مدير األمن العام.. تغيرت النبرة.. واملرور «واحد»!
قبل أكثر من عام اعترف مدير األمن العام الفريق عثمان املحرج أن أداء املرور غير مرض («عكاظ» )2016/1/21 وبالطبع لم يقصد فقط إرضاء نفسه على الصعيد املهني، بل كان ينقل انطباعا عاما سائدا في الشوارع مفاده أن رجال املرور ال يزالون مغيبني (طوعا أو كــرهــا) عــن خـريـطـة الـجـديـة فــي الـعـمـل لتبقى الــشــوارع عرجاء مكتوية بما يضج وما يقتل. وقتها قالها املحرج بال تــردد «اجتمعت بكم العام السابق واآلن أجتمع بكم ولم يتغير واقع الحال، ومشكلة املرور أصبحت حديث املجتمع»، فكان ما قال بردا وسالما على عقول املتابعني، على رغم أنه لم يهدئ من روع فاجعة الطريق، ولم يشف صدور الراغبني في طريق آمن، ومعاقبة املخالفني بال تردد أو هوادة. وبعد 10 أشهر («عـكـاظ» )2016/11/21 تكررت الجملة نفسها من الفريق املحرج، ما أكد أن األمر أيضا لم يتغير، إذ طالبهم بأن يوقفوا موت الطرقات. لكن األمر فجأة تغير 180 درجة، بعد أقل من ثالثة أشهر وتحديدا الخميس املـاضـي ،)2017/2/9( إذ قالها الفريق املـحـرج معلقا على االنتقادات املستمرة «لسنا مالئكة»، ليلتفت الجميع للشوارع علها تغيرت أو أن االنضباط سرى في جنباتها، لكن لم يتغير شيء سوى النبرة وطريقة وفحوى التعليق. «لسنا مالئكة».. هي عبارة اعتيادية لتمرير الخطأ دون التوقف عنده، أو االتعاظ من التجربة التي شملها الخطأ. «لسنا مالئكة».. جملة يبدو أنها ستكون أيضا منطلقا لحفالت مـــن الـــالمـــبـــاالة واالســـتـــهـــتـــار فـــي شـــوارعـــنـــا، أبــطــالــهــا مراهقون ومخالفون ما داموا يملكون «مذيب الطلقات» ومحطم العقوبات بتلك العبارة. «لسنا مالئكة» ستتحول إلــى غـض الـطـرف مـن قبل رجــال املرور ألنهم -ومعهم حـق- ال يمكنهم الكشف عن النيات حتى يطبقوا العقوبات وآلة القانون، رغم أن النظام يمنع «كل من تسول له نفسه أن يعبث باملمتلكات ويزعج اآلخرين». «لسنا مالئكة».. سيرددها املجتمع وهـم يتداولون مشكلة املرور والـحـوادث القاتلة لتتحول إلـى نغمة في مواقع التواصل قبل أن يسمع صداها في الشوارع إلى الحد الذي بلغ معدل 20 وفاة يوميا وفي ازدياد. قبل عـام كـان «حــزم» املـحـرج منعكسا على األداء فوجد الترحيب والـتـأيـيـد مــن الكثيرين ألن حياتهم ليست «هــــدرا» يـتـالعـب بها طائشون ويغض الطرف عنها منشغلون وال يراها بعض من كلفوا باملتابعة ألنهم باألحرى «غير جديرين». لـــم يــلــحــظ املـــواطـــنـــون تــغــيــرا جــوهــريــا فـــي أداء املـــــرور مــنــذ آخر تصريحات الـفـريـق املـحـرج وحـتـى الخميس املــاضــي، وبــات الكل يتفق على أن الخسارة في امليدان تعني املوت وأقل األضرار تعني اإلعاقة. الـيـوم تحولت معضلة املرور عــــصــــيــــة عـــــلـــــى الحل الـــــســـــهـــــل، فـــــــال واعـــــــز لـــــدى الـــطـــائـــشـــني، وال عــبــرة لـــدى املفحطني، وأخـــــــيـــــــرا ال أمــــــــل في إنفاذ يد قانون املرور ألن الـــقـــابـــضـــني عليه بـــــبـــــســـــاطـــــة «لـــــيـــــســـــوا مالئكة».