الفايدي.. «بداوة» فطرية رفضت أنصاف حلول الصحافة
عــنــدمــا يــفــقــد الوسط اإلعــــــالمــــــي صحفيا وكــاتــبــا مــثــل محمد الـــــــفـــــــايـــــــدي (تـــــوفـــــي الجمعة بعد معاناة مــــــــع املــــــــــــــــــرض)، فـــــإن ذاكرة املتلقي ال تنسى الـــرمـــوز الـــذيـــن رسخوا الــواقــعــيــة فـــي كتاباتهم، ونـــــقـــــلـــــوا هـــــمـــــوم املجتمع وشــجــونــه إلـــى املـــســـؤول بصدق دون مواربة. ذلك ما أجمع عليه أغلب قرائه وزمالئه الكتاب واإلعالمين، موضحن أنه تقمص شخصيات البسطاء في مقاالته وأعماله الصحفية بمهنية عالية وقدرة على تقديم مادة صحفية مميزة. ورأى الكثير ممن زاملوه في «مهنة املتاعب» أنــــه كــــان مــثــاال صــحــفــيــا مميزا، بــقــلــم رقـــيـــق وجــــــــريء، فكان كـــمـــا ســــمــــي «ترمومتر» الصحافة املحلية، وألن «الــــصــــحــــافــــة» تجري فـــي عـــــروق الفايدي، فـــــــإنـــــــه لــــــــم يستطع تـركــهـا لـيـعـود إليها مـــرة أخــــرى ويستمر بــــــهــــــا نــــــصــــــف قـــــــــرن، مـــتـــنـــقـــال فــــــي صحف مـــحـــلـــيـــة عــــــــدة مــــحــــررا وكـــاتـــبـــا، فــتــخــصــص في كتابة «اللقطات الصغيرة» (ال تتجاوز 10 كلمات)، ليضع بها بصمة في كتابة هذا الفن من العمل الصحفي. مــع أنــه عــاش طـفـولـة قـاسـيـة بـعـد وفـــاة والده مـــنـــذ والدتـــــــــه، إال أن الـــلـــه هـــيـــأ لــــه مــــن يقوم بتربيته (مهنا القوفي)، ولكنه ما لبث أن دخل الصحافة من أبوابها الواسعة، بدأ بها مخبرا صحفيا، يكتب الخبر فيأخذه «املجيز» ويرمي به في سلة املهمالت، إلى أن أصبح مسؤوال عن الصفحة األخيرة من «عكاظ». مـوهـبـتـه وحــمــاســه وعـشـقـه لـلـصـحـافـة، أطلق «املــارد» في داخله، ليجول في عالم الصحافة والكتابة، ومع ذلك اعتبر أن مهنة الصحافة إذا امتهنها «الجاد» فهي «موجعة»، فوجد نفسه في إحدى املرات مطرودا منها، ولم يجد سوى فتح «بقالة» لبيع املواد الغذائية، التي تحولت فيما بعد إلــى تجمع للصحفين لقربها من شـــارع الـصـحـافـة، إلــى أن أغـلـقـهـا، وألن عشقه لــلــصــحــافــة لـــم يــنــتــه، فـــإنـــه عــمــل فـــي الشركة الوطنية للتوزيع ليشم منها راحـة الصحافة من خالل شركة توزع الصحف. ذلك الصحفي الذي يحمل «البداوة» الفطرية، جعل مـن نفسه ضمير مهنة يـرفـض أنصاف الـــحـــلـــول فــــي مــهــنــة الـــصـــحـــافـــة، ولــــذلــــك فهو يـؤكـد أن «مــن يـريـد امـتـهـان الـصـحـافـة الحقة عليه أال يفكر فيمن يحبه أو يكرهه، إذا كان الــهــدف معالجة مـشـكـالت املجتمع بـعـيـدا عن الشخصنة».