Okaz

صراع التاجر مع العامل

-

مــن الـتـنـاقـ­ضـات العجيبة فــي األنـظـمـة الرأسمالية، أن الشركات تتمنى أن تبقى الـقـدرة الشرائية للفرد قـــويـــة، وذلـــــك لــضــمــا­ن بــيــع مــنــتــج­ــاتــهــا وخدماتها عليهم، ولكنها في الوقت ذاته، تضغط على املوظفني بــتــخــف­ــيــض الــــروات­ــــب أو فــصــل بــعــضــه­ــم إذا مـــا تم انخفاض أرباحها، متناسية أن أولئك املوظفني هم مـن يشترون السلع والـخـدمـا­ت مـن رواتـبـهـم، فلماذا يـتـم إضــعــاف قـوتـهـم الــشــرائ­ــيــة إذا مــا تــدنــت أرباح الـشـركـة؟ فـهـي ال تـريـد أن تتحمل عــبء هــذا النقص ولكن يتم تحميل أغلب ذلك على املوظف، إما بفصله أو بتخفيض راتبه، فهو دائما العنصر األضعف في املعادلة. وربما نستفيد من التجارب في الدول املصنفة تحت الرأسمالية التنسيقية أو التعاونية التي تضم الدول اإلســكــن­ــدنــافــ­يــة والــيــاب­ــان وأملــانــ­يــا. أقــــرب مــثــال حي هــي األزمـــة الـتــي تـمـر بـهـا شـركــة الــســيــ­ارات األملانية «فولكس فاجن» التي صرح مديرها التنفيذي شهر أكـتـوبـر املــاضــي بـأنـه يـجـب عـلـى الـشـركـة االستغناء عن ٥٢ ألـف موظف. لو كانت هـذه الشركة تعمل في النظام الرأسمالي الحر مثل أمريكا وبريطانيا لكان من األسهل لها تسريح املوظفني، ولكن قررت الشركة مواجهة األزمة بالحد من التوظيف واالنتظار حتى يتم التقاعد املبكر ملوظفيها الكبار فـي السن خالل السنوات القليلة القادمة، لم تــأِت هـذه التصريحات ملجرد مراعاة للظروف اإلنسانية للعاملني، بل لوجود نــقــابــ­ات عــمــال قــويــة تــــردع جــبــروت رجــــال األعمال، وتجدر اإلشارة إلى أن النقابات العمالية في األنظمة الرأسمالية التنسيقية لها وزن وقوة، فتقوم بتحقيق أمان وظيفي عاٍل وتحد من جشع التجار. في ظل انخفاض أسعار النفط الـذي قلل من اإلنفاق الحكومي وبــدأت آثــاره تظهر على القطاع الخاص، يــشــغــل أذهـــــــ­ـان مـــوظـــف­ـــي الـــقـــط­ـــاع الــــخـــ­ـاص أمانهم الوظيفي، فهم مـدركـون كيف أن الـشـركـات تستطيع التضحية بهم بسهولة مقابل تعويض مالي بسيط. في هذه الفترة الصعبة التي يمر بها اقتصادنا، إذا ما تم الحد من فصل املوظفني الذي تقوم به الشركات فإن ذلك سوف ينعكس سلبيا على الشركات بشكل خاص واالقــتــ­صــاد كــكــل. فكلما زادت الـبـطـالـ­ة وانخفضت الرواتب انخفضت عمليات البيع والشراء، وهذا يعني املزيد من االنكماش للقطاع الخاص. توجد لدينا في السعودية «اللجان العمالية» التي بدأت بقرار وزارة العمل رقم ١٩٦١ وتاريخ ٧٢/١/٣٢٤١هـــ. يتيح هذا القرار للسعوديني العاملني في أي منظمة تضم أكثر من 00١ عامل سعودي أن يشكلوا لجنة عمالية يتم انتخاب أعضائها من قبلهم دون تدخل إدارة الشركة. مثل هذه اللجان إذا تم تمكينها وإعطاؤها مزيدا من الـقـوة فلها أثــر إيجابي كبير فـي الـحـد مـن عمليات تسريح العاملني السعوديني.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia