في يوم األم.. الوالدة األحق بالبر
تعمدت أن أتـأخـر فـي كتابة هــذا املـقـال عـن يوم األم إلى ما بعد انتهائه حتى ال ينشغل القراء عن املقال بمحاولة تصنيفي إما في خانة املتشددين والـرجـعـيـني عـنـد مــؤيــدي هــذه املـنـاسـبـة، أو في خانة املبتدعة وأصـحـاب األهـــواء عند منكريه، ولــن أتــحــدث فــي مـقـالـي عــن الـحـكـم الـشـرعـي له، فلست مشرعًا ألحلل أو أحرم، ولست مفتيًا ألقول بمشروعيته أو أن أضـعـه فـي خـانـة الــبــدع، كما أنني ال أملك حـق إقـامـة االحتفال بـه أو منعها، فمن أراد البحث عن الحكم الشرعي فلديه هيئة كبار العلماء وفـتـاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفـتـاء، ومن أراد االحتفال فليخاطب الجهات املعنية بإقامة االحتفاالت أو ليحتفل بـالـطـريـقـة الــتــي يراها مناسبة، ولكن سأتكلم هنا عن األم وأهمية عاقة اإلنسان بها. يعتقد البعض أن ما يميز اإلنسان عن سائر الكائنات الحية هو العقل وهـــــذا االعـــتـــقـــاد خـــاطـــئ، فالعديد مــن الـحـيـوانـات تمتلك عــقــوال، وإن كــانــت ال تـصـل لــــإلدراك الـكـامـل للعقل البشري، باستثناء بعض الحاالت كالهدهد والنملة في قصة سيدنا سليمان عليه الــســام، والصحيح أن ما يميز اإلنسان عن غيره من املخلوقات هو عاقته بوالدته، فلو نظرنا لطبيعة الــعــاقــة األبـــويـــة عــنــد الحيوانات نـجـد بعضها تتشابه مــع اإلنسان فــي عـنـايـة كــا األبــويــن بأبنائهما واألكــثــريــة تشابهه فــي اعـتـنـاء األم فقط بأبنائها ولكن لن تجد حيوانًا يعتني بوالدته بعد أن يكبر، لذلك نجد أن الله عز وجل قرن بر الوالدين بــاإليــمــان بـــه وتــوحــيــده فــتــوحــيــد الــلــه تحقيق للغاية الـتـي خلق الـلـه اإلنــســان مـن أجـلـهـا، وبر الوالدين إبراز للميزة التي ينفرد بها اإلنسان عن سائر املخلوقات، كما أنه عز وجل جعل األم أحق بالبر حتى من األب، وذلك ملا لها من فضل على أبنائها، فهي مـن تحملهم فـي أحشائها تسعة أشهر، ثم ترضعهم عامني، وتقوم على العناية بمطعمهم وملبسهم وصحتهم حـتـى يكبروا، لذلك ينبغي علينا برها والعناية بها والسعي لجعل جميع أيامها أعيادًا، فيا من تعارض يوم األم هل قمت بحقها عليك الذي يغنيها عن هذا اليوم؟! ويا من تطالب بهذه املناسبة هل تعتقد أن إسعادها بهذا اليوم يعفيك من حقوقها عليك بقية العام؟