حني كان العرب يصفقون للعمليات اإلرهابية

سواء اتفقنا مع روسيا أو اختلفنا، وسواء اعتبرنا تدخلها في سوريا دعما للدور اإليراني أو مزاحمة للحضور الغربي في املنطقة، سواء هــذا أو ذاك يتوجب علينا استنكار التفجير الــذي حصل فـي مترو بطرسبورج والــذي تبدو بصمات العمل اإلرهـابـي واضحة عليه إذا ما أخذناه في سياق ما تشهده دول عديدة من حوادث إرهابية يكون ضحاياها األبرياء الذين ال ذنب لهم بصرف النظر عن سياسات دولهم سواء كانت صحيحة أو خاطئة. إدانة العمل اإلرهابي واستشعار األسى على من يسقطون ضحايا له واجب إنساني يفرضه املوقف من أي عمل إرهابي، وهي إدانة له في حد ذاتــه بصرف النظر عن الجهة التي تقوم به والجهة التي يكون هدفا لها. وإذا كانت التجربة قد أنضجت وعينا بالفرق بني العمل العسكري الذي يستهدف جيوش األعداء والعمل اإلرهابي الذي يضرب املواطنني الذين يبقون مواطنني أبرياء مهما كانت خصومتنا مع دولهم وقتالنا لجيوشهم، إذا كــان وعينا قـد نضج فإننا كنا كـعـرب نهتف طويال ونشيد بأعمال مماثلة كانت تقوم بها بعض الفصائل الفلسطينية ضد املواطنني داخـل إسرائيل ولم يكن العرب آنـذاك يختلفون إال في تسميتها فـــإذا كــان البعض يطلق عليها عمليات استشهادية فإن آخرين يكتفون بوصفها عمليات فدائية أو انتحارية. وقـــد أضـــرت تـلـك الـعـمـلـيـات كـثـيـرا بسمعة الـنـضـال الفلسطيني في استعادة حقه وأرضه كما أضرت بسمعة العرب الذين كانوا يؤيدون تــلــك الـعـمـلـيـات ويــنــظــرون إلــيــهــا بــاعــتــبــارهــا نــمــاذج لـلـنـضـال ضد املغتصب لألرض واملحتل للوطن. ولكي ال يلتبس األمر على من تستهويهم األمـور امللتبسة فإن علينا التأكيد على أن املقصود هنا هو تلك العمليات التي كانت تستهدف املواطنني في مقاهيهم وشوارعهم وحافالتهم واحتفاالتهم، وليس الجيش اإلسرائيلي في ثكناته وقواعده. لهذا كله ننتهي بما بدأنا به من أن إدانــة العمل اإلرهـابـي هي إدانة لـه فـي حـد ذاتــه ال يثنينا عنها مـن قـامـوا بذلك العمل وال مـن راحوا ضحايا له.