«غاز القطرية» تزيد إمداداتها إلى بولندا
أمريكا واالكتفاء الَّذاتي من النفط... هل يتحقق في عهد ترمب؟
منذ عام )1973( والحلم الذي يراود جميع رؤساء الواليات املتحدة األمريكية هو كيفية االستغناء عن النفط املستورد، وعـدم االعتماد على االســتــيــراد؛ تحقيقا لـعـدم الـتـعـرض لتقلبات وسـيـاسـات الدول املصدرة. وعلى الرغم من استمرار ذلك حلما لفترات طويلة، لم يهدأ العمل على تحقيقه طوال العقود املاضية. ووضح أخيرا أن االستغناء عن النفط املستورد قـادم ال محالة، في ظل التطورات التكنولوجية املـتـاحـقـة الــتــي أدت إلـــى تـغـيـيـرات هيكلية فــي مـسـتـويـات اإلنتاج النفطي األمريكي، ليقفز إلى أعلى مستوياته منذ بداية السبعينات امليادية. فقد قفز اإلنـتـاج األمريكي من النفط حوالى )%88( خال الفترة مـن ،)2015-2008( وذلــك املستوى مـن اإلنـتـاج ـ وإن كــان قد انخفض خال العامني املاضيني ــ قد استأنف العودة إلى مستوياته السابقة، واملتوقع صعوده إلى أعلى منها بحلول نهاية العام الحالي )2017( والعام القادم .)2018( كما نجحت الواليات املتحدة في الوقت نفسه في الوصول بالطلب املحلي على النفط إلى ذروته منذ عام )2008( وتراوحت معدالته في املتوسط حول نفس مستوياته السابقة دون زيادات تذكر. وبمجيء الرئيس ترمب -املثير للجدل واالهتمام - اتضح تماما أنه سيعمل على تسريع وصــول أمريكا إلــى االسـتـقـال الـتـام عـن النفط املستورد في أقرب فرصة ممكنة. وال يمكن االدعاء بأن ذلك سيتحقق قـريـبـا خـــال الــفــتــرة بــني عــامــي )2025 ،2020( ــــ كـمـا تــذكــر اإلدارة قــالــت شــركــة «قــطــر غــــاز» املــمــلــوكــة للدولة أمــــس (الـــثـــاثـــاء) إنــهــا اتــفــقــت عــلــى زيادة حجم إمـداداتـهـا من الغاز الطبيعي املسال إلــى شـركـة النفط والــغــاز البولندية لتصل األمريكية ــ، ولكنه قـادم حتما، وقد عام .)2030( تغيرات سياسات الطاقة في عهد ترمب: هـنـالـك الـكـثـيـر مــن الـسـيـاسـات واإلجــــــراءات الــتــي ستتبناها اإلدارة األمريكية الجديدة في مجال تحقيق اكتفائها الذاتي من النفط، سواء بـدفـع مـعـدالت الطلب املحلي على النفط إلــى مـزيـد مـن االنخفاض، وتــبــنــي اإلجـــــــراءات الـــازمـــة لــذلــك، أو مــن خـــال الــعــمــل عــلــى زيادة إنتاجها من النفط، سواء التقليدي أو الصخري. ويمكن تلخيص أهم اإلجراء ات املتوقعة في النقاط التالية: أوال: تـم إقــرار بناء خطي األنابيب ،)KEYSTONE XL( وهـو يحمل حوالي ثمانمئة وثاثني ألف برميل من النفط الرملي يوميا، ويمر مــن كــنــدا عـبـر األراضـــــي األمــريــكــيــة إلـــى مــصــاف فــي والية تكساس على شاطئ خليج املكسيك. فـي الـوقـت الذي يمر فيه خط األنابيب الثاني من والية نورث داكوتا
ََ إلى والية إلينوي، عابرا أربع واليات أمريكية، لينقل حوالي ا.وهذاِِن الخطان كان بناؤهما قد توقف في الفترة املاضية، في عهد الرئيس أوبـامـا رضـوخـا منه لضغوط املتظاهرين ضد بنائهما ألسباب بيئية. وعــلــى الــرغــم مــن اســتــمــرار هــذه املــظــاهــرات ضد قـرار الرئيس ترمب بالبناء، فإنها لم ولـن تلقى اهـتـمـامـا بــهــا، وسـيـمـضـي فــي اسـتـكـمـال البناء إلى مليوني طن سنويا. وذكـرت الشركة أن االتــفــاق الـجـديـد سيدخل حيز التنفيذ في بداية 2018 وحتى يونيو .2034 وتـسـعـى بـولـنـدا لتنويع