فعال.. دونالد ليس أوباما
:
ربـمـا يـكـون للمرة األولـــى وزيــر الـخـارجـيـة الــســوري وليد املعلم محقا في مخاوفه حيال التصريحات األمريكية التي لوحت بالضربة، وبالفعل وقعت الضربة العسكرية على مطارات األسد التي تحمل رؤوسا كيماوية. وقد أعـادت صواريخ «توماهوك» األمريكية الشهيرة إلى األذهـــــان الــصــواريــخ األمــريــكــيــة الــعــام 2003 حــني قررت الـــواليـــات املــتــحــدة إســقــاط نــظــام صــــدام حــســني، إذ بدأت الحملة آنذاك باستخدام قاذفات شبح من طراز «إف - »117 وقاذفات إستراتيجية من نوع «بي - »52 وصواريخ عابرة أطلقت أكثر من 40 صاروخا من طراز «توماهوك كروز» من ست قطع حربية أمريكية من البحر األحمر. واليوم يتكرر املـشـهـد فــي ســوريــة، فـقـد نـفـد صـبـر اإلدارة األمـريـكـيـة من ممارسات بشار األسـد اإلجرامية، الـذي حـاول جس نبض القوة األمريكية في سورية ومــدى تحاشي إدارة الرئيس ترمب ألي اصطدام روسـي في سورية. وقد فشل االختبار األســدي للواليات املتحدة وجــاء الــرد بضربة موجعة في مطار الشعيرات العسكري. الديكتاتور ينسى قواعد اللعبة فـي كثير مـن األحــيــان، وفــي بعض األحــيــان، هـو مـن يقود نفسه إلى السقوط دون أن يعلم. ما فات على األسد أن الدول العظمى ال تتصادم في ساحات صغرى، بل إنها تتفاهم حــول هــذه الـــدول، وهــذا مـا فعلته اإلدارة األمريكية، التي لم تنكر أنها كانت على تنسيق مع روسيا حـول الضربة لتوجيه رسالة إلى األسد أنه من اآلن فصاعدا قد يبقى في السلطة لكنه لن يكرر مجزرة بحق املدنيني. بالفعل الرئيس تـرمـب، ليس هـو الرئيس بــاراك أوبـامـا، كلمة قالها نائب الرئيس األمريكي مايكل بنس في أكثر من مرة.. «على إيران أن تعلم أن ترمب ليس أوباما»؛ وبغض النظر عن محدودية الضربة األمريكية على القواعد السورية إال أن ترمب أثبت أنه أكثر مسؤولية حيال الدور األمريكي، وأكثر قدرة على اتخاذ قرار يعبر عن موقع أمريكا السياسي، ويمكن القول إن ترمب أكثر شعورا باإلنسانية، فمن الناحية التفصيلية، فإن مجزرة الغوطة الكيماوية في العام ،2013 كانت أكثر بشاعة ودموية من مجزرة خان شيخون، إذ راح ضحيتها 1500 شخص على األقـل، لكن تعامل إدارة ترمب مع هذه املجزرة تحلى باملسؤولية واألخالقية السياسية. صواريخ «توماهوك» أزاحت صدام حسني عن السلطة في حــرب 21 يـومـا، كـانـت حينها أمـريـكـا قـد اتـخـذت قرارها، والـيـوم تعيد إلينا هـذه الصواريخ األمــل بإسقاط النظام وإنــهــاء األزمـــة الــســوريــة الـتـي ارتـفـعـت تكاليفها عـلـى كل املستويات. الضربة األمريكية؛ للمرة األولــى تريد القول فعال إن كل السيناريوهات مفتوحة وقائمة على الطاولة.