حترير (٤) دول في جدة!
قـامـت صحيفة «عــكــاظ» بحسبة مـثـيـرة وملفتة يــوم أمس عندما قام محررها حسني هزازي بمقارنة مساحة األراضي املنهوبة الـتـي تـم تحريرها مـؤخـرا فـي مدينة جــدة ووجد أنــهــا تــعــادل مــســاحــة أربــــع دول مـجـتـمـعـة هــي الفاتيكان، موناكو، جزيرة ناناسا، وجزر امليداواي. صحيح أنها دول صغيرة ولكنها تبقى دوال وكيانات قائمة بذاتها، ما يعني أن اللصوص الذين وضعوا أيديهم وأقدامهم على مساحة تقارب ٥١ ألـف كيلو متر مربع استولوا على ما يكفي من املـسـاحـة لـسـكـان ومــرافــق أربـــع دول، لـكـن الــفــرق أن أراضي تلك الدول خضراء مزهرة ومشهورة امللكية، بينما املساحة املساوية لها لدينا جرداء مهملة تغري اللصوص بنهبها. املـالحـظـة املـهـمـة أن هــذه املـسـاحـة الـكـبـيـرة تــم نهبها خالل خمسة أشـهـر فـقـط، كـمـا أنـهـا ليست فــي الــربــع الــخــالــي، بل فــي نـطـاق مـديـنـة كـبـرى هــي جـــدة، وتــم تخطيطها ووضع عالمات عليها والشروع في بيعها جهارًا نهارًا، ولم تتحرك األمانة وبلدياتها إال بعد أن كادت تتحول إلى مئات القطع الــصــغــيــرة وبــمــئــات املـــاليـــني الــتــي ســتــذهــب فـــي حسابات اللصوص ولن يحصل املغفلون الذين اشتروها على ريال واحد مما دفعوه. فــي كثير مــن دول الـعـالـم املتخلفة الـتـي تفتقر إلــى أنظمة الرقابة الصارمة ويتكاثر فيها الفاسدون واللصوص يتم الـسـطـو عـلـى أراضــــي الــدولــة أو حـتـى اغــتــصــاب أراض من مالكيها، ولكن لم يحدث أن سمعنا في أي دولـة في العالم السطو على كيلومترات األراضــي بشكل مستمر، فنحن لو راجعنا أرشيف الصحافة للسنوات املاضية القريبة إلى اآلن الكتشفنا أن البلد منهوبة بشكل ممنهج والستغربنا كيف بقيت هذه املساحات الصغيرة التي استطاع الناس السكن عليها. وضع عجيب غريب ال يمكن استيعابه، إذ كيف يجرؤ اللصوص على سرقة أراض بهذه املساحات الهائلة إن لم تكن هناك فرصة ممكنة تتيح لهم ذلك، وتتيح لهم إمكانية بيعها وبعد ذلك لكل حادث حديث، قضايا تدور في املحاكم لعشرات السنني قد تنتهي إلى ال شيء، والخاسر الوحيد هو املواطن البسيط الـذي صـدق اللصوص ودفـع لهم تحويشة عمره. هـــؤالء الــلــصــوص ال يـمـتـلـكـون هـــذه الــجــرأة الـعـجـيـبـة دون وجـود من يخطط لهم ويدلهم على املواقع القابلة للسرقة. هــنــاك لــصــوص آخــــرون يـكـسـبـون إذا نـجـحـت الـطـبـخـة وال يلحقهم شيء إذا احترقت، هؤالء هم املجرمون الحقيقيون الذين تجب معاقبتهم بشكل أشد من اللصوص الظاهرين.