° 5² —bÐ »ôËoe …u×B
أهـــم مــا يـمـيـز الــصــحــوة عــن غـيـرهـا مــن الــتــيــارات، أن قــادتــهــا يـــصـــورون أنـفـسـهـم كـمـجـمـوعـة مــن املنزهني األنقياء، بينما غيرهم خطاؤون مذنبون ال يمكن أن يغفر لـهـم، مــا لــم ينخرطوا فــي الــدفــاع عــن الصحوة ورمــــوزهــــا، وبــالــتــأكــيــد عـــن شــطــحــاتــهــم، وإال ستتم شيطنتهم، وصوال إلى تكفيرهم. يضعون أنفسهم، وتصرفاتهم، فـي مرتبة أعـلـى من الـبـشـر، فهم مـن يــقــررون مـا إذا كـانـت أخـطـاؤهـم - إن اعتبروها أخـطـاء - مـبـررة، مقبولة بـل ومطلوبة من أجـــل املــقــاصــد الــعــلــيــا، أكــانــت حــزبــيــة، أو مــجــرد ملم، ال يـجـب الــوقــوف أمــامــه كــثــيــرا، ألــيــســوا هــم القيمني، املؤتمنني على الدين، كما يقدمون أنفسهم، أو هكذا يتوهمون. الحركيون يعتقدون أن التعاليم اإلسالمية هي دوالب من درفتني، يمتلكون حق التصرف فيها كيفما ألقى هواهم، درفـة صممت على مقاسهم وتلبي حاجتهم، مـــرنـــة لــــدرجــــة أنـــهـــا تــســتــوعــب كــــل أدبـــــيـــــات املحرم واملختلف عليه، واألخرى مغلقة، متجهمة لدرجة أنها تكاد تحرم كل الحالل الذي يعرفه البشر. درفتنا نحن بقية الناس، مليئة بالخرق، و«الخالقني»، كما تسمى في اللهجة الدارجة، حياة متكلسة بائسة، لـــن تــجــد فــيــهــا غــيــر الــــــدراعــــــات، ومـــالبـــس األفغان، واألشمغة املهترئة، فال حياة طبيعية، وال فنون، وال موسيقى، وال عمل للنساء، وال تعليم متقدما. بالطبع أهــم مــا فــي هــذه الــدرفــة، مجموعة التعاليم الصارمة املفصلة علينا نحن السعوديني فقط، بينما املسلم التركي، أو القطري، أو املاليزي.. إلخ، هو املسلم املثالي، الــذي يستطيع أن يعيﺶ بجانب كل الشرور دون أن يـجـرح ذلــك إســالمــه، الــذي تخدشه لدينا، آلة مـوسـيـقـيـة يــتــيــمــة، تـكـسـر فـــي احــتــفــالــيــة ضـخـمـة في امليادين العامة. درفتهم، مليئة بمتع الحياة، ولكن بتفاصيلهم، وعلى مقاسهم، فيها اللباس الغربي متى ما أرادوا ارتداءه، ببنطاله وكـرفـتـتـه، وهــم مــن حــرمــوه علينا دهــرا من الــزمــان، والتعليم األجنبي الــذي حــذرونــا منه سنني طويلة، لدرجة أننا خشينا على بيضة الدين أن تضيع، واالبتعاث الذي استغلوه ألبنائهم وبناتهم، وهم من اتهموه بأنه جسر اإللحاد، دون أن ننسى خطر السفر، واالخــتــالط بالنساء، وزيـــارة حفالت الجوائز املليئة بـاملـنـكـرات، واســتــالم الـهـدايـا الـغـربـيـة، دون أن تكون فيها شبهة، أو تغريب، أو استقطاب. هـنـا يظهر لــب مشكلة دوالب الــصــحــوة، فـالـكـل تمت تربيته وتغذيته على درفــة «الــــوأد»، ودفــن الـحـيـاة، ال البحث عن املعرفة، وبـذل األسباب للوصول للحقيقة، بل واالنخراط في معارك اجتماعية مستمرة، من أجل تغييب الحق، وإقامة الحرب على من يتبنى الحالل. إنه قدرنا مع «الصحوة»، التي ال تستطيع أن تحيا إال بوجهني، ونفسني، وتقدم للمجتمع فضيلتني، إحداهما فضفاضة، تستوعب كل نزواتهم، ونزقهم، وتعطشهم للحياة، واألخــرى ضيقة، يعتقدون أنهم يكفرون بها عن الخطايا، ويقدموننا نحن قرابني للتطهر.