السينما ليست الهم األكبر!

انتشرت فـي الفترة األخــيــرة هاشتاقات متنوعة تطالب هيئة الـتـرفـيـه بـافـتـتـاح دور للسينما فــي املـمـلـكـة، ويــعــزو أولئك املــطــالــبــون بـالـسـيـنـمـا إلـــى حـاجـتـهـم لـلـتـسـلـيـة وتمضية أوقات ممتعة في مشاهدة األفالم املتنوعة من وقت آلخر وكأنهم محرومون نهائيا منها! لكنني بكل بصراحة ومع احترامي لهؤالء املطالبني، وجـدت أن مطالبهم في الهاشتاقات تحمل كثيرا من التضخيم املبالغ فيه بشدة، وكأن أكبر هموم الشارع السعودي السينما، وال شيء آخر سواها! هناك أمور يحتاجها الشارع السعودي أكبر وأهم بكثير من تلك املطالب التي لن تقدم شيئا إن حضرت وال تأخر في األمر شيئا إن غابت. بل هناك أشياء بحاجتها كل مواطن مثل الصحة املطمئنة، والتعليم الــجــيــد، واإلســـكـــان اآلمـــــن، والـــدخـــل املـــــادي املــالئــم لـتـلـبـيـة املتطلبات العائلية، والتي أصبحت بالكاد تكفي املواطنني شر ارتـفـاع األسعار املواد االستهالكية والغذائية في وقتنا الحالي. كما أن هناك الكثير من املشكالت التي نحتاج لعالجها، مثل البطالة املتفشية بــني شبابنا وبناتنا الــذيــن مــازالــوا يـأمـلـون بـإيـجـاد حلول وفرص وظيفية مالئمة ملا يحملون من شهادات علمية كافحوا من أجل تحقيقها سـنـوات طويلة، ابتغاء وظيفة مرموقة تـواكـب طموحاتهم وأمـنـيـاتـهـم. وهـنـاك أيـضـًا الكثير مـن الـخـدمـات األخـــرى الـتـي نحتاج لتطويرها لتواكب الــرؤيــة املستقبلية للمملكة الـتـي ستعتمد بشكل كـامـل مستقبال على شـبـاب هــذه الـبــالد ملنافسة كـبـرى دول العالم، بل والسعي للتفوق عليها في النهضة التنموية والبشرية. الغريب في األمر أن غالبية املطالبني في تلك الهاشتاقات وغيرها ال يــرون في الترفيه سـوى السينما والحفالت الغنائية فقط! بينما شبابنا بحاجة أكثر لترفيه حقيقي يساعدهم على تنمية عقولهم وتطوير أفكارهم، من خالل تهيئة مـراكـز تدريبية متنوعة فـي كثير مـن املــجــاالت التي تحتاجهم فيها البالد، وبشكل ينفعهم ويفيدهم ويفيد البالد بهم. لذا، فعلى من يطلقون تلك الهاشتاقات واملطالبات باسم املواطنني أن يكفوا عـن التالعب بعقولنا وكأننا مغفلون ال هـم لنا سـوى تمضية أوقات الفراغ بتلك األمور! ولله الحمد، فشبابنا مبدعون في كثير من املجاالت، وطموحهم يتعدى بكثير تلك املطالب الترفيهية الساذجة. وشـخـصـيـًا فـإنـنـي لـسـت ضــد تـلـك املــطــالــب، وال مـعـهـا، ألنــهــا ستوجد سواء رضينا أم أبينا مستقبال، لكني أرى أن هناك مطالب عامة أكثر أهمية ويجب تحقيقها، بعدها يأتي دور املهم وحينها لكل امرئ حرية الترفيه واالستمتاع كما يريد وكما يشاء.