مــواردهــا وتقليص اعتمادها على الغاز الروسي املنقول عبر خط أنابيب بعد أن أشــارت إلــى أن مـشـروع «قطر ال يتجاوز الوصول إلى تحقيقه غاز »3 املشترك بني «قطر للبترول» و«كونوكو فيليبس» و«ميتسوي آند كو» سيوفر إمدادات الــغــاز الطبيعي املــســال مــن خــال نقلها عبر ناقات «قطر غاز» املستأجرة من طراز «كيو فليكس» إلــى محطة شينويشجا الستقبال الغاز املسال في بولندا. حتى يبلغ تمامه بحلول عام ،)2020( بل وحتى القضاء األمريكي قد رفض دعوات قانونية أقامها املعارضون لبنائه. ثانيا: قـام الرئيس ترمب بـاإلعـان عن عزمه االنسحاب من اتفاقية األمـم املتحدة للمناخ، وذلـك االنسحاب سيستتبع االنسحاب ضمنا من اتفاق باريس الذي أبرم عام ؛)2015( بحجة الصدمة التي أصابت الــغــرب بشكل عــام، واألوروبــيــني بشكل خــاص، نتيجة الكـتـشـاف أن العلم ال يدعم نظرية الدفء العاملي، واكتشاف أن املناخ يتغير طبيعيا منذ اآلالف من السنني دون أن يكون للنشاط اإلنساني دخل فيه. وبدل أن يقول إن كذبة تغير املناخ كانت مؤامرة غربية قال إنها صينية، لتؤثر من خالها في تنافسية الواليات املتحدة اقتصاديا. وحتى لو لم تنسحب الواليات املتحدة من تلك االتفاقية، فإن وجود أمــريــكــا فـيـهـا ســيــكــون صــــوريــــا، ولـــن تــقــوم بـتـمـويـلـهـا أو بتنفيذ أية التزامات أخرى تؤدي إلى تعطيل مصالحها االقتصادية وتؤخر تحقيقها الستقاليتها في مجال الطاقة.
ويـــق
ــا بــإلــغــاء الــعــديــد من الــتــشــريــعــات الـــتـــي تـــــقـــــيــد نــمــو قـــطـــاع الوقود األحـــفـــوري (الــفــحــم والــنــفــط والـــغـــاز) مــن خال االلتزامات املفروضة على تزايد انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. وسيكون من نتائج ذلك اإللغاء االنطاق باإلنتاج النفطي األمريكي إلى مـسـتـويـاتـه الــقــصــوى دون قــيــود أو تشريعات خــاصــة بــاملــنــاخ. وهـــو وبــذلــك ال يــخــدم مــنــتــجــي الــنــفــط التقليدي ِِ األمريكي فقط، بـل يخدم بـصـورة خاصة منتجي النفط الصخري الذين تزايدت عليهم القيود البيئية في عهد الرئيس أوباما الندفاعه ــا فـي مجال مواجهة دور املناخ، وهو ما أكـده ترمب مؤخرا بأنه النشاط اإلنساني في تغير أكذوبة. ثــالــثــا: تــعــزيــز الــســيــاســات واإلجــــــــراءات املــفــروضــة فــي قــطــاع النقل والـقـطـاعـات األخـــرى والـتـي سـتـؤدي إلــى مـزيـد مـن الترشيد وزيادة كـفـاءة االســتــخــدام، بــزيــادات متاحقة فـي عــدد األمــيــال املـطـلـوب من املركبات قطعها لكل جالون من الوقود، وتشجيع إحال البدائل محل النفط بإعطاء حوافز نقدية وغيرها. وفي ظل كل تلك التغيرات في سوق الطاقة األمريكي، وسعي أمريكا نـحـو تحقيق مــا تسميه بــأمــن الــطــاقــة ،»ENERGY SECURITY« سيكون التأثير جوهريا لكون هذه السوق هي أكبر مستهلك للنفط
ا. وفيما يتعلق باململكة، فإننا نصدر لتلك الس ا ما ال يقل عـن مليون وثاثمئة ألــف برميل يوميا، وهــو مـا سنفقده عند تحقيق أمريكا لهدف االستغناء عن النفط املستورد، ذلك الهدف الذي تسعى لتحقيقه جميع الدول املستوردة للنفط. وأخــتــتــم بـــأن أكـــــرر مــا أردده بــاســتــمــرار: هــل سـنـعـمـل عـلـى تحقيق االستغناء عن االعتماد على النفط قبل أن يقلص العالم من اعتماده عليه؟ * مستشار اقتصادي ونفطي دولي