هل الصمت عالمة رضا؟
تابعت، من عدة مصادر، قضية العجول املشتبه إصابتها بالحمى القالعية، واملتهم فيها مستورد للعجول تحايل على قـرار وزارة الــبــيــئــة واملـــيـــاه والــــزراعــــة حــظــر االســـتـــيـــراد مـــن الـــصـــومـــال، فقام بشراء 3000 رأس وتحميلها إلـى جيبوتي املـجـاورة للصومال، واسـتـصـدر شــهــادة منشأ منها واســتــوردهــا للمملكة عبر ميناء جازان حيث تم فسحها، ثم نقلها لتباع بمكة املكرمة. السؤال املثار لم تم استيرادها عن طريق ميناء جازان وليس كاملعتاد عبر ميناء جدة األقرب ملكة، والطلب كان بإعادة فحصها ممن أقام الدعوى، ووضــع نفسه تحت طائلة الـقـانـون إن كـانـت دعـــواه كيدية، وهو اتهام فظيع وجريمة كبرى لو ثبتت. امللفت هنا تناقض موقف وزارة الزراعة، فرغم تنبيه مقدم البالغ األول لكل مـن مدير مختبر ميناء جــازان ووكـيـل الـــوزارة للثروة الحيوانية عـن اإلرسـالـيـة املصابة إال أنها فسحت، بـل قــرر وكيل الوزارة أنه تم فحصها بالكامل وثبت خلوها من جميع األمراض، ورفض التشكيك في جودة مختبر جازان. وفي اليوم التالي نفاجأ بموقف مغاير للوزارة، استعان فرعها بالعاصمة املقدسة باألمن لــدخــول األحــــواش الـتـي تـــؤوي هــذه الـعـجـول، بــل قــامــوا بتطويق املكان، بعد أن رفض مستوردها التعاون معهم، خشيت تسريبها أو إخــفــاءهــا فــي أمـكـنـة أخـــرى، بـالـخـصـوص أمـــام تـنـاقـض أقوال مـسـتـوردهـا بــني أنــه يملك بعضها وأنـهـا تخص شريكا آخــر، ثم ترفض الوزارة التعليق أو التعاطي مع الخبر. لن أتحدث عن بديهيات كمكانة البلد الحرام وعظم اإلفساد فيه، وال عــن الــــرزق الــحــالل، إنــمــا حـــدث كــهــذا، ولـــن أقـــول جــرمــا حتى تثبت التهمة، وفي أي من مدننا األولى أن تتصدى له عدة جهات، أولها وزارة الزراعة التي آثـرت الصمت، كان عليها القول إن زعم وكـيـل الــــوزارة بـسـالمـة اإلرســالــيــة صحيح ومــا عـــداه شــوشــرة، أو أنها، طمأنة للمواطنني، قررت إعادة الفحص بدليل تحرك فرعها بمكة، الصمت هنا يعني عدم االهتمام باملواطن والتخلي عن أهم مهمات الـــوزارة في حماية الناس ووقايتهم، املفترض أن يخرج الوزير، فإن كان مشغوال فأحد وكالئه، أقله املتحدث باسم الوزارة لطمأنة املواطنني. ثــم أيــن نــزاهــة؟ هــل تنتظر تـقـديـم بـــالغ، فـهـي لــم تـعـد تـتـحـرك إال بموجب بالغات من املواطنني ثم ال تحميهم قانونيا، لذا اكتفت بالتحول إلى دور الواعظ أخيرا، أين هيئة الغذاء والدواء، أين هيئة التحقيق واالدعاء، هذه حادثة عامة تمس أرواح مواطنني، وفيها شبهة تزوير وخيانة أمانة وتحايل وخــداع، وجميعها يستحق التحقق والتحقيق. لو حادثة مشابهة حدثت، وال أقول ثبتت، في أية دولة خارجية لطلب مجلس شوراها أو برملانها مساء لة الوزير املختص وكــافــة الـجـهـات املـقـصـرة، ولــوقــف إعـالمـهـا على رجليه حـتـى تثبت صـحـة أو بـطـالن الـتـهـمـة. وقــد سـعـدت بـتـدخـل إمارة منطقة مكة بتكليف فرع وزارة الزراعة بمكة إعادة فحص العجول مما يثبت أن مواطننا له قيمة وأهمية كبرى، فكيف يتهاون فيها بـعـض التنفيذيني الــصــغــار، واالهــتــمــام بــاملــواطــن واجـــب قـبـل أن يكون مسؤولية وتكليفا.