Okaz

العنف هو الداء وليس الدواء

- بشرى فيصل السباعي bushra.sbe@gmail.com

صــــدق أو ال تــصــدق هــنــاك مـــن مــــــازا­ل يــقــدم لــلــوعــ­ظ واإلرشــــ­ــــاد األســــري واالجتماعي والتعليمي والتحليل السياسي ومضمون الحل الذي يطرحه فيها جميعا هو أن العنف هو الدواء لكل داء ليس فقط العنف ضد األسرة بما يحول مقترفه لجالد ممقوت ويجعل أهله يهربون من البيت، إنما حـتـى بقضايا االخــتــا­لف فــي الـقـنـاعـ­ات الـعـقـائـ­ديـة والـفـكـري­ـة والواقعية فجوابه الوحيد عليها أن العنف هو الدواء ملا يراه على أنه داء االختالف في القناعات، وهو يلقن حتى الصغار أن األمجاد الطوباوية ال تتحقق وال تسترجع إال بالعنف، ثم يقال ما سبب الحروب األهلية واإلرهاب بالعالم العربي واإلســالم­ــي، وأن األبـنـاء صــاروا يقتلون آبـاءهـم وأمهاتهم وهم صائمون قائمون على سجادة الصالة، معتبرين أن هذا ما سيرجع األمجاد لإلسالم واملسلمني وأن إثبات اإليمان يكون بالعنف فقط لتحقيق الوالء والبراء الذي يعتبرون أنه ال يتحقق إال بقتل من ال يتبرأ مما يتبرؤون منه ويوالي ما يوالونه من جماعات تكفيرية، فمن تربى على نوعية الثقافة التي ترى أن العنف هو الوسيلة الوحيدة إلثبات الذات ولتحقيق األمجاد ومعالجة كــل املـشـكـال­ت والــظــوا­هــر والـتـحـدي­ـات، مـاهـي نوعية التصرف والــســلـ­ـوك املــتــوق­ــع مـنـه إن أراد إصـــالح الــواقــع والــنــاس وتـحـقـيـق مراده الخاص والعام لألمة؟ بالطبع سيكون العنف األعمى األسري والجنائي واإلرهابي، والعنف نمط سلوكي مشترك مع الحيوانات والحشرات فهو من الطبيعة الدنيا لإلنسان التي يشترك بها مع الحيوانات والحشرات والـتـي العنف فيها الـــدواء لكل داء ألن الـحـيـوان­ـات والـحـشـرا­ت ال تمتلك ملكات عليا تمنحها مهارات للتعامل غير العنيف مع بعضها للتوصل لحلول توافقية مرضية لكل األطــراف بــدون الحاجة، ألن يستعمل طرف العنف إلخضاع اآلخر إلرادته، فحتى القرود والصراصير والنمل تخوض غــزوات وحــروب وتنهب مــوارد اآلخـريـن وتأسرهم وتستعبدهم وتسيء معاملة اإلناث، فالعلماء الذين درسوا جماعات القرود توصلوا ألن أدنى الذكور مكانة في تراتبية الجماعة هو أفضل حاال من أعلى اإلناث مكانة في الجماعة واإلنــاث يتعرضن لعنف الذكور باستمرار، ولهذا ال يوجد شيء يدعو للفخر بمشابهة سلوك الحيوانات والحشرات، فالفخر األوحد لإلنسان هو أن يكرس ذاته وثقافة بيته ومجتمعه والعالم على الطبيعة العليا الربانية لإلنسان التي يتسامى فيها عن مشابهة أنماط الحيوانات والحشرات وبدال عنها يوظف املهارات العليا الواعية للتفاوض مع العالم والناس لتحقيق مراده بشكل سلمي حضاري راق، وهذا هو علم الحكمة، وحــالــيـ­ـا يـمـكـن الــحــصــ­ول عـلـيـه مــن كـتـب «الــرقــائ­ــق» اإلســالمـ­ـيــة والكتب املـتـرجـم­ـة لعلماء الـنـفـس وأخـصـائـي­ـي الــعـالقـ­ـات والـفـالسـ­فـة املعاصرين وخبراء التنمية الذاتية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia