العقوق واحلجر

ابن يرفع دعوى حجر على أبيه ويطلب التصالح معه على مبالغ من املال؟ فكيف يستوي طلب الحجر وطلب الصلح، فإما أن والده غير راشد، ولهذا يطلب الحجر، أو أنه أب راشد كامل األهلية فيطلب الصلح معه من خالل مصلحني راشدين عاملني بأصول الفقه والشريعة والقضاء. وابـنـة تطلب رفــع واليــة أبيها عنها وتـوكـل محامني مـن املشاهير، وفي الوقت نفسه تطلب عودتها ملنزل أبيها والصرف عليها. وامــرأة تعمل في دولــة مـجـاورة لكسب الــرزق، وعندما حضرت مع االبن لزيارة أهلها والعمرة وجدت عليها من أخيها بدال من رعايتها شكاوى أمام األحوال املدنية والشرطة وقضايا عقوق أمام أكثر من قاض وأكثر من جهة، مـاذا تفعل وهي امــرأة مطلقة بال حول وال قـوة، وبسبب ذلك سقط عنها انتظامها الدراسي وشطبت من الجامعة وفصلت عن العمل وانقطع رزقها ومصدر دخلها األوحد. وأب يرفع دعـوى على بناته يطالبهن بالنفقة عليه، وتتعدد قضايا من نـسـاء بـال عـائـل بطلب النفقة على األبــنــاء مـن األب الــذي تــرك أبــنــاءه بال نفقة أو رعاية لسنوات طوال يتزوج خاللها ويستمتع بالحياة تاركًا املرأة معلقة أو مطلقة مع األبناء دون سؤال عن الحال. هنا تنشغل الوزارات والشرطة وإمارات املناطق بملفات وخطابات كيدية ووهـمـيـة يستخدمها ضـعـاف الـنـفـوس للضغط على ذويــهــم بالترهيب األمني والتلويح بالشكاوى والقضايا الجنائية، وتتحول جهات األمن والحماية من حيث ال تعلم إلى جهات ترويع وإرهــاب للنفوس واألفراد الذين لم يذهبوا من قبل إلـى أقسام الشرطة أو هيئات حقوقية وأمنية أو قضائية. ولهذا يجب أن تتصدى األجهزة الحقوقية واألمنية لكل مسيء في استخدام خدماتها متى ثبتت الكيدية والصورية وعدم الجدية، والتصدي الداخلي والتلقائي بعقوبة كل متجاوز للسلطات والصالحيات واالختصاصات، فال يعقل أن تمر معامالت طرف عبر اليوم والساعة وتعطل لطرف آخر باألسابيع والشهور. نماذج مختلفة من االنحدار األخالقي واإلجرائي من األبناء العاقني تجاه والــدهــم وإخـوتـهـم أو مــن اإلخـــوة ضــد إخـوانـهـم وأخــواتــهــم أو مــن اآلباء ضد األبناء أو من األزواج ضد الـزوجـات في قضايا األحــوال الشخصية التي ال يمكن التصدي لها بدون توافر العدد الكافي والالزم من القائمني عـلـى معالجة الـقـضـايـا األســريــة فــي الـقـضـاء واألمــــن وهـيـئـات التحقيق واملـــؤســـســـات االجــتــمــاعــيــة الــخــاصــة والــحــكــومــيــة مـــع ضـــــرورة التأهيل الحقوقي واالجتماعي الضروري والالزم والكافي على أنظمة اإلجراءات واملــرافــعــات وإجــــــراءات الـصـلـح الــتــي تـحـتـاج متخصصني فــي الشؤون األسرية واالجتماعية وحتى املالية لقضايا النفقة. نذكر بأن للباطل جوالت وللحق دائما إن شاء الله الكلمة الفصل، ولكن بكل أسف يتكبد املظلوم ثمنا ماليا واجتماعيا كبيرا في ظل غياب قضاء التعويض وعدم تفعيل عقوبة أصحاب الشكاوى الكيدية والصورية ومن يعاونهم.