Okaz

األعمال اإلغاثية واإلنسانية بني الواقع واملأُمول !

- علي أبوداهش

إن املتغيرات املتاحقة في عاملنا اليوم أصبحت تسير بشكل متسارع جدًا، لنصل في النهاية إلى حقيقة أن العالم تغير فعا عن السابق، والواقع يفرض علينا استيعاب تلك املـتـغـيـ­رات والـتـفـاع­ـل معها والتناغم مع ما يستجد منها في قادم األيام، وأردت من خال هــذه املـقـدمـة أن أقـــول إنــه مــن ضـمـن هــذه املتغيرات أصبحت الشعوب واملجتمعات في جميع دول العالم تنبذ فكرة العنف بجميع أشكاله وصــوره (حروب، صراعات، تطرف) سواء العنف الفردي أو الجماعي، وهو أمر مرفوض قطعيًا من جميع منظمات الحقوق املدنية واملجتمعية واملنظمات اإلنسانية والفعاليات الــدولــي­ــة، والــتــي غـــدت تـعـكـس رأي جـمـيـع الشعوب تــجــاه تــلــك الــقــضــ­يــة، وتــقــف دائـــمـــ­ا بــاملــرص­ــاد أمام الجهات التي تتكسب من إشعال الحروب واألزمات فـــي مـخـتـلـف أنـــحـــا­ء الــعــالـ­ـم، والـــتـــ­ي عــــادت باملآسي والـــــوي­ـــــات عــلــى تــلــك املــجــتـ­ـمــعــات، ونـــتـــج عـــن ذلك التهجير القسري والــهــرو­ب والـلـجـوء وافـتـقـاد أدنى مقومات الحياة الكريمة (قضيتا اليمن وسورية أكبر مثال)، وهذا األمر يسبب تداعيات خطيرة على السلم واألمن السياسي واالجتماعي واالقتصادي الدولي، وله أضرار كبيرة مستقبا، وكذلك تهدف إلى تقديم يــد الــعــون إلــى املجتمعات الـفـقـيـر­ة والــتــي تعرضت إلـى كــوارث طبيعية أو مصطنعة، أي أنـهـا تنظر إلــى غصن الزيتون وتــــرفــ­ــض الـــنـــظ­ـــر إلــــــى الــــيـــ­ـد التي تحمل البندقية إال في حالة الدفاع عــن الــنــفــ­س وفـــي أضــيــق الحدود، والـــجـــ­مـــيـــع يـــتـــفـ­ــق أنــــــه يـــحـــق لكل إنسان في هذا الكون أن يعيش في ظروف مائمة تليق بحياة البشر. وبناء على ما ذكر فإن اململكة العربية السعودية حكومة وشعبًا لـم تـتـوان أبــدا فـي تقديم املساعدات اإلغاثية واإلنسانية لجميع الدول العربية واإلســامـ­ـيــة والـصـديـق­ـة املـحـتـاج­ـة لتلك املساعدات. وتـعـتـبـر املـمـلـكـ­ة مــن أكــبــر الــــدول املــانــح­ــة لإلعانات اإلنسانية، وأخــذت على عاتقها هـذه املهمة، بإنشاء وتشجيع إقامة (منظمات، مراكز، مؤسسات، حمات) تعنى بـذلـك، وفـي ظـل وجــود عــراب العمل اإلنساني فــي املـمـلـكـ­ة خـــادم الــحــرمـ­ـني الـشـريـفـ­ني املــلــك سلمان بـن عبدالعزيز منذ كــان أمـيـر منطقة الــريــاض وهو صاحب الخبرة والتجربة في هذا املجال، والذي أمر في عهده امليمون بإنشاء مركز امللك سلمان لإلغاثة واألعمال االنسانية، وكانت خطوة مهمة جدًا تدعم هذا املسار، وألننا في ظل ظروف ومتغيرات إقليمية ودولــــــ­ـيـــــــة حــــســــ­اســــة وخصوصا املحيطة بنا، أرى أنه وجب علينا تقييم تجربتنا فـي هـذا املضمار، واســتــخـ­ـاص الـــــدرو­س املستفادة مــــن تـــلـــك الـــتـــج­ـــربـــة، مــــع تقديري الـــــكــ­ـــامـــــ­ل لـــلـــجـ­ــهـــات الـــــتــ­ـــي بذلت جــهــودًا كـبـيـرة ومـخـلـصـة فــي هذا املجال سابقًا، وكذلك يجب علينا تـصـحـيـح املــســار وتــصــويـ­ـب العاقة مع املنظمات الدولية املعنية بالعمل اإلنساني، والتي لألسف البعض منها تسيء لصورة اململكة ألغراض مشبوهة، وعلينا أن نعي أن مفهوم اإلغاثة والعمل اإلنـسـانـ­ي ليس فقط محصورا فـي تقديم الــغــذاء أو الكساء أو الـــدواء لـألفـراد والجماعات املتضررة من الــصــراع­ــات والــحــرو­ب والــكــوا­رث الطبيعية، بــل هو مفهوم أشمل وأعمق من ذلــك، وإن األعـمـال اإلغاثية واإلنسانية عملية متكاملة تهدف إلـى إعــادة إعمار تلك املجتمعات املتضررة بكل مكوناتها، واستدامة التنمية فيها، وعلى ذلك ينبغي علينا اإلمساك بزمام املــبــاد­رة فــي ذلـــك، والــتــحـ­ـرك فــي جميع االتجاهات، وخصوصا العمل على األرض للوصول إلى الشعوب الشقيقة والـصـديـق­ـة املـحـتـاج­ـة فــي قــراهــم ومدنهم؛ ألن الــعــمــ­ل اإلنـــســ­ـانـــي يــلــزمــ­ه الـــتـــح­ـــرك عــلــى أرض الـواقـع، ما يتيح لنا إقامة عاقات حقيقية مع تلك الشعوب تعود علينا بفوائد إستراتيجية ووطنية عــديــدة، وكــذلــك يـجـب علينا تـقـويـم الـعـمـل اإلغاثي واإلنـسـان­ـي بـني فترة وأخــرى وتصويب مـا يتطلب ذلك، ونرتكز في هذا على وضع إستراتيجية للعمل اإلنــســا­نــي يـنـتـج عـنـهـا ســيــاســ­ات وخــطــط واضحة لـهـا رؤيـــة وأهــــداف يـتـم تحقيقها، وال يتسنى ذلك إال بتنفيذ تــلــك اإلســتــر­اتــيــجــ­يــة ويــكــون التخطيط مركزيا للعمل اإلغاثي ويتم تنفيذ تلك الخطط بدقة وعناية ومتابعة مستمرة لهذا التنفيذ، وأعتقد أن مركز امللك سلمان قـد خطا خـطـوات كبيرة فـي هذا الشأن، والذي تولى قيادته الدكتور عبدالله الربيعة، وهــو لــه سمعة طيبة ورؤيـــة واضــحــة تـجـاه العمل اإلنــســا­نــي، وعــنــدهـ­ـا تتحقق أهــدافــن­ــا، ومـــن أهمها وصــــول رســالــتـ­ـنــا بـــوضـــو­ح لـجـمـيـع دول وشعوب العالم، وهي أن اململكة العربية السعودية دولة سام ووئام منطلقة في ذلك من الدين اإلسامي الحنيف دين املحبة والسام.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia