Okaz

روائيون: لكل منا مواقفه.. وندافع باجلماليات قبح األدجلة

- علي الرباعي (الرياض)

لــم يتبرم روائــيــو­ن مــن االعــتــر­اف بميولهم اإليديولوج­ية على مستوى شخصي كونهم بشرًا لهم مواقفهم من القضايا اليومية إال أنهم ال يمكن أن يتبنوا األدلجة في العمل السردي؛ إذ إن طبيعة الـروايـة واألدب التمرد على ما هو جاهز وجامد شأن األيديولوج­يا. وكشف الروائي يوسف املحيميد في شهادته عن تجربته الروائية ضمن نــدوة الجنادرية (األيديولوج­يا والرواية) عن بحث التجربة السردية الدائم وولعها املستمر بالبحث عـن الجديد واملتغير واملختلف مـا يعني استحالة ربطها باألدلجة كما يظن البعض. ولفت إلــى أن األيـديـول­ـوجـيـات واألفــكــ­ار تـقـوم على اليقني والتسليم بما هو كائن في حني يرتكز األدب واإلبداع على الشك وطـرح األسئلة والاليقني. مؤكدًا أن اتكاء الرواية على اليقني يفقدها السحر والجمالية ويوقع الـسـراد في خانة الدوغمائية ما يفقده فـرص اتساع رؤيته وإمكان تجديد أدواته وأساليبه وأفكاره ولغته. ما يفسد النص الروائي ويفقده متعته املؤملة بحكم األيديولوج­يا الصارمة. وأبدى تحفظه على أي عمل أدبي خالص وحر يتحول إلى خطاب مباشر أو بيان أيديولوجي جامد. واستدعى املحيميد تجارب عاملية منها تجربة الــروائــ­ي البرتغالي جـوزيـه ساراماغو املنتمي للحزب الشيوعي البرتغالي منذ عام 1969 إذ لم يكن منفذا لشروط وأنظمة الحزب ولم تتضمن أعماله تسويقًا لتعليمات عرابي السياسة بل كتب برؤيته الفلسفية الخاصة وجـنـح إلــى الجماليات فــنــجــح فــــي الــفــصــ­ل بــــني انــتــمــ­ائــه لــلــحــز­ب فكريًا وارتــبــا­طــه بـالـكـتـا­بـة وجــدانــي­ــًا ووعــيــًا ولــغــة. وعد املحيميد هيمنة األيديولوج­يا على النص الروائي مثلبة ومأخذًا يحيل العمل اإلبداعي إلى الفتات شـعـاراتـي­ـة. ولـفـت إلــى أنــه يـحـذر دومــًا فـي معظم أعماله من تسلل األيديولوج­يا الضيقة سهوًا إلى الرواية ما يتطلب منه اإليغال في النص بدرية وذكـــاء كمن يمشي على حبل مـن علو شاهق بــتــوازن حـتـى ال يـسـقـط فــي فــخــاخ األدلجة. مــشــيــرًا إلـــى أنـــه عــرضــة لــلــنــج­ــاح والفشل في ذلـك كـون استيقاظ األيديولوج­يا واردا وتدخلها في النص محتمال من خالل شخوص العمل ومواقفهم. مؤكدًا أنه يكابد في سبيل حماية نصه الروائي مــن انـتـهـاكـ­ات األيـديـول­ـوجـيـا لـيـكـون عمله ســـردا إنسانيًا مكتمال ببنائه الفني والجمالي ما يضمن بقاؤه وقابليته للقراءة على مدى عقود طويلة دون أن تنال منه القيدومة. مؤمال أن يفطن القارئ والناقد إلى أن العمل الفني يحمل أفكارًا ورسائل ومضامني وهمومًا إنسانية شتى. الفتًا إلى أنه في روايته ( فخاخ الرائحة) انتصر لشخصيات مستلبة اجــتــمــ­اعــيــًا ومــنــحــ­هــا حـــق الـــكـــا­لم والــتــعـ­ـبــيــر عـــن حقوقها بمنتهى الحرية. داعيًا إلى ضرورة الوعي بخطورة األفكار الضيقة املتخفية والظاهرة ما يلبس الفن أجندة مشوهة ويــفــقــ­ده الـــقـــد­رة عــلــى الـــوصـــ­ول والـــتـــ­جــاوز كــونــه سيطرة األدلجة على اإلبـداع تعني موته وتحول الكاتب إلى كائن نـمـطـي فــاشــل. فـيـمـا عــد الـــروائـ­ــي املــغــرب­ــي شـعـيـب حليفي العمل السردي آلية مقاومة قبح األيديولوج­يات بمختلف منطلقاتها ومصادرها وتجلياتها. مشيرًا إلى أن الكتابة تمثل أداة نقض لخطابات اجتماعية وثقافية وسياسية ومجابهتها ولــو عـبـر املـتـخـيـ­ل لتفكيك الـخـطـاب املكرس وخلق واقع جميل من خالل خطاب روائي مضاد للخطاب املؤدلج. وأبدى سعادته أنه نجح بأعماله السبعة في توليد عالم مواز محلوم به ما يمنح القارئ املثقف فرص التأويل. ولفت إلى أن إنسان القرن املاضي ليس هو ذاته إنسان هذا الـقـرن مـا يعني أن على الـكـاتـب مـواكـبـة تـحـوالت اإلنسان وقدراته والتعبير عن همومه بالتنويع شكال ومضمونًا. مؤكدًا أنـه واجـه العنف السائد في املغرب في السبعينات بعمله (مساء الشوق) والذي لم يخل من عنف سردي مواز. برغم أن شخوص عمله لم ينتصروا في نهاية العمل شأن األفـــالم الكالسيكية املختتمة بانتصار الخير على الشر والبسطاء على الجائرين. ووصف الرواية بخطاب حياة ال يقبل أن يكون موعظة وال شعاراتيا وال طرحا أجــوف إذ على قـدر قسوة الـواقـع يلزم أن تكون قسوة العمل. مؤمال أن يــكــون وعــي الــقــارئ لـلـسـرد مـقـاربـًا لــوعــي الـكـاتـب كون الجماهير تثق باملثقف أكثر من ثقتها بغيره. ولفت إلى أن رواية تركي الحمد (رائحة الجنة) بيعت بأعداد كبيرة. وحققت في املغرب نسبة عالية من االبتياع عندما صدرت طبعتها األولـى كون الشبان والفتيات ظنوها عمال دينيًا ولم يفقهوا أن العمل اإلبداعي يقوم على مهارة السرد. ولم يستبعد تقاطع السيرة الذاتية مع السيرة الروائية بحكم أن الروائي يكتب نفسه أيضًا عندما يكتب مجتمعه وناسه.

 ??  ?? شهدت األمسية جدال واسعًا بين الشعراء في «أدبي مكة» أمس األول. (تصوير: عمران محمد)
شهدت األمسية جدال واسعًا بين الشعراء في «أدبي مكة» أمس األول. (تصوير: عمران محمد)
 ??  ?? روائيون أكدوا أنهم يكافحون األيديولوج­يا عبر رواياتهم أمس األول في الرياض.
روائيون أكدوا أنهم يكافحون األيديولوج­يا عبر رواياتهم أمس األول في الرياض.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia