اجلائزة التي حتتاج مزيدًا من االحتفاء
فـي تسعينات الـقـرن املـاضـي وكنت وقتها طبيبا مقيما فـي مستشفى املـلـك فيصل التخصصي ومـركـز األبحاث بـالـريـاض الـــذي كــان يستقطب وقتها أشـهـر األطــبــاء من دول الــعــالــم، أعــلــن ذات يـــوم عــن الـفـائـزيـن بــجــائــزة امللك فيصل العاملية ومنهم أحــد الباحثني فـي الحقل الطبي وبطبيعة الحال كـان اسمه وفــوزه حديث الوسط الطبي في املستشفى، الذي تواجد فيه آنذاك طبيب أمريكي زامله ويعرف ذكاءه وأملعيته ودأبـه، فكانت دهشته كبيرة أوال من وجود جائزة عاملية بهذا املستوى في اململكة، وثانيا كيف أنها استطاعت اختيار هـذا الطبيب لفوز مستحق بالجائزة. أتذكر عبارة قالها الطبيب األمريكي ذلك اليوم: إنها جائزة محترمة وموثوقة طاملا اختارت ذلك الطبيب الفائز. تلك الحكاية دفعتني آنذاك ملعرفة معلومات عن الجائزة وأمانتها واملشاركني في لجان االختيار، ولحسن الحظ كــان بينهم أحــد أســاتــذتــي الـسـعـوديـني فقصدته ألسمع منه معلومات مذهلة عن التدقيق والتمحيص واملعايير الـعـالـيـة والــحــيــاد والــنــزاهــة فــي تقييم إنــتــاج املرشحني لــلــجــائــزة، وال يــوجــد أدل عــلــى عــلــو كـعـبـهـا مــن فـــوز ٦١ شخصا من الحاصلني عليها بجائزة نوبل إلى اآلن. أربعون عاما مضت من عمر الجائزة التي احتفت مساء أمـــس بــجــائــزة هـــذا الـــعـــام. ولـــو كــانــت هـــذه الــجــائــزة في مكان آخر وهي بهذا املستوى لسمعنا ضجيجا إعالميا ال يتوقف عنها، ومــع أنـنـا ال نـريـد الضجيج إال أنـنـا لم نخدم هذه الجائزة بالقدر الالئق أمام العالم، فهي جائزة مـرمـوقـة تــؤكــد احـتـفـاء اململكة بـاملـبـدعـني املـتـمـيـزيـن في خدمة اإلنسانية من خالل فروعها املختلفة، وهي جائزة عـريـقـة لــم تفكر فــي مثيل لـهـا كثير مــن الــــدول، وإذا كان عمرها اآلن ٠٤ عاما فهي تؤكد أن االحتفاء بالعلم كان رسالة تحملها بالدنا للعالم كله.