السوق حتتاج إلى قوانني لترويضها واالستفادة منها
ما يقال عن البنوك يمكن قوله عن مؤسسات القطاع الخاص األخرى ولو بدرجات مختلفة مثل شركات التأمني وغيرها، فنظام السوق (أو النظام الرأسمالي) يحتاج إلـى قوانني فاعلة لتهذيبه وترويضه واالستفادة من محاسنه وتجنب سـيـئـاتـه؛ فاملجتمعات املـتـحـضـرة تـسـن الــقــوانــني الفاعلة لتحقيق الـعـدالـة فـي املجتمع وحماية األطـــراف األضعف وحفظ حقوقهم؛ فالقوي ال يحتاج إلى حماية حيث لديه من املــوارد والنفوذ ما يدافع به عن حقوقه ويـرد التعدي عليها بينما الضعيف ليس له بعد الله عزوجل إال الدولة لحفظ كرامته وصيانة حقه بقوة القانون. نحن مجتمع يفخر بإرثه الحضاري الذي مأل األرض عدال وعــلــم األمـــم اإلنـسـانـيـة وحــفــظ الـحـقـوق وحــمــى الضعيف وأخذ على يد الظالم وكف ظلمه وجوره ولهذا من األحرى أن تتضمن قوانيننا وتشريعاتنا هــذه القيم. لذلك فإني أقترح أن تستقل العملية التشريعية عن السلطة التنفيذية وأن تتوالها كفاء ات متخصصة ذات خبرة ومعرفة تراكمية فـي القانون واالقـتـصـاد واملـعـارف اإلنسانية األخــرى لكي تعطى األنظمة املقترحة الدراسة الكافية من حيث البحوث واالسترشاد بأفضل املمارسات الدولية واملحلية ودراسة اآلثــار االقتصادية واالجتماعية املباشرة وغير املباشرة لألنظمة املقترحة، وكذلك يجب أن تتسم العملية التشريعية بالشفافية العالية وأن تراعى فيها مصالح كافة األطراف وخـصـوصـا األطــــراف األضــعــف فــي املـجـتـمـع. ولــهــذا ربما يكون مجلس الشورى هو األنسب لهذه املهمة بعد توسيع صالحياته وانتخاب نصف أعضائه كمرحلة أولى. ويــعــتــبــر مــجــلــس الــــشــــورى األقـــــــدر عــلــى إدارة العملية التشريعية واالسـتـفـادة مـن الخبرات واملــعــارف التراكمية لــقــطــاع واســــع مــن املـخـتـصـني وقــطــاع األعـــمـــال واإلدارات والهيئات الحكومية ومؤسسات املجتمع املـدنـي. هـذا بال شك سيثري التشريعات الوطنية ويعزز التوافق الوطني عـلـيـهـا ويــدفــعــهــا ملــواكــبــة الــتــقــدم والـــتـــطـــور االجتماعي والسياسي واالقتصادي الذي تنعم به اململكة ولله الحمد في ظل قيادة ورعاية خادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله.