Okaz

تطاير شعر رأس املصلح

-

رجل السياسة ورجل التعليم عليهما أن ال يأخذا املباركة في عملهما من بعض رجال الدين. فــإن فـعـال، فـقـل سـالمـا ألي مــبــادرة جــســورة أو أي خــلــق وإبــــــد­اع، فـغـالـبـا مــا يــعــتــر­ي عملهما التحسس وعدم اإلقدام. إن فعال ذلك.. فـالـدكـتـ­ور أحـمـد العيسى كــان جــســورا ككاتب عندما أصدر كتابه املاتع «إصالح التعليم في السعودية.. بني غياب الرؤية السياسية وتوجس الــثــقــ­افــة الــديــنـ­ـيــة وعـــجـــز اإلدارة التربوية»، وخنوعا عندما أصبح مسؤوال عن التعليم. فـهـل امـتـلـك الـشـجـاعـ­ة أثــنــاء الـكـتـابـ­ة بحثا عن البطوالت عند العامة وإظهار املقدرة على حل معضلة جوهرية عند صاحب القرار؟ هــــذا الــــســـ­ـؤال يــقــف فـــي حــلــق كـــل مـــن قــــرأ ذلك الــكــتــ­اب ووقــــف عـلـى عـمـل وزيــــر ادعــــى املقدرة عـلـى حــل املـعـضـلـ­ة، وبــني الـكـتـابـ­ة واملسؤولية رسوب فاضح، وال تفسير له إال أن يكون الكاتب (املــصــلـ­ـح) تـــم اخــتــطــ­افــه مـــن زاويــــتـ­ـــني، أوالها املــنــصـ­ـب وإغــــــو­اؤه، وثــانــيـ­ـهــا االرتـــهـ­ــان ملــن هم خارج العملية اإلصالحية ملنظومة التعليم.. وإذا كان وصفه لكتابه أنه تضمن نقدا للتعليم، بل هدما ملا قد يعتبره البعض مقدسا ونهائيا وثـابـتـا غير قابل للتطوير فــإن معالي الوزير ركن لدعة املنصب ولم يتحرك لألمام قيد أنملة نحو املـعـوقـا­ت الحقيقية لنهضة التعليم في البالد. ويبدو أن دعة املنصب جعلته يهادن اإلسالميني املــتــشـ­ـدديــن الــذيــن قـــال عـنـهـم إنــهــم هــم العقبة الكؤود في وجه إصالح التعليم، وإنهم حولوا الـتـعـلـي­ـم إلـــى حـلـبـة صــــراع فــي إبــقــاء نفوذهم والسيطرة على عقلية املجتمع باسم املحافظة مـن خــالل املناهج الخفية فــإذا بـــإدارة التعليم تضج بكل املناهج الخفية مـن غير استقطاب أصــحــاب الــــرؤى الــحــداث­ــيــة (وهـــم مــن وصفهم بـالـعـقـل­ـيـات الـــقـــا­درة عـلـى انــتــشــ­ال التعليم من رقدته)، واملــالحـ­ـظ أن مـخـرجـات التعليم أضـيـفـت على الــركــام الــهــائـ­ـل مــن املــخــرج­ــات الـسـابـقـ­ة بــل زاد األمــــر ســــوءا كـــون وزارة الـتـعـلـي­ـم تــضــخ املياه امللوثة باتجاه التعليم العالي، وألن املسؤول شخصية واحـــدة (فــي التعلمني) فـال ضير من معاودة ضخ تلك املياه امللوثة إلى سوق العمل. فـمـن يـحـاكـم مـــن؟ ومـــن يـخـشـى عـلـى مـــن؟ ومن يــصــلــح مــنــظــو­مــة تــخــلــى فــيــهــا املــــســ­ــؤول عن جسارته؟ هناك حسرة كبيرة على من يستطيع التنظير الصائب عندما يكون خارج املسؤولية، وحسرة أكــبــر عــنــدمــ­ا يــكــون هـــو املــعــطـ­ـل لــرؤيــتـ­ـه، وكم هـو جميل حينما كــان شعر رأس املصلح (أي مــصــلــح) يـتـطـايـر مــع ريــــاح ســيــارتـ­ـه املكشوفة ويلقي بالنصائح على قارعة الطريق.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia