـفـون عـلـى دور املــؤســســات الـثـقـافـيـة فــي دعم األدباء، إال أنهم يختلفون في الوقت ذاته على الواجبات الكبيرة التي تقع ضمن مسؤولية هذه املؤسسات تجاه األدباء وأعمالهم، وتجاه الفعل الثقافي بشكل عام، لكنها تـقـصـر فــي تـقـديـم هـــذا الــــدور بـشـكـل مــلــحــوظ. وتساءل بعضهم عن املؤسسة الثقافية: هل تصنع األديــب أم أن األديب يصنع املؤسسة الثقافية ويسيرها؟ مــــن جـــهـــتـــه، يــــــرى عـــضـــو مــجــلــس نـــــــادي أبـــهـــا األدبــــــي والقاص ظافر الجبيري أن العاقة بني األديـب - املثقف ومــؤســســات الـثـقـافـة عـاقـة شـائـكـة ومليئة بالكثير من «الــحــكــي» والـتـفـاصـيـل واألدوار غـيـر املكتملة. ومـمـا ال يعتريه الشك أن العاقة بني الطرفني تحتاج إلى فك أكثر من التباس فهل إقامة أمسية ودعــــــــوة األديــــــــب إلحيائها تعد صناعة له وهل مشاركة األدبــــــــــــــــاء فـــــــي الفعاليات املختلفة صناعة للمؤسسة؟ وقس على هذا التساؤل بقية الفعاليات واملناشط. ويضيف الجبيري «ال أرى أن أحــدهــمــا يــصــنــع اآلخــــــر.. ربما أحدهما يحتاج إلى اآلخر إلكمال بعض األدوار فاملؤسسة تحتاج إلى األديب لئا تتهم باإلقصاء واألديب بحاجة للمؤسسة في ظل انعدام خيارات الفعل الثقافي املنفتح على الحياة واملجتمع وفي ظل غياب مؤسسات املجتمع املـــدنـــي»، ويـسـتـشـهـد الـجـبـيـري بـفـرنـسـا، الــتــي يــقــول إن بلدية باريس مثا تقيم أمسية شعرية فهل بلدية باريس مؤسسة ثقافية؟. ويقر الجبيري أن «مؤسساتنا الثقافية تحتاج إلى الكثير لكسر الجمود الذي شكل صورتها لدى الوسط الثقافي وتحتاج إلى ضخ دماء شابة وأفكار متجددة كي تساهم في صناعة ثقافة تجذب لها األدب الحقيقي واملناشط الجاذبة وتستعيد الجمهور الغائب؛ ألن األديب يحتاج إلـــى املـسـاهـمـة فــي كــل هـــذا الـــحـــراك.. والـتـخـلـي عــن دور االنـتـقـاد لتلك املـؤسـسـات الـتـي دعـتـه واعتبرته عنصرا فــاعــا فــي نــشــاط أضـعـفـه وأضـعـفـتـه املـؤسـسـة بتجاهل األفـكـار التطويرية التي يمكن أن تصنع مشهدا ثقافيا فاعا». الــشــاعــر والــكــاتــب مـحـمـد خــضــر يـــرى بـــأن املــفــتــرض أن يصنع املثقف املبدع املؤسسة الثقافية، وأن يكون ذلك ما يشبه شرط وجوده وبقائه ضمن هذه املؤسسة ألن املبدع كـالـطـائـر الــحــر، إذا لــم يـجـد فــي املـؤسـسـة إضــافــة آلفاقه وفضاءاته أو إذا لم يستطع أن يخلق منها هذا الفضاء فهذا يعني أن وجوده كموظف ال أكثر. ويـــقـــر خــضــر بـــــأن هـــنـــاك الــكــثــيــر مــمــن ســحــرهــم وهج املؤسسات الثقافية وضوؤها وأخذهم حتى بعيدا عن إبداعهم وأصالته وقيمته. فيما يــرى الشاعر الـشـاب أحمد صالح الشهري أن دور املـثـقـف هــو األســـاس فــي كــل شـــيء، ألن املـؤسـسـة األدبية وجـدت لخدمة األديــب، بتوفير منابر اإللـقـاء، وإمكانية الطباعة والنشر ملنتجه األدبي. ويـــؤكـــد الـــشـــهـــري أن املــثــقــف هـــو الــــــذي يــصــنــع سمعة املــؤســســة ومـكـانـتـهـا عــن طــريــق نـتـاجـه املــمــيــز. لــذلــك قد تـــوجـــد مـــؤســـســـات ثــقــافــيــة ال شهرة لها وال حضور بينما قـــد يــوجــد مـثـقـف مـسـتـقـل ال يــنــتــمــي ملــؤســســة ثــقــافــيــة له حضور كبير وطاغ. وال يـسـتـبـعـد الــشــهــري دور املــؤســســة األدبــيــة وال يلغيه فــــــي دعــــــــم وتــــبــــنــــي األديــــــــب وتقديمه للمتلقي منذ بداية موهبته حتى اكتمال ونضج مسيرته، ألن العملية الثقافية ذات الطابع األدبــي تكاملية لكن دور األديــب هو املبتدأ وإليه املنتهى، إذ ال تستطيع أي مؤسسة صناعة أديب ! ويقر الشهري بأنه ال يمكن تخيل قدرة أي مؤسسة مهما كان حجمها على تقديم نتاج أدبي ضعيف بشكل ناجح مهما بذلت من جهود الدعاية، لكننا نستطيع بسهولة تـخـيـل مــؤلــف أدبــــي قــيــم عــلــى رفـــع اســـم مــؤســســة أدبية متواضعة في سماء الشهرة والخلود.