األسبوع العربي في واشنطن
بــعــد قــمــة عــربــيــة يــمــكــن اعــتــبــارهــا إيجابية، ألنها على األقل لم تشهد خالفات كبيرة حول القضايا الكبرى الراهنة، وألنها خرجت بقدر معقول مـن تـقـارب الـــرؤى حــول تلك القضايا، يـــحـــدث هــــذا األســــبــــوع حـــــراك عـــربـــي مــهــم في واشـنـطـن متمثال بــزيــارة الـرئـيـس عبدالفتاح الـسـيـسـي يـــوم اإلثـــنـــن، وزيـــــارة املــلــك عبدالله الـثـانـي يــوم األربــعــاء. والــقــول بـأنـه حــراك مهم يــســتــنــد إلــــى مـــا تــمــثــلــه مــصــر مـــن ثــقــل عربي وأهـمـيـة رغــم كـل املـصـاعـب الـتـي تعيشها منذ بـروز الوجه اآلخـر لثورة يناير ١١٠٢، وكذلك لــكــون األردن هــو املـسـتـضـيـف لـلـقـمـة العربية األخيرة، وامللك عبدالله هو رئيس القمة الذي سينقل ما تمخض عنها وتم فيها، سواء املعلن منه أو ما كان غير معلن. لــقــد تــــأذت مــصــر بـــالـــذات كــثــيــرًا مــن السياسة األمـريـكـيـة األوبــامــيــة الـتـي اتـضـح أنـهـا كانت املـــخـــطـــط والـــــداعـــــم األكــــبــــر لــتــحــويــل الثورة الشعبية إلــى مـسـار لصعود جماعة اإلخوان الــــى ســــدة الــحــكــم بــعــد تــرتــيــبــات وتفاهمات مسبقة بن الطرفن اتضحت حقيقتها الحقا. وبعد استعادة مصر من اإلخــوان بشكل فاجأ وأزعـج اإلدارة األوبامية وأفشل مخططها في إطــالق الفوضى لتعم دوال أخــرى بــدأت مصر تواجه التضييق والتأليب واالستعداء عليها من تلك اإلدارة، ولــوال الوقفة الصلبة والدعم واملــســانــدة مــن املـمـلـكـة سـيـاسـيـا واقتصاديا لــكــانــت مــصــر فـــي وضــــع أســـــوأ بـكـثـيـر مـــن ما شــهــدتــه وعـــانـــت مــنــه. اإلخــــــوان «األمريكان» أطلقوا رموز اإلرهاب من السجون واستضافوا أسوأ منهم من الخارج، نسقوا مع قادة القاعدة وتقاربوا مع نظام املاللي في إيران الذي يمثل الراعي األساسي لإلرهاب الرسمي في املنطقة. هــدمــوا االقـتـصـاد وأســســوا لجيوب التخريب التي تشاغل األمن املصري منذ ذلك الوقت، وقد تم كل ذلك بمعرفة ومباركة إدارة أوباما التي قطعت ـ عمليا ـ عالقاتها بمصر وأبقتها رمزيا ملزيد من الضغط ال أكثر. لكننا اآلن نقرأ تصريحات لـــإلدارة األمريكية الجديدة تسبق زيــارة الرئيس السيسي تؤكد أهمية وجود عالقات قوية مع مصر باعتبارها «عــمــود أســـاس فــي اســتــقــرار املـنـطـقـة» كـمـا أكد الـــبـــيـــت األبـــــيـــــض، وضـــــــــرورة مــســاعــدتــهــا في هزيمة اإلرهـــاب فـي سيناء ودعــم إصالحاتها االقتصادية واستقرارها. أما زيارة امللك عبدالله الثاني فهي تحمل امللف الــعــربــي الــــذي يـمـثـل خــالصــة الــقــمــة األخيرة. القضية الفلسطينية كقضية مركزية وتحريك عملية السالم، األزمة السورية املتفاقمة، اإلرهاب والـــتـــدخـــالت الـــخـــارجـــيـــة فـــي شــــــؤون البلدان العربية، ضبط الغوغائية والتهور الذي يمارسه نظام إيران في شؤون الجوار، والتأكيد على أنه في نهاية املطاف لن تقف الــدول املتضررة من هذه األوضاع السيئة متفرجة ومكتوفة األيدي بعد اتضاح ماذا كان يخطط لها. وهنا ال بد من القول إنه لوال التغيير الجذري في املوقف العربي تجاه قضاياه الـذي دشنته السياسة السعودية برمزية قرارها ببدء عاصفة الـــحـــزم فـــي الــيــمــن كـــقـــرار ســـيـــادي وتأريخي حولته إلى قرار عربي مشترك، ولوال تحركاتها الديناميكية باتجاه القوى العاملية الكبرى شرقًا وغربًا كقوة مؤثرة، ولوال ذلك الزخم من الثقة الذي بعثه امللك سلمان في الروح العربية خالل القمة األخيرة من خالل لقاءاته بالقادة العرب وتنسيقه معهم، ونشير هنا بالتحديد إلى امللك عبدالله الثاني والرئيس عبدالفتاح السيسي، ملا تغيرت لغة البيت األبيض في تقييم وتقدير امللفات التي يحملها كل منهما.