Okaz

من بعرها فوق ظهرها

- علي بن محمد الرباعي

كان أشبه ما يكون ببهلول جوال. عندما يتعب مــن املــشــي يـسـتـقـر تــحــت أجــنــحــ­ة املساريب. وعــنــد مـــرور الـصـبـايـ­ا بـأغـنـامـ­هـن يسمعهن آخر ما بنى من أبيات. ويرفع الصوت بطرق الجبل «ليت الصبايا يتقسمنه بقسمه. وآكن أنا ذا يقسم. واهب لذا محتاج واقول هاك يا آنا». ســمــع أن أبـــــا مــنــشــا­ر اقــتــنــ­ى جـــمـــال فذهب ليبارك، وليرى ما عاد به تاجر األقمشة من رحـلـة التهم. سـألـه: هــذي نفعتك ألهـلـك بعد غيبة سنة هذا الجمل األجرب؟ رد عليه: وش أســوي يـا أبــو مـزمـار (أمــر الـلـه شـق القربة). نــــدف أبــــو مـــزمـــا­ر بــكــفــه عــلــى صـــــدره قائال «والـلـه ال خلي قريتك تغديني مضرب مثل بــن رجــــال الـــقـــر­ى». قـــال وش فــي رأســــك؟ لم يــرد عليه. عــاد إلــى منزله املـتـواضـ­ع. تناول مشعابه من الـزافـر. وتحفش الثوب املدولق وغــرزه في تكة الــســروا­ل. يمم صـوب الشرق. والشرق فرق كونها مطلع الشمس والنور. عمل راعيًا ألغنام البدو. وطال مقامه بينهم. بعد سنوات عاد وبيده خطام حمارة كأنها فرس. اعتنى بها. وأدخلها معه داخل البيت. مـبـاهـيـًا ومــفــاخـ­ـرًا أنــهــا مــن ســاللــة حميرية نادرة. في هزيع أخير من ليلة شاتية انقدحت في ذهن أبو مزمار فكرة. ومع شقشقة ضوء الصباح انطلق ليبحث لها عن أفحل الحمير لتلقيحها. جال في كم قرية حتى استدل على قروي متخصص في الفحالة. وال يتبرم من أخــذ األجـــرة. لكنه يبررها بأنه ليست أجرة اللقاح. وإنما أجرة املشوار. ولدت بتوأمن. وكادت القرية تطير فرحًا. لم تكد تقوى على السير حتى كـان أبـو مزمار يؤجرها لحمل الـدمـن. قـالـوا حــرام عليك يا رجــــال تــرهــقــ­هــا وهـــي صــغــار بـنـقــل السماد لـلـمـزارع. قــال «هـويـه حـــرام. مـن بعرها فوق ظهرها». علمي وسالمتكم.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia