قصة اللقاء األول مبؤسس السعودية
بـدأت عالقة بشير السعداوي مع مؤسس اململكة الــعــربــيــة الــســعــوديــة الــحــديــثــة املــلــك عبدالعزيز بــن عــبــدالــرحــمــن، بـعـد أن انــتــدب رئــيــس املؤتمر اإلسالمي الحسيني عضو اللجنة التنفيذية في املــؤتــمــر بـشـيـر الــســعــداوي ليسعى بـالـصـلـح بني امللك عبدالعزيز واإلمام يحيى حميد الدين الذي بدأت قواته بالهجوم على السعوديني، رغم توقيع الطرفني معاهدة صداقة وحسن الجوار. وتوجه السعداوي إلى مكة املكرمة ليجتمع بامللك عبدالعزيز ويبحثا نقض اليمنيني للمعاهدة، ويبدو أن اللقاء األول جعل من السعداوي مقربًا مــن املــلــك بـدلـيـل أنـهـمـا أديـــا فـريـضـة الــحــج معًا، ويذكر أن امللك عبدالعزيز ألقى للوفود اإلسالمية بــعــد الــحــج شــرحــًا صـــادقـــًا ألســـبـــاب الـــخـــالف مع اليمن، وطلب السعداوي من امللك عبدالعزيز قبول وساطة «املؤتمر اإلسالمي» الذي يمثله السعداوي لــحــقــن الــــدمــــاء، ووافـــــق املــلــك عــبــدالــعــزيــز، لتبدأ املساعي الحميدة، والتقى اليمنيون بالسعوديني فــي الــطــائــف، وانـتـهـت الــحــرب باتفاقية معاهدة الطائف الشهيرة. عاد السعداوي إلى دمشق، وفي يده نموذج ناجح فــي قـــدرة الــحــوار عـلـى حــل املــشــكــالت فــي العالم العربي، وبرزت فكرة إنشاء «املكتب العربي»، بعد مباحثات بني بشير السعداوي وفخري البارودي، وضــــم املــكــتــب أقــســامــًا بــعــدد املــشــكــالت العربية ملحاولة حلها، بيد أن املكتب لم يكتب له االستمرار بعد أن أغلقته السلطات الفرنسية. في أتون بوادر الحرب العاملية الثانية شعر العرب باقتراب تبعات الحرب إليهم، وقــرر قــادة الكتلة الوطنية في سورية التشاور مع اململكة العربية الـسـعـوديـة التــخــاذ مـوقـف عـربـي إســالمــي موحد تجاه األخطار الجديدة، ووقع االختيار على بشير الــســعــداوي ملقابلة املـلـك عـبـدالـعـزيـز واستشارته في ما يجب اتـخـاذه، انطلق السعداوي إلـى جدة والتقى امللك عبدالعزيز وعرض عليه ما حمله من قادة الكتلة الوطنية، وفي نهاية املباحثات حمل أحـــد أنــجــال املــلــك عـبـدالـعـزيـز لبشير السعداوي رغبة امللك املؤسس في تعيني السعداوي مستشارًا لــه، واتــفــق مــع املـلـك أن يـعـود إلــى ســوريــة ويبلغ الـسـوريـني نصائح املـلـك ومــن ثـم يلتقي املـلـك في موسم الحج. وفي نهاية شهر ذي القعدة من عام 1938 قصد بشير السعداوي مكة ألداء الحج، ومـن ثم اختار الـــريـــاض وجــهــة لـــه لـيـعـمـل مــســتــشــارًا عــنــد امللك عبدالعزيز الذي استطاع خالل فترة حكمه صناعة بطولة عربية في سبيل وحدة بالده.