خلف تنقل معركتها مع إسرائيل إلى األردن
ال تبحث الوزيرة األردنية، واملسؤولة األممية السابقة ريما خلف، بكل تأكيد، عن مستقبل وظيفي يعيدها لــواجــهــة األحـــــداث الـسـيـاسـيـة ســـواء فــي بـلـدهـا الذي تــقــلــدت فــيــه مــنــاصــب وزاريـــــة عـــدة أو فــي أي مواقع دولــيــة، بـعـد أن فضحت استقالتها مــن موقعها في األمم املتحدة كمساعد لألمني العام للمنظمة الدولية، سعى األمني العام إلجبارها على سحب التقرير الذي اعتبرت فيه إسرائيل دولة «ابرتهايد». بهذا املعنى ال تخطط خلف على األرجــح ملصالحها الـشـخـصـيـة، وهـــي تــدلــي بـتـصـريـحـات جــريــئــة جدا، تـعـلـن فـيـهـا مــواصــلــة مـعـركـتـهـا ضــد إســرائــيــل التي سمتها بـدولـة الفصل العنصري، لكن هــذه املــرة من عمان التي وصلتها في غير موعدها بعد أن سحبت عـنـهـا الــحــمــايــة الــدولــيــة، وبــاتــت تــحــت االستهداف اإلسرائيلي. خــلــف أعــلــنــت أنــهــا ســتــدشــن مــؤســســة فــكــريــة إلكمال مشروعها في فضح السياسات اإلسرائيلية، بعد أن أصبحت نجمة في الفضاء السياسي، وهـي تتحدث كشخصية دولـيـة مـن خــارج اإلطـــار الوظيفي اليوم، ومـــن خــــارج كــل تــلــك املـــواقـــع الــرســمــيــة تــذهــب امرأة بمواصفات خلف إلى أقصى ما يمكن أن يذهب إليه مواطن أردنـي في التنديد بالخيارات البديلة، وبأي طروحات إسرائيلية أو أمريكية يمكن أن تنتهي بأي برامج ما عدا الدولة الفلسطينية. بـــــــــدوره الـــــتـــــزم األردن الــــصــــمــــت، وســــــط االحتفال الجماهيري بخلف التي أبلغت حكومة بالدها أنها سـتـتـحـرك بـكـل االتــجــاهــات عـبـر مؤسستها الفكرية ملـعـارضـة إسـرائـيـل بعد أن استقالت احتجاجا على مـوقـف األمـــم املـتـحـدة الـــذي طالبها بسحب التقرير الـــدولـــي الــــذي نــشــرتــه، وأثـــــار ضــجــة كــونــيــة بعنوان تصرفات نظام الفصل العنصري في إسرائيل. ال شـك أن اإلزعـــاج الحكومي األردنـــي ظهر جليا من الـوزيـرة التي تولت مواقع وزاريــة عـدة في حكومات أردنــــيــــة مـــتـــعـــددة شــغــلــت فــيــهــا وزارتـــــــي الصناعة، والتخطيط، ويأتي هذا االنزعاج ليس بسبب موقف خلف العدائي من إسرائيل بل ألن املـرأة خاطبت قمة البحر امليت أيضا، وحــذرت من أن الــدول التي تطبع عــالقــاتــهــا مـــع إســرائــيــل قـــد تـتـهـم بــمــوجــب القانون الدولي باملشاركة الجنائية في جرائم حرب إنسانية وهــو األمــر الــذي اعتبرته الحكومة األردنــيــة يمسها بشكل مباشر. والسؤال املطروح اآلن ملاذا تذهب خلف، وهي واحدة مــن الـشـخـصـيـات الـخـمـسـني األولــــى فــي الــعــالــم التي رسمت مالمح العقد املاضي حصريا دون غيرها، إلى هذه املسافة من التعبير عن العداء إلسرائيل؟ وما هي مبرراتها، وحساباتها املعاكسة لعمق معادلة القرار األردني، وفي الحديقة الخلفية لصناعة الـقـرار فـي عمان التي غـادرتـهـا إلى موقعها األممي؟ عـمـان مــا زالـــت تـلـتـزم الـصـمـت عـلـى تحركات خـــلـــف، لــكــنــهــا فـــي الــنــهــايــة لـــن تصمت طـــويـــال ألنـــهـــا مــحــكــومــة باتفاقية وادي عـربـة الـتـي تعتبر إسرائيل دولـة صديقة، وبموجب القوانني األردنـــــــــيـــــــــة ســـــتـــــكـــــون الـــــــوزيـــــــرة واملــــســــؤولــــة األمـــمـــيـــة السابقة متهمة بتعكير صفو العالقات مع دولة صديقة.