Okaz

التحالفات العربية الغربية

- السفير حمد أحمد عبدالعزيز العامر *

للتحالفات (العربية الغربية) أهمية كبرى في التواصل بني الحضارات ودعم جهود معالجة املظالم السياسية واالقتصادي­ة واالجتماعي­ة القائمة منذ إنشاء منظمة األمم املتحدة عام )م1945( والـتـي تسببت فـي نشر حـالـة مـن اإلحــبــا­ط لــدى الشعوب املـقـهـور­ة وباألخص الشعوب العربية وانعكس تأثيرها على تفاقم اإلرهاب كظاهرة عاملية وتوالي الحروب والصراعات في منطقة الشرق األوسط، ومن األهمية بمكان أن يكون لدى الجانبني (العربي والغربي) فهم أعمق لإلسالم واملدنية الغربية، وأن تبنى هذه التحالفات على أسس صحيحة من التفاهم والتطبيق الصحيح للقيم املشتركة لتحقيق التقدم في توسيعها عبر االلتزام بالعملية السياسية ورفــض العنف واإلرهـــا­ب وإتـاحـة الـفـرص للجهود الدبلوماسي­ة لتلعب دورهـــا، ليتحقق فــي النهاية الـتـوافـق وتـوحـيـد الــطــرق الكفيلة بتمهيد األرضيات املشتركة لفتح أبواب السالم الذي طال انتظاره. لقد اهتزت الثقة بني الغرب والعالم اإلسالمي منذ فترة طويلة، إال أنها انــعــدمـ­ـت تـمـامـا بـعـد تـفـجـيـرا­ت بــرجــي الــتــجــ­ارة الـعـاملـي­ـني فــي (سبتمبر ،)م2001 وظهور التنظيمات اإلرهابية التي تدعي اإلســالم، ومـا سببته من تشتت لألفكار والـرؤى والسياسات بني العاملني (اإلسالمي والغربي) وتداخل املفاهيم واختالط التعريفات، فلم يتم التوصل إلى تعريف عاملي موحد لـ (اإلرهاب)، ما تسبب في عدم التفريق بني من يكافح ألجل تحرير وطنه من املحتلني (فلسطني على سبيل املثال)، وبني الساعني إلى هدم القيم اإلنسانية عبر زرع األفكار املتطرفة الدخيلة على اإلسالم واعتماد العنف وسيلة لتحقيق أهدافهم الخبيثة وبدعم من بعض الــدول بكل أســف؛ ما مكن اليمني املتطرف في الغرب من تحقيق انتصارات سياسية مهمة بذريعة (فوبيا اإلسالم)، وأصبح (اإلسالم) عدوا صريحا وعائقا كبيرا أمام إعادة الثقة في العالقات العربية الغربية. وملعالجة ما يشوب العالقات العربية الغربية من تـوتـرات وخـالفـات، وإلعــادة بناء الثقة بني العاملني اإلسالمي والغربي، ولتحييد وتأثير األفكار السلبية واملفاهيم املسبقة الخاطئة عن اإلسالم، فإنه البد من إعادة بناء تلك العالقات على أسس جديدة تقوم على: توضيح الصورة الحقيقية لإلسالم وعامليته القائم على مبادئ التعايش والتسامح واالنفتاح ورفض العنف والتطرف، الذي كان له الدور األساس في نهضة الحضارة اإلنسانية. تحرير اإلسالم من الشوائب التي لحقت به أخيرا والصورة الذهنية السيئة لإلسالم ورفض كل ما ألحق به من اتهامات باطلة حول كونه وراء أعمال العنف واإلرهاب العاملي، وذلك عبر تهيئة األجواء العاملية الستبدال الصراع بالحوار البناء. إعـادة النظر في منظومة األمم املتحدة من حيث اآلليات واألجهزة واملؤسسات التي تنظم عملها بما يحقق أهدافها، خصوصا في ظل ما تتمتع به الدول الخمس الكبرى من صالحيات وامتيازات سياسية تسببت في استمرار وتفاقم القضايا الدولية واإلقليمية دون حلول عادلة خاصة قضية العرب األولى فلسطني. إن (الحقوق والحريات املدنية والسياسية) التي يتمتع بها املواطن الغربي والتي تعد أسـاس التقدم والتنمية الغربية، هي محط إعجاب العرب الذين يفتقدون وجودها في عاملهم؛ لذلك وجدت فيها أوروبا وأمريكا وسيلة ناجعة للتدخل في الشؤون الداخلية العربية في إطار دولي مشروع تم اإلعـداد له من خالل االتفاقيات والعقود الدولية املتعلقة بحقوق اإلنسان والتي أقرتها أجهزة األمم املتحدة املختلفة، وذلك من أجل تحقيق مصالح سياسية قائمة على مبدأ تقسيم الــدول العربية إلـى دويــالت قائمة على أسـس طائفية وإثنية وتغيير األنظمة السياسية إلى أنظمة جديدة تتفق والرؤية األمريكية األوروبـيـ­ة في قيام شرق أوسط جديد. كما وجدت إيران من تلك املبادئ فرصة ذهبية لتصدير مبادئ ثورة الخميني وفـق ما ينص عليه الدستور اإليــرانـ­ـي، وتعزيز نفوذها في املنطقة بالعزف على أوتار الطائفية ونشر املذهب الشيعي ليتحقق حلم قيام (الدولة اإلسالمية الشيعية الكبرى) على امتداد الوطن العربي. ورغم النهج املتأني القائم على سياسة التدرج املنطقي للتغيير واإلصالح بدول مجلس التعاون التى شهدت انتخابات متعددة للبرملانات في الكويت والبحرين ومجالس الشورى واملجالس البلدية املنتخبة فـي اإلمـــارا­ت وقطر وعـمـان واململكة العربية السعودية، إال أن ذلــك لـم يكن كافيا لــدى الــدول الغربية، خاصة الـواليـات املتحدة التى لم تعمل -على سبيل املثال - بدعم النهج الديموقراط­ي الـذي عرفت به مملكة البحرين منذ انتخابات املجالس البلدية في عشرينيات القرن املاضي حتى استكمله جاللة امللك املفدى -منذ توليه سدة الحكم في (مارس -)م1999 بخطوات إصالحية جبارة اتخذت من (الحوار البناء والتحديث املستمر والعدالة وسيادة القانون واملساواة واملشاركة الشعبية في صنع القرار) أسس لبناء دولة املؤسسات والقانون، إال أنها تتعَّرض إلى تهديدات مستمرة وضغوط هائلة من ِقبل أصدقائها وحلفائها التاريخيني الذين تغيرت مواقفهم وإستراتيجي­اتهم ومصالحهم بعد هجمات (سبتمبر )م2001 والتوقيع على االتفاق النووي في (يوليو ؛)م2015 وهذا ما أدى إلى اتساع فجوة الخالف رغم الجهود البحرينية الكبيرة املبذولة لتعزيز حقوق اإلنسان والتعددية السياسية وتفعيل آلياتها القائمة فعال لتثبيت سياسات وطنية مقبولة من الجميع دون تمييز أو استثناء.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia