هل لإلسماعيلية دور في نشأة دعوة حسن البنا؟
أشـــار الـكـاتـب واملـثــقـف الـلـبـنـانـي حـــازم صـاغـيـة فــي هــامــش مـقـالـه (عن اإلخوان املسلمني في تعدد أطوارهم) املنشور بجريدة (الحياة)، بتاريخ 30 أبريل 1 نيسان ،2016 أن نص مقاله كتب قبل عامني بطلب من مجلة مصرية آثرت أال تنشره! إشـارة حـازم هـذه، هي اعتراض متأن ومهذب، عمره عامان، على ضيق أفق تلك املجلة التي لم يسمها في تقبل وجهة نظر ليبرالية أخـرى في عرض تاريخ اإلخوان املسلمني. قسم حازم صاغية في ذلك املقال تاريخ اإلخـوان املسلمني إلى محطات، كانت املحطة األولى فيه محطة النشأة، فنشأة إخوان املسلمني في مدينة اإلسماعيلية سنة ،1928 «حيث يحظى الزمان واملكان بأهمية ملحوظة» عـنـده، جعلته يجعل مـن مكان النشأة مـن ضمن «الــشــروط التي دفعت حسن البنا إلـى أن يبدأ املـشـروع الــذي بــدأه». فاإلسماعيلية «كانت في وقــت واحـــد، مقر قـيـادة الــقــوات العسكرية البريطانية واملــركــز الرئيس لعمليات التبشير املسيحي». وقد أعاد التأكيد على هذا الدافع في مقال آخر اشترك معه في كتابته حـازم األمـني وهو (طريق اإلخــوان املسلمني في املشرق من التبشير والدعوة إلى الفريضة الغائبة)، نشر في جريدة (الحياة) بتاريخ 4 مارس/ آذار ،2017 حني عدد املالمح والقسمات التي اتسمت جماعات اإلخوان بها في معظم البلدان التي ظهرت فيها. وعــلــى غـيـر مــا ذهــب حـــازم صـاغـيـة، ال أرى أن تعيني حـسـن الـبـنـا بعد تخرجه من دار العلوم سنة 1927 مدرسًا في مدينة اإلسماعيلية، كان من ضمن الدوافع التي حدت به إلى أن ينشئ جماعة اإلخوان املسلمني، نظرًا إلى أنها -كما قال- مقر قيادة القوات العسكرية البريطانية واملركز الرئيس لعمليات التبشير املسيحي. فهو كان سيؤسس هذه جماعة تحت أي مسمى سـواء أكـان تعيينه في القاهرة -وهي املكان الذي كان يفضله- أو في أي مكان آخر في مصر. إن حسن الـبـنـا، كما تحدثنا عنه سيرته (مــذكــرات الــدعــوة والداعية)، وهو في املدرسة اإلعدادية بقرية املحمودية اختاره زمالؤه ليرأسهم في (جمعية األخالق األدبية) التي اقترح مدرسهم محمد أفندي عبدالخالق تأسيسها ووضــع بنفسه الئحتها. ومـع أن عمل هـذه الجمعية محدود نطاقه بأعضاء الجمعية وبزمالئهم طلبة االعـداديـة إال أن حسن البنا توسع فيه، كما فـي قصته مـع صاحب إحــدى السفن الــذي علق تمثاال خشبيًا عاريًا على سارية سفينته. وقـد أقنع زمــالءه في هـذه الجمعية بـإنـشـاء جمعية يشمل نشاطها قــريــة املــحــمــوديــة، أسـمـوهـا بـ(جمعية منع املـحـرمـات) كــان اشـتـراك العضو فيها يـتـراوح بـني خمسة مليمات وعشرة مليمات أسبوعيًا، وكانت أعمالها موزعة على أعضائها. عمل هـذه الجمعية كـان سـريـًا، وكـانـت تستهدف الـذيـن يرتكبون اآلثــام أو ال يـحـسـنـون أداء الــعــبــادات عـلـى وجـهـهـا الـصـحـيـح وخــصــوصــًا الصالة. وبدأت الجمعية ترسل الخطابات إلى من يرتكب خطأ بالبلدة أو إثمًا أو يقصر في فريضة من الفرائض أو تحلى بالذهب أو امرأة تلطم وجهها في مأتم أو تدعو بدعوى الجاهلية، وصل زوجها أو وليها خطاب.. وحينما التحق بمدرسة املعلمني األولية بدمنهور أنشأ ومجموعة معه في قرية املحمودية (جمعية الحصافية الخيرية) اختير أحمد السكري رئيسًا لهما وانتخب هو سكرتيرًا. وكان مجال عملها في ميدانني هما: ميدان نشر الدعوة إلى األخالق الفاضلة، ومقاومة املنكرات واملحرمات الفاشية كالخمر والقمار وبدع املأتم. وامليدان الثاني مقاومة اإلرساليات التبشيرية التي هبطت إلى البلدة، واستقرت فيها، وكـان قوامها ثالث فـتـيـات عـلـى رأســهــن مــســزويــت، الــتــي أخـــذت تـبـشـر باملسيحية فــي ظل التطبيب وتعليم التطريز وإيواء الصبية من بنني وبنات... يفيدنا امليدان الثاني لعمل الجمعية أن اإلرساليات التبشيرية قد وصلت إلى قرية الحوامدية. وعلى كل فاإلرساليات التبشيرية كانت منتشرة في القطر املصري، وكـان ثمة تنافس بني التبشير البروتستانتي والتبشر الكاثوليكي. وانعكس أثر هذا التبشير على التنافس والصراع الحزبي بــني حــزب األحــــرار الـدسـتـوريـني وحـــزب الــوفــد وكـــان لــه بعض األثـــر في تــحــوالت بـعـض املـثـقـفـني العلمانيني نـحـو اإلســــالم، وإعــــادة الـنـظـر في موقفهم من الحضارة الغربية، كمحمد حسني هيكل. النقلة الكبيرة في حياة حسن البنا كانت في القاهرة ال اإلسماعيلية. فحني انتقل للعيش إلى القاهرة من أجل الدراسة في دار العلوم، تعزز عزمه على القيام بدور رسالي إسالمي. يصف حسن البنا في مذكراته الحالة العقلية والثقافية في القاهرة في أثناء دراسته بدار العلوم وقبلها عقب الحرب العاملية األولى بالعبارات التالية: اشتد تيار موجة التحلل في النفوس وفي اآلراء باسم التحرر العقلي، ثم في املسالك واألخالق واألعمال باسم التحرر الشخصي... لقد قامت تركيا بانقالبها الكمالي وأعـلـن مصطفى كمال باشا إلغاء الخالفة، وفصل الدولة عن الدين في أمة كانت إلى بضع سنوات في عرف الدنيا جميعًا مقر أمير املؤمنني... كــانــت لـلـبـحـث الــجــامــعــي والــحــيــاة الــجــامــعــيــة (يــتــحــدث عـــن الجامعة املـصـريـة) حـيـنـذاك فــي رؤوس الكثيرين صـــورة غـريـبـة: مضمونها أن الـجـامـعـة لــن تـكـون جـامـعـة علمانية إال إذا ثـــارت عـلـى الــديــن وحاربت التقاليد االجتماعية املستمدة منه، واندفعت وراء التفكير املادي املنقول عن الغرب بحذافيره، وعرف أساتذتها وطالبها بالتحلل واالنطالق من كل القيود. ولقد وضعت نواة الحزب الديمقراطي الذي مات قبل أن يولد ولم يكن له منهاج إال أن يدعو إلـى الحرية والديمقراطية بهذا املعنى املعروف حينذاك: معنى التحلل واالنطالق. وأنـشـئ فـي شــارع املـنـاخ (تغير اسمه إلــى شــارع عبدالخالق ثــروت) ما يـسـمـى بـاملـجـمـع الــفــكــري (؟!)، تــشــرف عـلـيـه هـيـئـة مــن التيوصوفيني، وتلقى فيه خطب ومـحـاضـرات تهاجم األديـــان القديمة وتبشر بوحي جديد. وكان خطباؤه خليطًا من املسلمني واليهود واملسيحيني، وكلهم يتناولون الفكرة الجديدة من وجهات النظر املختلفة. وظــهــرت كــتــب وجـــرائـــد ومــجــالت كــل مــا فـيـهـا يـنـضـح بهذا التفكير الذي ال هدف له إال إضعاف أثر أي دين، أو القضاء عليه في نفوس الشعب لينعم بالحرية الحقيقية فكريًا وعمليًا في زعم هؤالء الكتاب واملؤلفني. وجهزت صالونات في كثير من الدور الكبيرة الخاصة فــي الــقــاهــرة يــتــطــارح فـيـهـا زوارهـــــا مـثـل هـــذه األفكار، ويعملون بعد ذلك على نشرها في الشباب وفي مختلف األوساط. أمام هذه املوجة التي أقضت مضجعه رصد حسن البنا ثالثة مواقف هي: رد فعل قوي في األوساط الخاصة املعنية بهذه الشؤون، كاألزهر وبعض الدوائر اإلسالمية. وكـان يرى أن رد الفعل القوي هذا لم يكن يكفي وال يشفي. شباب مثقف معجب بما يسمع من هذه األلــوان. عامة انصرفوا عن التفكير في هذه الشؤون لقلة املنبهني واملوجهني. مــا يكفي ومــا يشفي مــن وجـهـة نـظـره فــي صــد مــا كــان يسميه بموجة اإللحاد واإلباحية، نتعرف عليه من خالل املقترح الذي قدمه إلى الشيخ يوسف الدجوي شيخ األزهــر، والـذي كان على صلة روحية وعلمية به، حني كان طالبًا في دار العلوم. هذا املقترح هو: إصـدار مجلة أسبوعية أمام ما يسميه جرائد اإللحاد واإلباحية. تأليف كتب وإنشاء ردود على ما يسميه بكتب اإللحاد واالباحية. تأسيس جمعيات دينية يؤوي إليها الشباب. تنشيط حركة الوعظ واالرشاد. يــرجــع نــجــاح حـسـن الـبـنـا الـسـريـع فــي إنــشــاء جـمـاعـة ديـنـيـة خــاصــة به بمدينة اإلسماعيلية إلى طرق وأساليب استعملها في دعوته. وكان من أبـرزهـا طريقة جـديـدة اتبعها فـي إيـجـاد أتـبـاع ومريدين لـه. فالطريقة املعتادة لتحقيق مثل هـذا األمــر، كانت تتم بالبحث عنهم بني جمهور املصلني، وذلك من خالل الوعظ باملساجد وإعطاء الدروس فيها. هو فعل أمر جديد، وهو أنه ذهب إلى الناس في املقاهي ليصنع له جمهورًا من مرتاديها، كان يعظهم لبضع دقائق. وكان –كما حدث عنه نفسه– يتحرى املوضوع الذي يتحدث فيه جيدًا، بحيث ال يتعدى أن يكون وعظًا عامًا: تذكيرًا بالله والـيـوم اآلخــر، وترغيبًا وترهيبًا، فال يعرض بتجريح أو تعريض، وال يتناول املنكرات واآلثام التي يعكف عليها هؤالء الجالسون بلوم تعنيف... هــذه الفكرة – الـوعـظ فـي املـقـاهـي– كــان قـد تـوصـل إليها وهو في القاهرة، ففي أثناء حديثه عن «مظاهر التحلل والبعد عن األخالق اإلسالمية... وما كان ينشر في بعض الجرائد من أمور تتناقض مع التعاليم اإلسالمية ومن جهل بني العامة بأحكام الدين» قطع بأن «املساجد وحدها ال تكفي في إيصال التعاليم اإلسالمية إلى الناس». كذلك أدخل هذه الفكرة إلى حيز التنفيذ في القاهرة. فلقد دعا مجموعة من أصدقائه من طالب األزهـر ومن طالب دار العلوم إلى عقد لـقـاءات في مساكن الطالب في مسجد شيخون للتدرب على الوعظ واالرشــاد، وخصص جـزءًا من كتبه، لتكون مكتبة خاصة بهم، يستعيرون –كما قال– أجزاء ها، ويحضرون موضوع الخطب واملحاضرات منها. وملا رأوا أنهم أصبحوا جاهزين نظريًا وعمليًا ألداء تلك املهمة، عرض عليهم أن يخرجوا للوعظ في املقاهي، فخالفوه الرأي قائلني: إن أصحاب املـقـاهـي ال يسمحون بـذلـك ويــعــارضــون فيه ألنــه يعطل أشـغـالـهـم، وأن جمهور الجالسني على هذه املقاهي قوم منصرفون إلى ما هم فيه وليس أثقل عليهم من الوعظ، فكيف نتحدث في الدين واألخالق لقوم ال يفكرون إال في هذا اللهو الذي انصرفوا إليه؟ جـادلـهـم فـي رأيـهـم هــذا قــائــال: إن هــذا الجمهور أكـثـر اسـتـعـدادًا لسماع العظات من أي جمهور آخـر حتى جمهور املسجد نفسه. ألن هـذا شيء طريف وجديد عليه... وملـا طـال الجدل بهم احتكم هو إلـى التجربة، فوافقوا. وكانت التجربة –كما فصل في حديثه عنها– ناجحة جدًا. هـــذه الــحــكــايــة بــأكــمــلــهــا، يـمـكـن أن نــعــدهــا –أيـــضـــًا– فــقــرة مـتـصـلـة من أعمال متسلسلة من نشاطه الدعوي الحركي الـذي بـدأه في قريته قرية الحوامدية، وأينعت ثماره في اإلسماعيلية. في آخر العام الدراسي من السنة النهائية لدراسته في دار العلوم، طلب أســتــاذهــم الـشـيـخ أحــمــد يــوســف نـجـاتـي أن يـكـتـبـوا مــوضــوعــًا إنشائيًا يـشـرحـون أعـظـم آمـالـهـم بعد إتــمــام دراســتــهــم، ويبينون الـوسـائـل التي يعدونها لتحقيقها. تحدث الطالب حسن البنا عن طريقني فاضل بينهما ورجح الثاني على األول. هــذان الطريقان هما: طريق التصوف الـصـادق وطـريـق التعليم واإلرشاد. ومــمــا قــالــه –وهـــو يحسم خــيــاره مــع الـطـريـق الــثــانــي- أعـتـقـد أن قومي –بحكم األدوار السياسية التي اجتازوها، واملـؤثـرات االجتماعية التي مرت بهم وبتأثير املدينة الغربية، والشبه األوروبية، والفلسفة املادية، والتقليد الفرنجي– بعدوا عن مقاصد دينهم، ومرامي كتابهم، ونسوا مجد آبائهم، وآثــار أسالفهم، والتبس عليهم هـذا الـديـن الصحيح بما نسب إليه ظلمًا وجهال... إلخ. بعد حصوله على الدبلوم في يونيه سنة 1927 يحدثنا حسن البنا عن تــردده بني رغبتني: طلب ترشيح للبعثة إلـى أوروبــا وكـان يحق له هذا ألنه كان األول في الدبلوم، أو االلتحاق بوظيفة. يدفعه في الرغبة األولى «عامل حب االستزادة من العلم ولو من أوروبا أو الـصـني». ويدفعه في الرغبة الثانية «عامل الرغبة في سرعة العمل على الفكرة التي ملكت عليه نفسه، وهي فكرة الدعوة إلى الرجوع إلى تعاليم اإلسالم». ومما أراحــه مـن هــذا الـتـردد –كما يــروي- أن دار العلوم لـم ترشح لذلك العام أحدًا. في مجتمع اإلسماعيلية لم يجابه حسن البنا تلك املظاهر التي وجدها فــي مجتمع الــقــاهــرة، وكــانــت –كــمــا حـــدث عــن نـفـسـه– تــؤملــه أشـــد األلم، وسببت له األرق الشديد. ذلـك ألن مجتمع اإلسماعيلية لم يتأثر بنمط الـحـيـاة األوروبــيــة فـي امللبس والـسـلـوك والــعــادات والتقاليد والتفكير أو في نظرته للدين ولرجاله، رغـم أن املعسكرات البريطانية تحيط به مـن جهته الغربية وأن مستعمرة إدارة شركة قناة السويس تحيط به من جهته الشرقية، ورغـم أن معظم أهله يعملون في هاتني الناحيتني، كمستخدمني وعمال. إن وجـــود مـقـر قــيــادة الــقــوات الـعـسـكـريـة الـبـريـطـانـيـة واملــركــز الرئيس لعمليات التبشير املسيحي في مدينة اإلسماعيلية في ضوء ما تنبئنا به سيرة البنا، لم يكن ليقدم أو يؤخر في بدء دعوته فيها. فهذه املدينة ليس لها خصوصية تذكر، من حيث الدوافع والبواعث. رأى حــــازم صــاغــيــة فـــي مــقــدمــة تـعـلـيـلـه لــنــشــأة اإلخــــــوان املــســلــمــني في اإلسماعيلية، أن السيطرة الغربية على مصر والـبـلـدان الـتـي تقطنها أكثريات مسلمة كانت قد تمت واستكملت، وأكثر من هذا راح الحضور الـــغـــربـــي يــتــمــدد مـــن الــحــيــزيــن الــعــســكــري والـــســـيـــاســـي، بإمالءاتهما االستراتيجية، إلــى الحيزين االجتماعي والثقافي - التعليمي، حيث تكتب له الهيمنة. األمــر األخير الــذي ذكــره، هو مربط الفرس في نشأة اإلخــوان املسلمني، أمـا األمــر األول، وهـو استعمار بريطانيا مصر، فلم يكن له أي دور في نشأتهم. يضيء املؤرخ املصري عبدالعظيم رمضان في كتابه (اإلخوان املسلمون والتنظيم الــســري) هــذا الـجـانـب أكــثــر، فـيـقـول: «نــشــأت جماعة اإلخوان املسلمني أصال كرد فعل سلفي لحركة التغريب في املجتمع املصري، وهي التي تبدت في ذلك الحني في نبذ املرأة املصرية الحجاب، وإقبالها على التعليم، ونزولها إلى ميدان العمل، بل وإلى ميدان السياسة، وتنديدها بتعدد الزوجات، واملناداة بإلغاء املحاكم الشرعية، وإقبال الرجل املصري عـلـى أسـالـيـب الـحـيـاة الـعـصـريـة فــي زيــه وعــاداتــه وتـفـكـيـره، وانصراف الشباب املصري عامة عن التعليم الديني في األزهر إلى العلوم الحديثة، وظــهــور تـيـار الـتـحـرر العقلي الـــذي تـبـدى فــي إعـــادة الـنـظـر فــي األفكار والتقاليد القديمة وتناولها بمفهوم جديد». وبعد أن يستعرض نشأة حسن البنا الدينية، يتفهم أنه لم يستلفت نظره من ألــوان الحياة والكفاح السياسي واالقـتـصـادي واالجتماعي والفكر الدائر في القاهرة في العشرينات سوى ما يتعلق بما أسماه بالتحلل األخــالقــي، ومــا اعـتـبـره مـوجـة مــن مــوجــات اإللــحــاد واإلبــاحــيــة. ويعني بذلك االنفتاح على الحضارة الغربية واألخـذ بالديمقراطية الليبرالية واعتناق األفكار االشتراكية. ثم يصل إلى نتيجة واضحة هي: «إن حركة اإلخوان املسلمني لم تدفع إليها عوامل سياسية تتعلق بقضايا االستقالل والدستور، أو رفض النظام القائم». لــلــشــرح الــســالــف الــــذي يــبــني ســبــب نــشــأة اإلخـــــوان املــســلــمــني، ومحتوى أيديولوجيتهم، كــان اإلخـــوان املسلمون عند الـقـوى السياسية األخرى وعند املـؤرخـني املـصـريـني، ال يصنفون وال يـعـدون مـن ضمن التيارات الوطنية في مصر.